وبه عن علي (ع) قال: من قال في موطن قبل وفاته: رضيتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ نبياً، وبعلي وأهل بيته أولياء، كان له ستراً من النار، وكان معنا غداً هكذا ـ وجمع بين إصبعيه ـ.
وبه عن علي (ع) قال: قال لي رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((أنت أخي، ووزيري، وخير من أخلفه بعدي، بحبك يعرف المؤمنون، وببغضك يعرف المنافقون، من أحبك من أمتي فقد برئ من النفاق، ومن أبغضك لقي الله - عز وجلّ - منافقاً)).
[صفة الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ]
وبه قال: بينا علي (ع) بين أظهركم بالكوفة، وهو يحارب معاوية بن أبي سفيان، في صحن مسجدكم هذا، محتبياً بحمائل سيفه، وحوله الناس محدقون به، أقرب الناس منه أصحاب رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، والتابعون يلونهم؛ إذْ قال رجل من أصحابه: ياأمير المؤمنين صف لنا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ كأنا ننظر إليه، فإنك أحفظ لذلك منا.
فصوَّب رأسه ورقّ لذكر رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، واغرورقت عيناه.
قال: ثم رفع رأسه ثم قال: نعم، كان رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أبيض اللون، مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سبط الشعر، دقيق العرنين، سهل الخدين، دقيق المسربة، كث اللحية؛ كان شعره مع شحمة أذنيه إذا طال، كأنما عنقه إبريق فضة، له شعر من لبته إلى سرته، يجري كالقضيب؛ لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره، إلا نبذات في صدره، شثن الكف والقدم؛ إذا مشى كأنما يتقلع من صخر أوينحدر من صبب، إذا التفت التفت جميعاً؛ لم يكن بالطويل ولا بالقصير، ولا العاجز اللئيم؛ كأنما عرقه اللؤلؤ، ريح /330(1/330)
عرقه أطيب من المسك؛ لم أرَ قبله ولا بعده مثله، ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
[الحديث المسلسل بـ(عدَّهُنَّ في يدي) من المجموع]
وبالإسناد المتقدم إلى أبي القاسم علي بن محمد النخعي، قال: حدثني سليمان بن إبراهيم المحاربي، جدي أبو أمي، قال: عدهن في يدي نصر بن مزاحم، قال نصر بن مزاحم: عدّهن في يدي أبو خالد، قال أبو خالد: عدّهن في يدي زيد بن علي (ع)، قال زيد بن علي: عدّهن في يدي علي بن الحسين (ع)، قال علي بن الحسين: عدّهن في يدي الحسين بن علي (ع)، قال الحسين بن علي: عدّهن في يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وقال علي بن أبي طالب: عدّهن في يدي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((عدّهن في يدي جبريل (ع)، وقال جبريل: هكذا نزلتُ بهنّ من عند رب العزة:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وتحنن على محمد وعلى آل محمد، كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وسلّم على محمد وعلى آل محمد، كما سلّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد)).
قال أبو خالد رحمه الله: عدّهن في يدي بأصابع الكف، مضمومة، واحدة واحدة، مع الإبهام.
وهذا ختم المجموع الشريف المرتب، والحمد لله كثيراً.
نعم، وإمام الجهاد والاجتهاد، الإمام الأعظم الزكي، الهادي المهدي، زيد بن علي بن الحسين بن علي ـ صلوات الله عليهم ـ، لا يحتمل المقام اليسير من فضائله، ولا يتسع البحث عشر العشير من مكارمه وشمائله؛ وكفى بما ورد فيه عن جده الرسول الأمين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، من الأخبار النبوية، وعن أبيه سيد الوصيين ـ سلام الله عليهم ـ من البشائر العلوية؛ وجميعها من الأعلام /331(1/331)
النبوية؛ وكذا عن أبويه ريحانة الرسول الحسين السبط، وسيد العابدين، وأخيه باقر علم الأنبياء، وابنه جعفر الصادق؛ وعن سادات آل محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم وسلامه ـ، خلفاً عن سلف؛ وقد علم إطباق علماء الأمة المحمدية، وإجماع فضلاء الملة الحنفية، من جميع الفرق، على إجلاله وتعظيم شأنه، واحترام مكانه، والقيام بحقه، والإقرار بسبقه، وتضمين مؤلفات الموالفين والمخالفين، لما أولاه الله تعالى من الفضل، وأكرمه به من الكرامات، الدالة على علوّ محله عند الله، وبلوغه غاية النبل.
وقد تضمنت شيئاً مما ورد فيه، وفي الأئمة السابقين، عن جدهم سيد المرسلين، وأبيهم سيد الوصيين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ، التحفُ الفاطمية شرح الزلف الإمامية؛ وكل ذلك قد شحنت به الأسفار، ونقله الأئمة الكبار.
وسار مسير الشمس في كل بلدة .... وهبّ هبوب الريح في البر والبحرِ
وعند عروض مايقتضي ذلك، نتبرك بذكره في محله ـ إن شاء الله تعالى ـ، على أن الأمر في ذلك كما قال أبو الطيب المتنبي، في والدهم الوصي (ع):
وتركتُ مدحي للوصي تعمداً .... إذْ كان نوراً مستطيلاً كاملاً
وإذا استقامَ الشيءُ قامَ بنفسه .... وصفاتُ ضوء الشمس تذهبُ باطلاً
وحين نذكر شيئاً من ذلك، فإنما هو من باب قوله:
أسامي لم يزدن معرفةً .... وإنما لذةً ذكرناها
والمرء مع من أحب.
هذا، وقد تضمن كثيراً من أصحاب الإمام الأعظم (ع)، تأليفُ الشيخ العالم الزاهد، ولي آل محمد (ع)، القاسم بن عبد العزيز بن إسحاق البغدادي، المتقدم - رضي الله عنهم -.
وسنفرد ـ إن شاء الله تعالى ـ فصلاً جامعاً يشتمل على ثقات الرواة، في كتب الأئمة الهداة (ع)، ومن عرض ذكره قبل /332(1/332)
ذلك وقع الكلام عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ كما قد سبق، ويأتي في غضون الأبحاث في كل محل بما يقتضيه السياق، مع كثرة المقاصد واتساع النطاق؛ وسيكون العمل إن شاء الله على هذا المنوال، بعون الملك المتعال، والحمد لله على كل حال.
[أمالي الإمام أحمد بن عيسى (ع) والرد على من زعم أن محمد بن منصور يقبل رواية المجهول]
(أمالي حفيد الإمام الأعظم، عالم آل محمد أبي عبدالله، أحمد بن عيسى بن الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليهم ـ) وهي المسماة علوم آل محمد، وجامع محمد بن منصور.
وسماها الإمام المنصور بالله (ع) بدائع الأنوار في محاسن الآثار.
ومؤلفها عالم العراق، وإمام الشيعة بالاتفاق، أبو جعفر، محمد بن منصور المقري المرادي ـ رضوان الله عليه ـ؛ وهو يروي عن أعلام آل محمد (ع).
وهذا الكتاب من أقدم كتب الإسلام؛ فإنه سُمع على مؤلفه عام ستةٍ وخمسين ومائتين، وهو العام الذي مات فيه البخاري، محمد بن إسماعيل الجُعْفي، وتوفي مسلم بعده بست سنين، وبقي شيخ الإسلام محمد بن منصور ـ رضوان الله عليه ـ، إلى نيف وتسعين؛ فقد بارك الله في عمره، وانتفع به المسلمون ببركة ملازمته لآل محمد(ع).
وما يحكى عنه من قبول المجهول، لم يثبت؛ هكذا قرر بعض علمائنا.
قلت: والذي يظهر لي أن مستند الرواية عنه في قبول المجهول، ما في بعض أسانيده عن رجل أو نحوه؛ وهو مأخذ غير صحيح؛ فإن ذلك لايستلزم أن يكون مجهولاً لديه، ولعله لم يسمِّه لمقصد صالح.
ثم لو فرض أنه مجهول له فلم يُصَرح بقبوله، ولم يلتزم التصحيح في جميع مارواه في الكتاب، وإنما قصده الجمع؛ وإن كان المقصود والأغلب روايات آل محمد (ع)، وأتباعهم ـ رضي الله عنهم ـ.
وما كان عن غيرهم فعلى سبيل المتابعة /333(1/333)
والاستشهاد؛ فالعهدة على الناظر في أخذ ماصحّ، وطرح مالم يترجح.
هذا وقد صرح السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير، في تنقيح الأنظار، أن محمد بن منصور نصّ على قبول المجهول في كتابه، بهذا أو معناه، ولم نجد ذلك في كتابه أصلاً؛ والله ولي التوفيق.
[الطريق إلى أمالي أحمد بن عيسى]
نعم، أروي أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي (ع)، بالأسانيد السابقة في المجموع، إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين (ع)؛ عن السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى (ع)، عن الفقيه يوسف بن أحمد، عن إمام الشيعة الحسن بن محمد النحوي، عن العلامة عماد الدين يحيى بن حسن البحيبح - رضي الله عنهم -، عن الأمير المؤيد بن أحمد، عن الأمير الحسين بن محمد، عن الأمير علي بن الحسين، عن الشيخ عطية بن محمد النجراني، عن الأميرين الداعيين إلى الله شمس الدين، وبدره، يحيى ومحمد، ابني أحمد بن يحيى بن يحيى (ع)؛ عن القاضي جعفر بن أحمد، عن الكني، عن أبي علي بن آموج، عن القاضي زيد بن محمد، عن علي خليل، عن القاضي يوسف الخطيب ـ رضي الله عنهم ـ، عن الثلاثة الأئمة: المؤيد بالله، وأبي طالب، وأبي العباس؛ عن السيد الإمام، القدوة، عالم آل محمد(ع)، بالري، أبي زيد، عيسى بن محمد بن أحمد بن عيسى بن يحيى بن الحسين بن الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي (ع)، المتوفى سنة ست وعشرين وثلاثمائة بالري؛ عن شيخ الإسلام محمد بن منصور المرادي ـ رضوان الله عليه ـ.
(ح)، وأرويها أيضاً بالسند المتقدم في المجموع، إلى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، عن الشيخ محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي ـ رضي الله عنهما ـ، عن الأمير الداعي إلى الله، شيبة الحمد، بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى؛ عن الشريف العالم، تاج العترة المطهرة، عماد الدين، الحسن بن عبدالله بن محمد بن يحيى، من ولد /334(1/334)