[أسيد بن حضير ]
أَسِيد (بفتح الهمزة، وكسر المهملة) ابن حضير (بمهملتين) ـ قلت: وفي الخلاصة : أُسيد (بالضم) ابن حضير (بمهملة ثم معجمة مصغراً) ابن سماك، الأشهلي، البدري، أبو يحيى؛ أحد النقباء، أسلم بعد العقبة الأولى.
إلى قوله: توفي بالمدينة، سنة عشرين، في شعبان؛ وقبره بالبقيع، وروى عنه أنس وابن أبي ليلى.
قال في الكاشف: وكان كثير النسيان.
أخرج له الجماعة، ومن أئمتنا: السيد المرشد بالله.
[بعض أخبار السقيفة والبيعة]
قلت: وفي أخبار السقيفة: فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ، ما اجتمعت عليه الأنصار، من تأمير سعد بن عبادة - وكان حاسداً له، وكان من سادة الخزرج - قام، فقال: أيها الأنصار.
إلى قوله: إن محمداً - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - رجل من قريش، وقومه أحق بميراث أمره.
فقام أبو بكر، وقال: هذا عمر وأبو عبيدة، فبايعوا أيهما شئتم.
فقالا: لا والله، لا نتولى هذا الأمر عليك.
إلى قوله: فلما بسط يده، وذهبا يبايعانه، سبقهما إليه بشير بن سعد، فبايعه، فناداه الحُباب بن المنذر : يا بشير عَقَّكَ عَقَاقْ؛ والله، ما اضطرك إلى هذا الأمر إلا الحسد لابن عمك.
ولما رأت الأوس أن رئيساً من رؤساء الخزرج قد بايع، قام أسيد بن حُضَ ير، وهو رأس الأوس، فبايع، حسداً لسعد أيضاً، ومنافسة أن يلي الأمر.
إلى قوله: واجتمعت بنو هاشم إلى بيت علي بن أبي طالب ، ومعهم الزبير، وكان يعدّ نفسه رجلاً من بني هاشم، كان علي - عليه السلام - يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت، حتى نشأ بنوه فصرفوه عنا.
وساق إلى قوله: وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة، منهم: أسيد بن حضير ، وسلمة بن أسلم .
إلى قوله: فقال لهم: انطلقوا فبايعوا، فأبوا عليه، وخرج عليهم الزبير بسيفه؛ فقال عمر: /50(3/50)


عليكم الكلب.
فوثب سلمة بن أسلم ، فأخذ السيف من يده، فضرب به الجدار.
ثم انطلقوا به وبعلي، ومعهما بنو هاشم، وعلي يقول: أنا عبد الله، وأخو رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
حتى انتهوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايع.
فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي؛ أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله، فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، فأنصفونا ـ إن كنتم تخافون الله ـ من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون.
فقال عمر: إنك لست متروكاً حتى تبايع.
فقال له علي: احلب حلباً لك شطره، اشدد له أمره؛ ليرد عليك غداً؛ لا والله، لا أقبل قولك، ولا أبايعه.
إلى قوله: فقال علي: يا معشر المهاجرين، الله الله، لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن ـ أهل البيت ـ أحق بهذا الأمر منكم، ما كان منا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله؛ العالم بالسنة، المضطلع بأمر الرعية؛ والله، إنه لفينا؛ فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعداً.
فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر، ما اختلف عليك اثنان؛ ولكنهم قد بايعوا.
فانصرف إلى منزله ولم يبايع، .....إلى آخره.
أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، بسنده في كتاب أخبار السقيفة له.
قال شارح النهج: فأما امتناع علي من البيعة، حتى أُخرج على الوجه الذي أُخرج عليه، فقد ذكره المحدثون، ورواه أهل السير؛ وقد ذكرنا ما ذكره الجوهري في هذا الباب، وهو من رجال /51(3/51)


الحديث، ومن الثقات المأمونين؛ وقد ذكر غيره من هذا النحو ما لا يحصى كثرة.
وقال فيه أيضاً: وهو عالم، كثير الأدب، ورع، ثقة، مأمون عند المحدثين، أثنى عليه المحدثون.
وروى نحو ما سبق في الكامل المنير ، وفيه: فقال علي: أنصفوا من أنفسكم..إلى قوله: وأنتم تعلمون.
وفيه: الله الله يا معشر المهاجرين..إلى قوله: فتزدادوا من الله بعداً.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: ورواه ابن جرير الطبري، في تاريخه، انتهى.
قال الإمام المنصور بالله - عليه السلام - في الشافي : فإنه لا خلاف بين الأمة أن أمير المؤمنين - عليه السلام - امتنع عن البيعة، وذكر أنه أولى بهذا الأمر، وأن العباس بن عبد المطلب قال لأمير المؤمنين - عليه السلام - بعد وقوع العقد لأبي بكر: امدد يدك أبايعك؛ فيقول الناس: عَمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بايع ابن أخيه؛ فلا يختلف عليك اثنان.
وليس هذا قول الراضي بالعقد الذي وقع.
ولا خلاف أن الزبير بن العوام قد امتنع من البيعة، وخرج شاهراً سيفه، إلى أن قال عمر ما قال، وأخذ سيفه فكسره.
ولا خلاف أيضاً أن خالد بن سعيد ، لما ورد من اليمن أظهر الخلاف، وحثّ بني هاشم وبني أمية على الخلاف؛ وقال: أرضيتم أن يلي عليكم تيمي.
وقال أبو سفيان لأمير المؤمنين - عليه السلام -: إن شئت ملأتها عليهم خيلاً ورجلاً.
وأمير المؤمنين - عليه السلام - قعد عنه، وقعد بنو هاشم أجمع، وامتنعوا من الحضور عنده.
وأظهر سلمان النكير، وقال: كرديد وبكرديد.
إلى قوله - عليه السلام -: وقد نقل الثقات في هذه القصة.
إلى قوله: وهو أنه ممن تخلّف عن بيعة أبي بكر: علي - عليه السلام - والعباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، والزبير بن العوام، وخالد بن /52(3/52)


سعيد، والمقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأبي بن كعب.
قال - عليه السلام -: وكان خالد بن سعيد غائباً في اليمن، فقدم، فأتى علياً - عليه السلام -، فقال: هلم أبايعك، فوالله، ما في الناس أولى بمقام محمد منك، انتهى.
وفي شرح النهج: وروى الزبير بن بكار ، قال: روى محمد بن إسحاق، أن أبا بكر لما بويع، افتخرت بنو تيم بن مرة.
قال: وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار، لا يشكون أن علياً هو صاحب الأمر، بعد رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
قلت: وكذلك أبو بكر وعمر ومن معهم، يعلمون ذلك؛ وهم مقرون أن بيعتهم كانت فلتة، كما قال عمر على المنبر، وحَكَمَ على من عاد إلى مثلها بالقتل، كما رواه البخاري ومسلم، وهو معلوم النقل.
ولا يستنكر شيء بعد واقعة يوم الخميس.
[يوم الخميس] وما يوم الخميس به .... كل الرزية قال البحر هي هي هي
التي أخرجها الشيخان وغيرهما؛ بل أجمع على روايتها الخلق، من صدور النزاع، والتقديم بين يدي الله ورسوله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - حتى أدى إلى منع رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - عما أراد من تأكيد عهده، وكتابة الكتاب الذي لا يضلون من بعده، وكان - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قد أقام الحجة، وأبان المحجّة؛ وإنما أراد التأكيد، وزيادة التبليغ؛ وفهم عمر ومن معه قصده؛ ولولا ذلك لما استطاع عمر ولا جميع الخلق منعه ولا رده.
وعلى كل حال، فلعمر الله، إن تلك واقعة في الإسلام، تذوب لها القلوب، وتقشعّر منها الجلود، من كل مَنْ بقي في قلبه مثقال ذرة من الإيمان.
فلهذا كان ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إذا ذكرها يبكي حتى يبلّ دمعه الحصى، ويقول: إنها الرزية كل الرزية؛ برواية البخاري ومسلم وغيرهما.
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة /53(3/53)


من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً.
هذا، وكان أعيان المهاجرين والأنصار، وأرباب السبق منهم والفضيلة، والبشارات من الله تعالى على لسان رسوله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - غير راضين بما جرى من خلاف رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - يوم الخميس، والرجوع عن الجيش الذي بعثه، وما تعقبه يوم السقيفة؛ ولا عادلين بأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ولا خارجين عن ولايته، قضت بذلك الأخبار، الصحيحة المتفق عليها المعلومة.
وقد ندم كثير على ما كان منهم يوم السقيفة من الفلتة، لا سيما الأنصار، كما وردت بذلك الآثار.
وروى الجوهري بسنده إلى جرير بن المغيرة ، أن سلمان، والزبير، والأنصار، كان هواهم أن يبايعوا علياً - عليه السلام - بعد النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
وروى بسنده عن حبيب بن أبي ثابت ، قال: قال سلمان يومئذ: أصبتم ذا السن منكم، وأخطأتم أهل بيت نبيكم؛ لو جعلتموها فيهم، ما اختلف عليكم اثنان، ولأكلتموها رغداً.
قال شارح النهج: هذا الخبر، هو الذي روته المتكلمون في باب الإمامة، عن سلمان، أنه قال: (كرديد وبكرديد)، تفسره الشيعة فتقول: أراد: أسلمتم وما أسلمتم...إلخ.
وروى الجوهري أيضاً، بسنده إلى أبي ذر ، أنه قال: لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم، لما اختلف عليكم اثنان.
وروى الزبير بن بكار ـ وهو من الزبيريين، وهم أهل الانحراف ـ بسنده، قال: لما بويع أبو بكر واستقر أمره، ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضاً، وذكروا علي بن أبي طالب ، وهتفوا باسمه، وأنه في داره لم يخرج إليهم؛ وجزع لذلك المهاجرون، وكثر في ذلك الكلام.
وكان أشد قريش على الأنصار نفراً، منهم: سهيل بن عمرو ، والحارث بن هشام ، /54(3/54)

116 / 151
ع
En
A+
A-