هذا الحزب المبارك، فيقول:
[الحزب المبارك]
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فضلاً من الله ونعمة، شكراً من الله ورحمة؛ الحمد لله على التوفيق، ونستغفر الله من كل تقصير، غفرانك ربنا وإليك المصير.
سبحان الله العلي الأعلى الوهاب؛ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، سبحانك ما عرفناك حق معرفتك، سبحانك ما قدرناك حق قدرك.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لايموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير (ثلاث مرات)، وإليه المصير.
لا إله إلا الله الملك الحق المبين، لا إله إلا الله الملك الحق اليقين، لا إله إلا الله أرحم الراحمين، لا إله إلا الله أكرم الأكرمين، لا إله إلا الله حبيب التوابين، لا إله إلا الله غياث المستغيثين، لا إله إلا الله الملك الجبار، لا إله إلا الله الواحد القهار، لا إله إلا الله الحليم الستّار، لا إله إلا الله العزيز الغفّار، لا إله إلا الله أبداً، حقاً حقاً، لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً، لا إله إلا الله تلطفاً ورفقاً، لا إله إلا الله تعبداً ورقاً، لا إله إلا الله قبل كل شيء، لا إله إلا الله بعد كل شيء، لا إله إلا الله يبقى ربنا ويفنى كل شيء، لا إله إلا الله المعبود بكل مكان، لا إله إلا الله المذكور بكل لسان، لا إله إلا الله المعروف بالإحسان، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، ولاشيء بعده؛ لا إله إلا الله له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، /176(2/176)


هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير؛ حسبنا الله ونعم الوكيل، ونعم المولى ونعم النصير.
فإذا فرغ من الحزب كرر قول: لا إله إلا الله ـ يشدّد بالقوة على لفظ الإثبات (إلاَّ الله) ـ من مائة، إلى مائتين، إلى ثلاثمائة، إلى أربعمائة، إلى خمسمائة، إلى الألف، إلى أكثر؛ فإنه يرى العجائب والأنوار، والأسرار والأفكار ـ إن شاء الله ـ؛ لأن قول ((لا إله إلا الله)) ترفع الحجب.
وأوصى إبراهيم الكينعي ـ رحمه الله تعالى ـ أن يجعل هذا الحزب وسنده في كفنه مع ختمة القرآن.
قلت: اشتمل هذا الذكر المبارك العظيم، على الشهادة، وأربعة وعشرين تهليلة، وخمس تسبيحات، وحمدلتين، وله الحمد، وتكبيرة، وحوقلة.
ومن أسماء الله تعالى، على الجلالة والعلي (مرتين)، والعظيم، والرب والأعلى، والوهاب، والحي، والقدير، والملك (ثلاث مرات)، والحق (مرتين)، والمبين، واليقين، وأرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وحبيب التوابين، وغياث المستغيثين، والجبار، والواحد، والقهار، والحليم، والستار، والعزيز، والغفار، والمعبود، والمذكور، والمعروف بالإحسان، والأول، والآخر، والظاهر، والباطن، والعليم، والسميع، والبصير، والوكيل، والمولى، والنصير (ستة وثلاثين، بغير التكرير)، وقد حررت هذا للتحقيق، فليتأمل والله ولي التوفيق.
ولاينبغي الإهمال لأمثال هذا الحزب الكريم، والذخر العظيم، لمن يرغب في الدرجة العلية، والسعادة الأبدية، من رب البرية، وإن لم يتمكن من ورده كما ذكر، فما لايدرك كله لايترك كله، وإن لم يكن وابل فطل، وهذه توصية لنفسي، ولذريتي، ولصالحي إخواني.
أسأل الله ـ تعالى ـ بجلاله، أن يصلي على رسوله وآله، وأن ييسر لي ولهم طريق الأسباب، إلى الفوز /177(2/177)


بالزلفى وحسن المآب، إنه كريم منعم وهاب.
[من صلة الإخوان في عبادة إبراهيم الكينعي]
ونتبرك بإيراد المختار، مما ضمنه من آثار أولئك الأبرار، على سبيل الاختصار؛ لما فيها من التذكرة والاعتبار.
قال (ع) في صفة عابد اليمن، وعالم الكتاب والسنن، الشيخ الكريم الولي، إبراهيم بن أحمد الكينعي، ـ قدس الله روحه، وأحله دار المقامة، وألبسه حلل الكرامة ـ ما لفظه في الفصل الأول:
أما صفته وحليته، فهي معنى ما قاله باب مدينة علم الله، وحامل وحي الله، وأسد الله في الأرض، وحجته على الخلق، أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ حيث قال لهمَّام ـ رحمه الله تعالى ـ في صفة المتقين.
إلى قوله: والمدينة لاتدخل إلا من بابها؛ لأنه إمام أهل هذه الطريقة، ومفتاح علوم أهل الحقيقة.
وهذه هي الغرة المباركة: روى جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن زين العابدين علي بن الحسين، عن أبيه الحسين: أن رجلاً من أصحاب أمير المؤمنين (ع) قام إليه يقال له: همَّام، وكان عابداً مجتهداً، فقال: يا أمير المؤمنين صف لي المتقين كأني أنظر إليهم.
فتثاقل عن جوابه، وقال: يا همام، اتق الله وأحسن؛ فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
قلت: وقد حمل العلامة شارح النهج تثاقل أمير المؤمنين عن الجواب، على أوجه لاحاجة إليها؛ والأولى أن يقال: قد أوضح الجواب عن ذلك الوصي ـ صلوات الله عليه ـ في قوله: أما والله، لقد كنتُ أخافها عليه...إلخ، وليس البيان على /178(2/178)


هذا الوجه بواجب، حتى يوصف بعدم جواز التأخير عن وقت الحاجة على الصحيح، والله أعلم.
(رجع) فقال همَّام: يا أمير المؤمنين، سألتك بالذي أكرمك بما خصك به، وفضّلك بما آتاك وأعطاك، لما وصفتهم لي.
فقام (ع)، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ثم قال: أما بعد، فإن الله خلق الخلق، وكان غنياً عن طاعتهم، لاتضره معصية من عصاه، ولاتنفعه طاعة من أطاعه، وقسم بينهم معائشهم، ووضعهم مواضعهم؛ فالمتقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب.
ثم ساق الخطبة الشريفة...إلى قوله: فلما انتهى إلى آخر كلامه (ع)، شهق همام شهقة كانت فيها نفسه؛ فقال أمير المؤمنين: هكذا العظة البليغة في أهلها.
قلت: في النهج: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها.
قال السيد الولي يحيى بن المهدي (ع): سبحان المعطي من يشاء بغير حساب؛ ما أشبه الليلة بالبارحة!.
ثم أورد أبيات المتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان (ع) من قصيدته المشهورة، منها:
فقد مات همّام لوعظ إمامه .... وصادف قلباً للمواعظ واعياً
ثم ساق في أوصافه؛ وأنا أورد منها، ومن أحوال أولئك الأعلام الأبدال ـ رضوان الله وسلامه عليهم ـ على اختصار، زبداً شافية، ونكتاً وافية.
قال (ع): هو رجل شمّر تشمير اللبيب، واستعمل عقله الذي هو حجة الله عليه، وتبصر ما يصير إليه، استصبح بكتاب الله، واستنار بسنة محمد بن عبدالله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وخاض في لججهما مدة من الزمان، فاستخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، فاعتدلت فطرته، وصفت طبيعته، وسمت همته؛ نظر بعينه /179(2/179)


الصحيحة لنفسه، ومهّد لغده ورمسه؛ إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور؛ قد أيقن بالخلف فجاد بالعطية، بذل نفسه، وجاهد عدوّه، ودله الله فاستدل، ولطف به فالتطف، وخاطبه ففهم، وعلّمه فعلم؛ استهان بالعاجلة فآثر العاقبة، ومهّد لطول المنقلب إلى عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية؛ ترك فضول النظر فوفق للخشوع، ترك فضول الكلام فوفق للحكمة، ترك فضول الطعام فوفق لحلاوة الفكر والذكر والعبادة، ترك تخييلات الظنون فوفق للبهاء والهيبة، ترك عيوب الناس فوفق لإصلاح عيوب نفسه؛ لزم الخلوة والفكر فوفق للعلم بالله النافع، لزم القناعة فأعطي مفاتيح كنوز المنافع.
...إلى قوله: كثير علمه، عظيم حلمه، وثيق عزمه؛ إذا صمم على شيء فيه لله رضى لم يلوه شيء من الدنيا؛ يحب في الله بفقه وعلم، ويقطع في الله بحزم وعزم؛ مذكر للغافل، مقرب للجاهل، بلطف العبارة؛ ناصر للدين، محام عن المسلمين، باذل نفسه في جهاد الملحدين، مع أئمة الحق المبين، معترف بحق أهل البيت الصغير منهم والكبير، مقدم لهم في الصلوات وغيرها من القربات، معتقد أن ما نال الخير إلا ببركتهم؛ أب لليتامى والمساكين، كافل لإخوانه المودين؛ بنفسي من ساهم الملائكة والأنبياء في أفعالهم.
...إلى قوله: وأما صفة ذاته الزكية، المقدسة بالرحمة والتحية، فهو من أحسن الناس وجهاً، وأتمهم خلقة، أقرب إلى الاصفرار والرقة، ليس بالطويل ولا القصير، كأن بنانه الأقلام، ترعف بالبركة لمن قصده من /180(2/180)

12 / 151
ع
En
A+
A-