الحسن بن محمد، وعن شيخ الإسلام زيد بن الحسن، وعن العلامة العباس بن علي ـ رضي الله عنهم ـ وعبارة الإمام المتوكل على الله تفيد أن الشروح كانت قد وصلت إلى اليمن كلها.
وكذلك أوصل الشريف الإمام تاج العترة المطهرة، الحسن بن عبدالله بن المهول، شيخ الأمير الداعي إلى الله بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى أمالي الإمام أحمد بن عيسى، وأمالي الإمام المرشد بالله.
وقد بلّغ كتب الأئمة من اليمن إلى العراق، ومن العراق إلى اليمن، كثيرٌ من علماء آل محمد (ع) وشيعتهم؛ فجزى الله الجميع عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء.
نعم، قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: ومصنفات القاضي معروفة، مشهورة، وقد ذكرها القاضي وغيره، منها: النكت وشرحها، والأربعون العلوية؛ ورتب أمالي أبي طالب، وسماه تيسير المطالب، وخلاصة الفوائد، وغير ذلك في الأصول والفروع.
ولم يزل مدرساً بسناع، حتى توفي، سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
قلت: وقد مرّ في التحف الفاطمية ، ولكن انساق إليه الكلام.
قال: وحوله تلامذته، الحسن الرصاص وغيره، انتهى.
[ترجمة إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث]
هذا، ومن نجوم علماء ذلك العصر، إمام الشيعة، وعلم أعلام الشريعة، إسحاق بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن عبد الباعث ـ رضوان الله عليه ـ أحد رواة كتب الأئمة، وهداة الأمة، وخطيب الإمام المتوكل على الرحمن، أحمد بن سليمان، على منبر المرتضى، والناصر (ع)، وصاحب المؤلفات النافعة؛ منها: التعليق على الإفادة، والرسائل المفيدة في الإمامة، وغيرها؛ أرويها عنه بالطريق السابقة في الأحكام المتصلة به، وقد مرّ ذكره في التحف /40(2/40)


الفاطمية، وفي هذا الكتاب، وهو والقاضي شمس الدين ـ رضوان الله عليهما ـ أخوان مشتركان في العلم، والفضل، والقيام التام بمناصرة إمام عصرهما، وحجة دهرهما، حبيب الرحمن، أحمد بن سليمان (ع)، وإلى ذلك أشار صارم الدين (ع) في البسامة؛ حيث قال:
وجعفر ثم إسحاق له نصرا .... في عصبة وزر ناهيك من وزر
[السند إلى مؤلفات ومرويات الشيخ الحسن الرصاص، والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، وترجمتان لهما]
وإلى جميع مؤلفات ومرويات الشيخين الفاضلين، عالمي اليمن، وحافظي الآثار والسنن، عمدة الموحدين: أبي علي الحسن بن محمد بن الحسن الرصاص، ومحيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي ـ رضوان الله عليهما ـ وقد تقدمت الترجمة لهما في التحف الفاطمية ، وهما من أشياخ الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الرواية، وكانا يقرّان له بما اختصّه الله ـ تعالى ـ به من أنوار النبوة، وأفاض عليه من بركات العلوم والحكمة، المخصوصة بهداة هذه الأمة، ويعترفان بما أولاه الله تعالى من السبق، وجعله له عليهما وعلى المسلمين من الحق، ويصرحان بتفضيله عليهما وعلى أهل عصره، علماً، وحكماً، وفهماً، ودراية، ورواية، وما كانا يخاطبانه إلا بمولانا، ومالكنا، ونحو ذلك.
وكما قال بعض مشائخه (ع)، وقد راجع الإمام في قضية، فقال له الإمام: أنت رويت لي عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ كذا، - وساق الحديث-.
فاعتذر الشيخ، وقال: ربّ حامل فقه إلى مَنْ هو أفقه منه.
ولما وصلت الرسالة الطوافة، التي جابت الأندلس، وإفريقية، والشام، والعراقين، إلى الشيخ الحسن، فأجاب عنها الإمام (ع) بالجوهرة الشفافة، وقال في صدرها: /41(2/41)


أما بعد:
فإن الرسالة الطوّافة انتهت إلينا إلى اليمن قاطعة خطامها، حاسرة لثامها...إلى آخرها.
فاطلع الشيخ الحسن على الجواب فاستحسنه، وقال: والله، لقد هُدي إلى أشياء ما كنّا لنهتدي إليها.
وقال مرة أخرى: علم الله، لو كنت أنا المجيب ما اهتديت إلى جميع ما أورده من العلوم.
وكان جواب الإمام (ع) حال القراءة والحداثة؛ وعادوا بعد ذلك يستمدون من معين علمه الفوار، ويهتدون بضياء فهمه النوار، سلام الله ورضوانه عليه وعلى العلماء العاملين في جميع الأعصار.
هذا، وقال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في ترجمة الشيخ الحسن: هو الشيخ الكبير العالم، شحاك الملحدين، وشيخ الأئمة الهادين؛ كان آية من آيات الله، واسع الدراية، قليل النظير..
.إلى قوله: وللشيخ مؤلفات عدة، منها: كتاب مناقشات أهل المنطق، والفائق في الأصول، والبيان في علم الكلام، ومنها: الكاشف في إثبات الأعراض والجواهر، ومنها: العشر الفوائد، والممدود والمقصور، وجواب القاضي الرشيد؛ وكان عمره يوم أجاب بهذا تسع عشرة سنة.
وصنف في الأدب وهو ابن أربع عشرة سنة، وفي علم الكلام وهو ابن خمس عشرة سنة.
قال: وكان سماعه على القاضي وهو ابن عشر سنين.
قال حميد: كان عالم الزيدية في عصره، والمبرز في أبناء دهره، وإليه انتهت رئاسة أصحاب القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد؛ وكان في علم الكلام، شمساً مشرقة على الأنام، وحبراً من أحبار الإسلام...إلخ؛ وأفاد أن عمره ثمان وثلاثون سنة - رضي الله عنه -.
وقال في ترجمة الشيخ محيي الدين، بعد أن ساق نسبه إلى الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف./42(2/42)


قلت: ولقد أحسن صاحب المطلع، حيث قال في ترجمة ولده علي بن محمد ما لفظه: والعجب من أهل هذا البيت المبارك! كيف صدَقوا في ولاية آل محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ وبلغوا في الشفقة عليهم، والرأفة بهم، مبلغاً ما بلغه غيرهم، مع كون سلفهم في الطرف الآخر؟ فلسان حالهم يقول، كما قال بعض الموالين للعترة من بني أمية:
يا بني هاشم بن عبد مناف .... إنني منكم بكل مكان
ولئن كُنْتُ مِنْ أميّة إني .... لبريء منها إلى الرحمن
[تلاميذ محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، ومشائخه، ومؤلفاته]
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: قال السيد محمد بن الهادي: ومحمد بن أحمد بن الوليد؛ يروي شرح القاضي زيد وغيره، عن مشائخه، وهم كثير، منهم: الأميران الكبيران: شمس الدين وبدره، يحيى ومحمد ابنا أحمد بن يحيى بن يحيى.
قلت: ومنهم: الإمام المتوكل على الله، أحمد بن سليمان (ع).
قال: ومنهم: القاضي جعفر بن أحمد، ومنهم: الشيخ الحسن الرصاص، والفقيه تاج الدين البيهقي؛ وهم نيف وعشرون شيخاً، من أهل المذهب ومن سواهم.
وقال: أخبرنا بأمالي المرشد بالله، الأمير بدر الدين، محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى؛ وقال ـ في أمالي المرشد بالله ـ: إلا ما كان معلوماً عليه، منقولاً من فرع، فنحن نرويه بالمناولة، عن القاضي ركن الدين، محمد بن عبدالله بن حمزة بن أبي النجم، عن أبيه، عن السيد الحسن بن عبدالله، عن الكني..
.إلى قوله: قال ـ أي محيي الدين ـ: أخبرنا القاضي جعفر بن أحمد بن أبي يحيى، عن /43(2/43)


الكني بطرقه المعروفة. انتهى.
قال: وقال محمد بن أحمد بن الوليد: أخبرنا الإمام أحمد بن سليمان، بكتابه أصول الأحكام مناولة، ثم قراءة، إلى أول كتاب الوصايا..
.إلى قوله: قال القاضي: شيخ الشيعة، الحافظ لعلوم آل محمد، المحدث الكبير، الأصولي، شحاك الملحدين، أبو عبدالله، العلامة الرباني، المجمع على جلالته وفضله، ولم يختلف في ذلك اثنان؛ وكان يسكن في حوث ـ قال: وقال ولده: في صعدة أيضاً ـ ومصنفاته المشهورة سبعة وعشرون مصنفاً، وله تحرير زوائد الإبانة، كانت في الأصل حواشي.
وقال في ترجمته في اسمه الآخر حميد: قال في سيرة الإمام شرف الدين: حميد بن أحمد، تلميذ الإمام المتوكل على الله، وشيخ الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وهو جامع زوائد الإبانة، وفتاوي الإمام المنصور بالله المسماة بهداية المسترشدين.
وذكر أنه سمع على القاضي جعفر مجموع الإمام زيد بن علي، وأمالي أحمد بن عيسى، وأمالي المؤيد بالله، وأمالي أبي طالب، وسلوة العارفين، وأنوار المرشد بالله، وأمالي السيد ظفر بن داعي، والأحكام، والمنتخب، وغيرها من كتب الأئمة المتقدمين والمتأخرين (ع)، وشرح القاضي زيد، ومجموع علي خليل، وشرح أبي مضر، وغير ذلك من كتب الشيعة.
قال: ويذكره الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في ذكر مسنداته فيقول: أخبرنا الشيخ الأجل الفاضل، محيي الدين، عمدة المتكلمين.
انتهى المراد.
وللأمير الناصر لدين الله، محمد بن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشيخ محيي الدين ترثية غراء، صدرها:
إن الرزية لارزية مثلها .... نفس يموت بموتها الإسلام
/44(2/44)

119 / 135
ع
En
A+
A-