ما رأيتُ رجلاً أعرف بدقيق الكلام وجليله منه. انتهى.
وبه قال: أخبرنا أبو أحمد عبدالله بن عدي الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي بمصر، قال: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي إسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي ـ رضوان الله عليهم ـ أن رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - قال: ((لما نزلت هذه الآية {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} [الرعد]: ((ذلك مَنْ أحبّ الله، ورسوله، وأحبّ أهل بيتي، صادقاً غير كاذب، وأحب المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر الله فتحابوا)).
[تراجم لأبي أحمد بن عدي، وأبي الحسن بن الأشعث، وأحمد بن سلام]
وهذا كالأولَينِ ليس بين هذه السلسلة النبوية إلا رجلان: الأول الحافظ أبو أحمد.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في ترجمته: عبدالله بن عدي بن عبدالله بن محمد بن مبارك الجرجاني، أبو أحمد بن عدي الإمام، الحافظ الكبير، ويُعْرف أيضاً بابن القطان، صاحب الكامل، والجرح والتعديل، كان أحد الأعلام.
إلى قوله: قال الخليل: كان عديم النظير حفظاً، وعدالةً، زاد معجمه على ألف شيخ.
إلى قوله: توفي في جمادى الآخرة، سنة خمس وستين وثلاثمائة.
قال: ولا شيء له في الست؛ لأن زمنه متأخر عن أهلها، وخرج له السيد أبو طالب (ع) فأكثر، انتهى.
والثاني: شيعي الآل محمد بن محمد بن الأشعث، أبو الحسن، نزيل مصر؛ حكى الذهبي عن ابن عدي أن ابن الأشعث حمل إليهم نسخة قريباً من ألف حديث، عن موسى بن إسماعيل.
في مختصر الطبقات: واحتج به البيهقي في السنن الكبرى؛ قال السيوطي: إيراد البيهقي له فائدة جليلة؛ فإنه التزم ألا يخرج في تصانيفه عن وضّاع، سيما في الكبرى التي هي من أجلّ كتبه؛ ذكر معنى ذلك في جمع الجوامع، وكان سماع بن عدي عليه سنة [305] خمس وثلاثمائة، وتوفي سنة [314] أربع عشرة وثلاثمائة، /410(1/410)


انتهى.
قلت: ولا التفات إلى ما في تنقيح الأنظار من حكايته لتضعيف جماعة من عيون الشيعة الكرام، المعتمد على رواياتهم عند أئمة العترة الأعلام (ع)، محمد بن محمد منهم، فتلك مجازفة واضحة من الحافظ، حمله عليها المِراء كما حمله على غيرها، كما لايخفى على ذي بصيرة، والله ولي التوفيق.
وبه قال: أخبرنا أبي.
قلت: هو السيد الإمام الحسين بن هارون، كان من أعيان أصحاب الإمام الناصر للحق الحسن بن علي (ع) ونقلة أخباره، وقد أجاب السيد الإمام في الطبقات على ما قيل من أنه إمامي المذهب، بأن ولده الإمام المؤيد بالله (ع) ذكر: أنه لايقبل أخبار الإمامية، وقد قَبِلَ أخباره.
قلت: وكذا ولده الناطق بالحق (ع) أكثر عنه أيضاً، ومذهبه العدالة المحققة كما سبق، وكونه من خواص الإمام الناصر للحق (ع)، يردّ ذلك.
(رجع) قال: أخبرنا عبدالله بن أحمد بن سلام.
قلت: كان من أعيان أصحاب الإمام الناصر للحق ـ رضي الله عنهم ـ، وبعده الإمام الحسن بن القاسم (ع)، وكان عالماً ديناً ورعاً، توفي بعد العشرين والثلاثمائة؛ أفاده السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ.
قال: أخبرنا أبي.
قلت: هو أحمد بن سلاّ م ـ بتثقيل اللام ـ كان من أعيان أصحاب نجم آل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، المكثرين عنه، وروى عن مشايخ الزيدية.
قال في الإفادة: كان ابن سلام شيخاً عارفاً فاضلاً، صاحب فقه كثير، ورواية غزيرة، وهو من رجال الشيعة، وخالصتهم؛ أفاده السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ.
قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا عبدالله بن داهر، عن عمرو بن جميع. /411(1/411)


قلت: هم من أعلام الشيعة ـ رضي الله عنهم ـ، وقد تقدم الكلام عليهم.
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي ـ رضوان الله عليه ـ، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((هل منكم من يريد أن يعطيه الله علماً بغير تعلّم؟ هل منكم من يريد أن يعطيه الله هدى بغير هداية؟ هل منكم من يريد أن يُذْهب الله عنه العمى ويجعله بصيراً؟
ألا إنه من زهد في الدنيا وقصر فيها أمله، أعطاه الله علماً بغير تعلم، وهدى بغير هداية؛ ألا وإنه من رغب في الدنيا، وأطال فيها أمله، أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها؛ ألا وإنه سيكون أقوام لايستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر، ولايستقيم لهم الغنى إلا بالبخل والفخر، ولا يستقيم لهم المحبة في الناس إلا باتباع الهوى؛ ألا فمن أدرك منكم ذلك فصبر على الذل وهو يقدر على العزّ، وصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على البغضة في الناس، وهو يقدر على المحبة، لايريد بذلك إلا وجه الله، والدار الآخرة، أثابه الله ثواب خمسين صديقاً))، انتهى.
هذا، ومالم نخصه بسند من كتب الإمامين: المؤيد بالله، والناطق بالحق، كالإفادتين لهما، والزيادات للمؤيد بالله، والمجزي، للناطق بالحق، وغيرها من مؤلفاتهما، ومؤلفات الأئمة السابقين، فللاعتماد على ما سبق من الإسناد الجامع لمؤلفاتهم (ع)، وقد ذكرتُ مؤلفات الأئمة (ع)، في التحف الفاطمية نفع الله بها؛ والله ولي التوفيق.
[السند إلى كتاب الاعتبار وسلوة العارفين، وجميع مؤلفات الإمام الموفق بالله الجرجاني]
وكتاب الإحاطة في علم الكلام للإمام الموفق بالله أبي عبدالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني، الشجري (بالشين المعجمة، والجيم، والراء)، نسبة إلى قرية قرب المدينة، وهو والد المرشد بالله، /412(1/412)


وعين أعيان جماعة المؤيد بالله (ع).
أروي جميع مؤلفات الإمام الموفق بالله (ع) بالأسانيد السابقة، إلى الإمام يحيى شرف الدين، عن الفقيه علي بن أحمد، عن الفقيه علي بن زيد، عن أبي العطايا، عن الفقيه يوسف، عن الفقيه حسن النحوي، عن الفقيه يحيى البحيبح، عن الأمير المؤيد، عن الأمير الحسين، عن الأمير علي، عن الشيخ عطية، عن الأميرين شمس الدين وبدره، عن القاضي جعفر ـ رضي الله عنهم ـ.
قال: أخبرنا الشيخ الأديب محمد بن الحسين الآذوني قراءة عليه.
قلت: قال السيد الإمام في ترجمته: الآذوني (بالمد، فضم الذال المعجمة، ثم واو، ثم نون، ثم ياء النسب)، ثم ساق ما في السند.
قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن علي بن إسحاق الفرزاذي.
قلت: هو الشيخ الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب إسحاق الفرزاذي، المتقدم في سند أمالي الإمام المؤيد بالله (ع).
قال: حدثنا السيد الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الحسني الشجري، قال الإمام أبو عبدالله الموفق بالله في كتاب الاعتبار وسلوة العارفين:
الحمد لله، الذي له العزة، وذلّت دونه الأعزة، والغني الذي افتقر إلى رحمته الأغنياء، وبنعمته استقلت الأعداء والأولياء.
وافتتحه بعد الخطبة بقوله:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): المدة وإن طالت قصيرة، والماضي للمقيم عبرة.
إلى آخره.
وقال فيه: أخبرني أبو الحسن الحسن بن علي بن محمد.
قلت: ابن جعفر بن الحسين الوبري؛ أفاد في الطبقات، وتبعه المولى فخر الإسلام في مختصرها الجداول، ما في السند لاغير؛ والذي ترجح عندي فيه من تصفح رواياته، واعتماد الإمام عليه، وتكرر روايته عنه ـ أنه من الموالين لآل محمد (ع)، ومن روايته في الكتاب عن شيخه الآتي بالسند إلى جعفر بن /413(1/413)


محمد (ع) أنه قال: كل راية في غير الزيدية فهي راية الضلالة.
وعن شيخه أيضاً بسند له آخر إلى الإمام إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن(ع): لو نزلت راية من السماء، لم تُنْصب إلا في الزيدية.
وعن شيخه أيضاً بسند له آخر، عن جعفر بن محمد بن علي (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ للحسين: ((ياحسين يخرج من صلبك رجل، يقال: له زيد، يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس يوم القيامة، غراً محجلين، يدخلون الجنة)).
(رجع) أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي.
قلت: هو الحافظ، من ثقات محدثي الشيعة ـ رضي الله عنهم ـ، توفي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة؛ خرج له الإمام وولده المرشد بالله (ع)، وهو (بجيم، فعين مهملة، فألف، فباء موحدة، فياء النسبة).
(رجع) حدثني القاسم بن محمد عن أبيه.
قلت: هو السيد أبو أحمد القاسم بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (ع) الملقب الملك الجليل.
ويروى أنه دعا إلى نفسه بالطالقان، ولعله احتسب للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ خرج له الإمام وولده (ع)، ولم يذكروا له فيما وقفتُ عليه من كتب الرجال وفاة؛ والذي في أمالي المرشد بالله، والمشجر: القاسم بن جعفر بن محمد.
(رجع) عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن الحسين بن علي (ع) قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: ((وإذا صليت، فصل صلاة مودع؛ وإياك ياحسين، وما يعتذر منه)) الخبر بطوله.
وفي الخبر: ((إياك وما يسوء الأذن)) وفي الخبر: ((ما أحببت أن يأتي الناس إليك فأته إليهم، وما كرهت أن يأتي الناس إليك فلا تأته إليهم)) وقوله: ((اذكروا هادم اللذات)) وقوله: ((دعْ ما يريبك إلى ما لايريبك)).
وفيه بهذا السند عن أمير المؤمنين (ع): من نقله الله من ذل المعاصي إلى عزّ التقوى أغناه الله بلا /414(1/414)

84 / 135
ع
En
A+
A-