والله ولي التوفيق وحسن الختام.
[السند إلى مؤلفات السيد الهادي بن إبراهيم الوزير ـ وترجمته]
هذا، وأروي نظم الخلاصة، وكتاب نهاية التنويه في إزهاق التمويه، لأخيه السيد الإمام، بحر العلوم الزاخرة، وبدر الهداية الزاهرة، ونجم العترة الطاهرة، العلم المنير، والعالم الكبير، الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الوزير، بالسند السابق إلى الإمام شرف الدين؛ عن السيد الإمام، صارم الدين، إبراهيم بن محمد بن عبدالله، عن أبيه، عن جده عبدالله بن الهادي، عن أبيه السيد الإمام الهادي بن إبراهيم؛ أعاد الله من بركاتهم، وأولاهم التحيات والتسليم.
ويروي ذلك السيد صارم الدين أيضاً، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى، عن المؤلف.
فتسلسل السند بآل محمد (ع) ـ ولله الحمد ـ وقد سبق ذكره في سيرة الإمام علي بن المؤيد (ع) من التحف الفاطمية .
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: كان السيد الهادي.
إلى قوله: الإمام المعتمد، ذا الفضائل والآثار، والذي لم يسمع بوجود مثله في الأعصار، الركن الأشم في أولاد الإمام الهادي، والمربي على أقرانه في الحواضر والبوادي، جامع أشتات العلوم، وساطرها في المنثور والمنظوم؛ له المصنفات العديدة، منها: كفاية القانع في معرفة الصانع، نظم الخلاصة، وشرحها، وكتاب الطرازين المعلمين في المفاخرة بين الحرمين، والتفصيل في التفضيل، وكتاب الرد على ابن العربي، وهداية الراغبين إلى مذهب أهل البيت الطاهرين، وكتاب الرد على الفقيه ابن سليمان في المعارضة والمناقضة، وكاشفة الغمة عن حسن سيرة الأئمة، وكريمة العناصر في الذب عن سيرة الإمام الناصر، وكتاب السيوف المرهفات على من ألحد في الصفات.
وعلمه زاخر، وفضله ظاهر؛ وكان كبير الكلمة منتشر /136(2/136)
الذكر، عند جميع الأكابر والعلماء، في جميع البلاد القريبة والبعيدة، حتى ديار مصر.
وقال: وقرأ على الإمام الواثق بالله، المطهر بن محمد بن المطهر، في كتب الأئمة وشيعتهم، وغيرها؛ وأخذ عنه أنساب أهل البيت (ع)؛ وسمع أيضاً كتب أهل البيت مثل: الشفاء، وأصول الأحكام، وغيرهما، على خاله صلاح بن محمد بن الحسن بن المهدي بن أحمد؛ وأخذ عنه أيضاً في سائر العلوم، وكذلك نهج البلاغة، وشروحه قراءة.
وأفاد أنه قرأ بصعدة مدة طويلة في علوم العربية: نحو، وتصريف، ومعانٍ، وبيان؛ وكذا تفسير القرآن على الشيخ إسماعيل بن إبراهيم بن عطية النجراني؛ وقرأ على الفقيه محمد بن ناجي في علوم الآداب أيضاً، واللغة.
إلى قوله: وقرأ في الأصولين والفروع على القاضي العلامة عبدالله بن حسن الدواري، وعلى عمه المرتضى بن علي، وعمه أحمد بن علي؛ وسمع الحديث على العلامة أحمد بن سليمان الأوزري.
إلى قوله: وله إجازات عديدة، وطرق مفيدة؛ وأخذ عنه صنوه محمد بن إبراهيم، والسيد أبو العطايا عبدالله بن يحيى، والسيد عز الدين محمد بن الناصر، والسيد عبدالله بن الهادي بن الإمام يحيى بن حمزة.
إلى قوله: وكان بينه وبين علماء اليمن الأسفل مراجعات، ومراسلات ومشاعرات، كالخياط، وإسماعيل المقري؛ وكذا بينه وبين علماء المخاليف، ومثل العلماء الأشراف، وجميع السادة والقضاة في المخلاف السليماني، وأهل مكة، وينبع، والحجاز.
إلى قوله: وذكره الحافظ ابن حجر في تاريخه، وأثنى عليه؛ ولما حج أكرمه الأمير حسن، وكل من بمكة من الأشراف والقضاة.
قلت: وفي مطلع البدور ما معناه، أنه لما وقف عند بعض المشائخ في الحرم لسماع الحديث، قال للشيخ يستقبل القبلة كما هي العادة.
فقال /137(2/137)
الشيخ: النظر إلى أبناء الخليل أفضل من النظر إلى بناء الخليل.
ولما أراد دخول الكعبة، وتوصل إلى صاحب السدانة، تمثل بقول الشاعر:
ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة .... إليّ فهلا نفس ليلى شفيعها
أأكرم من ليلى علي فتبتغي .... به الجاه أم كنت امرءاً لا أطيعها؟
وقد تقدمت الأبيات، التي خاطب بها علماء الطوائف في شأن المقامات؛ ولله درّ العِلْم ما أعظم شأنه، وأقوم برهانه، وأوضح حجته، وأفصح كلمته، وأجل منزلته عند الأولياء، وأهيبها في قلوب الأعداء ـ لاسيما إذا صادف حملته ـ! هذا فيما بين العباد في الدنيا، فكيف بما عند العلي الأعلى في الأخرى.
نعم، قال السيد الإمام: ثم رحل إلى صنعاء، ثم إلى ذمار، وبها توفي، بحمام السعيدي، آخر نهار تاسع عشر ذا الحجة الحرام، صائماً، سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.
قلت: وقد سبق في التحف الفاطمية .
قال: وعمره ثلاث وستون سنة؛ ورثاه عدة من الناس من أهله، وغيرهم، انتهى.
وفي مطلع البدور، بعد أن بسط في ترجمته، ما لفظه: وكان موته رائعاً للمسلمين، وفلاً عظيماً في عضد أهل الدين، ونقصاً في أهل البيت المطهرين، ومنع ـ لسبب بلوغ خبره ـ ما يعتاد فعله في الأعياد، مع الأئمة، وأهل الأموال، في المدائن والأمصار؛ وكانت روعة عظيمة في أمصار الزيدية، في ذمار، وصنعاء، وصعدة، ومنع جميع الزيدية في المدارس.
قال: وقبره بموضع يقال له: جربة صنبر، وإلى هذا الموضع أشار من قال:
إن الفصاحة والرجاحة والعلا .... في تربة الهادي بجربة صنبرِ
/138(2/138)
شرفت بأَعْظُمِهِ فطاب صعيدُها .... فترابها كالمسك أو كالعنبرِ
....إلى قوله:
أَكْرِمْ بها من تربة يمنية .... نسبت إلى ترب بطيبة والغري
قلت: وقد عارض بالبيت الأول البيت الذي يستشهد به أهل البيان في الكناية.
وساق من أخباره الحسان، ما تقر به الأعيان؛ عليهم التحيات والرضوان.
[قصيدة للهادي بن إبراهيم(ع) يندد فيها بالطغاة وظالمي أهل البيت(ع)]
نعم، وكتابه نهاية التنويه شرح على قصيدته البالغة الفاخرة، في الرد على مناصبي العترة الطاهرة (ع)، وهي:
أقاويل غي في الزمان نواجم .... وأوهام جهل بالضلال هواجمُ
ومسترق سمعاً لآل محمد .... فأين كرام بالنجوم رواجمُ؟
ومستوقد ناراً لحرب علومهم .... فأين البحار الزاخرات الخضارمُ؟
ومعترض فيهم بمخراق لاعب .... فأين السيوف الباترات الصوارمُ؟
ومجتهد في ذم قوم أكارم .... فأين الأباة السابقون الأكارم؟
ومنتهش لحماً لهم وهو ثعلب .... فأين الأسود الخادرات الضراغم؟
عسى نخوة تحمي على آل أحمد .... فقد ظهرت بغياً عليهم سخائم
عسى غاضب لله فيهم بحكمه .... يحكم فيه الحق فالحق حاكمُ
عسى ناظر فيهم بعين بصيرة .... وحاكٍ لما نصت عليه الملاحم
عسى ناقم ثاراً لهم من عدوهم .... فذاك عدوٌ بالمناقم ناقم
عسى عارف ما قال فيهم أبوهم .... فقد جهلت تلك النصوص العظائم
عسى سالم فيهم عداوة ناصب .... فقد فاز منها سالم ومسالم
عسى عادم حقداً عليهم بقلبه .... فقد قل منه اليوم من هو عادم
عسى صائم من لحم أولاد حيدر .... فما سائم في لحمهم هو صائم
/139(2/139)
إلى الله أشكو ذنب إبليس إنه .... أهاب بقوم ذنبه المتقادم
دعاهم إليه فاستجابوا لصوته .... ولَمَّا يرعهم حُوْبه المتعاظم
وطار بهم في قلب كل معاند .... فها هم خوافي ريشه والقوادم
حناق صدور من فضائل حيدر .... مكالمهم فيها كليم مكالم
إذا ذكر الفاروق أمست صدورهم .... مفطرة مما تكن السخائم
على أنه خير البرية عن يد .... وإن ورمت منهم أنوف رواغم
يقولون: لافضل له فوق غيره .... وهذا ضلال منهم متراكم
وهل بلغت فضل السنام مناسم؟ .... وهل أدركت شأو البحار الكظائم؟
وإن ذكروا يوم الغدير تأولوا .... ولايته تأويل من هو ظالم
وتأويلهم نص الكتاب تعاميا .... على ما يداني حقدهم ويلائم
وهم أنكروا حصر الإمامة في بني الـ .... ـبتول وقالوا: الغير فيها مساهم
ولم يجعلوا إلا اختياراً طريقها .... وبالعقد قالوا: أمرها متعالم
وهم أبطلوا الإجماع من آل أحمد .... دليلاً وآي السمع في ذاك قائم
وهم أنكروا فضل البتول وفضلوا .... عليها وهذا لاتراه الفواطم
إلى قوله:
وحرب علي منه كالشمس ظاهر .... وهل لطلوع الشمس في ذاك كاتم؟
وحسبك منه مقتل ابن سميةٍ .... وتأويله للنص فيه مصادم
...إلى قوله:
وقالوا: يزيد مستحق توقفاً .... ورأس حسين عنده والغلاصم
وهم جهَّلوا الرسي وهو منزه .... عن الجهل بحر الحكمة المتلاطم
وهم أنكروا إسناد يحيى وقاسم .... ومالهما في العالمين مقاسم
/140(2/140)