وقيل لعمر: إنا نراك تصنع بعلي شيئاً لا نراك تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
فقال: إنه مولاي ومولى كل مؤمن.
أخرجه الإمام المرشد بالله (ع) عن أبي فاختة.
وأخرجه الخوارزمي عن شيخه الزمخشري، عن سالم مسنداً...إلى قوله: إنه مولاي.
وأخرجه صاحب جواهر العقدين عن سالم بن أبي الجعد، وأخرجه الدارقطني.
وسأل قوم من الشام عمر، فسار إلى أمير المؤمنين (ع) فأفتاه، فالتفت إليهم عمر، فقال: أتدرون من الرجل؟ ذاك علي بن أبي طالب مولاي ومولاكم، ومولى كل مسلم.
أخرجه محمد بن سليمان الكوفي.
ونازعَ رجل عمر في مسألة، فقال: بيني وبينك هذا ـ وأومأ إلى علي ـ.
..إلى قول عمر: مولاي ومولى كل مسلم.
أخرجه الخوارزمي عن الزمخشري، بإسناده عن أبي سعيد السمان، بسنده إلى يعقوب بن إسحاق بن إسرائيل؛ أفاده في التفريج.
ورواه محمد بن سليمان الكوفي عن أبي جعفر، وأخرجه السمان في الموافقة بلفظ: ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن؛ ذكره الأمير.
وأخرجه الحاكم بسنده إلى أبي جعفر، كما رواه السمان.
أفاده ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج.
قلت: وأخرج في جواهر العقدين عن السمان عن عمر، وقد جاء أعرابيان يختصمان، فقال لعلي: اقض بينهما يا أبا الحسن.
فقضى علي بينهما؛ فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟
فوثب إليه عمر، وأخذ بتلابيبه، وقال: ويحك، ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لا يكن مولاه فليس بمؤمن.
وروى الطبري في تاريخه، عن شهر بن حوشب قول عمر لابنه عبدالله، وقد استنكر عليه تقديمه للحسن والحسين (ع)، فقال له عمر: أسكت لا أم لك؛ أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك.
والروايات في ذلك كثيرة.
والأمر كما قال الإمام في الفرائد: أما خبر الغدير، فقد جمع رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ له الألوف المؤلفة، وخطبهم في يوم شديد الحر، وعرّس بهم في غير وقت التعريس، ونعى إليهم نفسه، وأشهدهم على /476(2/476)


أنفسهم بالبلاغ؛ ثم قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟))، قالوا: بلى...الحديث.
وفيه: أنه رفع علياً، حتى شوهد بياض إبطيهما؛ وفيه: ذكر الثقلين، والخليفتين، والتوصية بهما، وفيه: أن أبا بكر وعمر هنياه بالإمارة، وأن عمر ما تمنى الإمارة إلا يومئذ، وكذا روي عنه في حديث خيبر؛ أما تهنئة عمر لعلي فمشهورة عند المخالف والموالف.
وأما تهنئة أبي بكر له، فرواها الدارقطني، والكنجي وغيرهما.
وحديث الغدير معلوم بالتواتر اللفظي قطعاً...إلى آخر كلامه.
[خبر ((لأبعثن عليكم رجلاً مني)) وتخريجه]
وقد أقرّ عمر بتمنيه للإمارة في غير المقامين المذكورين، لما قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لوفد ثقيف: ((لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلاً مني ـ أو قال: عديل نفسي ـ فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم)).
قال عمر: فما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، وجعلت أنصب صدري، رجاء أن يقول: هو هذا.
فالتفت فأخذ بيد علي، وقال: ((هو هذا)) مرتين.
رواه أحمد في المسند، ورواه في كتاب فضائل علي (ع) أنه قال: ((لتنتهن يا بني وليعة، أو لأبعثن عليكم رجلاً كنفسي، يمضي فيكم أمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية)).
قال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر في حجزتي من خلفي، يقول: من تراه يعني؟
قلت: إنه لا يعنيك؛ وإنما يعني خاصف النعل بالبيت؛ وأنه قال: ((هو هذا)).
ومن مقامات هذا الخبر الشريف: أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لما فتح مكة انصرف إلى الطائف، فحصرها سبع عشرة أو تسع عشرة؛ ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أوصيكم بعترتي خيراً، وأن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده، لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن عليكم رجلاً مني ـ أو كنفسي ـ يضرب أعناقكم)).
ثم أخذ بيد علي، ثم /477(2/477)


قال: ((هو هذا)).
أخرجه ابن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه الحاكم عنه بلفظ: أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ هجَّر؛ ثم قال: ((أيها الناس، إني لكم فرط، وإني أوصيكم بعترتي خيراً، موعدكم الحوض))...الخبر، إلا أن فيه: ((فليضربن أعناق مقاتليهم، وليسبين ذراريهم)).
قال الإمام محمد بن عبدالله (ع): يعني أهل الطائف، كما فيما أخرجه النسائي وغيره، وفيه: ((كنفسي)) أو ((عديل نفسي))...إلخ، انتهى.
وأخرجه أبو علي الصفار بلفظ: انصرف رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم إلى الطائف، ثم قال: ((يا أيها الناس إني فرط لكم فأوصيكم بعترتي خيراً، وإن موعدكم الحوض؛ والذي نفسي بيده، لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن عليكم رجلاً مني ـ أو كنفسي ـ)).
فقال أبو بكر: أنا هو؟
فقال: لا.
فقال عمر: أنا هو؟
فقال: لا.
فأخذ بيد علي، فقال: ((هذا)).
وأخرجه الكنجي عن أبي ذر، وصدره الحاكم عن عبد الرحمن، وروى نحوه عبد الوهاب الكلابي في وفد ثقيف، عن المطلب بن عبدالله، وروى نحوه عن علي في قريش: ((والله لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم...إلخ)).
وأخرج نحوه أحمد بن حنبل في وفد ثقيف: ((لتسلمن))...إلخ، قاله ابن أبي الحديد؛ أفاده في التخريج.
قال أيده الله: وأخرج نحوه في قريش: ((لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم رجلاً قد امتحن الله قلبه على الإيمان ـ يعني علياً ـ))...إلخ.
قلت: قال الطبري في ذخائر العقبى: ذكر أن النبي صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم هدّد قريشاً يوم الحديبية ببعثه عليهم عن علي (ع).
..إلى قوله: فقال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا معشر قريش، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف، فقد امتحن الله قلبه على الإيمان)).
فقالوا: من هو، يا رسول الله؟
وقال أبو بكر: من هو، يا رسول الله؟
وقال عمر: من هو، يا رسول الله؟
قال: ((هو خاصف النعل))، وكان أعطى علياً نعله يخصفها.
ثم التفت علي إلى من عنده، وقال: إن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ /478(2/478)


قال: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))؛ أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، انتهى.
وعن زيد بن يثيغ، قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((لينتهن بنو وليعة، أو لأبعثن إليهم رجلاً يمضي فيهم أمري، يقاتل المقاتلة، ويسبي الذرية)).
قال: فقال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر في حجزتي من خلفي، قال: من تراه يعني؟
قلت: ما يعنيك، ولكنه يعني خاصف النعل ـ يعني علياً (ع) ـ؛ أخرجه أحمد في المسند.
وأخرج أيضاً عن أبي سعيد، قال: كنا جلوساً في المسجد، فخرج علينا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وعلي في بيت فاطمة، فانقطع شسع نعل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، فأعطاه علياً يصلحها؛ ثم جاء، وقام علينا، ثم قال: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
قال أبو بكر: أنا هو، يا رسول الله؟
فقال: لا.
فقال عمر: أنا هو، يا رسول الله؟
قال: لا؛ ولكن خاصف النعل.
وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
قال أبو بكر: أنا هو، يا رسول الله؟
قال: لا؛ ولكن خاصف النعل في الحجرة.
أفاده الطبري في الذخائر.
قلت: وفي مسند أحمد، عن عبدالله بن حنطب، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لوفد ثقيف: ((لتسلمن أو لأبعثن عليكم رجلاً مني ـ أو قال: مثل نفسي ـ فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم)).
فقال عمر: والله ما اشتهيت الإمارة إلا يومئذ، فجعلت أنصب صدري، رجاء أن يقول: هذا.
فالتفت إلى علي، فأخذ بيده، فقال: ((هو هذا، هو هذا)) مرتين.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وروى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل، والنسائي، ومحمد بن سليمان الكوفي، وأبو حاتم، وأبو علي الحسن بن علي الصفار، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي قال لأصحابه: /479(2/479)


((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
فقال أبو بكر: أنا هو، يارسول الله؟
قال: ((لا)).
قال عمر: أنا هو؟
قال: ((لا، ولكن خاصف النعل ـ يعني علياً (ع) ـ)).
وروى ابن المغازلي نحوه من حديث المناشدة عن علي (ع)، وروى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن... إلخ)) من طريق أخرى عن علي (ع)، ورواه عبد الوهاب الكلابي بسنده إلى أبي سعيد، وأحمد، وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية، والضياء المقدسي في المختارة، وابن أبي شيبة.
وأخرج صدره الخوارزمي، وأبو العلا الهمداني، والكنجي عن أبي ذر.
وكذا رواه في كتاب إقرار الصحابة أبو القاسم بسنده إلى محمد بن جرير الطبري، بسنده إلى أبي بكر. /480(2/480)

71 / 151
ع
En
A+
A-