مثالب، وللأشعرية، فانتصب السيد هذا للذب، وتغلغل في النقل، وجعل الكلمة الواحدة في الرجل الواحد، مما يذب به عن الجميع.
إلى قوله: فكيف يسوغ للسيد ـ على جلالته ـ تكذيب من نقل عنهم مذهبهم المدروس، بمطلق أنه قد يوفق الله للحق بعضهم؟!
إلى قوله: مع أنه قد تجرم السيد في العواصم من هؤلاء؛ وقال في ذكر الرازي: إنه إذا تكلّم في مسألة لم يفارق أصحابه، وإذا سنحت المسألة في غير بابها تكلم بما يوافق الأدلة.
ثم قال: ثم رجع ـ أي السيد محمد ـ رجوعاً كلياً.
قال: وكان السيد يتعب من نسبة الخلاف إليه لأسلافه، ويذب عن نفسه؛ وما أحسن قوله في هذا:
أولئك آبائي على رغم منكر .... لكوني على منهاجهم في مذاهبي
وحسبي بهم إنْ رام نقصاً معاند .... شجى في حلوق الحاسدين النواصبِ
[السند إلى مؤلفات السيد محمد بن إبراهيم الوزير وترجمته ومؤلفاته]
ولما انجرّ الكلام إلى ذكره وافق إيراد السند هنا إلى مؤلفاته، وإتمام ما لاغنى عنه من أحواله؛ فأقول والله الموفق:
وأروي جميع مؤلفات ومرويات السيد الإمام، الحافظ الكبير، محمد بن إبراهيم الوزير، بالأسانيد السابقة إلى الإمام يحيى شرف الدين، عن السيد الإمام حافظ اليمن، وسيد بني الحسن، صاحب الهداية والفصول، صارم الدين إبراهيم بن محمد، عن أبيه السيد الإمام حافظ الإسناد، وخلف السادة الأمجاد، محمد بن عبدالله بن الهادي بن إبراهيم الوزير، عن عمّ أبيه السيد الإمام، الحافظ المؤلف، محمد بن إبراهيم الوزير.
وبالأسانيد السابقة في طرق المجموع وغيره، إلى الإمام القاسم بن محمد، عن السيد الإمام صلاح، عن أبيه السيد الإمام أحمد، عن أبيه السيد الإمام عبدالله، عن أبيه السيد الإمام أحمد، عن أبيه السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد، عن /95(2/95)


أبيه السيد الإمام محمد بن عبدالله، عن المؤلف الحافظ محمد بن إبراهيم جميع مؤلفاته، التي منها: إيثار الحق على الخلق، والبرهان القاطع في معرفة الصانع، والتأديب الملكوتي، ولم يوجد منه إلا يسير، والتفسير من الكلام النبوي، وهو كذلك لم يوجد، أفاده في مطلع البدور، عن صلاح بن أحمد الوزير (ع)، والتحفة الصفية شرح قصيدة أخيه الهادي بن إبراهيم (ع)، التي مطلعها:
تقدّم وعدكم فمتى الوفاء .... وطال بعادكم فمتى اللقاءُ
وسمّاه ـ أيضاً ـ النسمات النجدية في النغمات الوجدية؛ وترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان، وتنقيح الأنظار في علوم الآثار، وحصر آيات الأحكام، وكتاب العزلة، وكتاب العواصم والقواصم أربعة مجلدات، وختمه بأبيات، منها:
ولكن عذري واضح وهو أنني .... من الخلق أخطي تارة وأصيبُ
ـ ولقد صدق ولله دره، وما أوفقها لذلك المقام ـ.
والروض الباسم مختصر من العواصم، وغير ذلك من الرسائل والمسائل.
فالسند هذا، في جميع ما صحّ له من تأليف ورواية، وهو من أسانيدنا المسلسلة بنجوم الهداية، والحمد لله في البداية والنهاية.
وقد سبق ذكر جميع مَنْ فيه، ونسبهم، وتواريخهم، بعضهم في التحف الفاطمية، كالمؤلف في ذكر الإمام علي بن المؤيد ؛ والسيد صارم الدين، وأبي العطايا، في ذكر الإمام محمد بن القاسم الزيدي، مع غيرهم من الأئمة (ع)؛ وبعضهم في هذا الكتاب، وإلى الله تعالى المرجع والمآب.
قال السيد الإمام في الطبقات في ترجمة المؤلف ما لفظه: العلوي، الحسني، الهدوي، اليمني، الصنعاني، الإمام، العالم، أبو عبدالله، عز الدين؛ وكان أصغر أولاد /96(2/96)


أبيه سناً، نشأ في طلب العلم.
إلى قوله، في تعداد شيوخه: أما علم الأدب فصنوه جمال الدين الهادي بن إبراهيم.
قلت: وأفاد السيد الإمام الهادي الصغير بن حافظ اليمن صارم الدين، أن السيد الإمام الهادي الكبير بن إبراهيم شيخ صنوه محمد في علم الأصولين، والتفسير، وجميع العلوم، وأنه لازمه، وانتفع به، وهو الأوجه، انتهى.
[ترجمة ابن مظفر]
قال: والقاضي محمد بن حمزة بن مظفر.
قلت: هو أحد أعلام الشيعة، صاحب كتاب البرهان، المشتمل على عشرين فناً من العلوم، وهو من خواص الإمام الهادي علي بن المؤيد، وأشياخه المتابعين له ـ رضي الله عنهم ـ وسيأتي ذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ.
قال: وقرأ مختصر المنتهى على السيد علي بن محمد بن أبي القاسم.
قلت: وأفاد السيد الإمام الهادي الصغير، أن السيد الإمام علي بن محمد شيخ محمد بن إبراهيم، في علم الأصولين، والتفسير.
قال: وأما علم الأصول، فالقاضي العلامة عبدالله بن حسن الدواري، والفقيه جمال الدين علي بن عبدالله بن أبي الخير، قرأ عليه شرح الأصول، والغياصة، وتذكرة ابن متويه، وغيرها في علم اللطيف.
[ترجمة شيخ الكينعي علي بن عبدالله بن أبي الخير]
قلت: ابن أبي الخير، هو شيخ عابد اليمن، إبراهيم بن أحمد الكينعي ـ رضي الله عنهم، وأعاد من بركاتهم ـ.
قال السيد الإمام في ترجمته، بعد أن ذكر أنه أخذ عليه الإمام المهدي أحمد بن يحيى، والهادي بن إبراهيم، وصنوه محمد بن إبراهيم:
قال: القاضي علاّمة الأصول والفروع، وحجة المنقول والمسموع، /97(2/97)


سيد أرباب الشريعة، وإمام أهل الحقيقة على الحقيقة.
قال في الصلة: هو سلطان العلماء الأبرار.
إلى قوله: جمع الفضائل عن يد، وحاز الكمال وانفرد، لم يبلغ عشرين سنة، إلا وقد صار مجتهداً بالعلوم، أصولها وفروعها، وله في كل فن تصنيف.
إلى قوله: ومصنفاته زهاء خمسة وأربعين موضوعاً؛ ولما بلغ المنتهى جاءه مخاطب التوفيق، والارتقاء إلى سنام التحقيق، فعكف على كتب التقوى واليقين.
إلى قوله: وراض نفسه رياضة يعجز عنها مَنْ عرفها؛ فهو إمام أهل الشريعة، وشيخ أهل الطريقة.
قال تلميذه إبراهيم بن أحمد: عندي أن علي بن عبدالله أبلغ من عبد الجبار، وأغزر علماً، وأعظم فهماً؛ وكان شيخ إبراهيم في زهده وورعه، وقدوته في أفعاله وأقواله.
ثم ذكر سنده في كيفية الطريق إلى الله ـ تعالى ـ وإخلاص الذكر، المتصل بمعروف الكرخي، العابد الزاهد، عن الإمام علي الرضا ابن موسى الكاظم، عن آبائه، عن الوصي علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليهم ـ أنه جاء إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فقال: دلني على أقرب الطرق إلى الله، وأسهلها على عباده، وأوصلها عند الله.
فقال: ((ياعلي، عليك بمداومة ذكر الله في الخلوات)).
فقال علي: كيف أذكر يارسول الله؟
فقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((غمض عينيك، واسمع مني ثلاث مرات، لا إله إلا الله)).
فقالها، وعلي يسمع.
ثم قال علي: لا إله إلا الله ـ ثلاث مرات ـ والنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يسمع.
ثم تلقن الحسن البصري هذا الذكر من علي (ع)، واتصل بمعروف الكرخي أيضاً من طريقه.
إلى قوله: ثم إن علي بن عبدالله لقن سيدي صارم الدين إبراهيم الكينعي الذكر العظيم، والحزب /98(2/98)


المبين، وألبسه الخرقة.
قال السيد عماد الدين يحيى بن المهدي بن القاسم الحسيني: ثم إن سيدي إبراهيم لقنني الذكر العظيم، والحزب المبين، وألبسني الخرقة المباركة، انتهى.
وبيض السيد الإمام، والقاضي أحمد، لتاريخ وفاته ـ رضي الله عنهم ـ.
(رجع إلى تمام كلام السيد الإمام في السيد الحافظ محمد بن إبراهيم).
قال: وطالع كتب آبائه الكرام في هذا الفن، كالمجزي للسيد الإمام أبي طالب، وصفوة الاختيار للإمام المنصور بالله، وغيرها؛ وكذلك مؤلفات جده يحيى بن منصور بن العفيف، ومصنفات السيد حميدان بن القاسم، ومثل كتاب الجامع الكافي، وكتاب الجملة والألفة لمحمد بن منصور المرادي؛ وعرف ما وقع فيه الخلاف بينهم وبين المعتزلة، وجمع في ذلك مختصرات مفيدة، ومقالات فريدة.
ثم ذكر أنه أجازه السيد الإمام الناصر بن أحمد بن الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى (ع)، المتوفى عام اثنين وثمانمائة، وناوله كتب الأئمة كالمجموع، وأصول الأحكام، وأمالي الإمام أحمد بن عيسى، وشرح النكت، والجمل للقاضي جعفر، والمنهاج الجلي لعمه.
إلى قوله: فأجزتُ له سائر كتب الخزانة المهدية، خزانة الإمام محمد بن المطهر، وهي كلها لي إجازة من حي الإمام الواثق بالله المطهر بن أمير المؤمنين، عن والده المهدي لدين الله؛ وهي له إجازة عن والده المتوكل على الله المطهر بن يحيى (ع).
وقد أجزتُ جميع ذلك للولد عز الدين، محمد بن إبراهيم نفعه الله بذلك، وأعانه على العمل به؛ فليروه عني كيف شاء، لمن شاء، على الوجه المشترط في ذلك، عند أهل الحديث، والحمد لله، والصلاة على محمد وآله الطاهرين.
ثم ذكر إجازاته من بقية شيوخ عصره من أهل الحديث.
إلى قوله: وأجلّ /99(2/99)

130 / 135
ع
En
A+
A-