ذلك من التلبيس والتغرير.
والجواب: أنها وردت عامة ومطلقة عن الله ـ سبحانه ـ على لسان رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في كل زمان ومكان، وعلى كل حال من الأحوال، في صدر الإسلام وآخره وأوسطه، وعلى عهد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وبعده، وفي حياته وموته.
[اختلاف معاملة الكفار]
وأما الإجماع على عدم كفر باغضيه فممنوع؛ وإنما لم يعاملوا معاملة الكفار الجاحدين، للشهادة والصلاة والزكاة، وغيرها من أركان الإسلام؛ لأن معاملة الكفر أنواع مختلفة الأحكام، كما اختلفت معاملة أهل الذمة، وأهل النفاق، وأهل الحرب، وأهل الردّة من الكفار، وإن اتفقوا في إطلاق الكفر عليهم، والحكم باستحقاق النار، وغضب الجبار؛ وكذلك معاملة العصاة من أهل القبلة والشهادة، فمنهم من يقاتل، ومنهم من يجلد، ومنهم من يرجم، ونحو ذلك؛ ولم يخرجهم ذلك عن اسم الفساق بالاتفاق.
وعلى الجملة، للأسماء والأحكام الأخروية باب، وللمعاملة والأحكام الدنيوية باب آخر، وكل واحد منهما موقوف على الدليل، كما يعلمه من له علم وفهم وتحصيل، من أولي الألباب.
وما ورد عن الوصي ـ صلوات الله عليه ـ من نفي الكفر عنهم، فمع كونه آحادياً ومعارضاً بنحو قوله (ع) في معاوية وأصحابه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما أسلموا، ولكن استسلموا، وأسرّوا الكفر؛ فلما/661(2/661)


وجدوا أعواناً عليه أظهروه؛ وهو في النهج.
وقول عمار ـ رضي الله عنه ـ: والله ما أسلموا، ولكنهم استسلموا، وأسروا الكفر والنفاق حتى وجدوا أعواناً على الكفر فأظهروه؛ رواه في المحيط بسنده إلى الإمام الأعظم زيد بن علي (ع).
ولا نسبة له إلى جنب ما ذكرنا، فيحمل ما صح منه على نفي كفر الإنكار للشهادة، والصلاة؛ لالتزامهم في الظاهر لتلك الأحكام، لا نفي كفر النفاق والشقاق، والعداوة لله ولرسوله، ولوصيه ولأهل بيت نبيه ـ عليهم الصلاة والسلام ـ التي أجمع عليها الخاص والعام، وخرجت في جميع دواوين الإسلام، وقد ورد التصريح بالكفر والنفاق، لمن نازعه وحاربه وأبغضه، عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وعن وصيّه في متواتر الأخبار، بما لا يستطاع له رد ولا إنكار، ولم يستقم لأهل الزيغ والشقاق، ما ذكروه من التحريف والتبديل في غير لفظ النفاق.
قال الأمير في شرح التحفة ـ بعد أن أورد كلام العامري المنقول من تلفيق محمد بن إبراهيم الوزير المستمد من تزويق ابن حجر وغيره تشابهت قلوبهم ـ ما لفظه: وهذه الأجوبة وإن تمشت في أن بغضه (ع) نفاق، فأما أحاديث أذاه، وهي: ((من آذاه فقد آذى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، ومن آذى رسول الله فقد آذى الله))؛ وقد علم وعيد من آذى الله من قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ... الآية} [الأحزاب:57]، فلا يتمّ فيه الجواب؛ فينظر.
انتهى كلامه. /662(2/662)


قلت: ولا يتمّ الجواب ولا يتمشى، عن أن ولايته ولايته، وطاعته طاعته، ومعصيته معصيته، وعداوته عداوته، وحبه حبه، وبغضه بغضه، وحربه حربه، وسلمه سلمه، وسبّه سبّه، ونفسه نفسه، وغير ذلك مما لا ينحصر بِعَدٍّ ولا حساب، في متواتر السنة وصريح الكتاب.
ولا يتم أيضاً فيما ورد بذلك اللفظ وبغيره في سائر أهل بيت الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فليستعدوا للجواب، بين يدي رب الأرباب، يوم العرض والحساب.
وقد بين الله ـ تعالى ـ في الكتاب المبين، وسنة الرسول الأمين، مقام أمير المؤمنين، وسيّد الوصيين، وأخي سيد النبيين ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ بكل بيان يشار إليه، وعلى كل معنى يدل عليه؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم.
[خاتمة]
هذا، ويتوقف عنان القلم، عن المد في زاخر هذا اليم؛ وقد تكرر النقل على سبيل الاستطراد، لما قد مَرّ في بعض المواد، واستغنيت في بعض مما وقفت فيه على الأصول، بالعزو إلى الأمهات، عن نسبته إلى كتاب من التخريجات، وإن كانت قد تكون هي المذكرة للبحث؛ وذلك للسلامة عن الطول، وللإفادة بتوافق الوقوف على الأصول.
وقد يتخيل لبعض الناظرين أنه قد وقع التعرض لما لا حاجة إليه، ولما هو مشهور متداول؛ وليس الأمر على ما يتخيل، فقد يكون متداولاً من غير تحقيق لطريقه، أو من غير الطريق المفيدة، أو يكون معروفاً من طريق وله طرق عديدة؛ فكم من خبر عند من لا خبرة له من الآحاد، وهو متواتر عند أرباب البحث والانتقاد؛ ورب حديث يعتقد القاصر /663(2/663)


أنه مما تفرد به بعض الطوائف، وهو مما رواه الموالف والمخالف؛ أو تكون طرقه متفرقة في الأسفار، وفي جمعها من الفوائد ما لايخفى على ذوي الأنظار.
وقد تحصل ـ بفضل الله ـ في هذا المجموع المبارك ـ إن شاء الله تعالى ـ ما لم يتحصل فيما اطلعت عليه في كتاب؛ والمنة لله الملك الوهاب، وهو الموفق لمنهج الصواب، وإليه المرجع والمآب.
نعم، وقد تيسر ـ بحمد الله تعالى وإفضاله ـ فيما سبق، غاية الرغائب، ومنتهى المطالب، والبلاغ المبين، لقوم عابدين، وجمع طرق جوامع مؤلفات آل محمد الأعلام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وشيعتهم الكرام، ومعتمدات كتب العامة، كالأمهات الست؛ بالطرق إلى الشافي، ثم بطرقها المفصلة فيه، وبالطرق المتصلة بالأئمة، الذين رووها بطرقهم في مسنداتهم، كالإمام عز الدين بن الحسن، والإمام القاسم بن محمد (ع) وغيرهم، على ما سبق.
[السند إلى بيان ابن مظفر، وشرح الأزهار، وإلى مؤلفات ابن حابس، وابن بهران، وداود بن الهادي، والإمام عز الدين، والإمام إبراهيم المؤيدي، وابن لقمان، والجلال، وابن الأمير، والمقبلي]
بيان ابن مظفر للعلامة يحيى بن أحمد، المتوفى سنة خمس وسبعين وثمانمائة، أرويه بالسند السابق إلى الإمام شرف الدين، عن العلامة علي بن أحمد، عن العلامة علي بن زيد الشظبي، عن المؤلف.
شرح الأزهار للعلامة عبدالله بن مفتاح، المتوفى سنة سبع وسبعين وثمانمائة، وما يتعلق به من الحواشي، أرويه بالسند المذكور إلى الإمام شرف الدين، عن العلامة علي بن أحمد، عن العلامة علي بن زيد، عن المؤلف.
مؤلفات القاضي العلامة أحمد بن يحيى حابس: شرح الثلاثين المسألة، وشرح الكافل، وشرح التكملة، والمقصد الحسن، والتكميل، بالسند الآتي إلى إبراهيم بن القاسم صاحب الطبقات، عن القاضي العلامة أحمد بن ناصر المخلافي، عن أبيه، عن جده، عن المؤلف. /664(2/664)


مؤلفات القاضي العلامة محمد بن يحيى بهران، المتوفى سنة سبع وخمسين وتسعمائة: المعتمد، والكافل، وتخريج البحر، وشرح الأثمار، والتكميل، وغيرها، بالسند السابق إلى الإمام القاسم بن محمد، عن العلامة عبد العزيز بن محمد، عن أبيه المؤلف.
مؤلفات السيد الإمام داود بن الهادي بن أحمد بن المهدي، والإمام الهادي عز الدين بن الحسن (ع): شرح المعيار، وشرح الأساس، وشرح الكافل، وتتمة البسامة، أرويها بالأسانيد السابقة إلى السيد العلامة الحسين بن أحمد زبارة، عن القاضي العلامة أحمد بن صالح بن أبي الرجال، عن القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري، عن المؤلف.
مؤلفات الإمام إبراهيم بن محمد المؤيدي: شرح الهداية، وشرح الكافل ـ الروض الحافل ـ وشرح الثلاثين المسألة، وغيرها، بهذا السند إلى القاضي أحمد بن صالح، عن المؤلف.
مؤلفات السيد العلامة أحمد بن محمد بن لقمان: شرح الكافل، وشرح الأساس، بهذا السند إلى القاضي أحمد بن صالح، عن المؤلف ـ رضي الله عنهم ـ.
مؤلفات السيد العلامة الحسن بن أحمد الجلال، المتوفى سنة أربع وثمانين وألف، بالسند السابق إلى الحسين بن أحمد زبارة، عن القاضي عبد الواسع بن عبد الرحمن القرشي، المتوفى سنة ثمان ومائة وألف، عن المؤلف.
مؤلفات السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، بالسند السابق إلى أحمد بن يوسف زبارة، وأحمد بن زيد الكبسي، عن السيد عبدالله بن محمد، عن أبيه محمد بن إسماعيل الأمير المؤلف.
مؤلفات العلامة صالح بن مهدي المقبلي، المتوفى سنة ثمان ومائة وألف، /665(2/665)

107 / 151
ع
En
A+
A-