وحديث: ((يلي الأمة ـ أو أمتي ـ واسع البلعوم)) الخبر، رواه الإمام الحجة المنصور بالله (ع) في الشافي، عن سفيان بن الليل، عن الحسن السبط (ع)، قال: إني سمعت أبي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: الخبر.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: رواه محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى الشعبي، عن سفيان بن الليل، عن الحسن بن علي، عن علي، موقوفاً.
ورواه المدايني عن سفيان بن الليل النهدي، عن الحسن بن علي، عن علي، موقوفاً.
ورواه أبو الفرج الأصفهاني، عن سفيان بن الليل، من طريقين كما في الأصل، وفيه زيادة من شرح النهج لابن أبي الحديد.
وروى الحافظ نحوه عن أبي ذر، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
[ترجمة ابن ديزيل، والثمالي]
قال ـ أيده الله ـ في بحث قبل هذا: وروى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل.
قلت: ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في الطبقات، وأفاد أنه إبراهيم بن الحسين، أبو إسحاق الكسائي الهمداني ابن ديزيل (بفتح الدال مهملة، وسكون التحتية، وكسر الزاي، وسكون تحتية أخرى، ولام).
قال الحاكم: ثقة مأمون، يضرب بضبط كتابه المثل، وحكى ثناء غيره عليه بصحة إسناده؛ وفاته بشعبان سنة إحدى وثمانين ومائتين؛ لم يخرج له في الستة.
وخرج له السيدان المؤيد بالله، والمرشد بالله. انتهى بتصرف.
قلت: وخرج له العلامة، شارح نهج البلاغة.
(رجع) بإسناده إلى الحكم بن عمير الثمالي، وكانت أمه أخت معاوية.
قلت: ترجم للحكم السيد الإمام في الطبقات في الصحابة، ولم يذكر وفاته، وحكى قول محمد بن منصور فيه: وكان بدرياً. إلخ.
وسيأتي ـ إن شاء اللَّه تعالى ـ في سند أمالي الإمام أحمد بن عيسى (ع)، في خبر البسملة.
خرج له الإمام المؤيد بالله، ومحمد بن منصور، وغيرهما.
قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يامعاوية، كيف بك إذا وليت؟)).
قال: اللَّه ورسوله أعلم.
فقال: ((أنت رأس الحطم، ومفتاح الظلم، حصباً وحقباً، تتخذ الحسن قبيحاً، والسيئة حسنة، يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، أجلك يسير، وظلمك /199(1/199)


عظيم)).
على أن الأدلة المفيدة للعلم بنفاق من أبغض علياً، تقضي بنفاق معاوية وحزبه؛ لأن بغضه لعلي معلوم ضرورة، لأهل البحث عن الأخبار، ولا يشك فيه إلا من خذل.
قال نصر بن مزاحم: وحدثنا يحيى بن يعلى، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى علي (ع)، فقال: ياأمير المؤمنين، هؤلاء القوم الذين نقاتلهم.
إلى قوله: فماذا نسميهم؟
قال: سمهم بما سماهم اللَّه في كتابه.
قال: مافي الكتاب أعلمه.
قال: ماسمعت اللَّه يقول: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } إلى قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ ءَامَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ }؟ [البقرة: 253]؛ فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله، وبالكتاب وبالنبي وبالحق؛ فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا. انتهى.
قلت: ولايشكل على ذلك اختلاف الأحكام؛ فإن معاملة الكفار تختلف، فلأهل الذمة معاملة، ولأهل الحرب معاملة، وللمنافقين معاملة، مع أن اسم الكفر يشملهم؛ فمعاملة الوصي ـ صلوات الله عليه ـ للمحاربين له، تقتضي أن تلك معاملة من يقاتله، ممن يظهر الشهادة والصلاة إلى القبلة، وإن كان منافقاً كافراً، وذلك معلوم.
فهذا الباغي، هو الذي يتولاه ويحامي عنه أهل السنة بزعمهم، وهو الذي بَوّب لذكره البخاري في صحيحه؛ وقد اغترّ بتسمية كتبهم صحاحاً كثير من المقلدين لهم، حتى جعلوا ذلك دليلاً على صحتها، لما سمعوا تداول هذه الأسماء لها؛ ولم يدروا أن ذلك مجرد تسمية، كسائر الأسماء العَلَمِية، وقد أريناك سابقاً جرح حفاظهم لكبار معتمديهم.
فأما أئمتنا (ع) وشيعتهم، فكلامهم فيهم أظهر، وطرحهم لكثير من رجالهم؛ وردهم لأكثر مروياتهم أكثر وأشهر، /200(1/200)


وإجماع آل محمد (ع)، ومن معهم من أهل التوحيد والعدل، على بطلان مايروونه ويدينون بصحته، مما يقتضي بصريحه الذي لايحتمل التأويل من التشبيه والجبر، الذي صنفوا فيه كتاب خلق الأفعال، ويسمون من دان بخلافه ـ الذي هو العدل من العدلية ـ قدريةً، والإرجاء والإمامة لغير من حكم اللَّه بها له ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ معلوم، وعند أرباب البحث والاطلاع مرسوم؛ وكفى بإجماع آل محمد، الذين سادتهم الأربعة علي، وفاطمة، والحسنان، ثم من بعدهم إلى هذه الغاية على عدم اعتماد الرواية الثابتة عندهم: ((إنا معاشر الأنبياء لانُورَث)) الحديث.
[اتفاق الأمة على أن فاطمة ماتت غضبانة]
وقد اتفقت الأمة أن فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ ماتت غاضبة على أبي بكر، هاجرة له، ودفنها سيد الوصيين، وعمه العباس عمّ سيد النبيين ـ صلوات الله عليهم ـ ومن معهما من أهل بيتهم وشيعتهم، ليلاً، بوصية منها، مع روايتهم: ((إن اللَّه يغضب لغضبها)) وروايتهم أن علياً ـ صلوات الله عليه ـ لم يصالح القوم، إلا بعد وفاتها، وأنه كان معتزلاً عنهم، غير داخل فيما عقدوه من بيعتهم، في سقيفتهم، ستة أشهر؛ وكل ذلك ثابت في صحاحهم من رواية البخاري، ومسلم، وغيرهما.
ومن لفظهما: فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلّمه، حتى توفيت؛ وعاشت بعد النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي ـ رضي الله عنه ـ.
أخرجه الشيخان.
قال إمام الأئمة، وهادي الأمة، أمير المؤمنين، يحيى بن الحسين بن القاسم (ع) في حديث: ((إنا لانورث ماتركناه صدقه)) في سياق كلام: ثم جاءت أسانيد قد جمعها الجهال؛ لحب التكثير بما لاينفع، عن عائشة، وعن عمر، فنظرنا عند ذلك إلى أصل هذه الأحاديث، فإذا عائشة تقول: سمعت أبا بكر، وإذا عمر يقول: سمعت أبا بكر، وإذا هذه الأسانيد المختلفة، ترجع إلى أصل واحد /201(1/201)


وقال (ع): في كلام فاطمة (ع) لأبي بكر بيان لمن خاف اللَّه سبحانه: (أنتَ ترث أباك، ولا أرث أبي).
[إجماع العترة على أن الأنبياء يورثون]
قال الإمام الأجل، المنصور بالله ـ عز وجل ـ، القاسم بن محمد (ع): وأجمع آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أن الأنبياء يُورَثُون. انتهى.
فمن ترى إمام اليمن (ع) عنى بالجهال، الذين جمعوا الأسانيد، وقد كرر وحذر ـ صلوات الله عليه ـ في الأحكام عن الأخذ عنهم، والاعتماد عليهم، والركون إليهم؛ وذلك واضح.
قال في طبقات الزيدية، نقلاً عن الإمام الأواه، المنصور بالله، القاسم بن علي العياني (ع): وهذا الهادي (ع) يبطل كثيراً من الأخبار، التي رويت عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وعن أمير المؤمنين (ع)، حيث لم يقم بتلك الأخبار براهين يُعْمل بها.
ويقول في مواضع: يتقى بعض أخبار العامة.
إلى قوله: فالهادي (ع) يعلّ الأخبار المضعفة.
إلى قول صاحب الطبقات: قلت: وكما يقول في الأحكام في بعض المواضع: هذا لا يصح عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، هذا لا يصح عن أمير المؤمنين؛ لا تقبل رواية الجهال أهل الضلال؛ ونحو ذلك.
وقال الإمام المهدي لدين اللَّه أحمد بن يحيى المرتضى (ع) في المنهاج في سياق كلام: لأن لعلمائهم (ع) كالقاسم، والهادي، وغيرهما، من الورع الشحيح، والتحرز عن المآثم، مكاناً لايجهله إلا متجاهل.
وكذلك لهم من الاطلاع على أحوال الرواة، ماليس لغيرهم، ولقد وقفت على كتاب القياس للهادي (ع) فذكر فيه من تقبل روايته، ومن لاتقبل، في كلام طويل، من جملته أنه ذكر أهل الحديث، فضعف رواياتهم، حتى قال: فلهم كتابان يعبرون عنهما بالصحيحين ـ يعني: صحيحي البخاري ومسلم ـ.
ثم قال: وإن بينهما وبين الصحة لمسافات ومراحل؛ هذا معنى كلامه.
ولعمري، إنه على ورعه، لايقول ذلك عن وهم وتخمين، بل عن علم يقين..إلى آخر كلامه.
وهذا قدح من الإمامين الهادي، والمهدي (ع) في الكتابين.
ونقل ذلك عن الهادي إلى الحق الشيخ العالم الشهيد، محمد بن صالح بن حريوه.
وتكلم في كتابي البخاري ومسلم، الإمام الناطق بالحق أبو طالب، في /202(1/202)


شرح البالغ المُدْرِك.
وقد نقلت لفظه في التحف الفاطمية والله ولي التوفيق.
وقال الإمام المرتضى لدين اللَّه، محمد بن يحيى بن الحسين (ع): وقلتَ: لأي معنى لم نُدْخل الأحاديث في أقوالنا؟ ولسنا ندخل من الحديث ماكان باطلاً عندنا؛ وإنما كثير من الحديث مخالف لكتاب اللَّه سبحانه، ومضاد له، فلم نلتفت إليها، ولم نحتج بما كان كذلك منها.
إلى قوله: وفي الحديث الذي ترويه العامة مالاتقوم به حجة، ولاتصح به بينة، ولا يشهد له كتاب ولاسنة.
انتهى المراد منه.
وقال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع): وأما الحشوية النابتة، هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بأنهم أصحاب الحديث، وأنهم أهل السنة والجماعة، فهم بمعزل عن ذلك.
إلى قوله: إلا أنهم مجمعون على الجبر والتشبيه، ويدعون أن أكثر السلف منهم، وهم بَراء من ذلك، وينكرون الخوض في الكلام والجدل، ويعوّلون على التقليد، وظواهر الروايات.
وقال (ع): إن الحشوية يروون في كتبهم الحديث وضده؛ كما قال بشر بن المعتمر:
يروي أحاديث ويروي نقضَها .... مخالفاً بعضُ الحديث بعضَها
وأقوالهم المنهارة: إن سنّتهم هي السنة، لقول إمامهم معاوية: حتى إذا قُطع قيل: قُطِعَت السنة، قال (ع): وأكبر دليل على ماقلناه، لذوي العقول السليمة، تشدد المتسمين بالسنة والجماعة، على محبة معاوية وولده، وتحاملهم على علي بتقديم غيره عليه.
قال (ع): وإن الإمامة تنعقد عندهم بالقهر والغلبة، وإنه تجوز إمامة الفاسق والجاهل، إذا كان من قريش، وقهر وغلب، وإن معاوية كان مجتهداً، وإنه لايجوز سبه؛ وعندهم أن الحق ماوافق مذاهبهم، وأصول شيوخهم، والباطلَ عندهم ماخالف مذاهبهم.
وأهل الحق عندهم من كان ماشياً في سبيل باطلهم، وأهل الباطل عندهم من مشى في /203(1/203)

43 / 135
ع
En
A+
A-