قال في الاستيعاب بعد أن ذكر الاختلاف في اسمه: روينا عنه أنه قال: سماني رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - سفينة، وذلك أني خرجت معه ومعه أصحابه، فثقل عليهم متاعهم، فحملوه علي، فقال لي رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((احمل فإنما أنت سفينة )) فلو حملتُ حينئذ وقر بعير ما ثقل علي.
وقال له سعيد: ما اسمك؟
فقال: ما أنا بمخبرك؛ سماني رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - سفينة، ولا أريد غير هذا الاسم.
وروى عنه: الحسن، ومحمد بن المنكدر ، وسعيد بن جهمان .
[سلمان بن عامر الضبي]
سلمان بن عامر الضبي؛ قال مسلم: لم يكن في الصحابة ضبي غيره.
خرج له: المرشد بالله، والبخاري، والأربعة.
[سلمان الفارسي ]
سلمان الخير، أبو عبد الله، مولى رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أشار في الطبقات إلى قصة إسلامه؛ وهي في شرح النهج أتم، فنوردها منه باختصار.
قال: فأما حديث إسلامه، فقد ذكره كثير من المحدثين، ورووه عنه؛ قال: كنت ابن دهقان قرية حي أصبهان، وبلغ من حب أبي لي أن حبسني في البيت، كما تحبس الجارية؛ فأرسلني أبي يوماً إلى ضيعة له، فمررت بكنيسة النصارى، فدخلت عليهم، فأعجبتني صلاتهم، فقلت: دين هؤلاء خير من ديني؛ فسألتهم أين أصل هذا الدين؟
قالوا: بالشام.
فهربت من والدي، حتى قدمت الشام، فدخلت على الأسقف، فجعلت أخدمه وأتعلم منه، حتى حضره الموت؛ فقلتُ: إلى من توصي بي؟
فقال: قد هلك الناس، وتركوا دينهم، إلا رجلاً بالموصل، فالحق به.
فلما /89(3/90)


قضى نحبه، لحقتُ بذلك الرجل، فلم يلبث إلا قليلاً حتى حضرته الوفاة؛ فقلتُ: إلى من توصي بي؟
فقال: ما أعلم أحداً بقي على الطريقة المستقيمة، إلا رجلاً بنصيبين.
فلحقت بصاحب نصيبين؛ ثم احتضر، فبعثني إلى رجل بعمورية من أرض الروم؛ فلما نزل به الموت، قلتُ: إلى من توصي بي؟
فقال: قد ترك الناس دينهم، وقد أظل زمان نبيء مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مهاجراً إلى أرض بين حرتين، لها نخل.
قلت: فما علامته؟
قال: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة.
قال: ومَرّ بي ركب من كلب، فخرجت معهم؛ فلما بلغوا بي وادي القرى، ظلموني وباعوني، وحملني إلى المدينة؛ فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها، وبعث الله محمداً بمكة، ولا أعلم بشيء من أمره؛ إذ أقبل ابن عمّ لسيدي، فقال: قاتل الله بني قيلة، قد اجتمعوا على رجل بقباء قدم عليهم من مكة، يزعمون أنه نبيء.
قال: فأخذني القر والانتفاض، وجعلت أستقصي في السؤال؛ فما كلمني بكلمة، بل قال: أقبل على شأنك ودع ما لا يعنيك.
فلما أمسيت أخذت شيئاً من التمر، وأتيت به النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - فقلت: بلغني أنك رجل صالح، وأن لك أصحاباً غرباء ذوي حاجة، وهذا شيء عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم.
فقال - عليه السلام - لأصحابه: ((كلوا))، وأمسك فلم يأكل.
فقلت في نفسي: هذه واحدة؛ وانصرفت.
فلما كان من الغد، أخذت ما كان عندي وأتيته به، فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة؛ وهذه هدية.
فقال: ((كلوا))، وأكل معهم.
فقلت: إنه لهو؛ فأقبلت أقبله وأبكي.
فقال: ما لك؟
فقصصت عليه القصة؛ فأعجبه، وقال: ((يا سلمان، كاتب صاحبك ))، فكاتبته على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية.
فقال رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - للأنصار: /90(3/91)


((أعينوا أخاكم))؛ فأعانوني، فوضعها رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - فصحت كلها...إلخ.
قال: وكان سلمان من شيعة علي - عليه السلام - وخاصته.
قال: وكان إذا قيل: ابن من أنت؟ يقول: أنا سلمان ابن الإسلام.
قال: وروى أبو عمر بن عبد البر ، أن سلمان أتى رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -...إلى قوله: فغرس رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - ذلك النخل كله بيده، إلا نخلة واحدة غرسها عمر بن الخطاب ، فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة؛ فقلعها وغرسها رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - بيده، فأطعمت.
قال أبو عمر: وقد روي أن سلمان شهد بدراً وأحداً، وهو عبد يومئذ، والأكثر أن أول مشاهده الخندق، ولم يفته بعد ذلك مشهد.
[أحاديث في فضل سلمان وتخريجها]
قال أبو عمر: وقد روي عن رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - من وجوه، أنه قال: ((لو كان الدين في الثريا لناله سلمان )).
قال: وقد روي عن عائشة قالت: كان لسلمان مجلس من رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - ينفرد به بالليل، حتى كاد يغلبنا على رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
وقد روي من حديث ابن بريدة عن أبيه، أن رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قال: ((أمرني ربي بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان )).
قال: وقد روى الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري، عن علي - عليه السلام - أنه سُئل عن سلمان، فقال: علم العلم الأول، والعلم الآخر؛ ذاك بحر لا ينزف، وهو منا أهل البيت.
وفي رواية زاذان ، عن علي - عليه السلام -: سلمان الفارسي كلقمان الحكيم.
قلت: قال ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي : وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي، وسلمان، وأبو ذر، وعمار بن ياسر )) أخرجه ابن عساكر ، عن حذيفة /91(3/92)


وعنه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((اشتاقت الجنة إلى ثلاثة: علي، وعمار، وسلمان )) أخرجه الحاكم والكنجي، عن أنس.
وعنه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - ((ألا إن الجنة اشتاقت إلى أربعة: علي، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر )) أخرجه الطبراني . انتهى من التفريج.
وعنه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((أمرت بحب أربعة من أصحابي، وأخبرني الله بأنه يحبّهم: علي، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي )) أخرجه الروياني ، عن بريدة، انتهى من التفريج.
وأخرج نحوه أحمد بن حنبل ، عن بريدة أيضاً، انتهى منه ـ أي من التفريج ـ.
ورواه الخوارزمي وابن المغازلي؛ ورواه علي بن موسى الرضا عنه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - بإسناده، كما في الصحيفة .
ورواه أبو علي الصفار ، عن بريدة أيضاً، انتهى من مصنفه.
وروى عبد الوهاب الكلابي ، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الجنة اشتاقت إلى علي وعمار وسلمان ))، وروى أيضاً بإسناده إلى بريدة، وإلى عبد الله بن بريدة، عن أبيه قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي، وأبو ذر، وسلمان، والمقداد بن الأسود الكندي ))، من مناقبه.
وأخرجه الكنجي عن بريدة، انتهى.
وهؤلاء الثلاثة كانوا من خواص آل محمد - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، وممن كان يرى تفضيل علي - عليه السلام - على سائر الصحابة، كما نقله ابن عبد البر في الاستيعاب عنهم، وهو مذكور في ترجمة علي.
انتهى من تفريج الكروب .
قال السيد الإمام في الطبقات : وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم، وأحد النجباء، وسكن العراق، وعمر طويلاً، ومات بالمدائن، سنة خمس وثلاثين؛ يقال: إنه عاش ثلاثمائة سنة.
أخرج له: أئمتنا الخمسة إلا الجرجاني، والجماعة؛ وروى عنه: زاذان .
[سلمة بن الأكوع سابق الفَرَس]
سلمة بن الأكوع الأسلمي؛ شهد بيعة الرضوان، وكان شجاعاً رئيساً، يسبق الفرس، خيِّراً فاضلاً؛ ثم لما مات عثمان سكن الربذة، وعاد إلى المدينة، وبها توفي، سنة أربع وسبعين.
أخرج له: المؤيد بالله ، والمرشد بالله، ومحمد، والجماعة.
وعنه: محمد بن إبراهيم التيمي ، وولده إياس حديث الطير.
[سلمة بن المحَبِّق]
سلمة بن المُحَبِّق (بضم الميم، وفتح المهملة، وتشديد الموحدة مكسورة، فقاف كمحدث، قال في الجامع: وأهل الحديث يفتحون الموحدة على زنة معظَّم) وهو ابن ربيعة.
عنه: ابنه سنان، والحسن البصري.
أخرج له: محمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[سلامة بن قيصر]
سلامة بن قيصر؛ سمع النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - وقيل: تابعي.
عنه: عمرو بن ربيعة.
أخرج له: المرشد بالله.
[سليم الزرقي]
سليم الزرقي؛ سمع علياً - عليه السلام - بمنى؛ وعنه: ولده عمرو.
[سمرة بن جندب، المحرض على الحسين (ع)]
سمرة بن جُند ُب (بضم الجيم، وسكون النون، وضم المهملة وفتحها، فموحدة) الفزاري /93(3/93)


الغطفاني، أبو عبد الرحمن؛ كان زياد بن أبيه يستخلفه على البصرة.
روى أبو طالب بإسناده إلى محمد بن قيس، قال: لما استخلفه على البصرة، أتاه رجل بزكاته، فقتله؛ فقيل له في ذلك، فقال: يا غلام، هات كتاب زياد؛ فإذا فيه: إذا أتاك كتابي، فاقتل على الظن والظنة، والشك والعلة.
وبها توفي، سنة سبع ـ أو ثمان ـ وخمسين.
وذكر ابن الأثير أنه لما عزله معاوية، قال سمرة: لعن الله معاوية؛ والله، لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبداً.
قال السيد الإمام: فإن قلت: كيف جاز أخذ الحديث عند أصحابنا عنه؟
قال: لعله حال ستره، أو على جواز الأخذ عن فاسق التأويل.
خرج له: أئمتنا الخمسة إلا المرشد بالله، وخرج له الجماعة.
قلت: بل هو فاسق تصريح، وأي شبهة له في قتل المسلمين على الظن والظنّة...إلخ، وذلك الظن إنما هو في عدم الانقياد لأئمة الضلال؛ وكفى بما صرح به عن نفسه، في قوله: لو أطعت الله...إلخ؛ بل الإنسان على نفسه بصيرة.
في شرح النهج: وروى الأعمش ، عن أبي صالح، قال: قيل لنا: قدم رجل من أصحاب رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، فأتينا فإذا هو سمرة بن جندب ، وإذا عند إحدى رجليه خمر، وعند الأخرى ثلج؛ فقلنا: ما هذا؟
قالوا: به النقرس.
وإذا قوم قد أتوه، فقالوا: يا سمرة، ما تقول لربك غداً؟ تؤتى بالرجل فيقال لك هو من الخوارج فتأمر بقتله؛ ثمّ يؤتى بالآخر، فيقال لك: ليس الذي قتلته بخارجي، ذاك فتى وجدناه ماضياً في حاجته، فشبه علينا؛ وإنما الخارجي هذا؛ فتأمر بقتل الثاني.
فقال سمرة: وأي بأس في هذا؟ إن كان من أهل الجنة مضى إلى الجنة، وإن كان من أهل النار مضى إلى النار.
وروى فيه عن جعفر بن محمد ، عن آبائه، قصة النخل؛ وحاصلها: أنه /94(3/94)

124 / 151
ع
En
A+
A-