والحسين، وأولادهم إلى يوم القيامة؛ لوجوه، منها: أن الخطاب عام لجميع المكلفين؛ فلا يجوز قصره.
قلت: أي على مَنْ في عصره ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ منهم.
ومنها: أن العترة هو أصل الشيء، والأقرب إليه ولده وولد ولده.
ومنها: ما روي أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أشار إليهم، في مواضع، بأنهم أهل بيته، وأنهم منه وهو منهم، وقال في الخبر: ((عترتي أهل بيتي)).
ومنها: أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ كرر هذا في مواضع، يحتج على الناس.
ومنها: أنه خاطب أصحابه، وأمته بذلك؛ فلا بد أن يكون عترته غيرهم.
وروى زيد بن أرقم أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال يوم غدير خم: ((كأني قد دُعيت فأجبت، إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي، أهل بيتي)) ثم أخذ بيد علي، وقال: ((من كنت وليه فهذا وليه)) في حديث طويل.
وروى نحوه أبو سعيد الخدري.
وفي حديث بريدة: ((لاتقع في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي))...إلى غير ذلك من الأخبار.
فالخبر يدل على أن إجماع عترته حجة، وأنهم لايجمعون على ضلالة.
[من جلاء الأبصار في معجزات الرسول (ص)]
وقال في المجلس الثامن والخمسين، في ذكر أحوال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: وكان في نفسه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ معجزات جمة.
أولها: كان يرى من خلفه، كما يرى من أمامه.
وثانيها: كان بين كتفيه خاتم النبوة، مكتوب عليه: (لا إله إلا الله وحده لاشريك له، توجه حيث شئت فأنت منصور).
وثالثها: كانت تنام عينه، ولاينام قلبه. /20(2/20)


ورابعها: أنه لم يُر له غائط ولابول، كانت تبتلعه الأرض.
وخامسها: ما وقف عنده أحد ـ وإنْ طال ـ إلا كان يقصر عنه، وكان لا يُرى طويلاً.
وسادسها: أنه ولد مختوناً.
وسابعها: كان لايقاومه أحد، وإن كان شديد القوة.
وثامنها: أنه كان يشم منه رائحة الطيب، من غير تطيب.
وتاسعها: كان بين عينيه نور ساطع.
وعاشرها: أنه كان يمج في الكوز والبئر، فيجدون له رائحة أطيب من المسك.
وحادي عشرها: أنه لم يكن له ظل.
وثاني عشرها: أنه فار الماء من بين أصابعه.
وثالث عشرها: أنه بصق في بئر فيه ماء أجاج فعذب.
ثم خص بالقرآن، وسائر معجزاته.
وقد عُدَّ له ألف معجزة.
وقال في المجلس الستين: وقال علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ يبكي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ تسليماً كثيراً ـ:
أمن بعد تكفين النبي ودفنه .... بأثوابه آسى على ميت ثوى
رزينا رسول الله فينا فلن نرى .... لذلك عدلاً ما حيينا من الورى
قال رحمه الله: ولما دفن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، أخذت فاطمة من تراب قبره، وشمته، وقالت:
ما ضرّ من قد شمّ تربة أحمد .... ألا يشم مدى الزمان غواليا
صُبّت عليّ مصائب لو بعضها .... صُبّت على الأيام صِرْنَ لياليا
/21(2/21)


ووقف أعرابي على قبر رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأنشد:
ياخير من دُفنت في الترب أعظُمُه .... وطاب من طيبه القيعان والأَكَمُ
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه .... فيه العفاف وفيه الخير والكرمُ
وزار أعرابي قبره، فقال:
مررت بقبر المصطفى فكأنه .... يكلّمني والقبر غير كليم
وفي القبر آثار النبوة والهدى .... تصدّع عنها قلب كل سليم
ووقف أمير المؤمنين علي (ع) على قبره، وقال: بأبي أنت وأمي يارسول الله، والله، إن الجزع لقبيح إلا عليك، وإن الصبر لجميل إلا عنك، وإن المصيبة بك لأجل، وإنما بعدك وما قبلك لجلل؛ ثم أنشأ يقول:
ما غاض دمعي عند نازلة .... إلا جعلتك للبكا سبباً
فإذا ذكرتك سامحتك به .... مني الجفون وفاض وانسكبا
إني أجلّ ثرىً حَلَلْتَ به .... مِنْ أَنْ أُرَى بسواه مكتئبا
وزار بعضهم قبره، فقال:
أتيتك راجلاً وودت أني .... ملكت سواد عيني أمتطيه
ومالي لا أسير على المآقي .... إلى قبر رسول الله فيه
ولبعضهم يرثيه، وأتاه زائراً:
أيا خير مبعوث إلى خير أمة .... نَصَحْتَ وبلّغتَ الرسالة والوحيا
فلو كان في الإمكان سعيي بمقلتي .... إليك رسول الله أنضيتها سعيا
[من جلاء الأبصار في أمير المؤمنين (ع)]
إلى قوله: وأخوه، ووزيره، ووصيه، علي بن أبي طالب (ع)؛ وكان رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ سماه علياً، ورباه، وكناه أبا تراب.
قال ـ رحمه الله ـ: وكان أول من آمن به، وصلى معه، ونام على فراشه /22(2/22)


ليلة الهجرة، وولاه أمر الودائع ليردها، ثم لحق به راجلاً.
وولاه قراءة سورة براءة، وقال: ((لايؤديها إلا أنا أو رجل مني)) وقرأها عليهم، ونبذ العهد.
وولاه المدينة حين خرج إلى تبوك، وفيه قال لما اتبعه لقول المنافقين: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لانبي بعدي)).
وسدّ جميع الأبواب الشارعة إلى المسجد، دون باب علي (ع).
ولما آخا بين المهاجرين والأنصار، آخا بينه وبين نفسه.
وكانت له قصة الطير المشوي.
ولما دعا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ الله تعالى أن يأتيه أحب خلق الله تعالى فجاءه علي (ع)، فرده أنس، وقال: إن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ نائم؛ حتى جاءه ثلاث مرات، فأذن له في الثالثة، فلما رآه رسول الله- صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - سُرّ بذلك وحمد الله تعالى.
وشهد معه جميع المشاهد.
وفي أحد قال جبريل (ع):
لاسيف إلا ذو الفقار .... ولا فتى إلا علي
وفي الخندق قتل عمراً.
ويوم خيبر أعطاه الراية، وقال: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار)).
وفي الأحزاب بقي محارباً، حين انهزم القوم.
ونوه به يوم الغدير، بعد انصرافه من حجة الوداع، وقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وكان معه راية رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في جميع المشاهد؛ وإليه أوصى، وهو الذي غسله، ودفنه.
[أسماء الرسول (ص) وكنيته]
فأما أسماؤه محمد، وأحمد، ورسول الله، ونبي الله، والماحي، والعاقب، والحاشر، والمزمل، والمدثر، والأمي، والشاهد، والبشير، والنذير، والداعي، والسراج، وخاتم النبيين، والمصطفى، والمنذر، /23(2/23)


والهادي، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، والمختار، والمقفي.
وكنيته أبو القاسم؛ وروي أن جبريل (ع) كناه بأبي إبراهيم ـ صلوات الله عليه وآله ـ.
قال: وأنشدت للصاحب:
لآل محمد أَصْبَحْتُ عبداً .... وآل محمد خير البريّهْ
أناس حَلّ فيهم كل خير .... مواريث النبوة والوصيّهْ
قال ـ رحمه الله ـ: ولمنصور الفقيه:
إذا فخرت بنو الإسلام يوماً .... على من ليس منها بالرسولِ
قضيتُ لها كما أقضي عليها .... بأن خيارها ولد البتولِ
وصلى الله على محمد خير الورى، وعلى آله مصابيح الدجا، وأصحابه نجوم الهدى، وسلم تسليماً.
[السند إلى أمالي السمان وترجمته هو والشيخ الحسن الفرزاذي]
وأروي أمالي السمان، بالأسانيد السابقة إلى الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة، عن المشائخ الثلاثة: الحسن الرصاص، ومحيي الدين القرشي، وعفيف الدين حنظلة بن الحسن ـ رضي الله عنهم ـ؛ قالوا: أخبرنا القاضي الأجل، الإمام شمس الدين، جمال الإسلام والمسلمين، جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى ـ رضوان الله عليه ـ قراءة.
(ح) وأرويها بالأسانيد السابقة في كتاب الاعتبار وسلوة العارفين، إلى الأميرين الداعيين إلى الله: شمس الدين وبدره، عن القاضي جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: أخبرنا القاضي الأجل، الإمام، قطب الدين، أبو العباس، أحمد بن أبي الحسن بن أحمد الكني ـ أسعده الله تعالى ـ قال: أخبرنا الشيخ الإمام، /24(2/24)

115 / 135
ع
En
A+
A-