[المخرجون لأخبار الثقلين والتمسك]
وقد أخرج أخبار الثقلين والتمسك أعلامُ الأئمة، وحفاظ الأمة؛ فمن أئمة آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ: الإمام الأعظم زيد بن علي، والإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم، وحفيده إمام اليمن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، والإمام الرضا علي بن موسى الكاظم، والإمام الناصر الأطروش الحسن بن علي، والإمام المؤيد بالله، والإمام أبو طالب، والسيد الإمام أبو العباس، والإمام الموفق بالله، وولده الإمام المرشد بالله، والإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، والسيد الإمام أبو عبدالله العلوي صاحب الجامع الكافي، والإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين، وأخوه الناصر للحق حافظ العترة الحسين بن محمد، والإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى، والإمام الهادي لدين الله عز الدين بن الحسن، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وولده إمام التحقيق الحسين بن القاسم، وغيرهم من سلفهم وخلفهم.
ومن أوليائهم: إمام الشيعة الأعلام، قاضي إمام اليمن الهادي إلى الحق، محمد بن سليمان ـ رضي الله عنه ـ رواه بإسناده عن أبي سعيد من ست طرق، وعن زيد بن أرقم من ثلاث، وعن حذيفة؛ وصاحب المحيط بالإمامة الشيخ العالم الحافظ أبو الحسن علي بن الحسين، والحاكم الجشمي، والحاكم الحسكاني، والحافظ أبو العباس ابن عقدة، وأبو علي الصفار، وصاحب شمس الأخبار - رضي الله عنهم -.
وعلى الجملة؛ كل من ألَّف من آل محمد (ع) وأتباعهم - رضي الله عنهم - في هذا الشأن، يرويه ويحتج به على مرور الأزمان /51(1/51)


ومن العامة: أحمد بن حنبل في مسنده، وولده عبدالله، وابن أبي شيبة، والخطيب ابن المغازلي والكنجي الشافعيان، والسمهودي الشافعي، والمفسر الثعلبي، ومسلم بن الحجاج القشيري، في صحيحه، رواه في خطبة الغدير من طرق ولم يستكملها، بل ذكر خبر الثقلين وطوى البقية؛ والنسائي، وأبو داوود، والترمذي، وأبو يعلى، والطبراني في الثلاثة، والضياء في المختارة، وأبو نعيم في الحلية، وعبد بن حميد، وأبو موسى المدني في الصحابة، وأبو الفتوح العجلي في الموجز، وإسحاق بن راهويه، والدولابي في الذرية الطاهرة، والبزار، والزرندي الشافعي، وابن البطريق في العمدة، والجعابي في الطالبيين، من حديث عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عن آبائه عن علي (ع)، وغيرهم.
[الرواة لخبر الثقلين والتمسك من الصحابة]
ورفعت رواياته إلى الجم الغفير، والعدد الكثير، من أصحاب الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وأبي ذر، وأبي سعيد الخدري، وأبي رافع مولى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأم هانئ، وأم سلمة، وجابر، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وضمرة الأسلمي، وخزيمة بن ثابت، وسهل بن سعد الساعدي، وعدي بن حاتم، وعقبة بن عامر، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي شريح الخزاعي، وأبي قدامة الأنصاري، وأبي ليلى، وأبي الهيثم بن التيهان، وغيرهم؛ هكذا سرد أسماءهم الحسين بن القاسم (ع) ومن تبعه.
وزاد في نثر الدر المكنون جماعة نذكرهم؛ وإن تكرر ذكر بعض المخرجين، لأجل من لم يسبق من الراوين وهم أحمد بن حنبل وابن ماجه عن البراء، /52(1/52)


والطبراني في الكبير عن جرير، وأبو نعيم عن جندع، والبخاري في التاريخ، والطبراني وابن قانع عن حبشي بن جنادة، وابن أبي شيبة، وابن عاصم، والضياء عن سعد بن أبي وقاص، والشيرازي في الألقاب عن عمر، والطبراني في الكبير عن مالك بن الحويرث، وابن عقدة في الموالاة عن حبيب بن بدر بن ورقا وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري، والخطيب عن أنس بن مالك، والحاكم وابن عساكر عن طلحة، والطبراني في الكبير عن عمرو بن مرة، وأحمد والنسائي وابن حبان والحاكم والضياء عن بريدة، والنسائي عن عمر بن ذر، وعبدالله بن أحمد عن جماعة منهم ابن عباس، وابن أبي شيبة عن أبي هريرة واثني عشر رجلاً من الصحابة.
[فائدة في معنى الثقلين]
قال الشريف الرضي في المجازات النبوية: وفي هذا الخبر محاسن؛ وذلك تسميته ـ عليه الصلاة والسلام وآله ـ الكتاب والعترة بالثقلين، وواحدهما ثقل، وهو متاع المسافر الذي يصحبه إذا رحل، ويسترفق به إذا نزل، فأقام ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ الكتاب والعترة مقام رفيقه في السفر، ورفاقه في الحضر، وجعلهم بمنزلة المتاع الذي يخلِّفه بعد وفاته؛ فلذلك احتاج إلى أن يوصي بحفظه ومراعاته.
إلى قوله: وقال بعضهم: إنما سُميا بذلك لأنهما العدتان اللتان يعوّل في الدين عليهما، ويقوم أمر العالم بهما؛ ومنه قيل: الإنس والجن ثقلان؛ لأنهما يعمران الأرض ويثقلانها، ومن ذلك قول الشاعر:
تقومُ الأرضُ ما عُمِّرت فيها .... وتبقى مابقيتَ بها ثقيلا
لأنك موضع القسطاس منها .... فتمنع جانبيها أن تزولا
/53(1/53)


قال في جواهر العقدين: سمّاهما ثقلين، لعظمهما وكبر شأنهما.
إلى قوله: إذ الثقل (محركاً) يطلق لغة كما في القاموس على متاع المسافر وكل نفيس مصون؛ قال ـ أي صاحب القاموس ـ: ومنه الحديث: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي)) والثقلان: الإنس والجن، والأثقال: كنوز الأرض وموتاها، انتهى.
وقال غيره: كل خطير نفيس ثَقَل. انتهى المراد.
[الدليل على أن الأربعة وذريتهم أهل البيت(ع)]
هذا، واعلم أن الأربعة: علياً، وفاطمة، والحسنين، وذريتهم ـ صلوات الله عليهم ـ مرادون بجميع ماورد في آل محمد وأهل البيت والعترة قطعاً، لغة وعرفاً وشرعاً، وأخبار الكساء المتواترة، المعلومة المتكررة، مصرحة بالحصر والقصر عليهم، وإخراج من عداهم، ممن يتوهم دخوله معهم، قولاً وفعلاً؛ وقد أتينا بأطراف فيها وفي غيرها نافعة ـ إن شاء الله تعالى ـ في التحف الفاطمية، وذكرنا وجه دلالتها على الحصر فيهم.
[الكلام على آية التطهير]
وقد اعترف بالحق في هذا أهل الإنصاف، كالحافظ ابن حجر، حيث قال، في الجزء السابع صفحة (138) من فتح الباري في فضائل خديجة ـ رضوان الله عليها ـ في ذكر البشارة لها ببيت في الجنة؛ مالفظه: وفي ذكر البيت معنى آخر؛ لأن مرجع أهل بيت النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إليها، لما ثبت في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } [الأحزاب:33]، قالت أم سلمة: لما نزلت دعا النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - فاطمة وعلياً والحسن والحسين، فجللهم بكساء، وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي)) الحديث، أخرجه الترمذي وغيره /54(1/54)


قلت: أخرجه مالك، وأحمد بن حنبل، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والدار قطني، والحاكم، وأبو الشيخ، والطبراني، والبيهقي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن عساكر، وابن مردويه، وابن المنذر، وعامة المحدثين، وأهل البيت بأسانيدهم إلى أمير المؤمنين، والحسن السبط، وفاطمة الزهراء، وابن عباس، وعبدالله بن جعفر، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.
وقد أوضحت ذلك في صفحة 234 من شرح الزلف [الطبعة الأولى].
قال ابن حجر: لأن الحسنين من فاطمة، وفاطمة بنتها، وعلي نشأ في بيت خديجة، وهو صغير، ثم تزوج بنتها بعدها؛ فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها. انتهى المراد.
وقد تكلم أعلام الأئمة، وعلماء الأمة، ـ رضوان الله عليهم ـ على وجه الدلالات في أخبار الغدير وأخبار الثقلين وغيرها، في مؤلفاتهم بما لامزيد عليه.
[تلخيص البحث على حديث الكساء]
وقد لخص البحث في أخبار الكساء من هذا الوجه الإمام الناصر الأخير، عبدالله بن الحسن (ع) في الأنموذج الخطير ، ولفظه: وقد دل الحديث على تخصيص علي وفاطمة والحسن والحسين (ع)، وإخراج غيرهم من الموجودين في ذلك الوقت من وجوه:
الأول: أنه دعاهم دون غيرهم، ولو شاركهم غيرهم في كونه من أهل البيت(ع) لدعاه.
الثاني: اشتماله عليهم بالكساء دون غيرهم؛ ليكون بياناً بالفعل مع القول.
الثالث: أنه قال: ((اللهم إن هؤلاء أهل بيتي)) مؤكداً للحكم بإنّ.
الرابع: تعريف المسند إليه بالإشارة، الذي يفيد تمييزه أكمل تمييز، كما يعرفه علماء المعاني.
قلت: وهذه الصيغة من طرق الحصر، كما صرح به أهل المعاني والبيان وأصول الفقه؛ وقد وردت هذه الصيغة في غير هذا المقام، لما نزل قوله تعالى /55(1/55)

14 / 135
ع
En
A+
A-