بن بشير، قال: استأذن أبو بكر على النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -، فسمع صوت عائشة عالياً، وهي تقول: والله، لقد علمت أن علياً أحب إليك من أبي...الحديث.
...إلى أن قال: وهو في الظاهر يعارض حديث عمرو؛ ولكن يرجح حديث عمرو أنه من قول النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وهذا من تقريره.
...إلخ ما ذكره، وختمه بقوله: والله أعلم.
قلت: ويالله من هذا الترجيح، الذي هو غير رجيح، ما أضعف قواه، وأوهن عراه، وأبعده عن الصواب، المعلوم من ضرورة السنة والكتاب، قولاً وفعلاً وتقريراً يعلمه أولوا الألباب!.
وتالله، إنه لا يخفى ذلك على مثل هذا الشيخ، ولا يجهل حال عمرو، ولكن الهوى يعمي ويصم؛ نعوذ بالله من الخذلان.
وسلك السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير طريقة إلى الجمع، لا بأس بها، لو كان للرواية قرار؛ ولكن كيف والراوي من رؤوس الدعاة إلى النار؟ فهي مؤسسة على شفا جرف هار؛ فلا معنى للجمع إلا بعد صحة الأخبار.
فقال في العواصم ـ بعد أن تكلم على حديث عمرو ـ ما لفظه: ولكن ذلك في أحب الناس إليه، لا في أحب أهله، الذين هم أحب الناس إليه؛ وقد روى الترمذي من حديث عائشة...إلخ، وذكر أنه روى حديث بريدة.
قال: وذكر الترمذي نحو الجمع الذي ذكرته عن إبراهيم النخعي...إلخ كلامه.
قال الإمام في الفرائد: وفي كلام ابن حجر إشارات إلى ما وقع في نفسه، من حديث عمرو، وكلاهما من أهل الجراءة في الدين، والمحاربة لأمير المؤمنين؛ ولكن النعمان كان أصدق من عمرو، وليس له نفاقه وكذبه وغدره.
وأما في هذا الحديث فعداوته ـ قلت: أي النعمان ـ مؤكِّدة ومحقِّقة لصدقه فيما رواه من فضيلته؛ والحق ما شهدت به الأعداء؛ وقوة أحاديث علي بينة ظاهرة، وشواهده كثيرة متواترة.
وقد تقدم أنه لم يكن الحامل لأكثر من تقحم على تعديل كل الصحابة على تفسيرهم، الذي فسروا به الصحابي، إلا /466(2/466)


توسيع الدائرة، وعلاج إبطال ما أثبت الله ـ سبحانه ـ لأهل بيت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ من وجوب الاتباع والتفضيل، على كل من أهل الفضل؛ ولم يكن لهم ما يعارضون به براهين فضيلتهم، ولزوم قدوتهم وحجتهم، إلا قبول روايات أعاديهم، والقائمين بهتك حقوقهم، وإطفاء نور الله فيهم.
...إلى قوله: فأبطلوا ما أمكنهم إبطاله.
وما قهرهم برهانه؛ فإما يتأولونه ولو بتأويل باطل، أو يمنعون أن يبحث عن مدلوله؛ لئلا يرتقي إلى الأعلى فالأعلى، وقد كررنا هذا مراراً ـ وأفاد أن هذا كلام الإمام يحيى شرف الدين (ع) ـ.
قال في الفرائد: وأبى الله إلا أن يتم نوره، ولو كره الكافرون، بروايات الخصوم.
ثم ذكر أنه خرّج خبر جميع بن عمير النسائي من طريقين.
قلت: وقد تقدم إخراج الخوارزمي له.
قال: وقال السيوطي: أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق، وابن النجار، عن عروة، قال: قلت لعائشة: من أحب الناس إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ؟
قالت: علي بن أبي طالب.
ثم سألها عن خروجها عليه...الخبر؛ أخرجه الترمذي، وأبو داود.
قلت: وأخرج أحمد بن حنبل عن جميع ما لفظه: دخلت مع أمي على عائشة.
..إلى قوله: فسألتها عن علي، فقالت: سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لقد رأيت علياً، وفاطمة، وحسناً، وحسيناً، وقد جمع رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بثوب عليهم، ثم قال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)).
قالت: قلت: يارسول الله، أنا من أهلك؛ قال: ((تنحي أنت إلى خير)).
[حديث الإنذار وتخريجه]
وذكر الإمام محمد بن عبدالله (ع) أن النسائي أيضاً أخرج حديث بريدة، وحديث النعمان، ثم ذكر خبر التسعة الذين جاءوا إلى ابن عباس رضي الله عنهما؛ /467(2/467)


وما رواه لهم من مناقب الوصي ـ صلوات الله عليه ـ العشر، وقد اشتمل على خبر: ((من كنت مولاه))، وخبر المنزلة.
وفيه: أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: ((إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي))، وأنه قال: ((أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة))، وخبر الراية، وخبر براءة، وخبر الإنذار، وخبر سبقه إلى الإيمان، وخبر الكساء، وخبر شرائه نفسه ليلة نام في مكانه، وخبر سد الأبواب غير باب علي، وغير ذلك؛ وهو خبر جامع، أخرجه الإمام المنصور بالله في الشافي.
وأفاد الإمام (ع) في الفرائد أنه أخرجه أحمد بن حنبل عن ابن عباس، وأخرج النسائي بنحوه في خصائصه، والكنجي في مناقبه كما في رواية أحمد بطوله.
قال: ورواه ابن عساكر في الأربعين الطوال، وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، كما في حديث أحمد، وهو في صحيح أبي عَوانة.
وقال في موضع آخر: ثم ذكر ـ أي الإمام المنصور بالله (ع) ـ في الشافي حديث جمع بني هاشم عند نزول: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء]، وعرضه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ عليهم من يكون وزيره وخليفته فأبوا، فقال علي: أنا، فقال: ((أنت)).
وعن الثعلبي حديث نور النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وابن المغازلي، والديلمي؛ وفيه: ((ففيَّ النبوة، وفي علي الخلافة)).
وقد أخرج حديث جمع بني هاشم ابن حجر في تخريجه أحاديث الكشاف، وقال: أخرجه ابن إسحاق في المغازي، والبيهقي مطولاً، وأخرجه البزار، وأبو نعيم في الدلائل...إلخ.
ورواه من أصحابنا الجم الغفير بالأسانيد القوية، وفيه الخلافة /468(2/468)


بعد أن عرض عليه ما أراده منهم، فقال: ((أيكم يوازرني على الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم)).
فأحجم القوم جميعاً.
فقال علي ـ وهو أحدثهم سناً ـ: أنا يا نبي الله.
قال: فأخذ برقبتي، وقال: ((هذا أخي ووصيي وخليفتي، فاسمعوا له وأطيعوا)).
وفي رواية الأولين أنهم قالوا لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمّره عليك.
قلت: وأخرجه الحاكم بسنده إلى ابن عباس، وفيه: ((فأيكم يوازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيي ووليي، وخليفتي فيكم)).
ورواه بسنده عن البراء، وفيه: ((على أن يكون وصيي، ووليي، وخليفتي)) وقولهم لأبي طالب: أطعْ ابنك فقد أمره عليك.
وأخرجه الكنجي عن البراء، وصحح نحوه الإسكافي.
وقال السيوطي: أخرجه ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي.
انتهى من التحفة.
وأخرج خبر الإنذار محمد بن سلميان الكوفي عن علي (ع) بسنده من أربع طرق؛ في طريقين ذكر الوصية، وفي بعض ((وليي وخليفتي)) في ثلاث طرق، و((أخي)) في ثلاث، وفي واحدة: ((يقضي ديني)).
وأخرجه أيضاً بسنده إلى ابن عباس، وفيه: ((أيكم يوازرني على أن يكون أخي ووصيي ووارثي وخليفتي ووزيري)).
أفاده أيده الله في التخريج؛ وقد سبقت روايته من الشافي، وبعض طرقه في خبر المنزلة.
قال الإمام (ع): على أن لفظ الخلافة قد جاء من طرق المحدثين كثيراً؛ ولكنها الأهواء عمت فأعمت.
قلت: وقد سبق ويأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ كثير طيب.
ثم ذكر الإمام (ع) ما أورده الأمير من الأخبار المشار إليها آنفاً، فقال: وأخرج المخلص الذهبي، والحافظ أبو القاسم الدمشقي، من حديث عائشة، وقد ذُكِرَ عندها علي، فقالت: ما رأيت رجلاً أحب إلى رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم منه، ولا امرأة أحبّ إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ من امرأته.
وأخرج الخجندي عن /469(2/469)


معاذة الغفارية، قالت: دخلت على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في بيت عائشة، وهي خارجة من عنده فسمعته يقول: ((يا عائشة إن هذا أحب الرجال إليّ، وأكرمهم عليّ؛ فاعرفي له حقه، وأكرمي مثواه)).
وأخرج الملا في سيرته عن معاوية بن ثعلبة، قال: جاء رجل إلى أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ وهو في مسجد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فقال: يا أبا ذر، أتخبرني بأحبّ الناس إليك؟ فإني أعرف أن أحب الناس إليك أحبهم إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
فقال: هو ذا الشيخ ـ وأشار إلى علي (ع) ـ.
ذكر هذه الأحاديث المحب الطبري.
[خبر عن أبي بكر في تفضيل أمير المؤمنين (ع)]
قال الإمام: واسمع إلى ما روي عن أبيها.
أخرج الدارقطني عن الشعبي، قال: بينا أبو بكر جالس، إذْ طلع علي بن أبي طالب من بعيد؛ فقال أبو بكر: من سره أن ينظر إلى أعظم الناس منزلة، وأقربه قرابة، وأفضله حالة، وأعظمه عناء عن رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - فلينظر إلى هذا الطالع.
انتهى من جواهر العقدين للسمهودي الشافعي.
قلت: هو كذلك في الجواهر؛ وفي رواية بلفظ: من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهم ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأجوده منه منزلة، وأعظمهم عند الله عناء، وأعظمهم عليه، فلينظر إلى علي.
أخرجه الخوارزمي عن شيخه الزمخشري، مسنداً إلى أبي سعد السمان، بإسناده إلى الشعبي قال: نظر أبو بكر إلى علي مقبلاً، فقال: من سره...إلخ.
أفاده في التفريج.
وفي الجواهر: قال أبو بكر: ما كنت لأتقدم رجلاً سمعت رسول الله ـ صلى الله /470(2/470)

69 / 151
ع
En
A+
A-