حديث آخر: ((اللهم زده علماً وفقهاً ))، وهي كلها أحاديث صحاح.
وقال مجاهد: عن ابن عباس: رأيت جبريل عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرتين، ودعا لي رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - بالحكمة مرتين، انتهى.
قال في ذخائر العقبى: وعن مسروق قال: كنت إذا رأيت عبد الله بن عباس ، قلت: أجمل الناس، وإذا تكلم قلت: أفصح الناس، وإذا تحدث، قلت: أعلم الناس.
وعن الأعمش مثله، زاد: (وإذا سكت قلت: من أحلم الناس)، قال: وعن شقيق.
قلت: هو في الاستيعاب مسنداً إلى أبي وائل، قال: خطبنا ابن عباس، وهو على الموسم، فافتتح سورة النور؛ فجعل يقرأ ويفسر؛ فجعلت أقول: ما رأيتُ ولا سمعتُ برجل مثله، ولو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت.
خرج جميع ذلك أبو عمر.
وخرج في الصفوة حديث شقيق، وقال: سورة البقرة مكان سورة النور.
وعن الحسن: كان ابن عباس يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران، فيفسرهما آية آية.
وفي الاستيعاب والذخائر: قال عمرو بن دينار : ما رأيت مجلساً أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، الحلال والحرام، والعربية والأنساب، وأحسبه قال: والشعر؛ وكان أصحابه يسمونه البحر والحبر.
قال في الاستيعاب: وفيه يقول حسان:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه .... رأيت له في كل أحواله فضلا
إذا قال لم يترك مقالاً لقائل .... بمنتظمات لا ترى بينها فصلا
...الأبيات /115(3/115)


وروى في الحدائق أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أمسك للحسنين بالركاب، وسوى عليهما، فقال له مدرك بن أبي راشد : أنت أسن منهما، أتمسك لهما؟ قال: يا لكع، أو ما يدريك من هذان، هذان ابنا رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أو ليس هذا مما أنعم الله به علي، أن أُمْسِكَ لهما، وأسوي عليهما.
هذا، ولما توفي - رضي الله عنه - صلى عليه محمد بن الحنفية عليهما السلام كما سبق، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة.
أخرجه أبو عمر والبغوي.
قال الطبري في الذخائر: وعن سعيد بن جبير ، قال: مات ابن عباس بالطائف، فشهدت جنازته، فجاء طائر لم ير على خلقه، فدخل في نعشه، ولم يُرَ خارجاً منه؛ فلما دُفن تليت هذه الآية: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29) وَادْخُلِي جَنَّتِي(30)} [الفجر:27ـ30].
خرجه ابن عرفة ؛ وروي عن أبي الزبير مثله.
نعم، وقد قدمت من ذكر لما سبق؛ وأعود إلى ترتيب الطبقات .
[عاصم بن عدي]
عاصم بن عدي، القضاعي العجلاني؛ كان يوم بدر أميراً على أهل قباء والعالية، فضرب له النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - بسهم، وشهد أحداً؛ له ستة أحاديث.
توفي سنة خمس وأربعين.
عنه: أبو البداح ، وسهل بن سعد، وابن عباس.
خرج له: المؤيد بالله ، والأربعة.
[عامر بن ربيعة بن كعب]
عامر بن ربيعة بن كعب، أبو عبد الرحمن العنزي (بمهملة، ونون ساكنة، فزاي) هاجر إلى الحبشة، وشهد المشاهد.
عنه: ابنه عبد الله.
أخرج له: المؤيد بالله ، /116(3/116)


والمرشد بالله، والجماعة.
توفي سنة اثنتين وثلاثين.
[عامر بن واثلة ]
عامر بن واثلة ـ بمثلثة ـ بن عبد الله الكناني، أبو الطفيل.
له رؤية ورواية، وعُمِّر بعده - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - طويلاً؛ وصحب علياً - عليه السلام -، وكان من وجوه شيعته، ومن محبيه، وله منه محل خاص، وشهد مع علي المشاهد.
قلت: قد سبق ذكره في الفصل الثاني، وساق في الطبقات ترجمته، وحكى كلام بعض المنحرفين فيه، قال: ثم خرج طالباً بدم الحسين مع المختار بن عبيد، ثم أخرج محمد بن الحنفية من سجن عارم، وسكن الكوفة، ثم مكة، وأقام بها حتى مات.
ثم حكى الأقوال في سنة وفاته، وقد سبق تصحيح أنه سنة عشر ومائة.
قال في التهذيب: وهو آخر من مات من جميع أصحاب النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
روى عن علي، وأبي بكر، وعمر، ومعاذ، وعمار.
وعنه: جابر الجعفي ، والزهري، ويزيد بن حبيب، وغيرهم.
أخرج له: المؤيد بالله ، ومحمد، والجماعة.
قلت: وممن روى عنه الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليهم السلام ـ، كما سبق.
قال علامة العترة النبيل، محمد بن عقيل ـ رحمه الله ـ: وأما وصول أبي عبد الله الجدلي ومن معه ومنهم أبو الطفيل، لإنقاذ ابن الحنفية ومن معه، فذلك من أعظم مناقبهما، ومن أكبر منزلة عند الله تعالى وعند النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - فقد أثبت ثقات المؤرخين، أن ابن الزبير وضع ابن الحنفية ومن معه من بني هاشم في السجن، ووضع فيه حطباً وألقى عليه النار، فصادف ذلك وصول الجدلي وأبي الطفيل ومَنْ معهما، فأنقذ الله بهم /117(3/117)


العترة ـ أنقذهم الله من كل سوء ـ فهل يليق أن يعد صنيع هؤلاء الأبطال المنقذين مما تطعن به عدالتهم؟! كلا والله.
إلى قوله: إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور؛ رب احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين.
وفي الاستيعاب لابن عبد البر: قدم أبو الطفيل على معاوية، فقال له: كيف وجدك على خليلك أبي الحسن؟
قال: كوجد أم موسى على موسى؛ وأشكو إلى الله التقصير.
قال له معاوية: كنتَ فيمن حصر عثمان؟
قال: لا، ولكني كنت فيمن حضره.
قال: فما منعك من نصره؟
قال: وأنت فما منعك من نصره إذ تربصت به ريب المنون؟ وكنت مع أهل الشام، وكلهم تابع لك فيما تريد.
فقال له معاوية: أو ما ترى طلبي لدمه نصرة له؟
قال: بلى، ولكنك كما قال أخو جعف:
لا ألفينّك بعد الموت تندبني .... وفي حياتي ما زوّدتني زادا
[عامر الرام]
عامر الرام (بفتح المهملة) صحابي، له حديث عند أبي داود، والإمام أبي طالب، رواه عنه ابن إسحاق عن ابن منصور عنه.
ويقال: ابن الرام؛ والأول أصح.
قلت: وفي الاستيعاب: عامر الرامي، ويقال: عامر الرام أخو الخضر، والخضر قبيلة في قيس عيلان..إلخ.
[عامر بن مسعود بن أمية]
عامر بن مسعود بن أمية بن خلف الجمحي، له حديث في صوم الشتاء.
عنه: عبد العزيز بن رفيع ، ونمير بن عريب .
اختلف في صحبته؛ عداده في أهل الكوفة.
أخرج له: المرشد بالله، والترمذي /118(3/118)


[عبادة بن الصامت]
عبادة بن الصامت، أبو الوليد الخزرجي، السيد النقيب؛ شهد العقبات الثلاث، وبدراً وما بعدها.
توفي بالرملة، وقيل: ببيت المقدس، سنة أربع وثلاثين، عن اثنتين وتسعين.
عنه: ولده محمد، وإبراهيم بن عباد، وجابر، وأنس، والحسن البصري، وخالد بن معدان، وجنادة بن أمية، وغيرهم.
أخرج له: أئمتنا الخمسة، والجماعة.
[عبد الله بن أُنَيس]
عبد الله بن أنيس (بضم الهمزة، وفتح النون) أبو يحيى القضاعي الأنصاري حلفاً، بطل مقدام، شهد العقبة وأحداً.
سار إليه جابر بن عبد الله شهراً إلى الشام يسمع منه حديث المظالم.
عنه: بنوه، وجابر، ومحمود بن لبيد .
توفي سنة أربع وخمسين.
خرج له: الناصر للحق، وأبو طالب، والمحيط، ومسلم.
[عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي ]
عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي ، توفي سنة ست وثمانين بالكوفة، آخر الصحابة موتاً بها.
عنه: عمرو بن مرة ، وإسماعيل بن أبي خالد.
أخرج له: أبو طالب ، والجرجاني، والمرشد بالله، والجماعة.
قلت: وكان من المنحرفين عن أمير المؤمنين - عليه السلام -، كما أفاده الإمام المنصور بالله - عليه السلام - في الشافي .
[عبد الله بن بُحَينة]
عبد الله بن بُحَينة (بضم الموحدة، وفتح المهملة، فتحتية، فنون) الأزدي، كان من السابقين /119(3/119)

129 / 151
ع
En
A+
A-