أتاني بحبهم، أسكنته جنتي، ومن أتاني ببغضهم أنزلته مع أهل النفاق)). انتهى.
هذا الخبر ساقه الإمام (ع) في الشافي، والأخبار المضمنة هذا الكتاب من الأمالي وغيرها، فيما سبق ويأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ كثيرة، ففيها كفاية وافية؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
[الكلام على حكم محيي الدين محمد بن أحمد القرشي بصحة الأمالي الخميسية]
هذا، واعلم أنه قد حكم بصحة الأمالي الخميسية العلامة عمدة المتكلمين، محيي الدين محمد بن أحمد القرشي ـ رضي الله عنه ـ حيث قال ما لفظه: ولقد جمع الإمام في هذه الأمالي، محاسن أخبار رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، وعيونها، ورواها بأسانيد صحيحة عند علماء هذا الشأن، وقال في صدرها: هي من محاسن الأخبار، وأجمعها للفوائد، وأصحها أسانيد عند علماء هذا الشأن؛ وزينها بالغرر والدرر، من الأحاديث المروية، عن أولاد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وقد استشهد بتصحيحه، الإمام المنصور بالله رب العالمين، أحمد بن هاشم ـ رضي الله عنه ـ.
وقال المولى فخر الإسلام عبدالله بن الإمام، في مختصره، بعد حكاية تصحيح الشيخ: ولعمري إن مثل هذا الإمام الرباني، يكفي تصحيحه لرواية تلك الأخبار، وليت كل سند يكون له مصحح مثل هذا الإمام.
قلت والله الموفق للصواب: وينبغي ألايحمل هذا على عمومه، وإنما المقصود الأعم الأغلب، ويخص من ذلك الحكم، ما عارض المعلوم ولم يمكن تأويله، أو علم الجرح بالطريق المعلومة أو الصحيحة الراجحة لناقله؛ فإن المعلوم أن ليس قصد الإمام المرشد بالله (ع) إلا الرواية لما بلغه، الصحيح وغيره، من دون التزام للتصحيح، بل العهدة على المطلع؛ كيف وقد صرح بجرح بعض الرواة ثم روى عنهم، وضعّف بعض الأخبار، وردّ بعضها، وروى الرد على بعض ما أخرج؟ وهذا الحمل هو الذي لاريب فيه، عند من له نظر يهديه، وعلم يقتفيه؛ فيكون هذا التصحيح من ذلك الشيخ العالم /420(1/420)


كافياً فيما سوى ماذكرنا من الروايات والرواة، والله الموفق إلى سبيل النجاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[السند إلى كتاب الأنوار]
كتاب الأنوار وهو الأمالي الاثنينية، للإمام المرشد بالله (ع)، أرويها بالسند المذكور في أماليه الخميسية، إلى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع).
قال في الشافي: وأما إسناد أماليه التي أملاها (ع) يوم الاثنين، فنقول: أخبرنا الشيخ الأجل الفاضل الكامل، محيي الدين، عمدة الموحدين، محمد بن أحمد بن الوليد القرشي العبشمي ـ طول الله مدته ـ، قال: أخبرنا القاضي الأجل، الفاضل شمس الدين، جمال المسلمين، جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى ـ رضوان الله عليه ـ، مناولة، ثم بعضه قراءة، قال: أخبرنا القاضي الأجل، الإمام أحمد بن أبي الحسن الكني ـ أسعده الله ـ قراءة عليه، وهو ينظر في نسخة الأصل؛ قال: أخبرنا السيد العالم، أبو طالب عبدالعظيم بن مهدي بن نصر بن مهدي الحسيني الوتكي ـ رحمه الله ـ، قراءة عليه.
قلت: تمام نسبه: بن محمد بن علي بن موسى بن أحمد بن الأمير عيسى بن علي بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، ترجم له السيد الإمام (ع) وأفاد ما ذكره في السند، ولم يذكر وفاته.
قال: حدثنا الشيخ الإمام، إسماعيل بن علي بن إسماعيل الفرزاذي، بقراءته علينا.
قلت: أفاد السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ ما في السند، وقال: كان شيخاً إماماً جليلاً.
قال: حدثنا السيد الأجل، الإمام المرشد بالله، أبو الحسين، يحيى بن الموفق بالله /421(1/421)


أبي عبدالله الحسني ـ رضي الله عنه ـ وهو المصنف؛ قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي، بقراءتي عليه.
قلت: هو من أعلام العصابة الزيدية، وحفاظ الطائفية الزكية، توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ.
قال: أخبرنا أبو القاسم، عمر بن محمد بن سَبَنْك البجلي.
قلت: هو القاضي، ابن سبنك (بالسين المهملة، فموحدة، فنون، فكاف) المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين، ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، وأفاد أنه وثقه الخطيب.
قال: أخبرنا أبو الحسن، عمر بن أحمد بن علي بن مالك الأشناني.
قلت: ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، وأفاد ما في السند.
قال: حدثنا أبو بكر بن زكريا المْروَرُّوذِي.
قلت: هو محمد بن زكريا، ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، كالذي قبله.
قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي الأعور.
قلت: هو أبو عمران، ترجم له السيد الإمام، كالذي قبله.
قال: حدثني موسى بن جعفر بن محمد؛ قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أهل بيتي أمان لأهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء، فويل لمن خذلهم، وعاندهم)).
هذا سياق ما في الشافي.
وهذا الخبر الشريف قد تقدم تخريجه، وغيره من الأخبار النبوية في الفصل الأول.
وهذا الإسناد من مسلسلات الكاظم، وقد سبق ذكره مع غيره من أئمة العترة (ع)، في التحف الفاطمية، وفي هذا الكتاب، ولا بأس بالإشارة إلى مالم يذكر هنالك من حاله، ليكون للأماليات كالختام. /422(1/422)


[ترجمة موسى الكاظم (ع)]
فأقول، والله ولي التوفيق: موسى الكاظم، هو الإمام الحجة، علم أعلام المحجة، أبو الحسن المدني، المتوفى سنة ثمان وثمانين ومائة، وأَمْره في آل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أوضح من أن يشرح، وله في أيام المهدي، والهادي، والرشيد، ظلمة بني العباس، لما اعتدوا عليه، كرامات تشبه ما وقع لوالده الإمام أبي عبدالله الصادق، في أيام الطاغية المنصور؛ وقد أخرج ذلك الإمامان أبو طالب، والمرشد بالله (ع)، وقد حكى ما وقع لموسى الكاظم (ع) صاحب جواهر العقدين وغيره.
من ذلك أن موسى الهادي رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ يقول له: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} [محمد]، فأمر بإطلاقه.
قال في الشافي: ولما زار ـ أي الرشيد ـ، النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، قام عند رأسه وقال: يارسول الله، إني أعتذر إليك، أريد أخذ موسى بن جعفر..إلخ.
وروى الخطيب بإسناده، أن الرشيد حج، فأتى قبر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ومعه موسى بن جعفر (ع)، فقال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عم ـ افتخاراً على من حوله ـ فدنا موسى فقال: السلام عليك يا أبت.
فتغير وجه الرشيد، وقال: هذا هو الفخر يا أبا الحسن، انتهى.
روى ذلك في جواهر العقدين.
قلت: ولما مَنّ الله ـ وله المن والإنعام ـ علينا بزيارة أبينا سيد الأنام ـ عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ـ، عام ثمانية وستين وثلاثمائة وألف، وقع ما يشاكل هذه القضية، والمسؤول منه ـ عز وجل ـ، أن يتم علينا نعمته وفضله، ويكون ذلك القرب مزلفاً لديه في أكرم مقام، وأحسن مآب، إنه هو المنعم الوهاب./423(1/423)


[الكلام على الجامع الكافي، ترجيح أحكام الهادي (ع)]
الجامع الكافي، في جامع آل محمد، للسيد الإمام أبي عبدالله، محمد بن علي الحسني الكوفي، وقد ذكرت تمام نسبه، والذي أخرج نسخة الجامع إلى اليمن، الشريف العالم الإمام أحمد الحسني، كلّذلك في التحف الفاطمية، في سيرة الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة (ع)، وحققت الصحيح في اسم والد الشريف أحمد، وإن كان الأكثر يقولون: أحمد بن الأمير.
هذا والجامع الكافي ستة مجلدات، اعتمد فيه صاحبه على ذكر مذهب الإمام نجم آل الرسول، القاسم بن إبراهيم، والإمام فقيه آل محمد، أحمد بن عيسى، والإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن الإمام الأعظم زيد بن علي، وعلامة العراق، محمد بن منصور المرادي ـ رضوان الله عليهم ـ.
قال: لأنه رأى زيدية العراق، يعولون على مذاهبهم، وذكر أنه جمعه من نيف على ثلاثين مصنفاً، من مصنفات محمد بن منصور، وأنه اختصر أسانيد الأحاديث، مع ذكر الحجج، فيما وافق وخالف.
قلت: واعلم ـ أيدنا الله تعالى وإياك بالتوفيق، وبصرنا لسلوك منهج التحقيق ـ أن الروايات فيما لم يكن معلوماً عن الرسول الأمين، وعن وصيه إمام المتقين، وعن عترته الأئمة الهادين، عليهم صلوات رب العالمين، كثيرة الاختلاف، متسعة الأطراف؛ وذلك من أعظم مهمات التكليف، وأجل واجبات الابتلاء في الدين الحنيف؛ لما اقتضته حكمة العليم اللطيف.
وقد خفف اللَّه ـ تعالى وله الحمد ـ فلم يكلفنا إلا دون الطاقة، ولم يوجب علينا غير ما يدخل تحت الاستطاعة، فما لم يثبت لنا فيه طرق الصحة، فلا كلام في تركه واطراحه؛ ولكن الكلام فيما له بحسب الظاهر حكم الصحيح، فإنه مع/424(1/424)

86 / 135
ع
En
A+
A-