لوامع الأنوار
الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
(الفصل الحادي عشر اللاحق بلوامع الأنوار)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله الأكرمين، وبعد:
فهذا الفصل، الذي سبق به الوعد في لوامع الأنوار، قد أفردته؛ ليتمكن المطلع من وصله بالماضي أو فصله عنه، فإليه الاختيار.
والمقصد الأهم منه ذكر أعلام العترة الأطهار، وكرام العصابة الأبرار، الذين عليهم في باب الرواية معظم المدار، على ضرب وجيز من الاختصار، والمبحوث عنه أولاً وبالذات، الرواة الثقات، في أصل أسانيد أئمتنا السابقين عليهم السلام، ومَنْ بيننا وبين المؤلفين.
فإن ذُكِرَ غيرهم لغرض فبالعرض؛ وقد سبق في التحف الفاطمية وفي لوامع الأنوار ذكر الكثير، فمن أعيد الكلام عليه فهو لتقريب المنال، وتيسير الانتوال، ويكون إن شاء الله تعالى بما فيه زيادة إفادة بلا تكرار، ومن لم يكن قد اتصلت به فيما مَرّ الطريق، فسأوصل السند إليه وإلى مؤلفاته، عند المرور عليه، وذلك النزر اليسير، والله ولي التوفيق والتيسير.
وأما المؤلفات الجامعة، فقد تقدمت إليها الطرق النافعة، بحمد الله تعالى.
هذا ومن سنذكر في هذا الفصل المبارك إن شاء الله فلا يخلو، إما أن يكون معلوم الحال، لدى الخاص والعام، فلا كلام.
وإن ذكر بما يفيد، فمن باب التأكيد.
وإما أن لا يكون كذلك، فإن وقع التصريح، بتعديل أو تجريح، فمتضح؛ وإن لا يذكر بشيء فعهدة المطلع أن يعتمد على ما يصح.
ولا يخفى موجب الإحالة في مثل ذلك على أرباب الفهوم، /15(3/15)


لعل لها عذر وأنت تلوم.
ولا يكون التصريح بالتعديل، إلا لمن صحت عدالته المحققة، ولا الجرح إلا لمن صحّ مقتضاه، بطريق الشرع المرتضاة، لموجب القيام بالقسط، والشهادة لله تعالى بالحق ـ كما أخذ الله تعالى ـ بعد كثرة البحث، وشدة التحري والفحص؛ للوقوف على الحقائق، وتجنب مختلف الطرائق.
وقد استلزم العمل تكرير النظر في جميع ما تحصل من مؤلفات أولي الألباب، والله الموفق للصواب، وسلوك منهج السنة والكتاب.
وقد وقعت العناية بإعانة الله تعالى في الإحاطة؛ ليكون هذا المؤلَّف جامعاً للمقصود، بإعانة الملك المعبود.
وسيكون البحث فيمن عدهم الشيخ العالم الزاهد، ولي آل محمد، القاسم بن عبد العزيز بن إسحاق البغدادي الزيدي ، في رسالته المشهورة، في أصحاب الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، ومن ثبتت عدالتهم بصحيح النقل في مؤلفات سائر أئمتنا الهداة، كأصحاب الأئمة، القائمين بما افترضه الله تعالى على الأمة، الذين ذكرهم الإمام المنصور بالله عليه السلام في الشافي ، والفقيه حميد الشهيد في الحدائق، وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين ، وغيرهم؛ وجميع من ذكرهم السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، في علوم الحديث المسمى بالفلك الدوار ، ومن تبعه كالسيد العالم المهدي بن الهادي اليوسفي، المعروف بالنوعة، في الإقبال ؛ والقاضي العلامة شمس الشريعة أحمد بن يحيى حابس ، في المقصد الحسن ؛ والقاضي عماد الدين يحيى بن محمد حميد المقرائي، في النزهة ، وجميع من عدهم في ثقات محدثي الشيعة السيد الإمام الصارم إبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله محمد بن القاسم عليهم السلام، في طبقات الزيدية ، ومن أوردهم منهم في المختصر من الطبقات ، المسمى /16(3/16)


بالجداول، شيخُنا المولى العلامة، فخر أعلام العصر، عبد الله بن الإمام الهادي ـ رضي الله تعالى عنهما ـ.
وأنا أرويه عنه وجميع مروياته، كما سبق في التحف الفاطمية .
على أن السيد صارم الدين عليه السلام، والتابعين له المذكورين، أدخلوا في الشيعة بعض من ليس منهم على الحقيقة؛ وإنما هو باعتبار قربهم من جانب العترة، بالنظر إلى أولى النصب والبِغضة، ولأخذهم بطرف من الإنصاف، رَمَاهم بالتشيع؛ لقصد القدح، أربابُ الزيغ والانحراف، أرادوا أن يذموا فمدحوا، كما قيل: بعض الجرح تعديل.
وسأبين ـ إن شاء الله تعالى ـ عند المرور عليهم، مَنْ كان من ذلك القبيل، ويتضمّن البحث عمن جمعهم، منهم: القاضي العلامة المفضال، ولي الآل، أحمد بن صالح بن أبي الرجال ، في مطلع البدور ، ومجمع البحور.
وعلى الجملة، أبلغ الجهد ـ إن شاء الله تعالى ـ في هذا المنهج؛ ليكون على أكمل منوال، بإعانة ذي الجلال.
وقد جعلت طبقات الزيدية الكبرى مصدر النقل، وقنطرة العبور، مع مراجعة الأصول، لمحلها من الجمع والاشتهار، وتطلع الأفكار إليها والأنظار، وقد يقع في ذلك تصحيح أو ترجيح، أو تقديم أو تأخير، أو زيادة أو نقص.
ولفظ (قلت) دال على أن الكلام مضاف إليَّ، حتى أنها إن كانت في كلام الغير، أعبّر عنها بلفظ (قال) أو نحو ذلك، تجنباً للبس.
وبالجملة فسيتضح ما استمد منها، أو من أي كتاب، بلا ارتياب.
[المراد بأئمتنا الخمسة أو الجماعة أو الستة]
ومتى أطلق أئمتنا الخمسة، فهم: المؤيد بالله ، وأخوه أبو طالب ، والموفق بالله ، وولده المرشد بالله، ومحمد بن منصور المرادي .
أو الجماعة، أو الستة: فالبخاري، ومسلم، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه .
أو حافظ اليمن: فصاحب الفلك الدوار، الوزير.
أو السيد الإمام أو المولى، فمؤلف الطبقات .
[سند الطبقات ]
وهذه الطريق إلى طبقات الزيدية ، وإن /17(3/17)


كانت قد سبقت في الجامعة المهمة، ولوامع الأنوار.
فيقول المفتقر إلى الله سبحانه مجد الدين بن محمد بن منصور بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن عبد الله بن علي بن صلاح بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد الحسني المؤيدي، أفرغ الله عليهم شآبيب عفوه وغفرانه، وأسبغ عليهم سرابيل لطفه ورضوانه:
أروي كتاب طبقات الزيدية بطرق كثيرة، وقد أوضحت مختارها فيما تقدم من لوامع الأنوار، والجامعة المهمة، في أسانيد كتب الأئمة؛ أعلاها عن شيخي ووالدي عالم آل محمد وعابدهم، الولي بن الولي، محمد بن منصور المؤيدي - رضي الله عنهما-، عن شيخه والدنا الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي ـ قدس الله روحه في عليين ـ، عن شيخه نجم أعلام اليمن محمد بن محمد بن عبد الله الكبسي ، عن شيخه العلامة بدر الآل الأكرمين إسماعيل بن أحمد الكبسي - رضي الله عنهم -، عن شيخه الفقيه العلامة جمال الدين علي بن حسن جميل، المعروف بالداعي، عن القاضي العلامة الأوحد محمد بن أحمد مشحم ، عن شيخه المؤلف السيد الإمام الصارم إبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله محمد بن القاسم عليهم السلام.
[نبذه من أول الطبقات ]
قال في الطبقات :
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إلاه إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فهذا كتاب جمعتُ فيه أسماء الرواة، التي في كتب أئمتنا أئمة الزيدية الهداة، ولم أذكر إلا من له سند متصل، غالباً، وجعلته ثلاث /18(3/18)


طبقات: الأولى: في أسماء الصحابة، والثانية: في أسماء التابعين وتابعيهم إلى رأس الخمس المائة، والثالثة: من روى كتبهم عليهم السلام وكتب شيعتهم متصل السند إلى يومنا هذا، وأسماء الكتب التي جمعت رجالها.
قلت: ذكرها بعبارة فيها بسط، وأنا أسوقها على وجه أخصر وأكمل؛ فإنه لم يورد جميع المبحوث عن رجالها، في هذا المحل، فهي: المجموعان: الفقهي، والحديثي ، وأماليات أئمتنا الخمس، والأحكام ، والمنتخب ، والبساط ، وشرح التجريد ، وشرح الأحكام لأبي العباس، والمصابيح له، وصحيفة الرضا، والاعتبار للجرجاني، والشافي، والجامع الكافي ، والتأذين بحي على خير العمل، وقليل من الشفاء، والذكر للمرادي، وشرح القاضي زيد، والمحيط بالإمامة ، وأمالي السمان ، وجلاء الأبصار .
وهذه وغيرها قد مضت بطرقها مستوفاة بحمد الله في لوامع الأنوار.
ومنها: الأربعون لأبي الغنائم، والبراهين الصريحة لمحمد بن سليمان الكوفي وهي المناقب ، ونظام الفوائد أمالي قاضي القضاة، جمعها القاضي جعفر، والمسائل المرتضاة ، وشواهد التنزيل ، ومناقب ابن المغازلي، ومناقب الكنجي ، والحلية لأبي نُعيم، وابن أبي شيبة .
ويذكر من كتب العامة: الستة، وأحمد، ومستدرك الحاكم، والمسندات للشافعي، ولأبي يعلى، ولابن عدي ، وكتب الطبراني ، وسنن البيهقي ، وشعبة، وابن عساكر ، وأبي حاتم، وأدب البخاري، وتفسير الترمذي ، والفردوس للديلمي، والبزار ، وغيرها.
ـــــــــــــــ
[إمام المرسلين وخاتم النبيئين - صلى الله عَلَيْه وآله وسلم -]
هذا، وقد افتتح السيد الإمام بمن اسمه إبراهيم، كما يأتي، وإذا كان القصد التبرك فالأولى ما اختاره بعض نجوم العترة، كالإمام المرشد /19(3/19)

109 / 151
ع
En
A+
A-