الألقاب، وابن النجار؛ أفاده ابن الإمام (ع) في شرح الغاية.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: فكيف يقول عمر: أحب إلي مما طلعت...إلخ؟ وقد شارك علياً من هو دون عمر عند الناس.
وقال في موضع آخر: وقد استخلف النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، كثيراً من الصحابة عند مغيبه على المدينة.
إلى قوله: ولم يرو في أحد منهم عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ماروي في علي من المنزلة؛ فلو لم يكن المراد إلا الاستخلاف على المدينة حال غيبته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، لم يكن لتخصيص علي وجه؛ إذ قد شاركه البقية من الصحابة، ولم يكن لقول عمر....إلخ، وكذا قول سعد: لن أسب علياً مهما ذكرت خصالاً؛ وعدّ منها قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أنت مني بمنزلة هارون، إلخ)).
قلت: وكذا إيراد أمير المؤمنين (ع) له في مقامات الاحتجاج، كما في خبر المناشدة.
وقول علي بن الحسين (ع): ما خالف علياً أحد فسعد ولا رشد؛ وكيف لا يكون كذلك وهو من محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بمنزلة هارون من موسى (ع)؟! رواه الإمام المنصور بالله (ع) بسنده إلى الباقر عن أبيه (ع).
وقول علي بن الحسين أيضاً: فمن هذا الذي هو من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بمنزلة هارون من موسى؟!! وهل كان في بني إسرائيل بعد موسى مثل هارون؟...إلخ، رواه عنه محمد بن سليمان من ثلاث طرق.
وقول شعبة بن الحجاج: فهارون أفضل أمة موسى، فيكون علي (ع) أفضل من كل أمة محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، صيانة لهذا النص الصريح الصحيح ـ يعني خبر المنزلة ـ، رواه الكنجي، واستدل به جميع العترة المطهرة، الإمام الأعظم زيد بن علي فمن بعده ـ صلوات الله عليهم ـ على الإمامة كما ذلك معلوم.
هذا، وكذا قول الحسن البصري فيه ـ صلوات الله عليه ـ: ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع: ايتمانه على براءة، وما قال له في غزاة تبوك؛ فلو كان غير النبوة شيء يفوته لاستثناه، وقول النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((الثقلان كتاب الله وعترتي))، وأنه لم يُؤمّر عليه أمير قط، وقد أُمّرت الأمراء على غيره؛ رواه في شرح /101(1/101)
النهج مع رواية أخرى عن الحسن ذكر منها براءته عن الانحراف، وفيها: ما أقول فيه؟ كانت له السابقة، والفضل، والعلم، والحكمة، والفقه، والرأي، والصحبة، والنجدة، والبلاء، والزهد، والقضاء، والقرابة؛ إن علياً كان في أمره علياً، رحم الله علياً، وصلى عليه.
قال الراوي: فقلت: يا أبا سعيد، تقول: صلى عليه لغير النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم؟.
فقال: رحِّم على المؤمنين إذا ذكروا، وصل على النبي وآله؛ وعلي خير آله.
قلت: هو خير من حمزة وجعفر؟.
قال: نعم.
قلت: وخير من فاطمة وابنيها؟.
قال: نعم، والله إنه خير آل محمد كلهم، ومن يشك أنه خير منهم، وقد قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((وأبوهما خير منهما)).
إلى قوله: وقد قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لفاطمة: ((زوجتك خير أمتي)) فلو كان في أمته خير منه لاستثناه؛ ولقد آخى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بين أصحابه، فآخا بين علي ونفسه، فرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ خير الناس نفساً، وخيرهم أخاً.
إلى قوله: يا ابن أخي، احقن دمي من هؤلاء الجبابرة.
رواه ابن أبي الحديد عن الشيخ أبي جعفر الإسكافي قال: ووجدته في كتاب الغارات لإبراهيم بن هلال الثقفي. انتهى.
وهذا شيء عرض، ولنا فيه غرض.
قال ـ أيده الله ـ: كرر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ذكر ذلك، في مواطن ويقول لعلي: ((أما ترضى)) وكيف يرضيه بأمر قد شاركه فيه من هو دونه؟ إن هذا لبين، وإنما العناد لاحيلة له.
وعلى أصل الفقيه، يكون قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أما ترضى))..إلخ أي: أما ترضى أن تكون بمنزلة ابن أم مكتوم وسائر الصحابة؟!!
وكيف يرجع علي راضياً مستبشراً حتى أنه رجع ساعياً، ورؤي غبار قدميه ساطعاً، من شدة عدوه، كما في حديث أخرجه أحمد بن حنبل عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك؛ ومحمد بن سليمان الكوفي كذلك؛ لأنه قد حصل له منزلة ابن أم مكتوم ونحوه؟!!
إن هذا من تحريف من قلبه مختوم، وعند الله تجتمع الخصوم. انتهى. /102(1/102)
الخامس: في المقام الأعظم، والأمر المقدم، وذلك سبب نزول آية الولاية، ومن ألفاظ الرواية، مارواه الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي مسنداً، قال: بينما عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، إذ أقبل رجل معتم بعمامة، فجعل ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لايقول: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، إلا وقال الرجل: قال رسول الله، فقال له ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟
قال: فكشفَ العمامة عن وجهه وقال: يا أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري؛ سمعتُ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بهاتين وإلا فصمتا، ورأيته بهاتين وإلا فعميتا، يقول: ((علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله)) أما إني صليت مع رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء؛ وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، فلم يعطني أحد شيئاً؛ وكان علي راكعاً، فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم، فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: ((اللهم إن موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري؛ فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } [القصص:35]، اللهم، وأنا محمد نبيك /103(1/103)
وصفيك، اللهم، فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، علياً اشدد به أزري)).
قال أبو ذر: فما استتم رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ الكلمة، حتى نزل عليه جبريل (ع)، من عند الله، فقال: يا محمد، اقرأ.
قال: وماأقرأ؟
قال: اقرأ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} [المائدة]. انتهى.
رواه (ع) من تفسير الثعلبي، ورواه الحاكم الحسكاني عن أبي ذر.
وروى مافي هذا الحديث من الدعاء بزيادة ((وأشركه في أمري)) محمد بن سليمان بسنده إلى أسماء بنت عميس، عنه صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم.
وأخرجه عنها أحمد بن حنبل؛ ذكره الأمير في شرح التحفة؛ أفاده في التخريج.
قلت: وروى الإمام (ع) نحو حديث أبي ذر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: ((واجعل لي وزيراً من أهلي، علياً اشدد به أزري، وأشركه في أمري)) ولم يذكر آية الولاية، وقال عقيب الدعاء: فأنزل الله تعالى على نبيه: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)} [مريم]، إلى قول الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن القرآن أربعة أرباع، فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع حلال، وربع حرام، وربع فرائض وأحكام)).
والله أنزل في علي كرائم القرآن. انتهى.
رواه في الشافي مسنداً.
ورواه ابن المغازلي، والفقيه حميد الشهيد، والحاكم الحسكاني، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وقد ذكرت الكلام على هذه الآية الشريفة، وغيرها من الآيات والأخبار والآثار، في التحف الفاطمية ، شرح الزلف الإمامية، نفع الله تعالى بها بما فيه بلاغ لأولي الأبصار، فما أعدت الكلام هنا فيه على ماذكر هنالك؛ فلأجل إفادة لم تسبق، أو لانسياق البحث إلى ذلك، والله ولي التوفيق، إلى أقوم طريق.
قال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي بعد ذكر الأسانيد: فقد اتفق الخاصة /104(1/104)
والعامة، على أن المراد بالآية علي بن أبي طالب (ع)؛ وهذا نص صريح في صحة إمامته (ع)، ووجوب خلافته عقيب الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بلا فصل؛ لأنه رتب الولاية ثلاث مراتب: لله سبحانه، وللرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وللمتصدق بخاتمه وهو راكع، وذلك علي بن أبي طالب (ع)، فهو الولي النافذ التصرف في الأمة؛ كما يقال: هذا ولي المرأة وولي اليتيم.
إلى قوله: وقد شرك سبحانه مع ولايته وولاية رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ثالثاً، وعينه تعييناً جلياً، وأشار إليه بإيتاء الزكاة في الركعة، إشارة متفقاً عليها من الخاص والعام، فثبت له من فرض الولاية، ماثبت لله تعالى ولرسوله على كافة خلق الله تعالى. انتهى.
[خبر الراية وقصة فتح خيبر]
السادس: في فتح خيبر، ومن ألفاظه الشريفة ما رواه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، عن الإمام الأعظم، صاحب الجيل والديلم (ع)، بإسناده عن جابر: أن علياً(ع)، لما قدم من خيبر بعد ما افتتحها، قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي، ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك قولاً، لا تمر بملأ إلا أخذوا من تراب نعليك، وفضل طهورك، يستشفون به؛ ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وأن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيء بعدي، وأنك تبري ذمتي، وتقاتل على سنتي، وأنك غداً في الآخرة أقرب الناس مني، وأنك على الحوض خليفتي، وأنك أول من يكسى معي، وأنك أول داخل معي من أمتي الجنة، وأن شيعتك على منابر من نور، مبيضة وجوههم، أشفع لهم غداً، ويكونون غداً جيراني، وأن حربك حربي، وسلمك سلمي، وأن سرك سري، وعلانيتك علانيتي، وأنك امرؤ /105(1/105)