قال السيوطي: أخرجه يعقوب بن سفيان، وابن عساكر؛ وأفاد المولى فخر الإسلام عبدالله بن الإمام الهادي القاسمي - حماه الله تعالى، ورضي الله عنه -، في الجداول أنه أخرجه معهما البيهقي.
قال: وعن علي (ع) أنه قال: يا أهل العراق، سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء، مَثَلُهم كمثل أصحاب الأخدود؛ أخرجه البيهقي، وابن عساكر. انتهى.
واحتاج الماء في السجن، فلم يعطوه، فدعا اللَّه تعالى فأرسل له سحابة بالماء فاغتسل، وطلب أن يصلي قبل قتله ركعتين، وقال: لولا أن تظنوا بي غير الذي بي لأطلتهما؛ وأخباره كثيرة، وهي مبسوطة في الشافي وغيره من كتب أئمتنا (ع) وغيرهم ـ رضوان الله عليه ـ.
وأبو طَرِيف عدي بن حاتم، الجواد ابن الجواد، الذي أكرمه رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، أحد خاصة أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ شهد جميع مشاهده، وفُقئت عينه يوم الجمل، توفي بالكوفة عام [68] ثمانية وستين، عن مائة وعشرين ـ رضي الله عنه ـ.
وعمرو بن الحمق الخزاعي ـ رضي الله عنه ـ أحد خواص الوصي ـ صلوات الله عليه ـ الشاهد جميع مشاهده، وكان رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال له: ((ياعمرو، أتحب أن أريك آية الجنة)).
قال: نعم يارسول اللَّه.
فمر علي بن أبي طالب، فقال: ((هذا وقومه آية الجنة)) رواه السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في الطبقات.
قال في سياق خبره: ثم كتب معاوية في طلبه.
إلى قوله: عن رفاعة بن شداد البجلي، وكان مؤاخياً لعمرو بن الحمق، أنه خرج معه حين طُلِبَ فقال: يارفاعة، إن القوم قاتلي؛ إن رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أخبرني أن الجن والإنس تشترك في دمي.
إلى قوله: فما أتم حديثه حتى رأيت أعنة الخيل، فودعته، وواثبته حية فلسعته، فأدركوه فاحتزوا رأسه؛ فكان أول رأس أهدي في الإسلام.
استشهد بالموصل عام [51] أحد وخمسين ـ رضي الله عنه ـ.
وغيرهم ممن يطول ذكرهم، ويشق حصرهم؛ وإنما هذه العصابة المرضية، وجوههم، من صحابة سيد المرسلين ـ صلوات الله عليهم /224(1/224)
أجمعين ـ وكذا أعيان التابعين لهم بإحسان، وتابعي التابعين إلى يوم الدين؛ فكل هؤلاء روافض لتقديمهم إمام المتقين.
وكذا جميع المؤمنين شيعة؛ لمحبتهم سيد الوصيين، وأخا سيد النبيين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ الذي حبه إيمان، وبغضه نفاق، على لسان سيد المرسلين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وكلا الطائفتين مجروح في عدالته، مقدوح في روايته، على قول هؤلاء؛ فقد عاكسوا ماقضى الله تعالى به، ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وضادوا حكمه ـ عز وجل ـ حيث حكم بأن حبه إيمان، وبغضه نفاق، فلم يبق على قَود مصطلحهم مرضي العدالة، مقبول الرواية، إلا طوائف الناكثين، والقاسطين، والمارقين، ومن تبعهم من المضلين.
أفيدين بهذا من يؤمن بالله، ورسوله، وكتابه، واليوم الآخر، من المسلمين؟!.
كلا والله؛ إن ذلك هو الضلال المبين، والخذلان اليقين، والانسلاخ عن الدين؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
هذا، وقد قدمنا ماأشار إليه بعض أئمة العترة (ع)، من اللوازم التي تلزمهم، مما لا محيص لهم عنها، ولامخلص لهم منها، ونعود إلى تمامه.
قال (ع) في سياق ذلك البحث: ثم إن حديث ((علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر))، أورده الذهبي في الميزان، عن شريك قال: بإسناد كالشمس.
وروى معناه السيوطي في الدر المنثور قال مالفظه: وأخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبدالله، كنا عند النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فأقبل علي (ع) فقال: ((والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة)) ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة].
فكان أصحاب النبي /225(1/225)
ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، إذا أقبل علي، قالوا: جاء خير البرية.
وأخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً: ((علي خير البرية)).
وأخرج ابن عدي، عن ابن عباس قال: لما نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة]، قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي: ((هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين)).
وأخرج ابن مردويه، عن علي (ع) قال: قال لي رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ألم تسمع قول اللَّه: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة]، أنت وشيعتك؛ وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جثت الأمم للحساب، تُدْعون غراً محجلين)). انتهى.
وأخرج ((علي خير البشر، من شك فيه كفر)) في كنوز الحقائق، عن أبي يعلى.
وأخرج أيضاً: ((علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة)) عن الديلمي.
وأخرج أيضاً ((علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر))، عن الخطيب البغدادي.
وهذا الخبر ـ أعني علياً خير البشر إلخ ـ قال شارح كتاب الدعامة: إن شيخه يرويه بإحدى وسبعين طريقاً.
وأورده محمد بن سليمان الكوفي مسنداً في مناقبه بطرق ذكرها. ورواه الكنجي.
وفي شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني أحاديث كثيرة في حديث ((علي خير البرية)) مرفوعة وموقوفة.
نعم، قال: فإذا صحّ أن علياً خير البشر، والبرية.
إلى قوله: فما بقي إلا أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ فَضّل علياً، وأثنى عليه، وعلى شيعته، وأتى بما يخالف اصطلاح أهل السنة، ولزمهم أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ رافضي غال، إلى آخر كلامهم الفضيع. انتهى.
قلت: وكتاب اللَّه، وسنة رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مصرحان ناطقان، وشاهدان صادقان، بأفضلية إمام المتقين، وتقديم سيد الوصيين، /226(1/226)
وأخي سيد النبيين ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ مما أجمع عليه جميع الخلائق، واتفقت الأمة على نقله من جميع الطرائق، ولزمت حجة الله تعالى به كل موافق ومشاقق.
[إقرار حفاظ السنية بأنه لم يرد في غير علي مثلما ورد فيه]
وقد أقرّ حفاظهم لما بهرهم مارووه في إمام الأبرار، وسيد الأخيار، وقسيم الجنة والنار، غير ماورد مما يعمّ جميع العترة الأطهار، عترة الرسول المختار، وصفوة الملك الجبار ـ صلوات الله عليهم وسلامه ـ؛ فقالوا: ماجاء لأحد ماجاء لعلي من الفضائل، ولم يرد في حق أحد من الصحابة ماورد فيه.
ولكن هؤلاء المخذولين لايعتمدون على بيان، ولايعولون على برهان؛ ومن لم يجعل اللَّه له نوراً فماله من نور، إنها لاتعمى الأبصار؛ ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
[الإقرار بحق أهل البيت (ع) باللسان والمخالفة في العمل]
قال بعض علماء العترة (ع): إني لأكثر التعجب ـ وماعشت أراك الدهر عجباً ـ من رجل عالم بمصادر الأمور ومواردها، وكيفية الاستدلال ومقاصدها، ودلالات الألفاظ على معانيها، وتراهم وهم كثير، يوردون ويروون عن اللَّه ـ عز وجل ـ، وعن رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، تلك الأدلة والنصوص، والقواطع في حق أهل البيت ـ عليهم الصلاة والسلام ـ على الخصوص، بما لايمكن دفعه لفظاً ولامعنى، ولا سنداً ولامتناً؛ حتى إذا استنتجت منهم فائدتها، وطلبت منهم عائدتها، بوجوب اتباعهم ـ الذي هو مقتضاه ـ في علم أو عمل، أنكر وبرطم، ولوى عنقه وتجهّم، وإن ذكرت عنده خلافتهم رآها نكراً، أو رأى من يتابعهم في مقالة أو مذهب عدّه مبتدعاً، أو سمع بقراءةفي كتبهم ومؤلفاتهم اتخذها هزؤاً ولعباً.
فما أدري مابقي لهم من معاني تلك الأدلة والنصوص؟ وأي فضل ترك لهم على الناس؟ إذ أوجب عليهم أن يكونوا تبعاً، والله قد جعلهم متبوعين، ومؤخرين والله قد جعلهم مقدمين.
وأجِلِ النظرَ فيما تجده في كتب كثير من محدثي العامة، وفقهائها، فلا تلقاها إلا على هذا النهج، ماذاك إلا لإرادة اللَّه ـ عز وجل ـ إظهار الحق، على ألسنتهم وأيديهم، حجة عليهم، وإن راموا إنكارها /227(1/227)
قلت: فقد صار الأمر في حالهم ماقصه الله تعالى من أمثال قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ } [النمل:14].
[السبب الرئيسي للميل عن العترة]
وأصل كل ضلالة وفتنة، ومنبع كل فُرقة ومحنة، في هذه الأمة والأمم السابقة، اتباع الأهواء، والإخلاد إلى الدنيا، ومحبة الترأس على الأحياء، فإنه لم يستقم الملك للملوك العاتية، والجبابرة الطاغية، إلا بمخالفة أنبياء الله وكتبه، ومباينة أوليائه وأهل دينه، كما قصه الله في كتابه، وعلى ألسنة رسله.
ولم تتم لعلماء السوء الرئاسة منهم، والتقرب لديهم، ونيل حطام دنياهم، إلا بتقرير ماهم عليه، وتأييد مامالوا إليه.
وقد عَلِمَ كل ذي عِلْم، وفَهِمَ كل ذي فَهْم، ماجرى لأهل بيت النبوة في هذه الأمة، ومافعله ملوك الدولتين الطاغيتين مع العترة المطهرة، وما ساعدهم به علماء السوء، وفقهاء الضلال، من اتباع أهوائهم على كل حال، ورفض أهل بيت نبيهم، وطرح مايدينون به من دين ربهم؛ حتى غيروا معالم دين اللَّه، وافتروا على اللَّه، ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ لترويج مايَهْوَوْنه من الصد عن سبيل اللَّه في الأفعال والأقوال؛ كل ذلك معارضة للآل، ومخالفة لما أمرهم به في شأنهم ذو الجلال.
وقد قصد ملوك السفيانية، والمروانية، والعباسية، استئصال السلالة النبوية، وإبادة الذرية العلوية، وإزالتهم عن وجه البسيطة بالكلية، وأبلغوا مجهودهم في طمّ منارهم، وطمس أنوارهم، فأبى اللَّه تعالى لهم ذلك، وغلبهم على ماهنالك؛ كيف وهم قرناء الكتاب، والحجة على ذوي الألباب، والسفينة المنجية من العذاب، والثقل الأصغر، الذين خلفهم الرسول مع الثقل الأكبر في الأرض، ولن يفترقا إلى يوم العرض؟!؛ يريدون أن يطفئوا نور اللَّه /228(1/228)