أمان من الذهاب والهلاك؛ ورواه الحاكم الجشمي عن سلمة، ومحمد بن سليمان الكوفي ـ رضي الله عنهم ـ من ثلاث طرق عن سلمة بن الأكوع.
وروى في الشافي عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ: ((مثل أهل بيتي مثل النجوم، كلما مرّ نجم طلع نجم)).
وفي نهج البلاغة: مثل آل محمد كمثل النجوم إذا خوى نجم طلع نجم.
وفي الأمالي: عن نصر بن مزاحم قال: سمعت شعبة يقول: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((مثل أهل بيتي في أمتي مثل النجوم كلما أفل نجم طلع نجم)) قاله لما ظهر الإمام إبراهيم بن عبدالله (ع).
ورواه الإمام المنصور بالله (ع) عن علي بن بلال، عن شعبة؛ ورواه الإمام المرشد بالله(ع) بسنده إلى موسى الكاظم، بسند آبائه، عن علي (ع)، عن رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - قال: ((أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، فويل لمن خذلهم وعاندهم)).
قال الإمام الناصر (ع): الدليل الثالث، قول النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إني تارك فيكم)) الحديث إلى قوله: ((لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)) وهذا الحديث متواتر.
انتهى المراد من كلام الإمام عبدالله بن الحسن الناصر الأخير، في الأنموذج الخطير.
وقد وشّحنا فصوله بما وفق الله تعالى إليه؛ ولولا العناد، لم يحتج في كثير من هذه الأبواب وأمثالها إلى الاستشهاد؛ فهي أنور من فلق الصباح، وأبين من براح.....
وفي تعب من يحسد الشمس نورها
ويجهد أن يأتي لها بضريبِ /66(1/66)
[الرد على أهل الزيغ وبيان من هم الآل]
ولقد حاول أهل الزيغ بكل ممكن في أهل بيت نبيهم إبطال الحجة، كما عارض أهل الكفر جدهم ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وحاولوا رد النبوة، والله متم نوره ولو كره الكافرون؛ والعاقبة للمتقين.
[إزراء على قول نشوان: إن أهل البيت جميع الأمة]
وإن شئت أن تنظر غاية الخذلان، ونهاية التهافت في هذا الشأن، الدال على سلب التوفيق وعمى البصيرة، الموقع لصاحبه في المباهته ومكابرة الضرورة، فانظر إلى أمثال هذيان نشوان في قوله:
آل النبي هم أتباع ملّته .... من الأعاجم والسودان والعربِ
لو لم يكن آله إلا أقاربه .... صلى المصلي على الغاوي أبي لهبِ
ولعمر الله، إن مثل هذا الاستدلال لايستحق الجواب؛ لكونه مكابرة في مقابلة الضرورة، مع خلله وفساده، ووضوح عناده لأولي الألباب؛ وإنما يجاب بمثل قول بعض قرناء الكتاب،:
أشعّة الفضل أعمَتْ ناظريكَ فما .... فرّقتَ بين حصاء الأرض والشهبِ
وإنه ماكان ينبغي أن يصدر، ممن له مسكة بصر، أو رائحة نظر، فضلاً عن مثل نشوان، لولا الخذلان الشديد، والضلال البعيد؛ وإنه لايدرى أي وجهيه أعجب؟ أمخالفة القواطع المعلومة، من آية المودة ونحوها من الآيات، وأخبار الكساء الدالة على الحصر والتعيين، وأخبار الثقلين المتواترة، /67(1/67)
فمن المتروك؟ ومن المتروك فيهم؟ ومن المتمسك؟ ومن المتمسَّك بهم؟ وأخبار السفينة؛ فمن المشبه بها؟ ومن المشبه براكبها؟ وغير ذلك مما لايحصى كثرة، مما سبق وما يأتي ومالم نذكره.
ولو لم يكن إلا ماورد في المعنى العام باللفظ الصريح، من تحريم الزكاة على آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، في النصوص المعلومة، لجميع الأمة؛ وهذا ونحوه هو العمدة في الاستدلال؛ وإنما ذكرتُ ماسبق ـ وإن لم يكن فيه نزاع ـ لأن أصل آل أهل، كما ذكروه، فالمعنى واحد؛ أم اعوجاج الاحتجاج، الدال على وضوح اللجاج، وتنكب المنهاج.
[جواب المقري وصلاح الدين على نشوان]
قال السيد الإمام السباق، المجتهد على الإطلاق، صلاح بن أحمد المؤيدي في شرحه لهداية ابن الوزير المسمى لطف الغفار، الموصل إلى هداية الأفكار، بعد ذكر البيتين:
ورد عليه إسماعيل المقري الشافعي؛ منتصراً لمذهبه:
لم قدَموا العُجْم إن كان الحديث كذا .... على الصحابة أهل الفضل والحسبِ؟
إذْ قدموا الآل من بعد النبي إذا .... صلّوا عليه على أصحابه النجب
آل النبي همو أبنا أبيه كما .... هذا هو المذهب المعروف في العربِ
وألحقوا بهمو في حفظ عهدهم .... أبناء مطلب في حرمة النسبِ
قربى الكفور مع الإسلام قد نُفيت .... ما ابن على الكفر باقٍ وارثٌ لأب
فارجع وراءك مغلوباً فليس لكم .... عذر من الله في ذكرى أبي لهبِ
قال: ولقد أجاد في الرد على نشوان، وإن أخطأ في تعميم الدعوى لبني هاشم وبني المطلب بغير برهان.
قال (ع): وقلت أيضاً مستعيناً بالله سبحانه: /68(1/68)
آل النبي هموا أهل الكساء كما .... جاءت به واضحات النقل عن كثبِ
قد قال أهلي بتقديم الإشارة في .... بعض الأحاديث قولًا غير ذي كذبِ
وذاك حصر لهم فافطن لما زبرت .... أهل المعاني أولوا التحقيق في الكتبِ
وألحقوا بهمو أبناء إبنته .... إذْ يلحقون به بالنص في النسبِ
واسْتَقْرِ ماضمت الأسفار من شرف .... سام لآل النبي السادة النجبِ
و {قل تعالوا } يفيد القطع أنهمو .... أبناء أحمد فادعوهم لخير أبِ
ذرية شرفت من نسبة عظمت .... ترددت في وصي طاهر ونبي
والله ميّز آل الأنبياء بها .... في آل عمران لابالعجم والعرب
ذرية بعضها من بعضها فلذا .... قلنا هم الآل لا أبناء مطّلبِ
إلى قوله:
قال الإله لنوح ليس ابنك من .... أهليك دع عنك عماً غير مقتربِ
كيف التعامي عن الإنصاف ويحك يا .... نشوان لم تصح لامن خمرة العنبِ
انتهى.
هذا وقد رُويت توبته، والله أعلم بصحتها؛ والله سبحانه يقول: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا } [البقرة:160]، فلا بد من الإصلاح والبيان، كما شرطه الله تعالى مع الإمكان؛ والذي يقضي به هذا وكلام الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن (ع) حيث قال لما وقف على قبره ـ ولله دره ـ:
ياقبر نشوان ماضمّنت من حكمٍ .... ومن علوم له تُربي على الديمِ
ياقبر نشوان لولا النصب فُقْتَ على .... من كان من علماء العُرب والعجمِ
وهكذا كلام الإمام يحيى شرف الدين، والسيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير (ع) بقاؤه على ماكان، وكم لنشوان من إخوان وأخدان، في جميع الأزمان.
ومع هذا فقد كان نشوان يعترف بالحق لآل محمد ـ عليهم الصلاة والسلام ـ من ذلك قوله: /69(1/69)
وذكرت آل محمد وودادهم .... فرض علينا في الكتاب مؤكّدُ
وهذا نقض صريح لقوله السابق: آل النبي.. إلخ.
قال:
وذكرت زيداً والحسين ومولداً .... لهم زكي الأصل نعم المولدُ
بأبي وأمي من ذكرت ومن بهم .... يهدى الجهول ويرشد المسترشدُ
وأنا المناضل ضدكم عن دينكم .... والله يشهد والبرية تشهدُ
لاأستعيض بدين زيد غيره .... ليس النحاس به يقاس العسجدُ
إني على العهد القديم بحبّكم .... كلف الفؤاد بكم وجسمي مبعدُ
وقوله:
سلام الله كل صباح يوم .... على خير البرية أجمعينا
على الغرّ الجحاجح من قريشٍ .... أئمتنا الذين بهم هدينا
بني بنت الرسول إلامَ كل .... يظن بكم من الناس الظنونا؟
فأبلغ ساكني الأمصار أنّا .... بأحمد ذي المكارم قد رضينا
يعني الإمام أحمد بن سليمان (ع)، قال:
بأكرم ناشيء أصلاً وفرعاً .... وأعلا قايم حسباً وديناً
رضينا بالإمام وذاك فرض .... نقول به ونعلن مابقينا
وقال مخاطباً للإمام (ع):
يابن الأئمة من بني الزهراء .... وابن الهداة الصفوة النجباءِ
وإمام أهل العصر والنور الذي .... هُدي الولي به من الظلماءِ
كم رامت الكفار إطفاءً له .... عمداً فما قدروا على إطفاءِ
شمس يراها الجاحدون فلم يطق .... منهم له أحد على إخفاء
/70(1/70)