الإسلام، كان عالماً مبرزاً في العلوم، محققاً في الأصول، مرجوعاً إليه؛ توفي في شهر صفر، سنة إحدى وثمانين وثمانمائة.
قال السيد الإمام: وقيل: كان حاكماً للإمام يحيى بن حمزة، انتهى.
ومنهم: الشيخ العلامة، إسماعيل بن أحمد بن عبدالله بن إبراهيم بن عطية النجراني المداني، هكذا نسبه على التحقيق، وفيه حذف في الطبقات والمطلع، عند ذكر شيوخ السيد صارم الدين، ولكن هو كما ذكرنا في ترجمته من الكتابين، وهو الصحيح، ولم يذكرا وفاته؛ وهو من تلامذة السيدين الإمامين: علي بن محمد بن أبي القاسم، وأبي العطايا؛ وأفادا أنه من الأعلام الكبار، في مكانة عمّ أبيه الشيخ إسماعيل بن إبراهيم بن عطية النجراني، وقد سبق.
ومنهم: الشيخ أحمد بن إبراهيم بن أحمد النجراني المستشهد غيلة في العشرين بعد الثمان المائة، وهم بيت بالعلم مشهور، وبالصالحات مذكور.
وله مشائخ غيرهم، لكن هؤلاء الذين اتفق عليهم السيد الإمام، والقاضي - رضي الله عنهم -.
قال السيد الإمام: وله مشائخ وطرق في علم الأسماء، وعلم الحرف، وإجازات في ذلك، وفي سائر ما يذكر من العلوم، من جميع أولئك المشائخ الذين مرّ ذكرهم.
...إلى قوله: كان السيد صارم الدين مبرزاً في علوم الاجتهاد جميعها، متألهاً، مشتغلاً بخويصة نفسه، حافظاً للإسناد، وإماماً للزهاد والعباد، مستدركاً على الأوائل، جامعاً لأشتات الفضائل، مطلعاً على أخبار الأوائل والأواخر، مربياً على نحارير العلماء؛ وله المصنفات المفيدة.
قلت: قد سبقت.
قال: وله أشعار جيدة، في ضبط قاعدة فروعية، أو أصولية، أو نحو ذلك؛ ولم يزل مشتغلاً /261(2/261)
بالدرس والتدريس، والتأليف، والمواظبة على المساجد والطاعات، والمطالعة في جميع الأوقات، فرحمة الله عليه وسلامه، وفيه يقول شعراً.
ثم ذكر البيتين.
قلت: وهما في مطلع البدور بعد قوله: قال السيد الجليل أحمد بن عبدالله ـ رحمهم الله ـ ما لفظه: وأقول: أنى للإنسان لسان يفصح عن بعض فضائل هذا الإمام؟
إلى قوله: أربى على نحارير علماء الأوائل، وحقق دقائق الفنون تحقيقاً، يقال للمتطاول إليه: أين الثريا من يد المتناول؟
إلى قوله: فمن كتبه صَححَ الكتبَ مَنْ بعده، ومن مصابيح عنايته أنارت أرجاء المدارس.
وساق...إلى قوله:
وإلى الثمانين انتهاء سِنِيِّه .... قد كاد يبلغها تماماً أو قدِ
لم يُلْقَ إلا قارئاً أو مُقرِئاً .... أو كاتباً أو ساجداً في المسجدِ
...إلى قوله: قال: أخبره سيدي الهادي، أن والده كان لايفتر عن المطالعة لحظة ولا ساعة؛ ولقد كان مع كبر السن، وضعف البصر، لا يصبر عن المطالعة، حتى يؤتى بالسراج وقت المغرب، بل يقرب من باب المنزل فيقتبس ما بقي من ضوء الحجرة.
[شيء من ورع السيد صارم الدين الوزير]
وأخبرني ثقة من الشيعة أنه سمع في حياة سيدي إبراهيم، أنه لم يقبض درهماً مدة عمره، وبلغني من شحيح ورعه أنه كان في منزله دار يفد إليه الطلبة، وكان فيه بساطان من الصدقة، فكان لايمر حتى تطوى البساطان عن موضع مروره؛ لئلا يطأهما.
...إلى قوله: وله من الردود على أعداء أهل البيت نظماً ونثراً ما يشفي وحر الصدور؛ وكان الفضلاء في زمانه يعترفون بفضله، ويخضعون لشرفه ونبله.
...إلى قوله في حُسْنِ أخلاقه: ومن أعذب ما جرى منه في ذلك ما أجاب به الإمام الهادي عز الدين بن الحسن /262(2/262)
ـ رحمه الله ونفع به ـ، وقد كتب الإمام إلى والده كتاباً، فتولى الجواب عن والده.
...إلى قوله: وقال ـ أي الحسن بن الإمام علي بن المؤيد (ع) ـ: وهذا الجواب للولد إبراهيم، ومن يشابه أباه فما ظلم.
فكان من الجواب هذان البيتان:
أَعزّ الهدى منا عليك تحية .... تخصّك ما هبّت صبا وجنوبُ
لئن بَعِدَت منّا ومنك منازل .... لما بَعِدَت منّا ومنك قلوبُ
قلت: وللإمام الهادي إلى الحق، عز الدين بن الحسن حال سيادته، إلى السيد صارم الدين (ع)، سؤال عظيم في حكم تعارض الأئمة، وأجابه بجواب مفيد، قد أتى بنبذ منه في المقصد الحسن، على غير استكمال، ولا بيان لمورد الجواب والسؤال، على عادته في كثير من مباحثه، وهو مستكمل في غيره.
قال: ولم يزل على ما وصفنا من أحواله، وشرحنا من جميل خلاله، مشتغلاً بالعلم والعمل، منقطعاً إلى الله ـ عز وجل ـ مجتمع الشمل بأولاده الكملة، الذين لم يوجد مثلُهم، قرير العين لما رأى من هديه وهديهم، وفضله وفضلهم؛ حتى كانت سنة عشر وتسعمائة، وطلع سلطان اليمن على صنعاء فملكها، ففرّق بينه وبين أولاده، وأراد إنزاله اليمن.
قال السيد يحيى بن عبدالله ـ رحمه الله ـ: فأجاب بأن أقسم بالله لا نزل، فتركه السلطان، وبرت قسمه، بعد علم السلطان بماله من المنزلة الرفيعة، والوجاهة عند الله؛ لأنه كان يأمر بتعمد بيته بالمدافع، فيصرف الله ضرها، لا بوجه يظهر؛ لأن داره بارزة، فعلم أن ذلك من دعائه ـ عادت بركته ـ.
وأنزل ولده الهادي إلى رداع، وأحمد إلى تعز، وبقي السيد صارم الدين إلى سنة أربع عشرة وتسعمائة، وأصعد الله روحه الطاهرة إلى معارج قدسه؛ وقبره في جربة الروض بصنعاء، عند قبور أهله رضي الله عنهم. /263(2/263)
[ترجمة ولدي صارم الدين: محمد، والهادي الصغير]
قلت: وولده السيد العالم الشهيد، محمد بن إبراهيم ـ رضوان الله عليهما ـ قُتِل في حرب سلطان اليمن المذكور، وهو أصغر أولاده.
قال في مطلع البدور: قال السيد الهادي ـ رحمه الله ـ في تاريخ أهله.
قلت: هو أخوه، وهو الهادي الصغير.
وساق كلامه...إلى قوله: قرأ جميع الكتب المعروفة في الفنون، وصنف، ودرس، وله شعر جيد، واستشهد ـ رحمه الله ـ في يوم الاثنين ثاني القعدة، أصابه المدفع.
إلى أن قال: والمحطة حينئذ على صنعاء، محطة عامر بن عبد الوهاب؛ وسمعت سيدي يحيى بن عبدالله يقول: كنا مجتمعين نحن، والصنو محمد بن إبراهيم في بساتين شملة، إذْ سمع لغطاً، وأصواتاً عالية، تشعر أن بين الفريقين حرباً، فأخذ قوسه ونَبْلَه، وخرج إلى نوبة من نوب الدائر، واجتمع فيها هو والسيد عبدالله بن محمد بن معتق الحمزي، فلم نلبث أن سمعنا أصواتاً عالية، وضجة عظيمة، وظهور استبشار من أهل المحطة، فخرجت مبادراً، وفيَّ حينئذ حدة الشباب، فعلمت الخبر، وقد منعت الناس المدافع عن الوصول إلى الصنو محمد ـ رحمه الله ـ فلم أحفل بها، وتقدمت إلى النوبة فرأيته ميتاً.
...إلى قوله: وقد كان والده نفع الله به أضرب عن الشعر، فلما استشهد ولده هذا، وفرقه ولده الهادي وأحمد وأولادهما، استروح بالشعر إليهم، فمن ذلك: ما كتبه إلى ولده أحمد، وضمنه مرثاة سيدي محمد ـ رحمهم الله جميعاً ـ من أبيات:
وكفانا المخوف من شرّ حرب .... لقحت بعد فترة عن حيالِ
ومنها:
قتل ابني بها على غير جرم .... كان منه وقتله كان غالي
قلت: وهذا لضرورة الشعر، أو على زيادة كان، أو تكون شأنية، وهو خبر /264(2/264)
مبتدأ محذوف، أو على لغة ربيعة في الوقف على المنصوب.
هذا، ومنها في حال نفسه:
ماله ملجأ سوى الله والصبـ .... ـر وفي الصبر حيلة المحتالِ
قائلاً في صباحه ومساه .... ووقت الضحى وفي الآصالِ
ربما تكره النفوس من الأمـ .... ـر له فرجة كحلّ العقالِ
....إلى آخرها.
قال: ومما رثى به ولده، وأراد بصاحبه: السيد عبدالله بن محمد بن معتق ـ رحمهم الله ـ:
أصاب ابني وصاحبه اعتداء .... فذاق ابني وصاحبه الحماما
بمدفع عامر شلّت يداه .... ولا بلغ المراد ولا المراما
ومنها:
وكان محمد فينا هلالاً .... فأكسف قبل ما بلغ التماما
فقل لمن ارتضى حرباً لقوم .... ومَنْ في حربهم حَسَر اللثاما
وهم قربى النبي بلا مراء .... وإن هو عن مودتهم تعامى
مخالف أمرهم لله عاص .... ومنكر حبّهم يلقى أثاما
وليس بمسلم من قد قلاهم .... وعاداهم وإن صلى وصاما
قال السيد الإمام: وأجل تلامذته ـ قلت: أي السيد صارم الدين، قال:ـ ولده الهادي بن إبراهيم، والإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين، وولده أحمد.
قلت: قال السيد الإمام في ترجمته: الهادي بن إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن الهادي بن إبراهيم الحسني الهدوي اليمني، السيد العلامة؛ مولده في الثاني من شوال، سنة أربع وخمسين وثمانمائة، أخذ عن أبيه صارم الدين هديَهُ، /265(2/265)