المطيب ))، وقال: ((عمار جلدة بين عيني وأنفي )) وقال: ((تقتلك الفئة الباغية ))، وقال: ((ويح عمار يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار )).
استشهد مع أمير المؤمنين - عليه السلام - بصفين، سنة سبع وثلاثين ـ رضوان الله وسلامه ورحمته عليه ـ وكان من خلّص أصحابه ومحبيه.
عنه: ابنه محمد، وأبو الطفيل، وغيرهما.
خرج له: أئمتنا الخمسة، والجماعة.
وظهر باستشهاده ـ رضوان الله عليه ـ علم من أعلام النبوة، بتصديق الأخبار أنها تقتله الفئة الباغية، الداعية إلى النار، وتحقق للأغمار، تعيين أصحاب البغي القاسطين الفجار، ولم يستطيعوا مدافعة النصوص الصريحة المتواترة بردّ ولا إنكار.
قال ابن حجر: وتواترت الأحاديث عن النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أن عماراً تقتله الفئة الباغية، وأجمعوا أنه قُتل مع علي بصفين، سنة سبع وثلاثين، وله ثلاث وتسعون سنة؛ واتفقوا أنه نزل فيه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }...إلخ [النحل:106].
وفي الاستيعاب لابن عبد البر: بالسند إلى ابن عباس في قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } قال: عمار بن ياسر ، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [الأنعام:122]، قال: أبو جهل بن هشام .
وقال رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((إن عماراً مُليء إيماناً إلى مشاشه))، وروي: ((إلى أخمص قدميه ))، وروي فيه بسنده إلى عائشة أنها قالت: سمعت رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - يقول: ((مُليء عمار إيماناً إلى أخمص قدميه )).
وقال عبد الرحمن بن أبزى : شهدنا مع علي - رضي الله عنه - صفين /145(3/145)
في ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان، قتل منهم ثلاثة وستون، منهم: عمار بن ياسر .
قال: ومن حديث خالد بن الوليد ، أن رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قال: ((من أبغض عماراً أبغضه الله تعالى )).
قال: ومن حديث أنس، عن النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أنه قال: ((اشتاقت الجنة إلى علي وعمار وسلمان وبلال )).
ثم ساق إلى قوله: وفضائله كثيرة يطول ذكرها.
قال: وروى الأعمش بن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال: شهدنا مع علي - رضي الله عنه - صفين.
إلى قوله: وسمعت عماراً يقول يومئذ لهاشم بن عتبة: يا هاشم تقدم، الجنة تحت البارقة، اليوم ألقى الأحبة، محمداً وحزبه، والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحق، وهم على الباطل.
ثم قال:
نحن ضربناكم على تنزيله .... فاليوم نضربكم على تأويله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله .... ويذهل الخليل عن خليله
أو يرجع الحق إلى سبيله
قال: فلم أر أصحاب محمد - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قتلوا في موطن ما قتلوا يومئذ.
قال: وروى وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة، قال: لكأني أنظر إلى عمار يوم صفين، واستسقى فأتي بشربة من لبن؛ فشرب، فقال: اليوم ألقى الأحبّة؛ إن رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - عهد إلي أن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن؛ ثم استسقى فأتته امرأة طويلة اليدين بإناء فيه ضياح من لبن، فقال عمار حين شربه: الجنة تحت الأسنة؛ والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أن مصلحنا على الحق، وأنهم على الباطل.
قال: وتواترت الآثار عن النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أنه قال: ((تقتل عماراً الفئة /146(3/146)
الباغية )) وهذا من إخباره بالغيب، وأعلام نبوته - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -. انتهى المراد.
قلت: وجميع ذلك مأثور، وفي صحائف الإسلام مزبور، وقد رأيت إيراد ما ذكر من هذه الطريق، والله تعالى ولي التوفيق.
فانظر إلى كلام ابن عبد البر، وابن حجر، وغيرهما من حفاظ المحدثين، ثم يتوليان القاسطين الباغين، ولله القائل:
قال النواصب قد أخطا معاوية .... في الاجتهاد وأخطأ فيه صاحبهُ
قلنا كذبتم فلم قال النبي لنا .... في النار قاتل عمّار وسالبهُ؟
نعوذ بالله من الخذلان، وهو المستعان.
[عمر بن الخطاب ]
عمر بن الخطاب ، أبو حفص القرشي، أسلم بعد خروج مهاجرة الحبشة، على يدي أخته فاطمة، وزوجها سعيد بن زيد، في قصة طويلة، وفي الطبقات كما في كتب العامة أنه أول من تسمى بأمير المؤمنين.
قلت: الحق أن أمير المؤمنين حقاً، أول من تسمى بأمير المؤمنين، بأمر رب العالمين، على لسان سيد المرسلين ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ فقد أمرهم رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أن يسلموا عليه بأمير المؤمنين، أخرج ذلك الإمام المرشد بالله - عليه السلام - في الأمالي بسنده إلى بريدة.
وأخرجه الإمام المنصور بالله - عليه السلام - عنه في الشافي ، وشواهد ذلك شهيرة معلومة منيرة، وقد سبق من ذلك نصوص كثيرة.
فأما عمر فأول من سماه بذلك المغيرة بن شعبة، أو عمرو بن /147(3/147)
العاص، على اختلاف الرواية كما ذكر ذلك ابن عبد البر وغيره من أهل التواريخ؛ ولا يفهم من أمير المؤمنين عند الإطلاق إلا سيد الوصيين، وأخو سيد النبيئين ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ بالاتفاق؛ فشتان ما بين تسمية على لسان سيد ولد عدنان - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - وتسمية ما أنزل الله بها من سلطان.
هذا، وقد كان عمر كثير الاعتراف لأمير المؤمنين - عليه السلام -، وقد سبق شيء من ذلك، ومما هو معلوم مشتهر: (لولا علي لهلك عمر).
نعم، بويع له بالخلافة صبيحة وفاة أبي بكر، وطعنه أبو لؤلؤة فيروز، غلام المغيرة بن شعبة، فتوفي لأربع بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين.
أخرج له: الجماعة، وأئمتنا الخمسة؛ وله ذكر في المجموع والأحكام.
عنه: حميد بن عبد الرحمن ، وسويد بن غفلة.
[عمر بن أبي سلمة]
عمر بن أبي سلمة المخزومي، ربيب رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - ولد بالحبشة مع أبويه في الثانية من الهجرة الأولى، وتزوج رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أمه أم سلمة سنة أربع من الهجرة، فنشأ في حجره، وعلمه أدب الأكل.
شهد مع علي - عليه السلام - الجمل، واستعمله - عليه السلام - على فارس والبحرين.
توفي سنة ثلاث وثمانين.
أخرج له: أبو طالب ، والمرشد بالله، والجماعة.
عنه: ولده محمد، وعطاء بن أبي رباح /148(3/148)
[عمر بن عوف]
عمر بن عوف.
عنه: ابنه عبد الله.
والصواب عمرو بفتح أوله؛ يأتي إن شاء الله تعالى.
خرج له: المؤيد بالله .
(فصل العين المهملة المفتوحة)
[عمرو بن تغلب]
عمرو بن تغلب (باثنتين من أعلى ثم معجمة، وآخره موحدة) هو الجواثي (بضم الجيم، آخره مثلثة).
عنه: الحسن.
خرج له: المرشد بالله، والبخاري، والنسائي، وابن ماجه.
[عمرو بن حريث المخزومي]
عمرو بن حريث المخزومي أبو سعيد الكوفي، عنه: ابنه جعفر، والحسن العرني .
توفي سنة خمس وثمانين.
خرج له: مسلم، والأربعة، والسمان.
[عمرو بن الحارث]
عمرو بن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي المصطلقي أخو جويرية أم المؤمنين، بقي إلى بعد الخمسين، له رواية عن النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، وعن ابن مسعود .
وعنه: عيسى بن دينار.
أخرج له: أبو طالب ، ومحمد، والجماعة.
[عمرو بن حزم]
عمرو بن حزم (بفتح المهملة، وسكون الزاي) بن زيد الأنصاري الخزرجي أبو الضحاك؛ شهد الخندق، وولي نجران، وبعث معه النبي صلى الله عليه وآله وسلم /149(3/149)