وكلام المحدّثين وأهل السير في امتناع علي ـ عليه السلام ـ عن البيعة، والمتخلّفون عن بيعة أبي بكر، وتواصي الخصوم على ترك البحث عن معنى النصوص، ورميهم لمن يبحث عنها بالرفض، والإقرار بتواتر أخبار الحوض، وانقسام الصحابة إلى ثلاثة أقسام، وانقسام المخالفين من العرب أيام الردة، وبحث في الإمامة..إلى غير ما ذُكر.
ثم قال: الفصل العاشر: في البرهان القاطع على تعيين أهل السنة والجماعة، وبيان أهل البدعة والفرقة..إلى آخر ما قال.
ثم كلام أمير المؤمنين في بيان أهل السنة والبدعة، وأهل الجماعة والفرقة، والكلام على جعلهم السنة مكان العترة، وأخبار في العترة، وأخبار في الشفاعة، وفريقا الرفض والنصب، وتشبيه علي بجماعة من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ، واختلاف معاملة الكفار، وطريق جامعة لطبقات الزيدية، وغيرها من الأسانيد..إلى غير ما ذُكر.
ثم قال: الفصل الحادي عشر: اللاحق بلوامع الأنوار، والمقصد منه الأهم ذكر أعلام العترة الأطهار، وكرام العصابة الأبرار، الذي عليهم في باب الرواية معظم المدار، والمبحوث عنه أولاً وبالذات الرواة الثقات في أصل أسانيد أئمتنا السابقين، ومَنْ بيننا وبين المؤلفين؛ فإنْ ذُكِر غيرهم لغرض فبالعَرَض.
ثم عقّب هذا بتراجم لمن ذكره، في المبتدأ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه ـ وآخرهم أبان بن تغلب.
أخي المطَّلع، قد كشفتُ لكَ أكثر الموضوعات، وأشرتُ إلى بعض جواهر اللوامع النفيسات، ولمثلها فليتنافس المتنافسون، ويتسابق المتسابقون.
ولو تدري ما قد لقي المؤلِّفُ في سبيل جمعها وتصحيحها، وما أنفق من عمره النفيس في لمِّ نَشْرِها وتَصْفيتها؛ لخصَّصتَ له جزءاً من راتب الابتهال، إلى ذي الكمال والجلال، أنْ يختم له بالسعادة، ويجزيه بالحسنى وزيادة، خلَّد الله ذكره، وأعظمَ أجره، وألحقه بسلفه المطهرين، {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(83)} [القصص]، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله المعظَّمين.
حسن بن محمد الفيشي
وحرر: 17/ صفر / من سنة 1422هـ(1/8)
تقديم للسيد العلامة/ محمد رضا الحسيني الجلالي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الأخيار، والتابعين لهم بإحسان، وعلى شيعتهم الأبرار الصالحين، ما بقي الليل والنهار من الآن إلى يوم الدين.
وبعد:
فإني أرى التقديم لهذا الكتاب الكبير، يقتضي من الجهد والوقت الشيء الكثير، كي يكون وافياً، ومؤدياً للحق الذي يجب، ولا أملك ـ في ظروفي الخاصة ـ مثل ذلك، إلا أن النزول عند رغبة الإخوان أوجب الاقتصار على هذه العجالة، حتى لا أكون مخلاً بهذا الحق، وإن لم أدرك أداء الأول بالشكل التام.
فأقول ـ مستعيناً بالله ذي الجلال والإكرام ـ:
هذا الكتاب:
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا (لوامع الأنوار) هو واحد من تلك الكتب التوثيقية المؤدية لهذا الدور العظيم.
وقد جاء طبع هذا (الكتاب) في هذه الفترة بالذات (أجلاً) محتوماً لتلك الدعوات الباطلة ضد التراث الإسلامي. /3(1/3)
فهذا الكتاب: يمثل واحداً من جهود العلماء في سبيل تحصيل العلم والمعرفة، وتوصيل حلقاتها بأوثق العرى، مدى القرون.
ويمثل الحرص والولع الدؤوب والمواظبة التي يبذلها العلماء في سبيل العلم، ونقله وضبطه، والتأكد من سلامته.
ويمثل مدى حرية الفكر في المجال العلمي عند العلماء، واعتمادهم الدليل والبرهان والمنطق، واتباعهم الحجة في الرأي.
ويمثل ضخامة التراث الاسلامي، وسعة أطرافه واتساع المجال الذي يبحث عنه، ويحقق فيه من موضوعات المعرفة البشرية.
وبه وبأمثاله، يمكن أن تتم الحجة على الجهلة بهذا التراث، وتلقم تلك الأفواه التي تنعق بالشبه والتشكيكات المثارة من قبل أعداء الدين، والعلم، والمعرفة الإسلامية ومصادرها.
ثم إن أفضل دور يقوم به هذا الكتاب هو الدفاع عن (الحق) الذي تغافل عن إعلانه ـ بل ذكره ـ كثير من أصحاب العلم والقلم والرأي في التاريخ!
بل سعى بعضهم في هجره وإخماد نوره وإطفائه، وهو: (تراث أهل البيت النبوي الطاهر) الذين كانوا منذ صدر الإسلام ـ وعلى طول خط تاريخه، ومدى القرون الخمسة عشر، وحتى اليوم ـ في طليعة المدافعين عن الإسلام في عقيدته، وفقهه، وكل معارفه.
وهم حاملوا رايته، والمناضلون الشجعان عن قدسيته، مع أن النبي الأكرم ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ والقرآن العظيم أكدا في كثير من نصوصهما، وبمختلف البيانات الصريحة، والإشارات البليغة، على تقديس أهل البيت وأولي القربى، وطهارتهم.
وجعلهم النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ (الخلفاء) له مع القرآن، وأنهما المصدران /4(1/4)
الأساسيان للمعرفة عند المسلمين ـ بعد الرسول ـ يجب الأخذ منهما واتباعهما، وعدم التفرق عنهما، وذلك في حديث (الثقلين) كتاب الله وعترة الرسول.
رغم ذلك، فإن التغافل عن حق أهل البيت، ودورهم، ودور تراثهم، ليس كاشفاً إلا عن انحراف قديم، وتقصير متعمد تجاه مصادر المعرفة الإسلامية.
فهذا الكتاب (لوامع الأنوار) قد تحدث في مقاطع عديدة منه عن هذا الحق المهدور، المتغافل عنه، وقام بالاستدلال المحكم لإثباته، ولزوم الرجوع إليه واعتماده أصلاً من أقوى أصول المعارف الإسلامية الحقة، ومن أقوى روافدها الثروة الغنية، عملاً بوصية الرسول الأكرم، صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم.
ويكفي هذا الكتاب، وما احتوى عليه من التراث الضخم، دليلاً على ما مني به المبتدعون عن أهل البيت من الحرمان، ومدى ما اجترمه المهملون لهذا التراث!
هذا، والسيد المؤلف إنما يتحدث عن تراث أهل البيت في الأوساط الزيدية، فإذا أضيف إليه تراثهم الزاخر في المذهب الإمامي الإثنى عشري، وهو يربو على عشرات الآلاف فإن ذلك الحرمان والجريمة يكونان أعمق وأكبر.
تحديد أغراض الكتاب:
ذكر السيد المؤلف ـ دام مجده ـ أنه ألف هذا الكتاب على أساس التماس جمع ـ من طلاب العلم ـ (أن يوصل سندهم بسنده، ويصحح لهم في طرق الرواية معتمدة، ويوضح لهم الأسانيد النافعة الجامعة إلى أربابها /5(1/5)
كما هي السنة الماضية عند علماء الإسلام، والطريقة المرضية بين ذوي الحل والإحرام).
ويتواضع في حديثه ـ على عادة العلماء الكرام ـ فيقول: (فرجحت الإجابة على الامتناع، على قصر الباع، وقلة المتاع، لما ورد في السنة والقرآن من تحتم التبليغ والبيان، والوعيد الشديد على الكتمان).
ويؤكد أسباب تأليفه، فيقول: (ولما شاهدت تقاعد الهمم، وانحلال العزائم، وانهدام المعالم، حتى كاد يندرس الأثر، وينطمس الخبر والخبر... وما سببه إلا تثاقل الأتباع، وتكاسل الأشياع، من الحفظ لآثار أئمتهم، وأعلام ملتهم، لا سيما في هذه الأعصار: حثالة الحثالة، التي استحكمت فيها أدواء الجهالة).
وهذا تصوير حي لما توصلت إليه الأمة من حالات التردي في الجهل بتراثها، والبعد عن معارفها، ومصادر الثروة الغنية الموثوقة، بحيث تجرأ أدعياء الفكر الجديد، والعقل الجديد، والوعي العربي الحديث على التهجم على الإسلام وأدواته المعرفية!
فهذا الكتاب هو رد علمي على هذه الشرذمة المستأجرة للغرب، ونزعاتهم.
بينما هو أداة لتوعية الأمة، وإرشادها إلى ما في حوزتهم ومتناول أيديهم من ذخائر الفكر والتراث العظيمة، التي تمكن الآباء بها من العيش في الحياة بسلام في عالم الأمس، ومن أجل ذلك استهدفه الغربيون وعملاؤهم في عالم اليوم.
ثم إن وصية السيد المؤلف بضبط الكتاب والتأكد من صحته، مما يؤكد ما ذكرناه من الوثوق بمصادر المعرفة الإسلامية، ويركز هذا /6(1/6)