علي؟)).
فقالوا: يشتكي عينيه.
فدعا له فبريء.
ورواه في الجزء الرابع، رفعه إلى سهل أيضاً، وفي آخره قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك)) إلخ.
وفي الجزء الخامس، رفعه إلى سلمة، وإلى سهل.
ورواه مسلم في الجزء الرابع، بإسناده إلى عمر بن الخطاب، وإلى ابن عباس، وإلى أبي هريرة، ورواه عن سلمة بن الأكوع.
ورواه الترمذي بإسناده إلى سلمة؛ ذكره رزين في الجزء الثالث في الجمع بين الصحاح.
أفاد هذا، الإمام الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين.
وقد روى نحو حديث الثعلبي في الأصل ـ قلت: يعني الشاف،ي وهو خبر الراية ـ ابن المغازلي، والكنجي، والنسائي عن بريدة وفيه: أخذ أبو بكر أول يوم الراية، وفي اليوم الثاني عمر.
وأخرج نحوه بطوله محمد بن يوسف الكنجي عن بريدة، إلا أنه لم يذكر فيه التجبين، وقال: أخرجه ابن السمان.
وعن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبيه قال: كان علي يخرج في الشتاء في إزار، ورداء، ثوبين خفيفين، وفي الصيف في القبا المحشو والثوب الثقيل، لا يبالي بذلك.
فقيل لأبي ليلى: لو سألته عن هذا.
فسأله فقال: وما كنتَ معنا يا أبا ليلى بخيبر؟
قال: بلى والله لقد كنت معكم.
وساق الخبر حتى قال: فقال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح الله له ليس بفرار)) فأرسل إليّ فأتيته، وأنا أرمد لاأبصر شيئاً، فتفل في عينيّ وقال: ((اللهم اكفه الحر والبرد)) فما آذاني بعده حر ولابرد.
أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجه، والبزار، وابن جرير وصححه، والنسائي في خصائصه، والطبراني في الأوسط، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في الدلائل، وسعيد بن منصور.
وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كراراً غير فرار، يفتح الله عليه، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره)) قال: ((أين علي بن أبي طالب؟)).
قالوا: يارسول الله، مايبصر.
قال: ((آتوني به)) فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله /111(1/111)
وسلم ـ: ((أُدْنُ مني))؛ فدنا منه فتفل في عينيه ومسحهما بيده، فقام علي من بين يديه كأن لم يرمد.
أخرجه مالك بن أنس، والبخاري، والدارقطني في سننه، وابن عساكر. انتهى شرح غاية.
ثم ساق الروايات إلى قوله: قال الحاكم: هذا حديث دخل في حد التواتر.
وقال أبو نعيم الأصبهاني: قال أبو القاسم الطبري: فتح علي خيبر ثبت بالتواتر.
إلى قوله: انتهى ماأردت نقله على جهة الاختصار، والأمر فيه أجلى من النهار، والحديث دليل على فضل علي وعصمته، والقطع على مغيبه، وأنه أحق الأمة بمقام أخيه محمد، ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
قال السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، في شرح التحفة: وهذه القضية من أشهر القضايا، رواها عدة من الصحابة.
وسرد جماعة من الرواة قد تقدموا.
إلى قوله: وهي من أشهر القضايا عند جميع الطوائف.
انتهى المراد من التخريج بتصرف يسير.
قال الأمير: قد اشتملت هذه القصة على معجزات للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وعلى فضائل لوصيه (ع).
إلى قوله: فمن معجزاته الإخبار بالغيب من فتح خيبر، واستجابة دعوته، وشفاء الرمد بريقه في ساعته، وفي أنه (ع) يُكفى الحر والبرد.
إلى قوله: ومن الفضائل إخبار من لاينطق عن الهوى، أن وصيه (ع) يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، وهذه فضيلة تتضاءل عنها الفضائل؛ فإنها جملة تحتها جمل يعجز عن تفصيلها لسان كل قائل.
إلى قوله: كما أن الإخبار بأنه (ع) يحبه الله ورسوله، جملة تحتها أسفار من التفصيل.
إلى قوله: وكل فضيلة أخبر الرب ـ جل جلاله ـ أنه يحب المتصف بها، فقد دخل تحت الاتصاف بها، دخولاً أولياً.
قلت: يعني كالمحسنين والمتقين، والصابرين والمتطهرين.
قال: لأن الصادق المصدوق ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، قد أخبر أن الله يحب وصيه، وأطلق الفعل عن التقييد، بسبب المحبة؛ فهو صادق على متعلقاته كلها. /112(1/112)
كما أفادت أيضاً نفي كل رذيلة لايحب الله المتصف بها، كالظلم، لا يحب الله الظالمين؛ وكالاختيال والفخر: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)} [لقمان]، وغير ذلك مما لايأتي عليه العد، ولو أفردت هاتان الكلمتان بتأليف، لجاء بسيطاً.
إلى قوله: ومن هنا يظهر سر الإخبار من الصادق ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أنه لايحبه إلا مؤمن، ولايبغضه إلا منافق؛ لأن المؤمنين هم الذين يحبون ماأحب الله ورسوله وملائكته، فيالله، هاتان الجملتان ما اشتملتا عليه من الاتصاف بالفضائل، وما أفادتاه من طهارته (ع) من الرذائل!، ولا غرو، فهي من تحت شفاة من لا ينطق عن الهوى، ومن لسان من أوتي جوامع الكلم؛ فلأمرٍ ما اختار هذه الصفات في ذلك المقام، تنويهاً بالثناء، وإعلاماً بما منحه الله من الحسنى.
ومن فضائله (ع) وصفه بأنه كرار غير فرار؛ فإنها نهاية في وصفه بالشجاعة المحبوبة لله ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وللعقلاء من كل ملة ونحلة.
إلى قوله: ولايحسن الإطناب في كون الشجاعة صفة مدح، ولا في كونه كان أكمل الناس اتصافاً بها؛ لأن الإطناب في ذلك كالإطناب في وصف الشمس بالإضاءة والإشراق، ووصف الليل والنهار بالتعاقب والافتراق. انتهى.
قلت: ودلالة خبر الغدير وخبر المنزلة، وغيرهما من الآيات والأخبار، التي هي أجلى من شمس النهار، قولاً وفعلاً وحالاً على إمامته ـ صلوات الله عليه ـ وعصمته، وقيام حجته متجلية المنار، واضحة الشموس والأقمار، لأولي الأبصار.
والشمس إن خفيت على ذي مقلة
وَسط النهارِ فذاكَ محصولُ العمى /113(1/113)
وقد قرر الدلالات أعلام الأئمة، وعلماء الأمة، في مباحث الأصول، بما فيه كفاية لأرباب المعقول والمنقول.
ونرجع بإعانة الله إلى السياق في بيان مقامات خبر المنزلة.
[حديث الإنذار واللواء ـ مخرجوهما]
السابع:
حال الإنذار، وممن رواه الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي، بسنده إلى عبدالله بن العباس ـ رضي الله عنهما ـ عن علي (ع) قال: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء]، دعاني رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وساق الرواية إلى قوله: ثم دعاهم فقال: ((إن الله ـ عز وجل ـ أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، ورهطي المخلصين؛ فأنتم عشيرتي الأقربون، ورهطي المخلصون؛ وإن الله ـ عز وجل ـ لم يبعث نبياً، إلا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووارثاً؛ فأيكم يقوم فيها يعينني، على أنه أخي ووزيري ووارثي دون أهلي، ووصيي وخليفتي في أهلي، ويكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي)).
إلى قوله: فقام علي (ع)، وهم ينظرون كلهم؛ فبايعه وأجابه إلى مادعاه إليه؛ فقال: ادن مني، فدنا منه؛ فقال: افتح فاك؛ فمجّ فيه من ريقه، وتفل بين كتفيه وبين يديه.
إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ملأته عِلْمَاً، وحُكْمَاً وفَهْمَاً)).
قال الإمام (ع): وهذا قليل من كثير، مما نرويه في هذا الباب.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: روى هذا الخبر محمد بن سليمان الكوفي، عن علي (ع) بسنده إليه.
إلى قوله: وروى هذا الخبر بسنده إلى ابن عباس وفيه: ((أيكم يوازرني على أن يكون أخي ووصيي ووارثي وخليفتي ووزيري)).
ورواه الحاكم في السفينة، عن مسعدة العبدي أنه سئل علي ـ عليه /114(1/114)
السلام ـ: بم ورثت ابن عمك دون عمك؟
فقال: جمع رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ...وسرد حديث الإنذار، وفيه: ((ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لانبي بعدي)).
وفيه: ((فأيكم يبايعني على أن يكون أخي، ووصيي ووارثي؟)) إلخ.
إلى قوله: قال: وعن جابر من حديث طويل: أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال لعلي: ((أنت مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى)) إلخ.
ذكره السيد الشرفي، في الآلي المضيئة، انتهى.
[أخبار المؤاخاة]
الثامن:
في خبر المؤاخاة.
ومن رواياته الشريفة، مارواه الإمام الحجة، المنصور بالله (ع)، في الشافي، عن مجدوح بن زيد الهذلي، أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ آخا بين المسلمين، ثم قال: ((يا علي أنت أخي مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لانبي بعدي؛ أما علمت يا علي، أنه أول من يدعا به يوم القيامة يدعا بي؛ فأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعا بالنبيين بعضهم على إثر بعض، فيقومون سماطين عن يمين العرش، ويكسون حللاً خضراً من حلل الجنة؛ ألا وإني أخبرك يا علي أن أمتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة؛ ثم أنت أول من يدعا؛ لقرابتك ومنزلتك عندي، ويدفع إليك لوائي، وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، آدم (ع) وجميع خلق الله يستظلون بظل لوائي؛ وطوله مسيرة ألف سنة)) الخبر.
قال في تفريج الكروب: رواه أحمد بن حنبل عن مجدوح بن زيد الهذلي، ورواه الخوارزمي في فصوله. انتهى.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: ورواه الخوارزمي، وابن المغازلي عن /115(1/115)