من الله، أو ضمير يضمره؛ بيّت الحاجة، وأخبر الصبح بما سمع فيها.
قلت له: ياسيدي شرف الدين، سألت الله ـ تعالى ـ حاجة أحب أن تلازم الله ـ تعالى ـ في قضائها، وتخبرني بكرة غدٍ ـ إن شاء الله تعالى ـ.
فقال: بسم الله.
وارتسم بالسمع والطاعة؛ فبيّت لي، وكان بكرة في الحرم الشريف وجدني، فصافحني ولزم على يدي، وأخبرني، قال: هذه الليلة، رأيت في منامي، أني واقف تحت العرش العظيم، والملائكة صافون من حوله، فقلت: سيدي شريف يحيى بن مهدي يسأل الله حاجته.
فقالت الملائكة (ع): نعم، طلب ولداً صالحاً؛ يحصل ـ إن شاء الله تعالى ـ عن قريب؛ فإذا حصل سماه أبو العطايا.
وقال لي سيدي شريف: هذه حاجتك؟
فقلت: إي والله.
قلت: في الأصل: سماه أبو العطايا (بالواو)، فإما أن يكون أصل وضعه على حكاية الرفع ـ وهو في العربية كثير ـ وحكاه الشيخ على لسانه، فقد أفاد أنه أقرب إلى العجمة، وهو ظاهر في خطابه؛ أو من تغيير النساخ، وقد تصرفت في هذا النقل من كتاب الصلة في مواضع للاختصار ـ كما أشرت إليه ـ والاصلاح، والله الموفق.
ثم ذكر أنه سأله حاجة أخرى فأخبره.
قال: وكان يعظم أخي أحمد، ويقول: له شأن عظيم، وحال قوي.
قال: فحصل الولد المبارك عبدالله، وسميته: أبو العطايا ـ كذا في الأصل كما سبق، قال:ـ تبركاً بكلامه، بعد إيابنا من بيت الله العتيق؛ وشرح لي أنه يكون صالحاً، عالماً، ثقة، زاهداً.
قال: وهذا ولدي عبدالله أبو العطايا مجتهد في طلب العلم، قد نقل من المختصرات خمسة كتب غيباً، وعمره اثنتا عشرة سنة؛ وفي سنة خمس وتسعين /226(2/226)


قد عزم على غيب القرآن الكريم، وكثيراً ما يلازمني في الحج إلى بيت الله الحرام، ويشتاق إليه؛ بلغ الله فيه أملي وأمل إخواني، وفقه الله لصالح القول والعمل، وعصمه عن الجهل والخطأ والزلل، بمحمد وآله وبملائكته أتوسل، أن يجعله ممن اهتدى وأناب، ومن أهل الحكمة وفصل الخطاب، آمين آمين، وصلى الله على محمد وآل محمد وسلم، والحمد لله رب العالمين.
قلت: وهذه خاتمة الكتاب، والحمد لله الملك الوهاب؛ اللهم وإياك نسأل، وبجلالك وأسمائك الحسنى وآياتك العظمى نتوسل، أن تصلي وتسلم على رسولك وآله، وأن تجعلنا ومن شاركنا في دعائنا من المؤمنين، من المهتدين بأنوارهم، والمقتدين بآثارهم، والمتبعين لهم بإيمان وإحسان، والمرافقين لهم في دار الرضوان، وأن تعيد علينا من بركاتهم، وتفيض علينا من نفحات كراماتهم، وتشركنا في صالح أعمالهم ودعواتهم، وتلحقنا بهم صالحين، وتلطف بنا وبالمؤمنين في الدارين، وتظهر كلمة الدين، وتنصر الحق والمحقين، وتحمي حوزة الإسلام والمسلمين، وتؤيد شريعة سيد المرسلين؛ بحقك يا إله الحق آمين.
[ترجمة للسيد أبي العطايا]
هذا، وقد بلّغه الله تعالى في ولده أمله، وحقق رجاءه، واستجاب له دعاءه؛ فصار السيد الإمام أبو العطايا عبدالله بن يحيى قدوة للمسلمين، وكعبة للطالبين، وإماماً للعلماء العاملين، ونجماً من نجوم العترة الهادين، وحافظاً لعلوم الآل الأكرمين.
قال السيد الإمام في الكلام فيه: وأجل تلامذته السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، والفقيه علي بن زيد /227(2/227)


العنسي، والفقيه حسن بن مسعود المقرائي.
إلى قوله: ومحمد بن عبدالله، والد السيد صارم الدين، ويحيى بن أحمد مرغم.
قال تلميذه السيد صارم الدين: مولانا السيد الإمام، شيخ العترة الكرام في زمانه، ومفسرها، ومحدثها، ومفتيها، والمعتني بعلومها، صلاح الدين، بركة أهل البيت المطهرين، عبدالله بن يحيى بن المهدي الحسيني، الزيدي نسباً ومذهباً.
وقال القاضي ـ أي صاحب مطلع البدور، وهو المقصود كلما أُطلق هنا في هذا الكتاب كما سبق ـ: السيد الإمام الكبير، مُلْحِق الأصاغر بالأكابر، شيخ شيوخ العترة، ومفخر العصابة والأسرة.
إلى قوله: وحافظهم، متفق على جلالته؛ تخرّج عليه العلماء، وكان موئلاً للتحقيق؛ وبالجملة، فلا تفي عبارة بوصفه، له كرامات وفضائل.
قال السيد أحمد بن عبدالله: هو السيد العلامة، رباني العترة الكرام، إمام علوم الاجتهاد الإمامة الكبرى، بإجماع علماء عصره أجمعين.
وقال غيره: العالم الشهير، والفاضل الكبير، وكان مجتهد زمانه، وعالم أوانه.
قلت: في مطلع البدور: وأظن هذه الترجمة، أي قوله: العالم الشهير...إلخ، واضعها الإمام عز الدين بن الحسن (ع)، وأفاد أنه درس في العلوم ـ أي أقرأ ـ أربعة وخمسين عاماً.
قال السيد الإمام: يروي عن أبيه، عن الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر، عن أبيه، عن جده.
قال: وبهذا الإسناد إلى الإمام محمد بن المطهر، عن الأمير المؤيد، عن /228(2/228)


الأمير الحسين بن محمد بطرقه؛ ويروي عن أبيه، عن الإمام علي بن محمد (ع)...إلخ.
قلت: وفيما سبق وما يأتي من استناد العلوم إليه، ما يفي بتفصيل حاله؛ ولكن هذا على سبيل التأكيد، وقد كررت مثله في هذا الكتاب؛ ليكون الرجوع عند التباس الأمر في محلّ إلى آخر، والله ولي التسديد.
هذا، وقد بسطت القول في هذا البحث؛ لإرادة الاستبصار، وقصد الاعتبار، ولم تزل والحمد لله أنوار النبوة تشرق في جميع الأعصار، وأرواح عبيرها تعبق على الاستمرار، ورايات فضلها تخفق في الأقطار، على أهل البوادي والأمصار، ولن تزال على ذلك إلى اليوم الموعود، والحوض المورود، والمقام المشهود؛ وعد الله على لسان رسوله المختار ـ صلى الله عليه وعلى آله الأطهار ـ.
ولقد مَنّ الله ـ تعالى ـ علينا ـ وله المن ـ بإدراك جماعة، ومعاينة طائفة، من تلك العصابة الطاهرة، وأخبرونا تلقيناً ومشافهة، عن إدراكهم ومعاينتهم لجماعة وافرة، من النجوم الزاهرة، شموس الدنيا وشفعاء الآخرة؛ أجرى الله ـ جل جلاله ـ لهم الآيات البينات، والكرامات النيرات، من استجابة الدعوات، وكشف الكربات، وتظاهر البركات؛ ولو بسطت القول في ذلك لطال الكلام، ولكن يكون في كل محل ما يحتمله المقام؛ رضوان الله عليهم أجمعين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
[السند إلى جميع مؤلفات الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي وترجمته]
هذا، وسبقت الأسانيد في طريق المجموع وغيره، إلى الإمام الأمجد، المتوكل على المنان، المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي (ع). /229(2/229)


فأروي بها جميع مروياته ومؤلفاته، منها: شرحه على أحكام إمام الأئمة، الهادي إلى الحق (ع)، وما جمعه من أحاديثه المفردة.
ومنها: تكميله لشرح البحر الزخار، من كتاب الصيد إلى آخره، تتمة لشرح مرغم؛ لأنه انتهى إليه.
وكتاب الإرشاد، وغيرها من الرسائل؛ وقد سبق في التحف الفاطمية ذكر ما لا غنية عنه من أحواله، ونشير هنا إلى إتمام ذلك.
قال السيد الإمام في ترجمته: الإمام المتوكل على الله، العالم ابن العالم، نشأ على ما نشأ عليه سلفه الصالح؛ لازم الإمام المهدي أحمد بن يحيى، فقرأ عليه جميع الفنون، من أصول وفروع وحديث، وغير ذلك؛ ومن ذلك جميع ما ألفه الإمام المهدي(ع) نظماً، ونثراً؛ ومن ذلك الشافي للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، والكشاف لجار الله، وكتب الأئمة، وشيعتهم، ومعقول العلوم ومعلومها، بين سماع وإجازة، ومناولة، وغير ذلك.
وقال (ع) في إجازته للإمام عز الدين بن الحسن (ع).
قلت: ساق السيد الإمام ما فيها، باختصار وتصرّف لايخل، وهي عادته ـ رضي الله عنه ـ في النقل، يأخذ خلاصة المقصود في الأغلب، والأصل موجود حال التحرير كغيره من الأصول ـ بحمد الله ـ.
(رجع) فمن المسموعات من كتب العربية: مقدمة طاهر وشرحها لابن هطيل، وشرحها لمصنفها، وشرحها للإمام يحيى بن حمزة المسمى بالحاصر.
ومنها: مقدمة ابن الحاجب، وشرحها لابن هطيل، وشرحها للمؤلف، وشرحها لركن الدين، وشرح اليمني، وشرح النجراني.
قلت: للشيخ إسماعيل بن عطية النجراني.
قال: وكتاب المفصل للزمخشري، وشرحه للإمام المهدي، وشرحه/230(2/230)

22 / 151
ع
En
A+
A-