وفصحاء الأمة، ونجباء أبناء الأئمة، ولما انتقل والده، في سنة تسع وعشرين وسبع مائة، دعا الإمام يحيى بن حمزة، ثم لما توفي سنة تسع وأربعين وسبع مائة ففي هذه السنة قام الواثق، ودعا إلى الله دعوة حسنة، في شهر القعدة، ثم استفتح صنعاء سابع صفر سنة خمسين وسبعمائة، ثم تنحى وبايع الإمام علي بن محمد.
إلى قوله: وكانت طرائق الواثق كطرائق والده في الخيرات؛ بلغ من العمر نيفاً على الثمانين، وله في العلوم اليد الطولى.
وأما الفصاحة فلا يبارى، وله رسائل بديعة، وكان مبرزاً على الأقران، وسباق غايات في ذلك الميدان، انتهى المراد.
هذا، وقد شرح قصيدته الأبيات الفخرية السيد الإمام محمد بن يحيى ـ رضي الله عنهما ـ باللآلي الدرية، كتاب حافل عظيم.
ونذكر هنا ما يتضمن صحة الطريق إليه، وإلى مجموعات السيد الإمام حميدان بن يحيى، وقد سبق ذكره في التحف الفاطمية ، وإلى مؤلف السيد الإمام يحيى بن منصور، وإلى مؤلف السيد الإمام المرتضى بن المفضل، وقد سبق نسبهما في التحف الفاطمية، والمرتضى بن المفضل، هو الثاني من أجداد السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير بن علي بن المرتضى المذكور، وهو في ذكر الإمام علي بن المؤيد، والإمام محمد بن عبدالله الوزير (ع).
وهذه المؤلفات الشريفة مما أهمل السند إليها أهل كتب الإجازات، وهي من مؤلفات آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ الشهيرة المنيرة.
[ترجمة محمد بن يحيى القاسمي، شارح منظومة الواثق بالله المطهر]
فأقول ـ والله ولي التوفيق ـ: قال السيد الإمام في طبقات الزيدية، مترجماً للشارح ـ رضي الله عنهما ـ محمد بن يحيى القاسمي، العلامة.
إلى قوله: قال في كتابه شرح منظومة الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر بن يحيى، التي أولها: /65(2/65)


لايستزلّك أقوام بأقوال .... ملفّقات حريات بإبطالِ
...إلى آخره.
ثم ساق طرقه في المؤلفات، اخترت نقل كلامه من مؤلفه؛ لكونه أوفى بالمراد مما في الطبقات، وهو ما نصه: والذي نقلت منه هذا المنقول هو من نهج البلاغة لأمير المؤمنين، ومن الحقائق للإمام أحمد بن سليمان، ومن التصنيف الظريف للسيد الإمام يحيى بن منصور العفيف، وهو لي سماع، ومن مجموع الهادي، والقاسم (ع)، وهما لي إجازة، عن السيد الشرفي شرف الدين الحسن بن المهدي الهادوي ـ طوّل الله مدته ـ وهما لي إجازة عن الفقيه العالم إسماعيل بن علي الأسلمي ـ رحمه الله ـ.
قلت: ذكرهما السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ وأفاد ما في الإسناد.
[ذكر مجموع السيد حميدان ـ وترجمته]
قال: ومن موضوعات السيد، الإمام المقتصد، العالم المجتهد، نور الدين، فرع الأئمة الهادين، محيي علوم آل طه وياسين، أبي عبدالله، حميدان بن يحيى بن حميدان القاسمي.
قلت: قد ذكرته في التحف الفاطمية ، في سيرة الإمام المهدي، أحمد بن الحسين(ع) وحاله معلوم.
قال: وهي لي إجازة، عن السيد العالم الأوحد، المطهر المقدس، عيسى بن محمد، ترجمان الدنيا والدين، فرع الأئمة الهادين.
قلت: أفاد السيد الإمام في ترجمته ما في الإسناد.
قال: يرفعه إلى المصنف من طريقين، أحدهما: الإمام المطهر بن يحيى بن الهادي ـ قدس الله روحه ـ الثاني: الفقيه العالم بدر الدين محمد بن جبير ـ رحمه الله ـ. /66(2/66)


قلت: قال السيد الإمام في ترجمته: عيسى بن محمد، سمع مجموعة السيد حميدان على العلامة محمد بن جبير...إلخ، ولم يترجم له ولا غيره بالاستقلال.
وفي موضع آخر من الطبقات ما لفظه: محمد بن جعفر بن الشبيل، الفقيه العالم؛ سمع على السيد حميدان القاسمي جميع مؤلفاته، المعروفة بمجموع السيد حميدان.
وأحسب أنه الراوي عنه الإمام المطهر بن يحيى، والسيد عيسى بن محمد الهادوي، انتهى.
فيحتمل كون جبير، وجعفر، اسمين لمسمى واحد، ويحتمل غير ذلك؛ وعلى كل حال فقد صحّ التوثيق، وبالله التوفيق.
وقال في المطلع في ترجمة محمد بن جعفر: هو العالم البليغ المتكلم؛ كان وجهاً في وجوه زمانه، وعيناً من أعيان أوانه، وله شعر حسن، وكان مثنياً على الإمام المهدي الحسين بن القاسم، ولم يبلغ فيه مبلغ الغلوّ.
ولما اطلع على مصنفات الإمام، وعلى ماقاله السيد حميدان فيه، قال:
هذا إمام عالم عامل .... أبرا إلى الرحمن من بغضهِ
قلت: وقد ذكرت الأبيات في التحف الفاطمية .
[ترجمة للسيد المرتضى بن المفضل]
(رجع) قال: قال ـ طول الله مدته ـ: وهو لي أيضاً إجازة عن السيد الإمام الأوحد، المطهر المقدس، مجد الدنيا والدين، المرتضى بن المفضل؛ وكذلك أيضاً أجزتُ له كتاب الأوامر المجملة، الكبير، تصنيف الإمام مجد الدنيا والدين، المرتضى بن مفضل (ع)، وهو لي قراءة عليه.
وساق في ذكر طرقه في مؤلفات قد سبقت، إلى قوله: وقد أذنت لمن اطلع عليها من أولاد البطنين، وأتباع الثقلين، وشيعة الأخوين، أن يصلحوا ما وجدوا فيها.
إلى قوله: فالمختص/67(2/67)


بالسلامة القرآن المجيد؛ كما قال فيه سبحانه: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41)لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ(42)} [فصلت].
تاريخ فراغه منه سنة تسع وخمسين وسبعمائة، من الهجرة النبوية، على صاحبها وآله أفضل الصلاة والتسليم، انتهى.
[ترجمة السيد يحيى بن منصور بن المفضل ـ ومؤلفاته]
هذا، وقد ترجم السيدُ الإمامُ، وغيرهُ من علمائنا ـ رضي الله عنهم ـ للسيد الإمام، عماد الإسلام، يحيى بن منصور بن المفضل، فقال السيد العلامة عماد الدين: اشتهر بعلم الكلام، وقرأ على أخيه المفضل بن منصور، وقرأ أيضاً على عبدالله بن زيد العنسي، وتتلمذ له السيد صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين.
إلى قوله: كان سيداً عالماً محققاً في العلم والفنون، وبلغ في علم الكلام الغاية القصوى، حتى يروى أنه قرأ في أصول الدين نيفاً وأربعين كتاباً، اختار منها مذاكرته، وشرحها.
إلى قوله: برز فيه على سائر الأنام، له مصنفات عديدة، من أجودها جمل الإسلام، وشرحها شرحاً فائقاً، وله أشعار عجيبة غريبة فصيحة، وقد أخذ منها الديلمي في كتابه.
قلت: أراد قواعد عقائد آل محمد (ع).
قال: وذكره في الصراط المستقيم ـ قلت: أي الديلمي، قال:ـ وكان مجوداً في كل فن، إلا أنه اشتهر بعلم الكلام، وكان يرى رأي أهل البيت، ورأي أبي الحسين.
ثم بيّض لوفاته.
قلت: وقد ذكره الواثق بالله في الأبيات الفخرية بقوله:
وإن يحيى بن منصور جلا لهم
أقوالهم حبذا المجلوّ والجالي /68(2/68)


ومن قصائده البليغة، القصيدة التي مطلعها:
لاتركنن إلى غضارة منظر .... فالحال أصدق شاهد ومعبّرِ
لا تنسَ ذِكْر الله جلّ جلاله .... من راحم متفضل متكبّرِ
ولزوم منهاج النبي وآله .... فهم الأمان من الضلال الأكبرِ
قوم قفوا في الدين منهج جدهم .... يا حبذا من منهج متخيرِ
سفن النجاة مؤيدين بعصمة .... وطهارة مخصوصة وتطهرِ
خُصّوا بمعرفة الكتاب وإرثه .... وبنشر علم للسلامة مثمر
وهم الشهود على البرية كلها .... وهم الوسيلة بعد ذا في المحشر
لم يَخْلُ عصر منهم من منذر .... هادٍ إلى سبل النجاة مبصر
الذكر شاهدهم وسنة جدّهم .... صلى الإله عليهم من معشر
وكذا الطوائف يشهدون بفضلهم .... وشهادة الإجماع غير مزور
فموافق من بعد ذا متبصر .... ومخالف من بعده لم يظفر
ضلّت به فرق لرفض هداتها .... أبناء أحمد حبذا من جوهر
ومجاوز حد الوفاق مخاطر .... قد صار بين مفسق ومكفر
من خارج أو مرجئٍ أو رافض .... أو ذي اعتزال مبدع أو مجبر
أو غير ذلك من مذاهب جمة .... حدثت ودين محمد منها بري
يكفيك من جهة العقيدة مسلم .... ومن الإضافة أحمدي حيدري
ثم الصلاة على النبي وآله .... في كل وقت حادث ومقدر
[ترجمة المرتضى بن المفضل بن منصور بن العفيف]
هذا، وترجموا للسيد الإمام، مجد الإسلام، المرتضى بن المفضل بن منصور بن العفيف، وهو محمد بن المفضل بن الحجاج. /69(2/69)

124 / 135
ع
En
A+
A-