الله عليه وآله وسلم - فقال: ((الله مولاي أولى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لاأمر لهم معي؛ ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي فعلي مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معه)).
وأخرج فيها ـ أيضاً ـ حديث المناشدة، بسنده إلى عامر بن واثلة، وفيه: هل فيكم من أحد نصبه رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ للناس ولكم يوم غدير خم فقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)) غيري؟
قالوا: اللهم لا..إلخ.
[الرواة لنزول: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ }...الآية]
وأخرج صاحب جامع آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ فيه، عن الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن الإمام الأعظم زيد بن علي (ع) مالفظه: ثم دلّ على أن الإمام أمير المؤمنين وسيدهم، علي بن أبي طالب؛ فقال لنبيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة:67]، فلما نزل جبريل بهذه الآية، وأمر أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه، أخذ بيد علي ـ صلى الله عليه ـ فأقامه، وأبان ولايته على كل مسلم.
[خطبة الغدير]
إلى قوله: وذلك في آخر عمره حين رجع من حجة الوداع، متوجهاً إلى المدينة، ونادى ((الصلاة جامعة)) ولم يقل: ((الصلاة جامعة)) في شيء من الفرائض، إلا يوم غدير خم؛ ثم قال: ((أيها الناس، ألست أولى بكم من أنفسكم؟)) يعيد ذلك ثلاثاً يؤكد عليهم الطاعة ويزيدهم في شرح البيان.
قالوا: بلى.
قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه؛ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
فأوجب له رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من الطاعة ما أوجب لنفسه، وجعل عدوه عدوه، ووليه وليه، وجعله علماً لولاية الله، يعرف به أولياء الله من أعدائه؛ فوجب لعلي على الناس ماوجب لرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من الولاية والنصرة؛ فمن تولاه /41(1/41)


وأطاعه فهو ولي الله، ومن عاداه فهو عدوّ الله.
إلى قوله: ثم أنزل الله في علي (ع): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)} [المائدة].
وذكر فيه رواية خبر الغدير والمنزلة وغيرهما، عن الإمام أحمد بن عيسى (ع) وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ النقل عن الجامع في محله بما هو أبسط من هذا.
وروى الإمام الحسن بن محمد (ع) في الأنوار، عن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق (ع) مالفظه: وأنزل الله ـ عز وجل ـ على هدايته وصحة ولاية أخيه من السماء، وأمره أن يبلغ ذلك، فقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } أي بلغ الولاية بعد الرسالة، {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة:67].
إلى قوله: فقام ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بغدير خم، ونصبه مكان نفسه.
إلى قوله: وقال لأصحابه: ((ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟)).
قالوا: اللهم نعم .
ثم قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، ومن كنت نبيه فعلي أميره، ومن كنت أولى بنفسه من نفسه فهذا أولى بنفسه من نفسه؛ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
وأمر أصحابه أن يبلغ الشاهد الغائب؛ فأنزل الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [المائدة:3].
إلى قوله: فقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة والولاية لعلي بن أبي طالب)).
ولم يؤكد موسى (ع) على قومه أكثر من هذا في خلافة هارون (ع) إنما كانت خلافته كلمة (اخلفني في قومي).
إلى قوله: ورسول /42(1/42)


الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وكّد على قومه في خلافة علي (ع) ماوكّد بغدير خم.
إلخ كلامه (ع).
وأخرج الإمام المرشد بالله (ع) بسنده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة:67]..إلخ: أنزلت في علي؛ أمر رسول الله أن يبلغ فيه، فأخذ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بيد علي فقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه؛ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
وروى عن جعفر (ع) قال: لما نزل جبريل بالولاية على النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ضاق بذلك ذرعاً؛ فنزل: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ }...إلخ.
وروى بإسناده عن الإمام زيد بن علي (ع) نحوه.
وروى بإسناده عن أبي جعفر (ع): {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة:3]، قال: نزلت حين أقام النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ علياً يوم غدير خم، فقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وروى بسنده إلى أبي سعيد، أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لما دعا الناس بغدير خم...إلى قوله: فلم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة:3]،...إلخ؛ فقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي)).
وروى مثل ذلك إمامُ الشيعة، محمد بن سليمان الكوفي ـ رضي الله عنه ـ عن أبي سعيد الخدري، بلفظ: ((ورضى الرب بولايتي وبالولاية لعلي من بعدي))، ثم قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه؛ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)) رواه عنه في المناقب من طريقين.
ورواه الحاكم الحسكاني، عن أبي سعيد الخدري من طريقين.
وروى الحاكم بإسناده عن /43(1/43)


ابن عباس عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال لعلي: ((نزلت الآية في ذكري وذكرك)) من طريقين.
وروى الإمام المرشد بالله (ع) بسنده إلى أبي هريرة - وساق الخبر - قال: فأنزل الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة:3]، الآية ـ وزاد ذكر فضيلة اليوم ـ.
وروى فرات بن إبراهيم بن محمد الكوفي، بإسناده إلى حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت والله جالساً بين يدي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قد نزل بغدير خم، فقام رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وقال: ((أيها الناس؛ إن الله أمرني بأمر، فقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة:67])).
ثم نادى علياً فأقامه عن يمينه، ثم قال: ((ياأيها الناس، ألم تعلموا أني أولى بكم من أنفسكم؟)).
قالوا: اللهم بلى.
قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه؛ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله))؛ رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل.
وروى نزول قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة:67] في ذلك، في الشواهد، عن أبي جعفر الباقر (ع) وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - من ثلاث طرق، وعن جابر بن عبدالله، وعن عبدالله بن أبي أوفى، وعن أبي سعيد، وعن أبي هريرة.
وروى ذلك الحلي في كتاب العمدة، عن ابن عباس، وعن أبي جعفر الباقر (ع).
ورواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ } الآية قال: قال أبو جعفر محمد بن علي (ع): معناه بلغ ماأنزل إليك من ربك في فضل علي /44(1/44)


بن أبي طالب (ع).
ورواه محمد بن سليمان الكوفي، بسنده إلى أبي جعفر (ع).
قلت: والموقوف في مثل هذا له حكم المرفوع، كما لايخفى.
وقد روى نزول قوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة:67] الآية، في الأمر لرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بتبليغ ولاية أمير المؤمنينَ الجمُّ الغفير من آل محمد (ع) وشيعتهم والعامة؛ منهم: الإمام الأعظم أبو الحسين زيد بن علي، وأخوه أبو جعفر الباقر محمد بن علي، وولده أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق، وحفيده الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا، والإمام نجم آل الرسول أبو محمد القاسم بن إبراهيم، وحفيده الإمام الهادي إلى الحق أبو الحسين يحيى بن الحسين، والإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الحسين، والإمام أبو الفتح الديلمي، والإمام المتوكل على الرحمن أبو الحسن أحمد بن سليمان، والإمام المنصور بالله أبو محمد عبدالله بن حمزة، والإمام الأوحد المنصور بالله أبو علي الحسن بن بدر الدين محمد بن أحمد ـ صلوات الله عليهم ـ، وأبو الحسين أحمد بن موسى الطبري في كتاب المنير ، ومحمد بن سليمان الكوفي ـ صاحبا إمام اليمن (ع) ـ والحاكم الجشمي في التنبيه؛ قال: والمروي عن جماعة أنها نزلت هذه الآية {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } [المائدة:67]، فقام رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ خطيباً بغدير خم.
إلى قوله: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟)).
قالوا: اللهم نعم.
فقال: ((من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
ثم ساق تهنئة عمر وأبيات حسان /45(1/45)

12 / 135
ع
En
A+
A-