والذي يدل عليه كلام الإمامين المنصور بالله عبد الله بن حمزة ، والمنصور بالله محمد بن عبد الله ـ عليهم السلام ـ ثبوت التوبة، وكذا كلام غيرهما؛ وحسبك بهما.
وأما الخبر الذي رواه، فقيوده معلومة في الكتاب والسنة، نحو قوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البقرة:124].
وقد روى الإمام الأعظم زيد بن علي، عن آبائه، عن علي ـ عليهم السلام ـ: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية؛ إذا كان الإمام عدلاً براً تقياً.
وروى أيضاً عن علي - عليه السلام -: وأيما إمام لم يحكم بما أنزل الله فلا طاعة له.
نعم، وقد تكاثرت الروايات عن ابن عمر بتوبته، وأخرج ابن عبد البر من طرق، أن ابن عمر قال حين حضرته الوفاة: ما آسى على شيء إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب .
قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة - عليه السلام - في ابن عمر: وكان شديد الاجتهاد في طاعة الله تعالى، ورويت عنه ندامة عظيمة في تخلفه عن علي - عليه السلام -، وكان يتوضأ لكل صلاة، وله رواية وسيعة عن النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - على غفلة كانت فيه، ولم يختلف في الرواية عنه. انتهى المراد.
[عبد الله بن عمرو بن العاص]
عبد الله بن عمرو بن العاص، أسلم قبل أبيه، شهد مع أبيه فتوح الشام، وكان يلوم أباه في ملابسة الفتن.
توفي بمصر ـ وقيل غير ذلك ـ سنة ثلاث ـ أو خمس ـ وستين.
خرج له: الجماعة، وأئمتنا الخمسة إلا الجرجاني؛ وروى /130(3/130)
عنه حفيده شعيب بن محمد في الأصح.
قلت: وهذا الحفيد هو والد المريد عمرو بن شعيب ، القائل لعمر بن عبد العزيز لما قطع سنة الملاعين: السنة السنة.
قال في الطبقات في الرواة عنه: وعبد الله بن يزيد بن الشخير ، والشعبي، وعكرمة، ويوسف بن ماهك ، وغير هؤلاء كعطاء بن السائب. انتهى.
قلت: وكان عبد الله هذا في حزب القاسطين، كما قال في الكشاف عند ذكره لخبر روي عنه ما لفظه: وأقول: أما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ ما شغله عن تسيير هذا الحديث.
قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة : ولما استعظم أهل العلم والدين كونه مع معاوية، مع ما هو عليه من المعرفة والعلم والدين، فلم يكن عمدته إلا أن قال: أمرني رسول الله بطاعة عمرو.
إلى قوله: وقد جرت منه هذه الهفوة، والله أعلم ما ختم العمل، ونسأل الله الثبات. انتهى.
وأخرج ابن عساكر عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال: كنتُ في مسجد رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - في حلْقة فيها أبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمرو بن العاص؛ فمرّ بنا حسين بن علي فسلم، فرد عليه القوم؛ فقال عبد الله بن عمرو: ألا أخبركم بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء؟
قالوا: بلى.
قال: هو هذا الماشي؛ ما كلمني كلمة منذ ليالي صفين؛ ولأن يرض عني أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم.
فقال أبو سعيد: ألا تعتذر إليه؟
قال: بلى.
فاستأذن أبو سعيد فأذن له فدخل، ثم استأذن لعبد الله بن عمرو فلم يزل به حتى أذن له /131(3/131)
فأخبره أبو سعيد بقول عبد الله بن عمرو.
فقال له: أعلمتَ يا عبد الله أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء؟
قال: إي ورب الكعبة.
قال: فما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين؛ فوالله لأبي كان خيراً مني.
قال: أجل، ولكن عمراً شكاني إلى رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، فقال: يا رسول الله، إن عبد الله يقوم الليل، ويصوم النهار.
فقال رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((يا عبد الله بن عمرو صَلِّ ونَمْ، وصُمْ وأفطر، وأطع عمراً ))، فلما كان يوم صفين، أقسم عليّ فخرجت؛ أما والله ما كثرت لهم سواداً، ولا اخترطت لهم سيفاً، ولا طعنتُ برمح، ولا رميتُ بسهم.
قال: فكلمه. انتهى.
قلت: وأخرج ابن عبد البر، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه كان يقول: مالي ولصفين، مالي ولقتال المسلمين؛ والله لوددت أني متّ قبل هذا بعشر سنين؛ ثم يقول: أما والله ما ضربتُ فيها بسيف، ولا طعنتُ برمح، ولا رميتُ بسهم؛ ووددت أني لم أحضر شيئاً منها، وأستغفر الله عز وجل من ذلك وأتوب إليه.
إلا أنه ذكر أنه كانت بيده الراية يومئذ؛ فندم ندامة شديدة على قتاله مع معاوية، وجعل يستغفر الله ويتوب إليه.
[عبد الله بن قرظ]
عبد الله بن قرظ (بضم القاف) الأزدي.
عنه: ابنه يحيى، وعفيف، وسليم بن عامر، كان اسمه شيطاناً، فسماه رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - عبد الله؛ في الشاميين.
توفي سنة ست وخمسين بأرض الروم.
أخرج له: المرشد بالله، وأبو داود، والنسائي /132(3/132)
[عبد الله بن مالك]
عنه الأعرج، هو ابن بحينة؛ قد مر.
[عبد الله بن مسعود]
عبد الله بن مسعود بن غافلة ـ بمعجمتين بينهما ألف ـ أبو عبد الرحمن الهذلي الزهري حلفاً، الكوفي؛ كان من أهل السوابق، وهاجر قديماً، وشهد المشاهد كلها، وكان يسمى بابن أم عبد، نسبة إلى أمه، قرأ عليه النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - القرآن، وأمرهم بأخذ القرآن عنه.
توفي بالمدينة سنة اثنتين ـ أو ثلاث ـ وثلاثين، ودُفن بالبقيع.
أخرج له: الناصر للحق في البساط ، وأئمتنا الخمسة إلا الجرجاني، والجماعة.
عنه: إبراهيم بن يزيد بن الأسود ، والحسن البصري، وزر بن حبيش، وشقيق، وعلقمة، وعطاء بن يسار، وأبو عثمان النهدي ، وأبو الأحوص، وأبو عمرو الشيباني، والشعبي، ومسروق، وأبو رافع، وأبو صالح، وغيرهم؛ وأينما ورد عبد الله مطلقاً في كتب أئمتنا عليهم السلام وغيرهم فهو المراد، إلا في موضع واحد من أمالي أبي طالب في خبر: ((إذا توضأ العبد المؤمن وتمضمض خرجت الخطايا ...)) الخبر، فهو عبد الله الصنابحي.
قلت: قال الإمام المنصور بالله - عليه السلام -: هو المبرز المعروف بالحق، المشهور بنفاذ البصيرة، وفيه آثار كثيرة، وهو أحد العلماء الأربعة بعد رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، ولم يختلف أحد من أهل العلم أنه ثاني علي بن أبي طالب أمير المؤمنين - عليه السلام -، وإن اختلف في الثالث والرابع بين سلمان وعمر ومعاذ وأبي الدرداء، /133(3/133)
وزيد. انتهى.
وقد سبق في ذكر أمير المؤمنين - عليه السلام - قول ابن مسعود - ضي الله عنه-: قرأتُ القرآن على رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - وأتممته على خير الناس بعده علي بن أبي طالب ؛ أخرجه الإمام في الشافي ، وهو في مجمع الزوائد.
وفي الفرائد بلفظ: علي أفضل الناس بعد رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم-...إلخ؛ وأخرجه الخوارزمي بلفظ: قرأت على رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - سبعين سورة، وختمت على خير الناس علي بن أبي طالب.
وما رواه مرفوعاً: ((قُسِّمت الحكمة عشرة أجزاء، أُعطي الناس جزءاً وعلي تسعة أجزاء ))، أخرجه أبو نعيم، وابن المغازلي، والحاكم، والكنجي، والخوارزمي، والبردعي، وابن النجار، عن عبد الله، عنه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
وفي أمالي المرشد بالله - عليه السلام - بسنده: أن عبد الله قيل له حين قال: لو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته، قيل: علي؛ قال: عليه قرأت، وبه بدأت.
وقد سبق ذكره، مع مَنْ ذكر في الفصل الثاني من الصحابة رضي الله عنهم.
[عبد الله بن مُغَفَّل]
عبد الله بن مغفّل (بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء، فلام) ابن سعد المزني، من أهل بيعة الرضوان، تحول إلى البصرة، وتوفي بها سنة ستين.
عنه: الحسن، وأبو إسحاق، وعقبة بن صهبان ، وغيرهم.
أخرج له: الهادي للحق، والأخوان، والجماعة.
[عبد الله الصناحبي]
عبد الله الصناحبي (بضم المهملة، وألف بعد النون، فمهملة، فموحدة ـ كذا في /134(3/134)