أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته .... يوم النشور من الرحمن رضوانا
أوضحت من ديننا ماكان ملتبساً .... جزاك ربك عنا فيه إحساناً
نفسي الفداء لخير الناس كلهم .... بعد النبي علي الْحَبر مولانا
نفى الشكوك مقالٌ منك متضح .... وزاد ذا العلم والإيمان إيماناً
فليس معذرة في فعل فاحشة .... يوماً لراكبها ظلماً وعدوانا
لا لا ولا قائل ناهيه أوقعه .... فيها عبدت إذاً ياقوم شيطاناً
انتهى.
قلت: وساق الرواية الأمير الناصر للحق، الحسين بن بدر الدين (ع)، في الينابيع بمخالفة يسيرة في بعض اللفظ، لاتخل بالمعنى.
ورواها القرشي في المنهاج كذلك، ولم يذكر إلا البيتين الأولين، وفيه مكان يوم النشور إلخ يوم الحساب من الرحمن غفراناً.
قال الإمام الهادي إلى الحق، عز الدين بن الحسن (ع) في المعراج: قد روي يوم النشور من الرحمن رضواناً، ويروى بعد البيتين اللذين ذكرهما المصنف نفسي.
ثم ساق الإمام (ع) الأبيات المتقدمة.
قال الإمام في المعراج بعد ذكر الرواية: وإن اسم الشيخ أزور بن ضرار؛ ففيها نص صريح على بطلان ماذهب إليه المجبرة، وبيان أنهم القدرية، وكلامه (ع) حجة. انتهى.
قال المولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي ـ أيده الله تعالى ـ في تخريج الشافي: وروى هذا الخبر الشيخ أبو الحسين البصري، في كتاب الغرر، عن الأصبغ بن نباتة، وفيه ذكر البيتين الأولين؛ ذكره شارح نهج البلاغة.
وأخرجه ابن عساكر، عن محمد بن زكريا العلابي ، عن عكرمة /249(1/249)


قال: لما قدم علي من صفين قام إليه شيخ، فقال: أخبرنا عن مسيرنا أكان بقضاء وقدر؟..إلخ.
من شرح التحفة، وليس فيه ذكر الأبيات لكن النثر نحو ماهنا.
ورواه في نهج البلاغة بلفظ: ويحك، لعلك ظننت قضاءً لازماً، وقدراً حاتماً، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد؛ إن اللَّه سبحانه أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يرسل الأنبياء لعباً، ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً، ولا خلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً؛ ذلك ظن الذين كفروا فويلٌ للذين كفروا من النار. انتهى.
قال الرضي، من كلام طويل هذا مختاره: وقد ذكره المرتضى ـ أخو الرضي ـ في أماليه بطوله نحو مافي الأصل، وفيه ذكر البيتين الأولين.
ورواه الحاكم أبو سعيد، في جلاء الأبصار، بإسناده إلى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، ورواه في كنز العمال. انتهى.
وروى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي بطرقه، عن أنس بن مالك، وحذيفة، أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: ((صنفان من أمتي لاتنالهما شفاعتي، لعنهما اللَّه على لسان سبعين نبياً: القدرية، والمرجئة)).
قيل: يارسول اللَّه، من القدرية؟.
قال: ((الذين يعملون بالمعاصي، ويقولون هي من قبل اللَّه)).
قيل: فمن المرجئة؟.
قال: ((الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل)).
وكذلك عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يكون في آخر هذه الأمة قوم يعملون بالمعاصي، ويقولون: هي من اللَّه؛ الراد عليهم كالشاهر سيفه في سبيل اللَّه)).
وفي روايته الأخرى عن جابر قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يكون في آخر الزمان قوم يعملون بالمعاصي، ويقولون: هذا بقضاء اللَّه /250(1/250)


وقدره؛ الراد عليهم كالمشرع سيفه في سبيل اللَّه)).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((سيكون في هذه الأمة قوم يعملون بالمعاصي، ثم يزعمون أنها من اللَّه، فإذا رأيتموهم فكذبوهم كذبوهم ثلاث مرات)).
قال (ع): ومن ذلك بهذا الطريق عن الحسن قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لن يلقى العبد ربه بذنب أعظم من الإشراك بالله، وأن يعمل بمعصية، ثم يزعم أنها من الله تعالى)).
وروى (ع) عن أبي أمامة في خبر، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، قال في آخره: ((ولاتحملوا على اللَّه ذنوبكم)).
وساق (ع) في ذلك أخباراً، وآثاراً كثيرة؛ وقد روى جملة مما رواه الإمام أئمتنا (ع)، وسائر علماء التوحيد والعدل ـ رضي الله عنهم ـ.
وممن بسط في ذلك الأمير الناصر للحق، حافظ العترة، الحسين بن محمد (ع) في ينابيع النصيحة؛ قال فيها: وروينا عن السيد الإمام أبي طالب أنه روى بإسناده عن الحسن ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: إذا كان يوم القيامة، دعي إبليس وقيل له: ماحملك على ألا تسجد لآدم؟ فيقول: يارب، أنت حلت بيني وبين ذلك؛ فيقال له: كذبت؛ فيقول: إن لي شهوداً، فينادى أين القدرية، شهود إبليس وخصماء الرحمن؟ فيقوم طوائف من هذه الأمة، فيخرج من أفواههم دخان أسود، فيطبق وجوههم، فتسودّ؛ وذلك قول اللَّه تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ } [الزمر:60].
إلى آخر كلامه (ع).
ومما يدل دلالة قاطعة، لاسبيل إلى التردد فيها والمنازعة، على أن طائفة الجبرية، من الجهمية والأشعرية، هم المرادون بالمجوس القدرية أن أهل بيت محمد ـ صلوات الله عليهم ـ جميعهم عدلية، يتوارثون العدل أباً عن أب، إلى أبيهم سيد الأوصياء، وابن عم سيد الأنبياء؛ معلوم ذلك من دينهم لجميع /251(1/251)


الأمة المحمدية، وفي المثل السائر: العدل هاشمي، والجبر أموي.
ومعلوم أنهم المطهرون عن الرجس، والمفروضة مودتهم بنص الكتاب، والأمان من الضلال، والسفينة المنجية من العذاب، والمأمور بالتمسك بهم والتعلم منهم جميع أولي الألباب، ولم يزالوا يناظرون فرق الجبرية، ويقيمون الأدلة العقلية والنقلية؛ وتواتر هذا المعنى عنهم لايرتاب فيه عند طوائف البرية، ولم يشذ عن ذلك إلا من لايؤبه له، ممن تأخر زمانه، وغلب عليه مذهب أهل بلده، وضعفت همته عن النظر في طلب الحق، فدخل تحت أسر التقليد للمنحرفين عن العترة الزكية، وهو مسبوق بإجماع السابقين المعلوم، وليس بمتبوع ولامشهور؛ بل هو تابع لأهل الزيغ على غير بصيرة وفيهم مغمور؛ ولم يُعلَمْ معهم من المحققين، إلا الشريف الجرجاني، وقد ـ رجع بحمد الله تعالى ـ وأدركه اللطف الرباني، واتبع دين آبائه الذين لايقال في شأنهم إلا ماقاله ـ سبحانه ـ في المنزل القرآني: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ ءَابَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } [يوسف:38] الآية.
فكيف يكونون القدريةَ ومجوسَ هذه الأمة، المحذَّر عن مفاتحتهم، مع ماعلم عن اللَّه وعن رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من وجوب مودتهم، والتمسك بهم، والتعلم منهم، ومتابعتهم؟ هل هذا إلا محض التناقض وعين التعارض؟.
فصح ضرورة أن العدلية ليسوا مرادين بحديث القدرية، وأن ذلك الذم لمن خالفهم من البرية؛ والحمد لله رب العالمين./252(1/252)


الفصل الثالث [في لمع من نصوص رجال إسناد المؤلف في إجازاتهم]
في إيراد لمع من نصوص كلمات من اتصل بهم سندنا من الأئمة السابقين، ثم من بعدهم من العلماء العاملين، ورسم أسمائهم الشريفة حسب تحريرهم؛ للتبرك بذكرهم، والاقتداء بآثارهم، وكون من سبقهم قد جُمعت محرراتهم، وهؤلاء الأئمة الأعلام، والعلماء الكرام، لاجامع لما حرروه، ولامقيد لما زبروه؛ وإنما هي مفرقة، قد كادت تذهب بها أيدي الضياع، وهي حقيقة بأن تُؤثَر على الأبصار والأسماع، فإنها من أقرب الوسائل إلى الله تعالى، وإلى رسوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -؛ وما رَسَمْتُه هو مما وقفت عليه بمنّ الله تعالى، برسم أقلامهم الشريفة؛ وقد نشير في هذا الفصل، إلى تعيين بعض ماأخذه العالم عمن قبله، على طريقة الاختصار، والقصد بيان اتصال السماع؛ ولايخفى ماتتضمنه هذه الموسومات الكريمة من الأخبار النبوية، والآثار العلمية، جزى اللَّه قائليها أئمة الإسلام، وهداة الأنام، أفضل الجزاء والإكرام، وأنالنا من بركاتهم وألحقنا بهم في دار السلام.
[إجازة من الإمام المنصور بالله أحمد بن هاشم(ع)]
فأقول وبالله التوفيق: قال الإمام الأجل، المنصور بالله ـ عز وجل ـ أمير المؤمنين، أبو محمد أحمد بن هاشم، في إجازته للإمام الأعظم، المجدد للدين، المهدي لدين اللَّه رب العالمين، أمير المؤمنين، أبي القاسم محمد بن القاسم الحسيني ـ رضي الله عنهم ـ /255(1/255)

53 / 135
ع
En
A+
A-