الفرائض كتاب الوافي، وهو كاسمه وافٍ، فيه نظم الفرائض والأدلة، وأقوال المخالفين، والحجة عليها.
ثم ذكر أنه قابل بينه وبين البحر والانتصار في علم الفرائض، ولم يظهر له تفاوت.
قال: وتولى القضاء للإمام أحمد بن الحسين الشهيد، وله أشعار كثيرة.
إلى قوله: توفي في عشر السبعين وستمائة، وأفاد أن قبره في ساحة قبة الإمام عبدالله بن حمزة (ع) بظفار رحمة الله عليه.
[عودة إلى إتمام مؤلفات العترة، وصحة رواية المقنع للإمام الداعي يحيى بن المحسن]
هذا، ونعود إلى إتمام مؤلفات العترة الكرام، من حيث وقف عليه الكلام، على مقتضى ذلك النظام، فأقول ـ والله تعالى ولي الإنعام ـ: وصحت لي رواية كتاب المقنع في أصول الفقه للإمام الداعي إلى الله تعالى يحيى بن المحسن بن محفوظ بن محمد بن يحيى بن يحيى (ع)، وقد مرّ ذكره مع الأئمة (ع) في التحف الفاطمية .
وهذا الكتاب مما أهمل أهل كتب الإجازات السند إليه، وقد سبقت الإشارة إلى بعض ما تركوه، وسيأتي ذكر البقية ـ إن شاء الله تعالى ـ ويكون التنبيه على ذلك، وقد وقعت العناية بتحصيل أسانيد وتصحيح مؤلفات كثيرة، لم تكن محررة في كتب البحث المذكورة، يقف على ذلك المطلع ـ إن شاء الله ـ.
[أرجوزة الإمام الداعي يحيى بن المحسن ـ وترجمته]
هذا، وكان الإمام الداعي من أعلام الأئمة، وأعيان هداة هذه الأمة، وحسبه شهادة الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) له بقوله تارة: لا نعلم في دار الإسلام أعلم من فلان ـ يعني الإمام يحيى ـ وأخرى: إن معه علم أربعة أئمة، ومرة: مع الداعي علوم لا يحتاج إليها الإمام.
ومن فرائد نظمه، الكلمة الفائقة، والأرجوزة الرائقة، التي صدرها:
الحمد لله المعيد المبدي .... أحمده فهو ولي الحمدِ
حمداً جزيلاً ماله من عدّ /55(2/55)
ومنها:
يا سائلي عن اعتقادات الفرق .... وما الذي تنجو به من الغرقْ
وكيف ضلّ البعض منها ومرق .... الفضل في حلبتها لمن سبقْ
وفي الكتاب عبرة لمن نطقْ
أَصْلُ الخلاف كان في السقيفةْ .... إذْ قام مَنْ في قلبه حسيفةْ
للعترة الطاهرة الشريفةْ .... ليصرف الأمر عن الخليفةْ
بعد كلام أظهروا تحريفهْ
لم يسمعوا وما همُ بالصمّ .... ولاية من النبي الأمي
لصنوه يوم غدير خمّ .... أوجبها عليهم بالرغمِ
وكان صرف الأمر عين الظلم
وخاف لو نازعهم أبو الحسن .... أن يفسد الملة عبّادُ الوثن
ولم يكن في أمره بالممتهن .... فأغمض الجفن على غض الغبن
وهو الوصي دونهم والمؤتمنْ
ومنها:
وظُلِمَتْ ميراثها البتولُ .... وغضبت فغضب الجليلُ
وشاهد جاءت به مقبول .... والسنة البيضاء والتنزيلُ
إذْ أوجبت ميراثها الأصولْ
ومنها:
فذاك أصل لخلاف الأمهْ .... لكل حزب منهم أئمهْ
وقد وثقنا بإمام العصمهْ .... صنو الرسول وسراج الظلمهْ
وسيفه للنُّوَب الملمّهْ
فالفرقة الناجية الزيديهْ .... أَكْرم بها من فرقة مرضيّهْ
حذت بحذو العترة الزكيهْ .... سفينة الناجي من البريّهْ
كما أتى في السنن المرويّهْ
/56(2/56)
تؤم زيداً وابنه في المذهب .... وكل ندب من سلالات النبي
عذب السجيات كريم المنصبِ .... يروي العلوم من أب إلى أبِ
إلى النبي الهاشمي المنجبِ
ومنها:
وأعلن القاسم بالبشارهْ .... بقائم فيه له أماره
من التقى والعلم والطهارهْ .... قد بثّ فيه المصطفى أخباره
بفضله وأوجب انتظاره
ذاك أمير المؤمنين الهادي .... يحيى الرضى منتخب الأجدادِ
هدى به الله إلى الرشاد .... وأظهر الحجة للعبادِ
فانتشر الحق إلى التنادي
وانتصر الحقُّ به في اليمنِ .... يسكن فيه عصبة من حسنِ
وأصبحوا بالسعد نصب الأعينِ .... فوق الحصون ومتون الحصنِ
وعنده سر كتاب الجفر .... وذو الفقار للحد يد يفري
فضيلة للفاطمي الطهرِ .... خُصّ بها من بين أهل العصرِ
صلى عليه الله ربّ الفجرِ
وساق في ذكر أئمة العترة، إلى قوله:
واجتمع السبق وفضل السؤدد .... لابن سليمان الإمام أحمدِ
رمى زبيداً باللهام الأسود .... وداس صنعا بخضم مزبدِ
حتى ارعوى كل لئيم ملحدِ /57(2/57)
وثار بَعْدُ القائمُ المنصورُ .... فيه السخا والورع المشهورُ
والعلم فيه والوفا والخيرُ .... وصلُحَتْ بِسعده الأمورُ
وعرفت أهل الهدى الجمهور
وهي طويلة طائلة؛ وختمها بقوله:
ثم صلاة الله زارت أحمدا .... وآله أهل الصلاح والهدى
ما راح بالوبل السحاب وغدا .... وأرغم الله الطغام الحسدا
أسكنهم قعر الجحيم أبداً
وقال في كتابه المقنع:
هذا الكتاب كتاب المقنع الشافي .... أزرى على الكتب في مجموع أوصافِ
إلى قوله:
وما احتذيت مثالاً فيه عن أحد .... إلا طريقة آبائي وأسلافي
وقد وصفه الحسين بن الإمام (ع) في ديباجة شرح الغاية.
قال السيد الإمام في ترجمته (ع): الإمام المعتضد بالله أبو الحسن، يلقب بالداعي، دعا في السنة التي مات فيها المنصور بالله عبدالله بن حمزة، سنة أربع عشرة وستمائة؛ كان الداعي بطلاً شجاعاً، قال ما لفظه في جوابه على الشيعة:
وأنا قرأت في أصول الدين سبع سنين، ولي في أصول الفقه تصنيف لم أُسْبَقْ إلى مثله، وهو المقنع، وقرأت الأصولين.
إلى قوله: وتغيبت التحرير، وقرأته على شمس الدين محمد بن أحمد النجراني، وعلى الأمير علي بن الحسين، ومعلوم أن في التحرير بزوائده وأصوله ما يزيد على عشرين ألف مسألة، والفقه إنما يحصل برد الفروع إلى الأصول، مع طرف من الآثار، وزبد من الأخبار، ولي في العربية تصنيف كاف، وقد قيل إن الإمام إذا كان عربي اللسان، لم يحتج إلى علم النحو، وقرأت ضياء الحلوم، وأصول /58(2/58)
الأحكام، وفيه ما يزيد على أربعة آلاف خبر.
قال الإمام الداعي (ع): والفروع أكثرها يستفاد بالقياس والاجتهاد، والنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((اختلاف أمتي رحمة))، و((كل مجتهد مصيب)).
وقال (ع): إن اجتهدتَ وأصبتَ فلك عشرة أجور، وإن أخطأت فلك خمسة، وفي بعض الأخبار: أجران وأجر.
إلى قوله: وصنفت في الفرائض كتاباً، وأما التفسير فهو من هذه العلوم.
قال: وأما رجوعنا عن قول إلى خلافه فليس فيه نقص، والانتقال من الاجتهاد إلى اجتهاد آخر جائز، بل واجب عند وضوح الحجة...إلى آخرها.
[ترجمة الإمام المظلل بالغمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى ـ وإسناده]
هذا، وسبقت الأسانيد إلى جميع مرويات الإمام الصوام القوّام، المظلل بالغمام، المتوكل على الله، المطهر بن يحيى، بالطرق المتصلة به في سند المجموع كما سبق.
ويسمى الإمام المظلل بالغمام للكرامة التي أكرمه الله تعالى بها.
قال حافظ اليمن إبراهيم بن محمد الوزير ـ رضي الله عنهما ـ في البسامة:
من ظللته الغمام الغرّ حائلة .... من دونه وغدت ستراً لمستترِ
بيوم تنعم والأبطال عابسة .... وقد تَقَدّم والضلال في الأثرِ
قال السيد الإمام في ترجمته: قال ولده الإمام محمد بن المطهر: إن والده المطهر يروي فقه الزيدية عن الأمير الناصر للحق الحسين بن محمد صاحب الشفاء والتقرير.
وذكر في موضع أنه يروي عن الأمير الحسين تهذيب الحاكم في التفسير، وشمس الأخبار، والأربعين العلوية، وسلوة العارفين للجرجاني، انتهى. /59(2/59)