فأكلت، فقال النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((أتأكل التمر على عينك؟ )).
فقلت: يا رسول الله، آكل في شق عيني الصحيحة.
فضحك رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - حتى بدت نواجذه.
وأوصى عمر إليه بالصلاة بجماعة المسلمين، حتى يتفق أهل الشورى، استخلفه على ذلك ثلاثاً؛ وهذا مما أجمع عليه أهل السير والعلم بالخبر.
وروى بسنده أن أبا سفيان مَرّ على سلمان وصهيب وبلال، فقالوا: ما أخذت السيوف من عنق عدوّ الله مأخذها.
فقال لهم أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها؟
ثم أتى النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - فأخبره بالذي قالوا: فقال: ((يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم؛ والذي نفسي بيده لئن كنت أغضبتهم؛ لقد أغضبت ربك)).
قال: وفضائل صهيب، وسلمان، وبلال، وعمار، وخباب، والمقداد، وأبي ذر، لا يحيط بها كتاب؛ وقد عاتب الله نبيئه فيهم في آيات الكتاب.
ومات صهيب بالمدينة سنة ثمان ـ وقيل تسع ـ وثلاثين، ودفن بالبقيع، انتهى.
(فصل الضاد المعجمة)
[الضحاك بن سفيان]
الضحاك بن سفيان الكلابي العامري، ولي للنبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - نجداً، وروى عنه ابن المسيب ، والحسن في توريث امرأة أشيم؛ وكان شجاعاً يعد لمائة.
أخرج له: المرشد بالله، والأربعة.
[ضُمْرة أو ضميرة]
ضُمْرة (بضم أوله، وسكون الميم، فمهملة، فهاء) كذا في بعض كتب أئمتنا، والجامع، والخلاصة؛ وفي أكثر الكتب ضُمَيرة (على صيغة التصغير)، وكذا في شرح التجريد ؛ من موالي النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - وقد أعقب.
يروي عن علي - عليه السلام -.
وقد أخرج له: الهادي إلى الحق في الأحكام ، والمؤيد /100(3/100)


بالله، وأبو طالب، ومحمد - رضي الله عنهم -.
وعنه: ولده عبد الله.
قلت: ضميرة بن أبي ضميرة، له ولأبيه صحبة، وهو جد الحسين بن عبد الله بن ضميرة ، الذي يروي عن أبيه عن جده، وقد روى عنه الأئمة الكرام: القاسم بن إبراهيم ، وحفيده الهادي إلى الحق، وأحمد بن عيسى ـ عليهم السلام ـ.
(فصل الطاء المهملة)
[طارق بن سويد]
طارق بن سويد، أو سويد بن طارق، صحابي له أحاديث.
خرج له: المؤيد بالله في الأشربة، وأبو داود، والترمذي.
[طارق بن شهاب]
طارق بن شهاب الأحمسي.
عن علي بن أبي طالب ، وأبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وغيرهم.
قيل: رأى النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
عنه: قيس بن حكيم، وعلقمة بن مرثد ، وإسماعيل بن أبي خالد .
توفي سنة اثنتين ـ أو ثلاث ـ وثمانين.
أخرج له: الجرجاني، ومحمد.
ذكره في الجامع في الصحابة، والظاهر ما في الخلاصة أنه من التابعين.
قلت: وكان من صحابة علي - عليه السلام - وشيعته، كما ذكره في شرح النهج، وروى فيه عنه أنه قال فيه: هو أول المؤمنين إيماناً بالله، وابن عم رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - ووصيه؛ وأتاه حال مسيره لحرب الجمل.
[طارق]
طارق:
كذا ذكره في الطبقات وبيض بعده، وأشار إلى أنه خرج له أبو طالب /101(3/101)


[طلحة بن عبيدالله]
طلحة بن عبيد الله ، أبو محمد القرشي التيمي، كان من السابقين في الإسلام والهجرة، وشهد المشاهد غير بدر، واشتهر عند المؤرخين أن راميه يوم الجمل مروان بن الحكم.
ويقال: إن علياً - عليه السلام - دعاه عند القتال فذكّره بعض سوابقه، فاعتزل القتال، فأصابه السهم بعد أن اعتزل، سنة ست وثلاثين؛ وروى توبته عن الخروج على أمير المؤمنين الحاكم في العيون، وغيره؛ والله أعلم.
خرج له: أئمتنا الثلاثة، والجماعة.
عنه: مالك بن عامر الأصبحي وولده موسى.
[ذكر طلحة والزبير ووقعة الجمل]
قلت: ومن كلام الوصي - عليه السلام - في شأن طلحة والزبير المروي في النهج: اللهم إنهما قطعاني وظلماني، ونكثا بيعتي، وأَلَّبَا الناس عليَّ، فاحلل ما عقدا، ولا تحكم لهما ما أبرما، وأرهما المساءة فيما أمّلا وعملا.
وفي شرحه من رواية أبي مخنف: اللهم إن طلحة نكث بيعتي، وأَلَّبَ على عثمان حتى قتله، ثم عضهني به ورماني، اللهم فلا تمهله...إلخ.
ومن رواية أبي الحسن علي بن محمد المدائني عن عبد الله بن جنادة ، أنه دخل مسجد رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - إذ نودي (الصلاة جامعة) فاجتمع الناس، وخرج علي متقلداً سيفه، فشخصت الأبصار نحوه؛ فحمد الله وصلى على رسوله، ثم قال: أما بعد؛ فإنه لما قبض الله نبيئه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قلنا: نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقنا طامع؛ إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيئنا، فصارت الإمرة لغيرنا، وصرنا سوقة، يطمع فينا الضعيف، ويتعزز علينا الذليل.
إلى قوله: وأيم الله، لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن /102(3/102)


يعود الكفر ويبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه.
إلى قوله - عليه السلام -: وبايعني هذان الرجلان في أول من بايع، تعلمون ذلك؛ وقد نكثا وغدرا، ونهضا إلى البصرة بعائشة؛ ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم؛ اللهم فخذهما بما عملا أخذة رابية، ولا تنعش لهما صرعة، ولا تقل لهما عثرة، ولا تمهلهما فواقاً؛ فإنهما يطلبان حقاً تركاه، ودماً سفكاه؛ اللهم إني أقتضيك وعدك فإنك قلتَ وقولك الحق لِمَن بُغي عليه: {لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ } [الحج:60]، اللهم فأنجز لي موعدك، ولا تكلني إلى نفسي؛ إنك على كل شيء قدير.
وروى أبو مخنف عن زيد بن صوحان، قال: شهدت علياً - عليه السلام - بذي قار، وهو مُعْتَمّ بعمامة سوداء، ملتف بساج، يخطب، فقال في خطبته: الحمد لله على كل أمر وحال، في الغدوّ والآصال، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ابتعثه رحمة للعباد، وحياة للبلاد.
إلى قوله - عليه السلام -: ثم قبضه الله حميداً؛ ثم استخلف الناس أبا بكر فلم يأل جهده، ثم استخلف أبو بكر عمر فلم يأل جهده، ثم استخلف الناس عثمان فنال منكم ونلتم منه؛ حتى إذا كان من أمره ما كان أتيتموني لتبايعوني.
إلى قوله: وبايعني طلحة والزبير.
إلى قوله: ثم استأذناني في العمرة، فأعلمتهما أن ليس العمرة يريدان، فسارا إلى مكة، واستخفا عائشة وخدعاها، وشخص معهما أبناء الطلقاء؛ فقدموا البصرة، فقتلوا بها المسلمين، وفعلوا المنكر؛ ويا عجباً لاستقامتهما لأبي بكر وعمر وبغيهما عليّ، وهما يعلمان أني لست دون أحدهما؛ ولو شئت أن أقول لقلت!.
إلى قوله - عليه السلام -: وخرجا يوهمان الطغام أنهما يطلبان بدم عثمان؛ والله، ما أنكرا عليَّ منكراً، ولا جعلا بيني وبينهم نصفاً، وإن دم عثمان لمعصوب بهما، ومطلوب /103(3/103)


منهما؛ يا خيبة الداعي، إلى ما دعا؟ وبماذا أجيب؟ والله، إنهما لعلى ضلالة صماء، وجهالة عمياء.
ثم رفع يديه، فقال: اللهم إن طلحة والزبير قطعاني وظلماني، وأَلّبا علي، ونكثا بيعتي؛ فاحلل ما عقدا، وانكث ما أبرما، ولا تغفر لهما أبداً، وأرهما المساءة فيما عملا وأمّلا.
قال أبو مخنف: فقام إليه الأشتر، فقال: الحمد لله الذي مَنّ علينا فأفضل، وأحسن إلينا فأجمل؛ قد سمعنا كلامك يا أمير المؤمنين، ولقد أصبتَ ووفقت، وأنت ابن عمّ نبيئنا وصهره ووصيه، وأول مصدق به ومصلّ معه؛ شهدتَ مشاهده كلها، فكان لك الفضل فيها على جميع الأمة؛ فمن اتبعك أصاب حظه، واستبشر بفلجه؛ ومن عصاك ورغب عنك، فإلى أمه الهاوية؛ لعمري ـ يا أمير المؤمنين ـ ما أَمْرُ طلحة والزبير وعائشة علينا بمخيل؛ ولقد دخل الرجلان فيما دخلا فيه، وفارقا من غير حدث أحدثتَ، ولا جور صنعتَ؛ فإن زعما أنهما يطلبان بدم عثمان، فليقيدا من أنفسهما، فإنهما أول من أَلَّبَ عليه، وأغرى الناس بدمه؛ وأشهد الله لئن لم يدخلا فيما خرجا منه، لنلحقنهما بعثمان؛ فإن سيوفنا في عواتقنا، وإن قلوبنا في صدورنا، ونحن اليوم كما كنا أمس.
وفيه: الأصبغ بن نباتة : لما انهزم أهل البصرة ركب علي - عليه السلام - بغلة رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - الشهباء وكانت باقية عنده، وسار في القتلى يستعرضهم؛ فمرّ بكعب بن سور قاضي البصرة وهو قتيل، فقال أجلسوه، فأجلس؛ فقال: ويل أمك ـ كعب بن سور ـ لقد كان لك علم لو نفعك؛ ولكن الشيطان أضلك فأزلك، فعجلك إلى النار؛ أرسلوه.
وروى صاحب المحيط بالإمامة ، بإسناده عن ابن عباس، قال: مرض علي بن أبي طالب - عليه السلام - فدخل رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - في مرضه ليعوده، فرأى طلحة عند رأسه والزبير عند رجليه، فقال لهما رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: /104(3/104)

126 / 151
ع
En
A+
A-