إلى أبي أيوب؛ والاختلاف في الروايات يسير؛ ورواه أبو القاسم محمد بن جعفر، في كتابه إقرار الصحابة، بسنده إلى عثمان، انتهى.
[صفات المهدي ومدته (ع)]
هذا، وروى في تفريج الكروب ((أبشروا أبشروا؛ إنما أمتي كالغيث، لايدرى آخره خير أم أوله؛ أو كحديقة أطعم منها فوج عاماً؛ لعل آخرها فوجاً يكون أعرضها عرضاً، وأعمقها عمقاً، وأحسنها حسناً؛ كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها؟ ولكن بين ذلك ثبج أعوج، ليسوا مني ولا أنا منهم)) أخرجه النسائي عن جعفر بن محمد عن آبائه مرفوعاً.
((أبشروا بالمهدي رجل من قريش من عترتي يخرج في اختلاف من الناس وزلزلة؛ فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، ويقسم المال صحاحاً ـ قال: بالسوية ـ، ويملأ قلوب أمة محمد غنى؛ ويسعهم عدله)) إلى قوله: ((فيلبث في ذلك ستاً أو سبعاً أو ثمانياً أو تسع سنين، ولاخير في الحياة بعده)) أخرجه أحمد والباوردي عن أبي سعيد.
قلت: وما ورد من تقدير مدته بالست إلخ المراد فيه على حالة مخصوصة، أشار إليها في الخبر؛ لاجميع أيامه؛ وقد ورد مايدل على ذلك كما في قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((المهدي من ولدي، وجهه كالقمر الدري؛ اللون لون عربي)) إلى قوله: ((يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً؛ يرضى بخلافته أهل السماوات والأرض والطير في الجو؛ يملك عشرين سنة)) أخرجه الديلمي في الفردوس، عن حذيفة، مرفوعاً.
قلت: وفي الجواهر: أخرجه الروياني وكذا الطبراني؛ وعند أبي نعيم والديلمي في مسنده: وعن حذيفة رفعه ((يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم (ع) كأنما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي: تقدم فصل بالناس، فيقول عيسى (ع): إنما أقيمت الصلاة لك؛ فيصلي خلف رجل من ولدي)) وذكر باقي الحديث؛ أخرجه الطبراني. انتهى /61(1/61)
فهذا منطوق صريح بالزيادة، وليس في الأول ونحوه، إلا مفهوم عدد، مع إمكان تأويله كما سبق؛ وهذا الحديث أيضاً محتمل للزيادة والأمر واضح.
وروي: ((المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف؛ يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً)) أخرجه أبو داود والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد، انتهى.
وعن علي (ع) ((المهدي منا، يُخْتَمُ الدين بنا كما فُتِحَ بنا)) أخرجه الطبراني ورفعه؛ رواه في السبل الأربعة عن السمهودي؛ وفيه: قال: وعن نعيم بن حماد، عن علي ـ كرّم الله وجهه ـ قال: المهدي بالمدينة من أهل بيت النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ اسمه اسم نبي، ومهاجره بيت المقدس؛ أكحل العينين، بَرّاق الثنايا، في وجهه خال، في كتفه علامة النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يخرج براية النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من مرط حلة سوداء مرقعة، فيها حجر، لم تنشر منذ توفي النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ولاتنشر حتى يخرج المهدي؛ ويمده الله ثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم؛ يبعث وهو مابين الثلاثين إلى الأربعين)).
إلى قوله: قال: وفي حديث آخر عند الحاكم في صحيحه: ((يحل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم)) إلى قوله: ((فيبعث الله رجلاً من عترتي من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يحبه ساكن السماء وساكن الأرض)) إلى آخره. انتهى.
قال الأمير الناصر للحق، حافظ العترة، الحسين بن بدر الدين (ع) في ينابيع النصيحة: وعن أنس، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((نحن سادات أهل الجنة، أنا، وعلي، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن، والحسين، والمهدي)).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أول سبعة يدخلون الجنة: أنا، وحمزة، وجعفر، وعلي، والحسن، والحسين، والمهدي محمد بن عبدالله)) انتهى.
قلت: وروى خبر سادات أهل الجنة الأول الطبري، وقال: أخرجه ابن السري عن أنس؛ ورواه ابن المغازلي أيضاً عن أنس بلفظ: ((نحن بنو عبد المطلب)) إلى ((الحسن والحسين)) أفاده في /62(1/62)
تفريج الكروب؛ وروى الخبر الأول إلى قوله: ((والمهدي)) في الجواهر، وقال: أخرجه السدي، والديلمي في مسنده. انتهى.
قال في السبل الأربعة: وحديث خروج المهدي وظهوره ـ في كتب المحدثين من أهل الصحاح وغيرهم؛ وذكروا أنه يحثو المال حثواً، ولا يعدّه عداً.
قال: ووجدت في بعض الكتب ـ ورواه عن الإمام الناصر الأطروش (ع) أن المهدي (ع) في بعض شعاب اليمن، أو كما قال؛ ولا بُعْدَ ولا مناقضة بين الأحاديث؛ لأنه يمكن أنه قبل ظهوره يكون سائحاً متنقلاً، من المدينة، إلى بيت المقدس، إلى مكة، إلى اليمن، والله أعلم.
قال: فإذا عرفت هذا، عرفت أن أهل البيت النبوي سلسلة منوط بعضها ببعض، لاتنفك حلقة عن حلقة منها، من زمن رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - إلى قيام المهدي، إلى ورود الحوض على النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - كما أخبر ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ عن الله تعالى، أن كتاب الله وعترة رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - لايفترقان حتى يردا عليه الحوض.
قال: وهذا الحديث من المعجزات الغيبية، التي مخبرها كما أخبر به الصادق الأمين؛ فإنهم كما سمعنا في الأخبار والسير، وشاهدنا؛ وهم الحجج في كل زمان وحين.
قال: حتى لقد انقرض سلطان قريش بأجمعها، إلا سلطان العترة النبوية، فإنه ظاهر في كل زمان إلى يوم الدين.
...إلى آخره.
قلت: ونختم الكلام في خاتم الأئمة بما قاله إمام اليمن، الهادي إلى أقوم سنن، يحيى بن الحسين بن القاسم ـ صلوات الله عليهم ـ في الأحكام، وهو مانصه: وبلى وعسى؛ فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً؛ عسى الله أن يرتاح لدينه، ويعز أولياءه ويذل أعداءه؛ فإنه يقول عز وجل: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)} [المائدة]، وفي ذلك ما يقول رسول رب /63(1/63)
العالمين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((اشتدي أزمة تنفرجي)).
[نجم آل الرسول (ع) يمدح المهدي (ع)]
وفي ذلك مايقول جدي القاسم بن إبراهيم (ع):
عسى بالجنوب العاريات ستكتسي .... وبالمستذل المستضام سينصرُ
عسى مشرب يصفو فتروى ظمية .... أطال صداها المنهل المتكدرُ
إلى قوله:
عسى الله لاتيأس من الله إنه .... يسير عليه مايعز ويكبرُ
إلى قوله:
عسى فرج يأتي به الله عاجلاً .... بدولة مهدي يقوم فيظهرُ
وقال (ع): المنتظر للحق والمحقين، كالمجاهد في سبيل رب العالمين؛ وفي ذلك ما بلغنا: عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أنه قال: ((من حبس نفسه لداعينا أهل البيت أو كان منتظراً لقائمنا، كان كالمتشحط بين سيفه وترسه في سبيل الله بدمه)).
وقال بعد أن أطنب في صفات الإمام المهدي ـ صلوات الله عليهما ـ:
كريم هاشمي فا .... طمي جامع القلبِ
رؤوف أحمدي لا .... يهاب الموت في الحربِ
يرى أعداؤه منه .... حذار الموت في الكربِ
شجاع يُتْلِفُ الأروا .... ح في الهيجاء بالضربِ
رحيم بأخي التقوى .... شديد بأخي الذنبِ
حكيم أُوتي التقوى .... وفصل الحكم في الخطبِ
بعدل القائم المهدي .... غوث الشرق والغربِ
[مخرجوا أخبار النجوم والأمان]
عدنا إلى تمام الكلام.
قال الإمام الناصر عبد الله بن الحسن (ع): الدليل الثاني /64(1/64)
قول النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض؛ فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض ذهب أهل الأرض)) أخرجه أحمد بن حنبل عن علي (ع) وعمار ـ رضي الله عنه ـ وأخرج معناه الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد؛ ولم يخرجاه.
فلو كان أهل البيت الأربعة فقط، لكان قد ذهب أهل الأرض.
قلت: أخبار النجوم والأمان شهيرة رواها الإمام الهادي إلى الحق في الأحكام وكتاب معرفة الله، والإمام الرضا علي بن موسى الكاظم بسنده المتصل عن آبائه(ع)، والإمام أبو طالب، والإمام الموفق بالله، والإمام المرشد بالله، والإمام المنصور بالله (ع) بأسانيدهم، وصاحب جواهر العقدين عن سلمة بن الأكوع وقال: أخرجه مسدد وابن أبي شيبة وأبو يعلى والطبري في ذخائر العقبى عن سلمة أيضاً؛ وصاحب الجواهر أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض؛ فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات مايوعدون)).
قال: أخرجه ابن المظفر من حديث عبدالله بن إبراهيم الغفاري.
وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((النجوم أمان لأهل السماء)) الخبر بلفظ ماتقدم أخرجه أحمد في المناقب؛ وهو في ذخائر العقبى بلفظ: قال: وعن قتادة، عن عطاء، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف؛ فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب الشيطان)) قال: أخرجه الحاكم؛ وقال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد.
قلت: وهذا الخبر يفيد أن متابعتهم أمان من الاختلاف، كما أن وجودهم /65(1/65)