هو (أنت مني بمنزلة قارون من موسى).
قلت: عمن ترويه؟
قال: سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله.
وغير ذلك مما افتراه على الله وعلى رسوله، فسحقاً له ولشيخه وإمامه، وقائده إلى النار بزمامه؛ {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ }...الآية [التوبة:67].
ويا عجباه لأصحاب الصحاح، ولرجالهم المعتمدين عليهم من أرباب الفسوق والكفر الصراح! وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال الإمام القاسم بن محمد (ع): وكذلك إسحاق بن يزيد العدوي.
قلت: كذا في الفرائد، والمشهور بن سويد (بالسين المهملة، والواو)، وقد أفاد ابن حجر في مقدمة الفتح أن العجلي وثقه، وأنه قال: كان يحمل على علي بن أبي طالب.
قال الإمام القاسم (ع): وحصين بن نمير الواسطي.
قلت: قال في الفتح: قال أبو خيثمة: كان يحمل على علي.
قال الإمام القاسم (ع): وبهز بن أسد، وعبدالله بن سالم الأشعري، وقيس بن أبي حازم.
قلت: هو من المشهورين ببغض سيد الوصيين، والمصرحين بذلك، كما في شرح النهج وغيره؛ وقد سبق الكلام فيه.
وممن جرحه ورد روايته من أئمة العترة (ع): الإمام ما نكديم، والأمير الحسين، والإمام القاسم (ع) كما ترى.
وادعى الذهبي أن الناس أجمعوا على توثيقه؛ فقال بعضهم: انظر في كلام الذهبي حيث الرجل يروي ما يوافق مذهبه يبالغ في التوثيق، ويروي الإجماع مجازفة.
وفي تهذيب التهذيب عن ابن المديني عن القطان أنه منكر الحديث؛ وفي مقدمة الفتح عن يعقوب بن أبي شيبة أن من أصحابهم من قال: له أحاديث مناكير، وأنه كان يحمل على علي.
..إلى قوله: ولذلك كان يجتنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه، انتهى. /456(2/456)
قال الإمام القاسم بن محمد (ع): ومحمد بن زياد بن الربيع المصري.
قلت: هو الألهاني الحمصي في تهذيب التهذيب لابن حجر.
قال الحاكم: اشتهر عنه النصب، كحريز بن عثمان، انتهى.
وسلك فيه الذهبي مذهبه، فادعى اتفاق الناس على توثيقه، قال: وما علمت فيه مقالة سوء، سوى قول الحاكم الشيعي، انتهى.
قال الإمام القاسم (ع): والوليد بن كثير بن يحيى المدني؛ فهؤلاء اعتمدهم البخاري مع ظهور عداوتهم لأمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ، وبغضهم له.
[عدد من تكلم فيهم ممن اعتمدهم أهل الصحاح، والمجاهيل في البخاري، ومن أخرج له البخاري ولم يخرج له مسلم؛ والعكس]
ثم ذكر الإمام (ع) ما قد قدمناه: أن المتكلم فيهم ممن اعتمدهم البخاري ثلاث مائة وخمسة وخمسون، ومن الذين علق لهم خمسة وسبعون، والمجاهيل مائة وثمانية وأربعون، وأن النووي قال في شرح مسلم: قال أبو عبدالله الحاكم، عدد من أخرج له البخاري، ولم يخرج له مسلم ـ يريد أن مسلماً استضعفهم ـ أربع مائة وأربعة وثلاثون، وعدد من احتج بهم مسلم، ولم يحتج بهم البخاري ـ يريد أنه استضعفهم ـ ستمائة وخمسة وعشرون.
قال: ومثل ما ذكره الحاكم في هذا ذكره ابن حجر في مقدمة فتح الباري.
وذكر أهل التدليس، وأنه مقرر في كتبهم، حتى حكى أن محمد بن يحيى الذهلي نهى أن يأخذوا عن البخاري.
...إلى قوله: وصح أن البخاري رمى الذهلي هذا بالكذب، ثم اعتمده في /457(2/457)
صحيحه، ودلّسه.
وساق في معاملتهم بمجرد أهوائهم.
قال: ويقولون: فلان زائغ، فلان تركوه؛ بلا حجة إلا الدعوى؛ ويعدلون من جرح بسبب من أسباب الجرح معيناً، كما رووه عن عبدالله بن أبي داود، بأنه يكذب، وبأنه رمى أنس بن مالك خادم رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وأزواجه بالزور والبهتان في حديث الطير، وقال: إن صح حديث الطير فنبوته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ باطلة.
وهذا كفر.
قلت: هذا المخذول هو أبو بكر بن أبي داود السجستاني، صاحب السنن.
وفي الميزان للذهبي بالسند إلى أبيه أنه قال: ابني عبدالله كذاب؛ قال ابن صاعد: كفانا ما قال أبوه فيه.
وفيه: قال ابن عدي ـ وساق السند إلى إبراهيم الأصفهاني ـ يقول: أبو بكر ابن أبي داود: كذاب، انتهى.
ثم شهد له الذهبي بالحفظ والإمامة؛ قال: وما ذكرته إلا لأنزهه.
قال الإمام القاسم (ع): فعدلوه.
وقال الذهبي في النبلاء بعد أن ذكر هذا عنه: إنما هو كذاب في لهجته لا في الحديث؛ فكأنه عنده من أركان المحدثين، لما كان زائغاً عن أمير المؤمنين؛ ثم ذكر بعض من قد تقدم الكلام فيهم.
...إلى قوله: وأشباههم من النواصب البغضة لآل محمد، وأنهم عندهم عدول، ولا بأس بهم؛ وإن رموا بشيء من الجرح اغتفروه.
انتهى كلام الإمام (ع)، وقد تقدم ما فيه كفاية.
وأقول والله الموفق: قد سمعت ما يقدمون عليه من الجرأة على الله ـ تعالى ـ وعلى رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ واختيار إبطال النبوة، وجحد الرسالة، على إبطال ما أصلوه من عند أنفسهم، وبأهوائهم، من تقديم /458(2/458)
من أخر الله، وتأخير من قدم الله، بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؛ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله، قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير؟ ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله؟
وليس بنافع لأمثال هذا المارد الجاحد، الرد والتكذيب لخبر واحد، ففي معناه ما لايحصى كثرة، كتاباً وسنة؛ فقد علم من الكتاب المبين، والمجمع عليه من سنة الرسول الأمين، التقديم والتفضيل لسيد الوصيين، وأخي سيد النبيين، بل نفس إمام المرسلين، ولسائر عترته المطهرين ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ برغم أنوف الجاحدين؛ وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة؛ أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله؟ أهم يقسمون رحمة ربك؟ قل: إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم، يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وقد سبق في الكتاب، ما فيه تبصرة لأولي الألباب.
والمعلوم من حال الخصوم كافاهم الله ـ تعالى ـ أنهم يسلكون في إبطال الوارد من حجج الله ـ تعالى ـ على لسان رسوله في وصيه، وسائر أهل بيت نبيه ـ صلى الله وسلم عليهم ـ كل طريقة، تارة بالتضعيف والتزييف، وأخرى بالتبديل والتحريف، ومرة بالمعارضة والمناقضة، وأخرى بالجحود والتكذيب، وما بهرتهم به الآيات، والأخبار المتواترة، وقهرتهم فيه البراهين المعلومة /459(2/459)
القاهرة؛ ولم يجدوا في رده ولو بالمباهتة، أو معارضته ولو بالروايات الكاذبة، أو تأويله ولو بالتحريفات الباطلة، حيلة، ولم يهتدوا سبيلاً؛ فعند ذلك يعرضون عن معانيه، ويمنعون عن الخوض فيه، ويقطعون عنه الخطاب، ويوصدون دونه الأبواب، كأن في آذانهم عن سماعه وقراً، ومن بينهم وبينه حجاب، ويتواصون بهجره، وإلغاء ذكره، إلا ما غلبهم من إمراره عند تلاوة الآيات، أو إملاء الروايات، من غير تعريج عليه، أو توقف لديه؛ ومن استدل به أو بحث عنه، أو نظر في معناه، رموه بالبدعة، ونبزوه بالرفض، ومخالفة السنة والجماعة، ونسبوا إليه كل طامة، ولا يرقبون فيه إلاً ولا ذمة؛ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
[خبر الطير وتخريجه]
فنقول: خبر الطير رواه أئمة العترة (ع) منهم: الإمام المنصور بالله، أخرجه في الشافي، والأمير الحسين في الينابيع؛ وقال: وهذا الخبر مما احتج به أمير المؤمنين(ع) يوم الشورى بمحضر الصحابة، ولم ينكر عليه منهم منكر، انتهى.
وفيه: ((اللهم ابعث أحب خلقك إليك))، و((اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر))، الخبر.
قال شارح الأساس: وهذا الخبر مشهور، قال في المحيط: وروي عن أنس، وسعد بن أبي وقاص، وأبي ذر، وأبي رافع مولى رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، وسفينة، وابن عمر، وابن عباس؛ وهو متلقى بالقبول من جلّ الصحابة. /460(2/460)