بالريح، وكإخباره عن ظهور الرايات السود من خراسان، وتنصيصه على قوم من أهلها يعرفون ببني رزيق، (بتقديم المهملة) وهم آل مصعب الذين منهم طاهر بن الحسين، وولده، وإسحاق بن إبراهيم، وكانوا هم وسلفهم دعاة الدولة العباسية.
وكإخباره عن الأئمة الذين ظهروا من ولده بطبرستان، كالناصر، والداعي وغيرهما، في قوله (ع): وإن لآل محمد بالطالقان لكنزاً سيظهره الله إذا شاء، دعاؤه حق يقوم ـ بإذن الله ـ فيدعو إلى دين الله.
وكإخباره عن مقتل النفس الزكية بالمدينة، وقوله: إنه يقتل عند أحجار الزيت، وكقوله عن أخيه إبراهيم، المقتول بباب خمرة:
قلت: كذا في الشرح، والصواب باخمرى، قال:
وقتيل باخمرى الذي
نادى فأسمع كل شاهد
(رجع) يقتل بعد أن يظهر، ويُقهر بعد أن يَقهر.
وقوله فيه أيضاً: يأتيه سهم غَرْب، تكون فيه منيته؛ فيا بؤساً للرامي، شُلّت يده، ووهن عضده.
وكإخباره عن قتلى وج.
قلت: وهم الإمام الحسين بن علي الفخي (ع)، والشهداء معه ـ رضوان الله عليهم ـ، وهو الموضع الذي استشهدوا فيه؛ والمعروف في الأخبار والسير، وسائر كتب أهل البيت (ع)، أنه فخّ (بالفاء والخاء المعجمة) حتى أن الإمام الحسين صار يُنْسب إليه، كما هو معلوم؛ ويقال له: بلدح أيضاً، وهو الذي صلى فيه رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأخبر بمقتلهم (ع) فيه، وكذا جعفر الصادق (ع)، وهو بقرب مكة المشرفة، على طريق المدينة المنورة؛ وقد ذكره في القاموس، وغيره من كتب اللغة.
وأما وج، المذكور هنا (بالواو والجيم) فهو في الطائف، وقد ذُكِر في الحديث، في غزوات الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وممن ذكر أن الإمام (ع) قتل فيه الحموي، حكاه عنه السيد العلامة أبو علامة ـ رضي الله عنه ـ في مشجره، والصحيح الأول، إلا أن يكون هذا الموضع يطلق عليه الاسمان، فيكون وج، /475(1/475)
بالجيم مشتركاً بين المشهور وهذا المحل، والله أعلم.
قال: وقوله فيهم: هم خير أهل الأرض.
وكإخباره عن المملكة العلوية بالغرب.
قال: وكإخباره عن بني بويه، وقوله فيهم: يخرج من ديلمان بنو الصياد ـ إشارة إليهم ـ.
إلى قوله: فقال له قائل: فكم مدتهم ياأمير المؤمنين؟ فقال: مائة أو تزيد قليلاً.
إلى قوله: وكانت مدتهم كما أخبر به (ع).
وكإخباره (ع) لعبدالله بن العباس ـ رحمه الله تعالى ـ، عن انتقال الأمر إلى أولاده، فإن علي بن عبدالله لما ولد أخرجه أبوه عبدالله إلى علي (ع)، فأخذه وتفل في فيه، وحنكه بتمرة قد لاكها، ودفعه إليه، وقال: خذ إليك أبا الأملاك.
هكذا الرواية الصحيحة، وهي التي ذكرها أبو العباس المبرد في الكتاب الكامل.
إلى قوله: وكم له من الإخبار عن الغيوب الجارية هذا المجرى، مما لو أردنا استقصاءه لكرسنا له كراريس كثيرة، وكتب السير تشتمل عليها مشروحة.
انتهى المختار إيراده.
وقد طال الكلام، ولكنه استلزمه المقام؛ وقد اشتمل ـ بفضل الله ـ على مباحث عظام، يرتاح لها الأعلام، والله ولي التوفيق وحسن الختام.
---
[صحيفة الإمام الرضا، السند إليها]
الصحيفة، مسند الإمام الرضا، علي بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي سيد العابدين ابن الحسين السبط ابن علي الوصي ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ.
أرويها سماعاً بقرائتي لها، على والدي العلامة الولي، محمد بن منصور المؤيدي ـ رضي الله عنهما ـ، في شهر الله الكريم رمضان، عام خمسة وخمسين وثلاثمائة وألف، وهو يرويها بالأسانيد السابقة، إلى الإمام المجتبى المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى /476(1/476)
(ع)، عن سليمان بن إبراهيم.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في ترجمته: سليمان بن إبراهيم بن عمر بن علي بن محمد بن أبي بكر العلوي، نسبة إلى جدٍّ له يسمى علي بن راشد الحنفي اليمني، نفيس الدين أبو الربيع، محدّث الديار اليمنية، وابن محدّثها.
إلى قوله في سياق الآخذين عنه: ومن أئمة الزيدية: الإمام المهدي أحمد بن يحيى، وأجاز له جميع مروياته، والسيدان الحافظان: الهادي بن إبراهيم، ومحمد بن إبراهيم، وكذلك أجازهما إجازة عامة؛ حدّث أولاً بزبيد، وكان جيد الضبط، حسن القراءة، أعرف أهل عصره بالحديث وطرقه وفنونه؛ توفي في شهر جمادى الأولى، سنة خمس وعشرين وثمانمائة. انتهى باختصار.
عن أبيه إبراهيم، عن رضي الدين إبراهيم بن محمد.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في ترجمته: أبو إسحاق رضي الدين الطبري المكي الشافعي، إمام مقام إبراهيم الخليل، على نبينا وعليه أفضل السلام.
إلى قوله: وكان الشيخ رضي الدين كبير القدر؛ توفي في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة.
وقال: أجاز للإمام يحيى بن حمزة..إلخ.
بسنده المذكور في طبقات الزيدية.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: ويروي صحيفة علي بن موسى، عن الإمام نجم الدين التبريزي.
قلت: اسمه بشير.
قال: عن الحافظ ابن عساكر، عن زاهر، عن طاهر السحامي، عن الحافظ البيهقي الشافعي، عن أبي القاسم المفسر، عن أبي بكر بن جعدة.
قلت: هو إبراهيم بن جعدة العباسي.
(رجع) قال: أنبأنا أبو القاسم، عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي.
قلت: قال السيد الإمام في ترجمته: أبو القاسم البصري، سمع عن أبيه الصحيفة لعلي بن موسى الرضا، عن آبائه (ع)، وكان سماعه على أبيه في سنة ستين ومائتين، وذكر أنه يرويها عنه ابن جعدة المتقدم .
قال: ورواها عنه أيضاً أبو أحمد العسكري.
قال الذهبي: عبدالله بن أحمد بن عامر، عن أبيه، عن علي بن موسى /477(1/477)
الرضا، عن آبائه، بتلك النسخة الموضوعة، ما تنفك عن وضعه، أو وضع أبيه.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: انظر إلى هذا الكذب الصريح على الله، وعلى رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وإن هذه النسخة قد رواها الأئمة الثقات، وغيرهم من سائر العلماء، وممن رواها من أئمتنا: المنصور بالله، عبدالله بن حمزة، وأخرج منها أحاديث في الشافي؛ والسيد المرشد بالله، والسيد أبو طالب، والسيد الجرجاني؛ ومن غيرهم كابن المغازلي، وغيرهم، إلخ كلامه.
وأفاد أن وفاته سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وأنه خرج له من أئمتنا الجرجاني(ع).
(رجع) قال: حدثني أبي، سنة ستين ومائتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا، سنة أربع وتسعين ومائة، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه.
انتهى المراد.
واعلم أن هذا المسند الشريف قد صحّ بتصحيح من يعتمد على تصحيحه، وبالتخريج لغالبه ـ إن لم يكن لجميعه ـ كما أشار إليه السيد الإمام في كتب أئمتنا (ع)، بأسانيدهم المعتمدة.
وأما السند المذكور من طريق ابن عساكر، فإن في رجاله من بعد الإمام أحمد بن يحيى المرتضى، من لم يصح عندي توثيقه، ولستُ أذكر من الأسانيد للمؤلفات في هذا الجامع، إلا ماصحت عدالة رجاله إلى المؤلفين، إلا أن أوضح ذلك كما هنا.
نعم، قد روى الإمام الحجة عبدالله بن حمزة في الشافي، من مسند الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، خبر البنفسج؛ قال فيه: أخبرنا القاضي محمد بن عبدالله بن حمزة بن أبي النجم، قراءة عليه بصعدة، قال: أخبرنا والدي أبو محمد عبدالله بن حمزة بن أبي النجم.
ثم ساق سنده بطريقة أخرى إلى ابن جعدة، عن أبي القاسم عبدالله بن أحمد المتقدم؛ وغالب الظن أن الإمام (ع) يرويها كلها بهذه الطريق.
وقد رواها جميعها من هذه /478(1/478)
الطريق ولده القاضي تقي الدين عبدالله بن محمد بن عبدالله ـ رضي الله عنهم ـ.
[تراجم آل أبي النجم]
فالراوي الأعلى هو القاضي الحافظ، عالم المسلمين، أبو محمد، عبدالله بن حمزة بن إبراهيم بن حمزة بن أبي النجم.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في ترجمته: قال القاضي ـ يعني صاحب مطلع البدور ـ: هو العلامة رئيس صعدة في وقته، عين علماء الزيدية، كان عالماً فاضلاً مرجوعاً إليه..إلخ.
وذكر السيد الإمام أن من مشائخه القاضي شيخ الإسلام، زيد بن الحسن البيهقي، والقاضي شمس الدين جعفر بن أحمد، وأنه أخذ عنه الإمام المنصور بالله، وولده محمد، وولده الذي روى عنه الإمام هو القاضي ركن الدين، حاكم المسلمين، عين عيون العلماء العاملين، أبو عبدالله، محمد بن عبدالله ـ رضي الله عنهم ـ.
قال السيد الإمام في ترجمته: سمع أمالي المرشد بالله على أبيه، عن السيد تاج الدين الحسن بن عبدالله المهول، عن القاضي الكني، قال ابن حميد: وسمع أمالي أحمد بن عيسى على خاله، في سنة ثلاث وستمائة، وروى صحيفة علي بن موسى، عن أبيه؛ ـ ثم ساق سنده ـ وروى عن الإمام أحمد بن سليمان كتابه أصول الأحكام إجازة، وروى عن أبيه عن القاضي جعفر بن أحمد، وأخذ عنه ولده عبدالله، والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد النجراني.
إلى قوله: قال القاضي: هو القاضي ركن الدين، قاضي قضاة المسلمين، وواحد علمائهم، حجة الفضلاء، كان حاكم صعدة أيام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وله مذاكرات ومراجعات، وأثنى عليه الإمام المنصور بالله كثيراً، وفاته في زمن المنصور بالله عبدالله بن حمزة، في عشر بعد الستمائة، والله أعلم. انتهى.
وولده الراوي عنه هو القاضي تقي الدين، أحد حكّام الإسلام، وأولياء سادات الأنام، وولاة الأئمة الكرام، عبدالله بن محمد بن عبدالله.
قال السيد الإمام في ترجمته: العلامة، يروي أحكام الإمام الهادي وغيره، عن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة؛ ويروي غيره من كتب الأئمة، وشيعتهم، عن أبيه.
إلى قوله: ويروي أيضاً عن القاضي عطية بن محمد بن حمزة بن أبي /479(1/479)