إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا .... أبو حسن مما نخاف من الفتنْ
وجدناه أولى الناس بالناس إنه .... أطبّ قريش بالكتاب وبالسننْ
وإن قريشاً ماتشق غباره .... إذا ماجرى يوماً على الضُّمَّر البُدُنْ
وفيه الذي فيهم من الخير كله .... وما فيهمُ كل الذي فيه من حسنْ
والقائل أيضاً:
ويلكم إنه الدليل على اللَّـ .... ـه وداعيه للهدى وأمينهْ
وابن عم النبي قد عَلِم النا .... س جميعاً وصنوه وخدينهْ
كلّ خير يزينهم هو فيه .... وله دونهم خصال تزينهْ
الأبيات ـ رضوان الله عليه ـ.
وأبو عبدالله حذيفة بن اليمان، أحد السابقين، الذي أَسَرّ إليه الرسول الأمين - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - علم المنافقين، المتوفى سنة [36] ست وثلاثين - رضوان الله عليه - بعد قتل عثمان بأربعين ليلة، وهو يحث أصحابه على اللحاق بأمير المؤمنين، وسيد الوصيين ـ صلوات الله عليه ـ لحرب الناكثين، وأمر ولديه: صفوان، وسعيداً، باللحاق بأمير المؤمنين، فقُتلا معه بصفين؛ أفاده ابن عبدالبر في الاستيعاب، والمسعودي في مروج الذهب.
وأبو الهيثم بن التيهان أحد المبايعين لرسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - والنقباء ليلة العقبة، الشاهد بدراً وما بعدها، والمستشهد على قول الأكثر بصفين مع أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ واسمه مالك ـ رضوان الله عليه ـ.
وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري الخزرجي، المخصوص بنزول رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - ضيفاً له لما قدم المدينة المنورة، وأوحى الله تعالى إلى راحلته فبركت ببابه، الشاهد مع رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - /219(1/219)
العقبة وبدراً وما بعدها، ومع أخيه الوصي - صلوات الله عليه - جميع مشاهده، المتوفى عام [52] اثنين وخمسين، مجاهداً للروم بقرب القسطنطينية - رضوان الله عليه -.
[زيارة جابر بن عبدالله لقبر الحسين السبط]
وأبو عبدالله جابر بن عبدالله بن حرام (بمهملتين، فألف، فميم) الأنصاري الخزرجي، الغازي مع رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بضع عشرة غزوة غير بدر، وأَحَدُ سادات الصحابة، المخلصين في ولاية الوصي والقرابة ـ صلوات الله عليهم ـ المتوفى بالمدينة المشرفة، في عشر الثمانين، عن أربع وتسعين سنة، وهو آخر الصحابة موتاً بالمدينة المشرفة ـ رضوان الله عليه ـ.
وله كلام عظيم عند زيارة الحسين السبط ـ صلوات الله عليه ـ بعد أن مَسّ قبره، وقد كف بصره فخر مغشياً عليه، ورُشّ عليه بالماء؛ فلما أفاق قال: ياحسين، ياحسين، ياحسين ـ ثلاثاً ـ.
ثم قال: حبيب لايجيب حبيبه.
إلى قوله: فأشهد أنك ابن خير النبيين، وابن سيد الوصيين، وابن حليف التقوى، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء؛ وما بالك ألاّ تكون هكذا وقد غذتك كفّ محمد سيد المرسلين، ورُبيت في حجور المتقين، وأُرضعت من ثدي الإيمان.
إلى قوله: فعليك سلام اللَّه ورضوانه؛ وأشهد أنك مضيت على مامضى عليه يحيى بن زكريا.
ثم جال ببصره حول القبر فقال: السلام عليكم أيتها الأرواح الطيبة التي بِفِناء الحسين ـ صلوات الله عليه ـ.
إلى آخر كلامه؛ رواه الإمام أبو طالب بسنده في الأمالي.
وأخذ عنه الإمام الأعظم زيد بن علي، وأخوه الباقر محمد بن علي (ع)، وأبلغه عن جده رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ السلام، وشهد صفين مع الوصي (ع)، كما في الاستيعاب؛ وأبوه: أحد الشهداء بأحد - رضوان الله عليهم- /220(1/220)
وأبو ثابت سهل بن حُنَيف (بالتصغير) الأنصاري الأوسي، أحد السابقين الشاهدين جميع مشاهد الرسول الأمين ـ صلوات الله عليه وآله ـ ومع أخيه سيد الوصيين ـ صلوات الله عليه ـ قتال القاسطين، واستخلفه على المدينة حال قتال الناكثين؛ توفي بالكوفة عام [38] ثمان وثلاثين ـ رضوان الله عليه ـ، وصلى عليه أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ.
وأخوه، أبو عمرو عثمان بن حنيف، أحد عمال الوصي ـ صلوات الله عليه ـ، وناله مانال من الناكثين بالبصرة؛ لم تذكر وفاته على التعيين رضوان الله عليه.
وأبو المنذر أبي بن كعب الأنصاري الخزرجي، سيد القراء، شهد العقبة الأخرى وبدراً وغيرها من المشاهد، اختلف في وفاته؛ قال السيد الإمام رضي الله عنه في الطبقات: والأكثر أنه مات في خلافة عمر بالمدينة، ودفن بها ـ رضي الله عنه ـ.
وأبو عبدالله قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، صاحب المقامات المشهورة مع رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ومع وصيه أمير المؤمنين في جميع مشاهده، ومع ابن رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ الحسن بن علي.
وقد روى عن أبيه سعد بن عبادة مامعناه أنه لم ينازع القوم إلا لكونهم عدلوا بالأمر عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ؛ وما أقرب ذلك إلى الصحة فإنهم أنصار رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأنصار وصيه في جميع المواطن؛ وقد قال أبو الهيثم بن التيهان ـ رضي الله عنه ـ:
كنّا شعار نبينا ودثاره .... يفديه منا الروح والأبصار
إن الوصي إمامنا وولينا .... بَرَح الخفاء وباحت الأسرار
في أبيات له، والمعتبر جمهورهم الأعمّ، وسوادهم الأعظم؛ فجزاهم اللَّه عن الإسلام، والمسلمين أفضل الجزاء /221(1/221)
وأبو عبدالله خباب (بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحدة، فألف، فموحدة) بن الأرت (براء، فمثناة من فوق) أحد المعذبين في اللَّه، شهد بدراً مع الرسول الأمين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وصفين مع أخيه سيد الوصيين صلوات الله عليهم؛ وتوفي منصرفاً من قتال القاسطين عام [37] سبعة وثلاثين، وصلى عليه أمير المؤمنين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وقال: رحم اللَّه خباب بن الأرت فلقد أسلم راغباً، وهاجر طائعاً، وقنع بالكفاف، ورضي عن اللَّه، وعاش مجاهداً.
وولده عبدالله، المستشهد بعدوان أهل النهروان المارقين؛ وقتلوا معه أم ولده، وولداً له صغيراً؛ وقد جعل الوصي ـ صلوات الله عليه ـ إقرارهم بقتله أحد الحجج في حلّ دمائهم، وقال: اللَّه أكبر، لو أقرّ بقتلهم أهل الدنيا، وأقدر على قتلهم لقتلتهم.
وكان الخوارج سألوه فأثنى على أمير المؤمنين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بما هو أهله، فقتلوه ـ رضوان الله عليه ـ.
وأبو سعيد الخدري اسمه سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، المتوفى بالمدينة عام [74] أربعة وسبعين، من علماء الصحابة المكثرين للرواية، رُدّ يوم أحد لصغره، وشهد مع الرسول الأمين - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - اثنتي عشرة غزوة، أولها الخندق، ومع أخيه أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ قتال المارقين، وروى ماسمع فيهم ـ رضوان الله عليه ـ.
وزيد بن أرقم بن زيد الأنصاري الخزرجي، المتوفى بالكوفة عام [68] ثمانية وستين الشاهد مع الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مشاهده غير أحد فإنه استصغر فيها، ومع الوصي ـ صلوات الله عليه ـ صفين، وكان من خواصه، ووقعت له آية أخبر بها وهي: أن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ استنشد بعض الصحابة عما سمعوا، فكتم أناس منهم فما خرجوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا؛ قال: وكنت فيمن كتم فعميت، هذا معنى ماروى، ورب ضارة /222(1/222)
نافعة، ولايخبر بهذا إلا وقد صحت التوبة، وخلصت الإنابة ـ رضي الله عنه ـ.
وبُريدة (بضم الموحدة) بن الحُصيب (بضم المهملة مصغرين) ابن الحارث الأسلمي؛ المتوفى عام [62] اثنين وستين، آخر الصحابة موتاً بخراسان، أسلم قبل بدر ولم يشهدها، وشهد خيبر ـ رضي الله عنه ـ.
وغيرهم كثير؛ لكن هؤلاء طائفة ممن نقل علماء الأمة من الموافقين والمخالفين قولهم بتقديم سيد الوصيين، وأخي سيد المرسلين ـ صلوات الله عليهم ـ.
وفي الاستيعاب لابن عبد البر مالفظه: وروي عن سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وخباب، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، أن علي بن أبي طالب، أول من أسلم؛ وفضله هؤلاء على غيره.
ومن المتفق على كونهم من خلّص شيعة أمير المؤمنين من الصحابة الراشدين - رضي الله عنهم - أبو عمارة البراء بن عازب الأنصاري الأوسي، الشاهد أحداً ومابعدها، وبيعة الرضوان مع الرسول الأمين - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، وجميع مشاهد أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ، المتوفى بالكوفة في نيف وسبعين؛ وهو ممن استصغر يوم بدر ـ رضي الله عنه ـ.
وحجر بن عدي الكندي، العابد الزاهد، الصادع بالحق، المصارح بالصدق، الراد على أمراء البغي على رؤوس الخلق، الباذل مهجته في سبيل اللَّه، وولاية أمير المؤمنين أخي رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ طَلَبَ منه، ومن أصحابه الشهداء ـ رضوان الله عليهم ـ أَمِيْرُ القاسطين معاوية بن أبي سفيان، أن يتبروا من أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ أو تُضْرب أعناقهم؛ فأبوا وصبروا، فضربت أعناقهم صبراً عام [51] أحد وخمسين، وقد أنكر قتلهم علماء الأمة.
وكان حجر ـ رضوان الله عليه ـ مستجاب الدعوة؛ وفيه وفي أصحابه قالت عائشة: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: ((يقتل بعذراء ناس يغضب اللَّه لهم، وأهل السماء)) /223(1/223)