على رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، وأتممته على خير الناس بعده، علي بن أبي طالب .
أخرجه الإمام - عليه السلام - في الشافي .
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وهو في مجمع الزوائد.
قلت: رواه في الفرائد بلفظ: علي أفضل الناس بعد رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -...إلخ.
وأخرجه الخوارزمي، بلفظ: قرأت على رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - سبعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس، علي بن أبي طالب .
وأخرج أبو نعيم ، عن ابن مسعود ، قال: كنت عند النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، فسئل عن علي، قال: ((قسمت الحكمة عشرة أجزاء؛ أعطي الناس جزءاً، وعلي تسعة أجزاء ))، وبلفظ: ((قسمت الحكمة عشرة أجزاء؛ وأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً )).
أخرجه ابن المغازلي، والحاكم، والكني، عن عبد الله، عنه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -؛ وأخرجه الخوارزمي، عنه مرفوعاً، وأخرجه الحسين بن علي البرذعي في معجمه، وابن النجار ، عن عبد الله؛ قال الكنجي : وأخرجه أبو نعيم في الحلية .
هذا، والمعلوم من النصوص النبوية، أن أعلم الأمة ـ كما ورد الخبر النبوي بهذا اللفظ بخصوصه: ((أعلم أمتي علي بن أبي طالب ))، أخرجه محمد بن سليمان الكوفي والديلمي ، عن سلمان؛ والكنجي عنه، وقال: رواه الهمداني، والخوارزمي؛ وفي معناه ما لا يحيط به الحصر، أخو رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - ووصيه، وابن عمه، وباب مدينة علمه؛ وعلى ذلك إجماع الأمة المحمدية، من العترة النبوية، وسائر من يعتد به من فرق البرية؛ فهو المبين للأحكام، بعد أخيه سيد الرسل الكرام ـ عليه وعليهم الصلاة والسلام ـ والمؤسس بسيفه وعلمه قواعد الإسلام، والمؤيد للنبوة، والممهد للملة، والمرجع والمفزع للصحابة والأمة، في كل /25(3/25)
مهمة، كما هو معلوم للأنام.
ومما لا ينكر: لولا علي لهلك عمر.
ولقد صدق حيث قال، وقد قام علي - عليه السلام - من المسجد، فذكره إنسان، فقال عمر: حق لمثله أن يتيه، والله، لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة، وذو سابقتها، وذو شرفها...إلخ.
رواه أبو بكر بن الأنباري.
وغير ذلك من أقواله وأقوال الصحابة ما لا يحصر.
وقد أغناه - عليه السلام - ما أثنى الله ـ جل جلاله ـ عليه، ورَفَع شأنه في كتابه وسنة رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - عن جميع أقوال البشر.
ـــــــــــــ
[أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها]
خديجة بنت خويلد بن أسد، القرشية، الأسدية، أم المؤمنين، أول من آمن بالله سبحانه، وصدق رسالته، من الأمة، بالإجماع؛ سيدة نساء هذه الأمة بلا خلاف، أفضل نساء النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، وأكرمهنّ عليه.
تزوجها - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قبل البعثة، وهو في خمس وعشرين سنة، وهي في أربعين.
وهي أم أولاده - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، إلا إبراهيم عليهم السلام.
وبلغها جبريل - عليه السلام - السلام، عن الله عز وجل، وبشرها ببيت في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب.
ولم يتزوج عليها الرسول - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
وفضائلها لا تحصى.
تُوفيت قبل الهجرة بثلاثة أعوام، وهي في خمس وستين، ونزل الرسول - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - في قبرها، ودُفنت بالحَجون، وقبرها مشهور مزور، ـ صلوات الله وسلامه على زوجها، وأخيه وعليها، وعلى بنيها وبناتها، وذريتهم الطاهرين، إلى يوم الدين ـ.
وقد وردت أخبار كثيرة في المقارنة بينها وبين مريم ابنة عمران، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم، في سيادة نساء العالمين.
وفي صحيح البخاري، عن علي - عليه السلام - رفعه: ((خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة )).
قال ابن حجر في الإصابة: وقد أثنى النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - على خديجة، ما لم يثن على غيرها. /26(3/26)
ثم ذكر حديث عائشة، قالت: كان رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - لا يكاد يخرج من البيت، حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام؛ فأخذتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً، قد أبدلك الله خيراً منها.
فغضب، ثم قال: ((لا والله ما أبدلني خيراً منها؛ آمنَتْ إذْ كفر الناس، وصدّقتني إذْ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذْ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء )).
قالت عائشة: فقلتُ في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبّة أبداً.
أخرجه أبو عمر بن عبد البر .
قلت: رواه في الاستيعاب باختلاف يسير.
ــــــــــــــ
[سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)]
فاطمة بنت محمد الرسول - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، أم الحسن، أشبه الناس برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، سيدة نساء العالمين.
قلت: وذكر السيد الإمام قول العامة في ولادتها قبل النبوة، ثم قال: وهي أصغر بنات النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، في قول ذكره في جامع الأصول .
وفي رواية أبي العباس الحسني، في المصابيح ، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إدريس ، إلى جعفر بن محمد ، في ذكر أولاد النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، فقال: كان القاسم أكبر أولاده، ثم زينب، ثم عبد الله، وهو الطيب، ولد بعد النبوة، ومات صغيراً، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة، ثم رقية ، هكذا الأول فالأول.
وصرح به أبو عمر، وكذا ذكره في تاريخ الخميس .
إلى قوله: لما روى الملا في سيرته قال: ((أتاني جبريل بتفاحة من الجنة، فأكلتها، فواقعت خديجة، فحملت بفاطمة )).
وساق الأخبار، حتى قال: وهذه الروايات تقتضي أن ولادة فاطمة /27(3/27)
بعد البعثة، وهو مغاير لما رواه ابن إسحاق وغيره، وهو الأصح على رأي قدماء أئمتنا عليهم السلام، والله أعلم.
أمها خديجة بنت خويلد .
هاجرت إلى المدينة، وتزوجها علي - عليه السلام - ولها خمس عشرة سنة، وكان ذلك في صفر، وبنى بها في الحجة، بعد وقعة أحد.
وكان تزويجها بأمر الله سبحانه، وكان المهر اثني عشرة أوقية ونصفاً، عن خمس مائة درهم، كذا في أكثر الروايات ـ وفي رواية: أربعمائة مثقال فضة.
وحضر عقدها جماعة من النبلاء ؛ ودعا - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - برطب وثمر؛ فقال: ((انتهبوا)).
وفيما روي: ((إنما أنا بشر مثلكم، أتزوج منكم وأزوجكم، إلا فاطمة؛ فإنها نزل تزويجها من السماء )) رواه السيد أبو طالب وغيره.
وفي رواية: ((فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني )).
قلت: قد سبق تخريجه وما في معناه.
قال في الفرائد: وأما ما يخص فاطمة عليها السلام، فمنها: حديث الإغضاب: ((فمن أغضبها فقد أغضبني؛ ومن آذاها فقد آذاني ))، وحديث: أنه يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها، بألفاظه وسياقاته، مما تواتر عند أهل الحديث، مع إجماع أهل البيت على ذلك.
ومنها: الإخبار بالقطع أنها سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة..إلخ.
وفي الاستيعاب لابن عبد البر، بالسند إلى عائشة، أنها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - من فاطمة؛ وكانت إذا دخلت عليه قام إليها، فقبلها ورحّب بها كما كانت تصنع هي به - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
وروي بالسند عنها، قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة، إلا أن يكون الذي ولَدها - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -.
وبسنده إلى جميع بن عمير ، قال: دخلت على عائشة، فسألت، أي /28(3/28)
الناس كان أحب إلى رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -؟
قالت: فاطمة.
قلت: فمن الرجال؟
قالت: زوجها، إن كان ما علمته صواماً قواماً.
وساق بالسند إلى بريدة، قال: كان أحب النساء إلى رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - فاطمة، ومن الرجال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ.
وفي الإصابة لابن حجر ما لفظه: وفي الصحيحين : عن المسور بن مخرمة، سمعتُ رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - على المنبر يقول: ((فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها، ويريبني ما يريبها )).
وعن علي بن الحسين بن علي ، عن أبيه، عن علي، قال: قال النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - لفاطمة: ((إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك )).
وساق في فضائلها.
إلى قوله: بسند من أهل البيت، عن علي، أن النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قال لفاطمة: ((إن الله يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك )).
قال: وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم ، أن رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: ((أنا حرب لمن حاربهم، سِلْم لمن سالمهم )).
قال: وانقطع نسل رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - إلا من فاطمة.
قلت: وقد تقدم من دلالات الكتاب والسنة على جميع ذلك، ما فيه الكفاية.
وفي الروض، بعد أن ساق الأخبار الدالة على أبوة رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - لولد فاطمة ـ عليهم السلام ـ:
قال بعض المحققين من العلماء: ظاهر كلام أئمتنا أنه حقيقة، وأن حكمه في ذلك يخالف حكم غيره.
إلى قوله: لأن هذه خصوصية وتكرمة ثابتة بوحي خاص؛ ويدل على كونها حقيقة قوله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -: ((وأنا عصبتهما )).
قلت: وفي ألفاظ الخبر الشريف: ((إلا بني فاطمة، فأنا وليهم وعصبتهم )) أخرجه الطبراني في الكبير، و((إلا ولد فاطمة، فإني أنا أبوهم وعصبتهم )) أخرجه الخطيب في تاريخه، و((ما خلا ولد فاطمة، فإني أنا /29(3/29)