وهل للرأي فيها من مجالٍ؟ .... رأينا رأيهم نسخ الكتابا
أقال لهم نبيهمُ بهذا .... أم اتخذوا خواطرهم كتابا؟
وهل للعقد فيها من مجال؟ .... فلم يوم الغدير بهم أهابا؟
ولم قالوا له بخٍّ وبخٍّ .... إذا كان اختيارهمُ صوابا؟
ولم أوصى النبي إلى علي .... ولم يجعل لهم معه انتصابا؟
فقل للشافعية حيث كانت: .... تحول في تعصبها العصابا
وتصدع بالحقيقة في علي .... فإن الحق أجدر أن يجابا
فقد ظهرت فضائله ولكن .... لمن لم يتخذ عنها حجابا
ومنها:
ومن يك ذا فمٍ مُرٍ مريض .... يجد مراً به العسل الرضابا
وهذا ختامها، وبه انتهى نظامها؛ وقد ساقها بتمامها المولى العلامة، نجم العترة، الحسن بن الحسين الحوثي ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي.
قال: انتهى ولله قائلها! فلقد أفاد؛ جزاه الله عن آل محمد وشيعتهم أفضل ما جزى به النافين عن الإسلام كيد الكائدين، وتحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين.
[ترجمة الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى]
نعم، وسبقت الأسانيد في طرق المجموع، وغيره، إلى مؤلفات الإمام المجتبى، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى (ع).
وقد استوفيت في التحف الفاطمية ما لاغنى لأهل العلم عن الاطلاع عليه في شأن الأئمة الكرام، وغيرهم من الأعلام؛ وأتيت في هذا المؤلف النافع ـ إن شاء الله تعالى ـ بما لم يسبق هنالك، أو كان على وجه أكمل من ذلك، كما تقدمت الإشارة إليه، في ابتداء الكلام؛ ليقف المطلع على الكتابين على منتهى المرام.
وقد اعتمدت في /146(2/146)
الكتابين المباركين ـ بمنّ الله تعالى ـ: التحف، وهذا المؤلف لوامع الأنوار الإيرادَ للمهم، الذي يحصل به النفع في أبواب العلم، ولا يُنَالُ، ملخصاً على هذا المنوال، في غيرهما من الأسفار، والمؤلفات الكبار؛ وأضربت عن ذكر القصص والأخبار، التي لاتعلق لها بهذه المقاصد في إيراد ولا إصدار، إلا مالا يحسن بأهل العلم جهله من الآثار، فقد وقعت الإشارة إليه على طريقة الاختصار.
فأقول: قد ساق السيد الإمام صاحب طبقات الزيدية، من أخبار الإمام (ع)، خلاصة ما ذكره مؤلف سيرته، كما هي العادة في أحوال سائر الأعلام، من جميع ما اشتملت عليه مؤلفات السابقين الكرام؛ فلهذا جعلت كتابه في هذا الباب عمدة المنقول، مع مراجعة الأصول، إلا فيما لم يكن مرسوماً فيه، أو كان في غيره أتم منه؛ وقد أوضحت ذلك ببيان ما أخذ من كل مؤلف في جميع الفصول، إلا فيما تداولته عبارات السلف والخلف، مع صحته.
وعادة السيد الإمام ـ في الأغلب ـ إضافة كل قول إلى قائله، وعزو كل نقل إلى ناقله، وخالف ذلك في بعض المواضع، كمثل هذا المقام، وكأنه لطول المقال، واتساع المجال؛ فقال ـ رضي الله عنه ـ: الإمام المهدي لدين الله، نشأ على ما نشأ عليه آباؤه الأئمة؛ فإنه لما ختم القرآن، أدخله والده وصنوه يقرأ في علم العربية، فقرأ في النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، قدر سبع سنين، فانتهى في هذه العلوم إلى غاية، وصنّف الكوكب الزاهر.
قلت: ويدل على رسوخ قدمه، وطول باعه، وسعة اطلاعه، أن مؤلفاته في غاية الإتقان والصحة، لايوجد فيها أي مخالفة للقواعد العربية؛ وعلى هذا المنهاج مؤلفات أعلام الملة الحنيفية؛ وما وقع من المؤاخذات في شيء منها، فهو /147(2/147)
من تغيير أهل النسخ، وعدم التصحيح؛ ومتى بحث في الموجود من الأصول المصونة ينكشف التصحيف والتحريف للصحيح، بخلاف من لايد له في هذه الفنون من المؤلفين، فالاختلال فيها واضح للناظرين.
قال: ثم أخذ في علم الكلام على أخيه الهادي بن يحيى، وتممه على شيخه العلامة محمد بن يحيى المدحجي.
قلت: وقد سبق ذكرهما في سند المجموع، وغيره، وبيّض في الطبقات لوفاة محمد بن يحيى.
قال: فسمع الخلاصة، ونقل الغياصة غيباً؛ ثم قرأ شرح الأصول، وألقى عليه شيخه الغرر والحجول.
قلت: قال مؤلف السيرة ـ وهو ولده الحسن بن الإمام (ع) ـ: الذي صنفه ـ أي الغرر والحجول ـ القاسم بن أحمد بن حميد.
قال السيد الإمام: ثم انتقل إلى علم اللطيف، فقرأ تذكرة ابن متويه على شيخه المذكور، والمحيط أيضاً؛ ثم انتقل إلى أصول الفقه، فسمع عليه الجوهرة وحققها، ثم نقلها في منظومة.
قلت: قال ولده: سماها فائقة الفصول.
قال: وفي خلال ذلك أخذ في قراءة المعتمد في أصول الفقه.
قال ولده: لأبي الحسين البصري.
قلت: وقد وقفت على المعتمد هذا في نسخة عليها رسم الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) بقلمه الشريف، وخط يده المباركة.
قال: ثم انتقل إلى منتهى السؤول، فقرأه على شيخه.
إلى قوله: وغير ذلك مما يطول شرحه.
ثم قال: ثم أخذ في سماع الكشاف على الفقيه المقريء أحمد بن محمد البحيري. /148(2/148)
وأما علم الفروع فجعل يسمع على أخيه بالليل ما قد جمعه على مشائخه، ثم يختصر ما ألقى عليه صنوه، من الكتب التي يقريه فيها، حتى ألّف كتاباً، مجلداً، مبسوطاً، مستوفياً للخلاف، ولكلام السادة والمذاكرين.
[ترجمة صاحب الزحيف]
إلى قوله: قال في مآثر الأبرار للزحيف: ـ قلت: هو الفاضل العلامة، شارح البسامة، محمد بن علي؛ ترجم له السيد الإمام، ولم يذكر وفاته ـ إن الإمام (ع) يروي من طرق الأئمة وغيرها من العلوم، معقولها ومنقولها، بحق ما معه من أخيه الهادي، وشيخه محمد بن يحيى؛ وهما يرويان ذلك عن حي الفقيه قاسم بن أحمد بن حميد المحلي بحق روايته لذلك، عن أبيه أحمد بن حميد بحق روايته، عن والده الشهيد حميد بن أحمد؛ وهو يروي ذلك عن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة؛ وهو يروي طرق كتابه الشافي وما حواه من العلوم معقولها ومنقولها إلى مشائخه.
قلت: وقد تكررت هذه الطرقات في كتابنا هذا، والغرض في ذلك زيادة التحقيق، وتوقيف المطلع على واضح الطريق، والله ولي التوفيق.
[ترجمة الحسن بن علي العدوي]
قال: وروى طرق كتب الإمام يحيى بن حمزة، عن العلامة الحسن بن علي العدوي.
قلت: قال السيد الإمام في ترجمته: الحسن بن علي بن صالح العدوي (بكسر العين مهملة، وسكون الدال مهملة).
إلى قوله: كان عالماً كبيراً خطيراً، فقيهاً نبيلاً، ألّف العباب، وهو أحد مشائخ الإمام المهدي أحمد بن يحيى، انتهى.
ولم يذكر وفاته.
قال: عن الفقيه حسن بن محمد النحوي، عن الإمام يحيى بن حمزة./149(2/149)
قلت: وهذه طريق لنا إليها، مع ماسبق.
قال: ويروي كتب الأئمة، وشيعتهم أيضاً، وغيرها، عن السيد العلامة محمد بن سليمان الحمزي، عن الإمام الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر، عن أبيه، عن جده، عن الأمير الحسين وغيره.
قلت: قد سبق ذكر السيد الإمام محمد بن سليمان الحمزي، وهو والد الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان (ع)، وسيأتي له مزيد تحقيق في ذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ.
قال في كتاب الإيضاح للسيد العلامة الحسين بن علي بن صلاح العياني: إن الإمام المهدي أخذ عن الإمام صلاح الدين محمد بن علي، ووالده الإمام علي بن محمد، ومَنْ في عصره من السادة آل الوزير، وآل يحيى بن يحيى.
إلى قول السيد الإمام: وتلامذة الإمام كثير، أجلهم الإمام المطهر بن محمد بن سليمان، والفقيه يحيى بن أحمد مرغم، وعلي النجري، والفقيه زيد الذماري ـ وهو الواسطة بينه وبين ابن مفتاح صاحب الشرح المعروف بتعليق ابن مفتاح ـ ويحيى بن أحمد مظفر، وغيرهم.
[بيان لما جرى بعد موت الإمام صلاح الدين فيمن يقوم بالإمامة]
قال: ولما مات الإمام صلاح الدين محمد بن علي ـ والإمام المهدي (ع) في صنعاء ـ ووصل القاضي عبدالله الدواري، ومن معه من العلماء من صعدة، ونصبوا ولد الإمام صلاح الدين.
قلت: أي علي بن صلاح.
قال: فانزعج لذلك جماعة من الفضلاء، وأشاروا إلى الثلاثة، وهم: السيد الناصر بن أحمد بن المطهر بن يحيى، والسيد علي بن أبي الفضائل، والإمام المهدي أحمد بن يحيى؛ فاستحضر بقية العلماء هؤلاء الثلاثة في مسجد جمال الدين، واختاروا الإمام المهدي أحمد بن يحيى، وبايعه هؤلاء وغيرهم./150(2/150)