وأغتنم الفرصة لأتوجّه بالشكر الجزيل لمؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية لدورها البارز في تأسيس مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة، ونحمد الله تعالى أن كنّا جميعاً ثمره من ثمار إمام أهل البيت الكرام(ع) في هذا العصر، مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى، متشرّفين بالعمل تحت رايته، وما نحن إلا حسنة من حسناته، والتفاته من جنابه، بارك الله في أيامه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
كما أتوجّه بالشكر الجزيل لكلّ من شارك في إخراج هذه الكنوز إلى النور، وأخصّ بالذكر الإخوان الكرام الذين كان لهم الدور البارز في جميع إصدارات مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة، وهم/
علي بن مجدالدين بن محمد المؤيدي.
هادي بن حسن بن هادي الحمزي.
إسماعيل بن مجدالدين بن محمد المؤيدي.
صالح علي علي أبو زيد.
ــــــــــــــ
وأخيراً أتوجه إلى الله العلي القدير، بالدعاء الخالص لمولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام، مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى، على رعايته الكريمة للمركز، فمن حرصه الشديد على بعث كنوز أهل البيت(ع) ومفاخرهم؛ كان هذا المركز، نسأل سبحانه وتعالى بحقّ محمد وآله، أن يكتب له ذلك في ميزان حسناته، وأن يجزيه عن أمّة جده خير الجزاء، وأن يمدّ في عمره المبارك.
والحمد لله أوّلاً وآخراً، وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
مدير المركز/
ابراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
اليمن - صعدة، ت(511816)، ص ب (91064)(1/2)
مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الواحد القهار، وصلى الله وسلم على نبيه المختار، وعلى آله الأطهار، ما اختلف الليل والنهار.
أما بعد:
فهذا كتاب لوامع الأنوار في جوامع العلوم والآثار وتراجم أولي العلم والأنظار،أحد الكتب التي قرأتها على مؤلِّفه، حجة العصر، ودرّة الدهر، ومنبع الفخر، ربّ الفواضل والفضائل، وزينة هذا الدهر العاطل، البدر الزاهر، والبحر الخضمّ الزاخر، أمين الله في بلاده، وحجته على عباده، أمير المؤمنين، ومولى المسلمين، عماد الدين المحمدي/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي، أيده الله تعالى، وقد أجازني فيه وفي غيره من مؤلفاته، ومسموعاته ومجازاته، إجازة عامة بقوله وخطّه - صلوات الله عليه-.
ولقد وجدتُ رغبة عارمة في تحقيق هذا الكتاب، وتقديمه للطبعة الثانية، وإخراجه بصورة جديدة وكاملة، وتصحيحه من الأخطاء المطبعية، وتنسيقه بعلامات الضبط والترقيم، وقد بذلتُ ما بوسعي في ذلك، مع كثرة الشواغل والأشغال، وتراكم الموانع والأعمال، وبحمد الله تعالى وإعانته تمّ لي ذلك، على وجهٍ أرجوا أن يكون مرضياً.
هذا وقد جرت العادة في التحقيق، على أن يضع المحقق مقدمة للكتاب تكون بمثابة نافذة على الكتاب، تعطي القارئ نظرةً شاملة، وإلمامةً عاجلة، بمحتوى الكتاب، فيترجم لمؤلفه، ويبين منهجه في التأليف، وخطته في إبراز الكتاب وتحقيقه.
ونظراً إلى أن كتاب لوامع الأنوار قد قدم له السيد العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي، والسيد العلامة/ محمد رضا الحسيني الجلالي، وقد استوفيا في مقدمتيهما الكلام في هذا الشأن، ولم يتركا مجالاً فيه لمن بعدهما، فقد وضعتُ هذه المقدمة القصيرة، جرياً على العادة، وبياناً لما يلزم بيانه.
فأقول وبالله التوفيق:
أما المؤلف(ع) فهو أعرف من المعرفة، وأشهر من نار على علم، لدى الخاص والعام، فمن المستدرك عليّ وعلى غيري أن أتصدى للتعريف به.
وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
مع أن وجود هذا الكتاب بين يدي القارئ، يوقفه على علم من أعلام الدين الرباني، وإمام في التحقيق، وفريد في التدقيق، ذي باع طويل في شتى علوم الدين والمعرفة، ودراية ومهارة في تنسيق المعاني، وصياغة بديع الكلام.
هو البحر من أي الجهات أتيته(/)
ومن أراد التوسّع في معرفته، فعليه بترجمته، التي كتبها تلميذه الوفي، السيد العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي، المطبوعة في نهاية كتاب المؤلِّف - أيده الله تعالى - التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية، وليطّع على ما قاله العلماء في مرجعهم وحجة عصرهم.
منهج المؤلف في الكتاب
ذكر المؤلّف أيده الله تعالى أنه سيسلك النمط الوسيط، المجانب لجانبي الإفراط والتفريط، فقد سلك - أيده الله تعالى - طريقة آبائه الكرام - عليهم السلام - في تأليفه، حيث أتى به في سهولة الألفاظ، ووضوح المعاني، ونراه يوجز تارة، ويطنب أخرى، حسب ما يقتضيه المقام، إضافة إلى استخدامه لأنواع البديع والبيان، بكثرة وإتقان، مع توشيحه للنص بالاقتباس من آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم، وضرب الأمثال نثراً وشعراً.
وقد استخدم بعض الرموز للاختصار، مثل:
(ح)، تحويل، ومعناه الرجوع إلأى طريق أخرى في السند.
(رجع)، ومعناه العودة إلى كلام كان قد شرع فيه، واعترضه بكلام.
عملي في تحقيق الكتاب
أولاً: قابلتُ نصّ الكتاب على مخطوطة السيد العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي، ثم أكملتُ تصحيح نسختي على نسخة المؤلف المطبوعة المصححة، وأشرت إلى مواضع الإشكال، وسألتُ عنها المؤلف أيده الله تعالى، فإذا أكثرها نتيجة أخطاء مطبعية، فكتبتُ ما قد فسّره المؤلف في هوامش نسخته وبيّن أصلها، وتمّ الصف للطبعة الثانية على نسختي المصححة.
ثانياً: قابلتُ المصفوفة بنسختين وأصلحتُ ما فيها من الأخطاء.
ثالثاً: قطّعت النص إلى فقرات، والفقرات إلى جمل، حسب قواعد التحقيق.
رابعاً: وضعتُ عناوين للمباحث، واعتمدتُ على ما وضعه السيد العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي من الفهارس، مع تغيير فيها بزيادة كلمة أو نقص أخرى، أوتقديم أو تأخير، أو زيادة عنوان أو حذفه.
خامساً: وضعت أرقام صفحات الطبعة الأولى بين خطين مائلين، هكذا / /، مثلاً: /234(1/3)
: نهاية الصفحة 234، ليسهل الرجوع إليها.
سادساً: وضعتُ التفسيرات والتنبيهات في الهامش أسفل الصفحة، وعزيتُ ما هو من المؤلِّف إليه.
سابعاً: وضعتُ فهرساً للأحاديث، والأشعار، والأعلام، والكتب، ومباحث الكتاب.
ثامناً: اتبعتُ قواعد التحقيق المتعارف عليها، كالنقطة والفاصلتين الصغرى والمتوسطة، وغير ذلك.
وفي الختام، أسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه لكريم، وأن يرزقنا حراسة الأعمال من المحبطات، وأن يتقّبل منّا، وأن يطيل في عمر مولانا مؤلّف الكتاب - أيده الله تعالى - وأن يثبّتنا على نهجه، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وصلِّ وسلم على محمد وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، سبحان ربك ربّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
محمد بن علي عيسى الحذيفي
ليلة الجمعة، 5 رمضان 1421هـ
تقديم للسيد العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
وسلام على عباده الذين اصطفى
وبعد: فبين يَدَيْ هذا لوامع الأنوار، في جوامع العلوم والآثار، وتراجم أولي العلم والأنظار، الموسوعةُ الفريدة، والمجموعةُ الوحيدة، بأساسها المكين، وعمادها المتين، وحصنها الحصين، بفنِّها الجديد، ومغزاها الرشيد، ومَغْنمها الحميد.
بمستواها الفائق، ومحتواها الخارق، لأبكار الرقائق والدقائق، بوقفتها مع الدليل، وسلوكها مسلك التنزيل، وهداها لسواء السبيل، ببراعتها في التنقيب، ولباقتها في التهذيب، برقَّتها في الأسلوب، وسهولتها في الإيصال إلى المطلوب، فهي وجامعها كما قيل:
حِكَمٌ سحابتُها خلالَ بنانه .... هطّالةٌ وقَلِيْبُها من قَلْبهِ
كالروضِ مُؤتلقاً بحُمْرةِ نَورِهِ .... وبياضِ زَهْرَتِه وخُضْرة عُشْبِهِ
حَلَّلَتْ وأَبرمتْ، وأوجبتْ وسلبتْ، مع قوّة في الحبك، ومَهَارة في السبك، عقود منضودة، ودروع مسرودة، موادّها كتاب الله وسنة رسوله، وموضوعاتها تبيان الحق وجيله، حدودها تكشف عن تلك المعالم، ورسومها تزيل التشكيك فيها والمزاعم، رفعت المرتفع، ووضعت المتّضِع، ما بين تقريب وتبعيد، وتصويب وتصعيد، بمنطقها الجزْل، وحكمها العدْل.
لم تدع لذي الداء الدويّ نقاهةً ولا إبلالاً، ولا لألد الخصوم مُنْطَلَقاً ولا مجالاً، وقفتْ لهم بالمرصاد، ولذَعَتْهم بألسنةٍ حداد، رَمَتْهم بثالثة الأثافي، ونسفتْ آثارهم في الفيافي، صبّتْ عليهم حميم الانتقاد، وألزمتهم الاستسلام والإنقياد، رغم التمرّد والعناد، شعر:
إذا غَضِبَ الفحْلُ يوم الهياج .... فلا تعذلوه إذا ما هَدَرْ
غيره:
وما السمر عندي غير خطيّة القنا .... وماالبيض عندي غير بيض الّلهاذمِ
غيره:
في كلّ مَنْبَت شَعْرة مِنْ جِسْمه .... أسدٌ يمدّ إلى الفريسة مخلبا
قام خطيبُ أطيارها، على منابر أشجارها، فصدح بفصيح أنغامه، ونثر - على رؤوس أوليائه؛ وفِطَر أعدائه - بليغ سجعه، وبديع نظامه، شعر:
فَأَسْمعهم قَولاً ألذّ من المنا .... وأحلى من المَنّ المنَزّل والسلوى
مرامي أطرافها مروجٌ مُمْتِعات، ومسارح سرحها هضاب مُخْصِبات، وشوادي بلابلها هواتف جاذبات، شعر:
هذي الحمائمُ في منابر أَيْكها .... تُمْلي الهوى والطلّ يكتبُ في الورقْ
والقُضْبُ تخفضُ للسلام رؤُوسَها .... والزّهرُ يرفعُ زائريه على الحدَقْ
بنفسجها يريح الأرواح، وشقائقها مراهم تُدْملُ الجراح، يا لها من رياض أَريضة، وجنان عريضة، شعر:
أيا حسنها روضةً قد غدا .... جنوني فنوناً بأفنانها
أتى الماءُ فيها على رَأْسِه .... لتقبيل أقدام أغصانها
تُنهِل وتُعِلّ، وتُسنِد وتُرسل، تُورِدُ وتُصْدِر، وتُحلي وتمِرّ، ناهيك منها بمثيرٍ للخبايا، كاشفٍ لما في الحنايا والزوايا، فاتحٍ للبراعم، كاشفٍ لوجوه التمائم، جالٍ لصداها عن الصادح والباغم.
وكيف لا تكون كذلك ومُبْدعها مَنْ لا يُشقّ له غبار، ولا يُوقف له على عثار، ولا تُطْمس منه آثار، ولا تُعكس مقدّماتُه وأخبارُه، ولا يَجْزُرُ تيّارُه وإنْ تظاهر مَعَ عدوّه أنصارُه.
مولانا وشيخنا، الإمام الحافظ الحجة الحلاحل، والسابق المجلي على السُّبَّاق الأماثل، أبوالحسنين الأمجد، مجد الدين بن محمد، بيّضَ الله غرّته، وأجزلَ في الدارين كرامته وتحفته.
فحي هلا أخي إلى مائدة الحكمة المتنوّعة، وملاك الذخائر النفيسات الرائعة، فقد صارت نصب عينيك، وفي متناول يديك، بعد أن كانت هنا وهناك، لا تخضع لطابع هذا الأسلوب، وبعضها في سِرّ أسرار الغيوب، والعَدَمِ المحجوب.
فتصدّى لها بجهود جهيدة، في مدّة مديدة، واستخرجها من أمّهاتها، وأصلحَ منها ما كان قد أخذ منه الزمن، وجلا الصدى عن وجهها المُسْتَحْسن الحسن، مع ما ضمّ إليها من روافدها، شعر:
ذُكِرَتْ فصغّرها العذولُ جَهَالَةً .... حتى بَدَتْ للناظرين فكبَّرا(1/4)
ومصداق هذا ما قاله المؤلف حين قال: (فهذا المجموع المبارك - إن شاء الله تعالى - خلاصة ما ينيف على عشرين مجلداً في هذا الباب وغيره، سوى ما منّ الله تعالى بجمعه وتحصيل نفعه، مما لم يكن مزبوراً في كتاب، وليس مختصاً بجمع الأسانيد؛ بل يتضمن إن شاء الله فوائد وفرائد من أنواع من الفنون، تقرّ بها العيون، ويرتاح لها الراغبون).
وقد رَكّزَها المؤلف على أحد عشر فصلاً: قال:
الفصل الأول: اعلم ـ أيدنا الله وإياك بتأييده، وأمدنا بمواد لطفه وتسديده ـ أن من أقدم ما يتحتَّم، وأهم ما يتعين، على الناظر في كتاب ربه، وسنة نبيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من ذوي الألباب عرفانُ الحقّ والمحقّين، المشار إليهم بقوله عزّ وجل: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(119)} [التوبة]، لما يتوقف عليه من رواية السنة الشريفة، وتفسير الكتاب، ولتولّيهم واتباع سبيلهم، المأخوذَيْن على كافّة المكلّفين بقواطع الأدلة، وإجماع جميع المختلفين.
ثم ساق حتى قال: وقد أقام الله جلّ جلاله حجَجَة على هذه الأمة كما أقامها على الأمم؛ فكان مما أوجب عليهم وحتم، وأمرهم به وألزم، وافترضه عليهم وحكم، في محكم كتابه الأكبر، وعلى لسان رسوله سيد البشر ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، المأخوذ ميثاقه في منزلات السور: الاعتصام بحبله، والاستمساك بعترة نبيه وآل رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ الهادين إلى سبيله، الحاملين لتنزيله، الحافظين لقيله، العاملين بمحكمه وتأويله، ومجمله وتفصيله.
الذين سيّدهم ومقدّمهم وإمامهم، ولي المؤمنين، ومولى المسلمين، سيد الأوصياء، وإمام الأولياء، وأخو خاتم الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقد أعلى الله شأنهم، وأعلن برهانهم، بما شهد به كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - مما أجمعت عليه الأمة على اختلاف أهوائها، وافتراق آرائها، فخُرِّج في دواوين الإسلام، وعلم به الخاص والعام، ولزمت به الحجة جميعَ الأنام.(1/5)