فلما أصبحوا، تفرّقوا، ومضى القاسم بن إبراهيم إلى الحجاز، وأحمد بن عيسى إلى البصرة، وعبدالله بن موسى إلى الشام، ورجع الحسن بن يحيى إلى منزله، وكانوا على بيعة القاسم (ع)، انتهى.
ولله دره من مقام! جمع حجج الله على الأنام، من آل النبوة الأعلام، عليهم الصلاة والسلام.
نعم، ومن مؤلفات إمام الشيعة، محمد بن منصور، أمالي الإمام أحمد بن عيسى (ع) فهو الذي جمعها، وأسانيد جميع ما فيها إليه؛ وكتاب الذكر، والمجموع، والمسائل، وكتاب النهي، وكتاب الحج، وكتاب الطهارة، والزكاة، والخمس، والصوم، والرضاع، والحدود، والفرائض، والقضاء، والسيرة، والقصر، والطلاق، وتحريم الأشربة والملاهي، وأقوال الحسن بن يحيى، وغيرها.
وقد ذكر أبو عبدالله العلوي (ع) أن له ثلاثين مؤلفاً؛ وقد تقدم في سند الأمالي ذكر أشياخه، والآخذين عنه، وهم أعيان آل محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ وأشياعُهم ـ رضي الله عنهم ـ.
[ذكر شرح الأحكام وترجمة مؤلفه]
هذا، وسبقت الأسانيد إلى شرح الأحكام، للشيخ العلامة، علي بن بلال ـ رضي الله عنه ـ.
ونروي بذلك السند عنه كتاب الوافي على مذهب الإمام الهادي.
والسند إليه مذكور، في السند الجامع لمؤلفات الأئمة (ع).
هذا، وأهمل في الطبقات، والمختصر منها، ترجمة الشيخ هذا بالاستقلال؛ ولكن قد ذكره السيد الإمام، في ترجمة أبي العباس الحسني (ع).
وقد امتلأت بذكره وذكر شرحه للأحكام، أسفار الأئمة الأعلام؛ وهو شرح عظيم حافل، مسند الأخبار؛ وقد نقل منه السيد الحافظ، أحمد بن يوسف، في تتمة الاعتصام الكثير الطيب.
وترجم للشيخ العلامة، في مطلع البدور، فقال: هو العلامة المحقق، صاحب التصنيف، فضله في المذهب يلحق بسادته الهارونيين؛ وله عدة كتب /10(2/10)
في المذهب، منها: الوافر (بالراء المهملة) في مذهب الناصر (ع) كتاب جليل؛ والوافي على مذهب الهادي، وكتاب الموجز الصغير.
..إلى قوله: وهو ـ رحمه الله ـ الذي تمم المصابيح، كتاب أبي العباس، أحمد بن إبراهيم الحسني (ع)؛ لأنه انتقل إلى جوار الله، وهو في ترجمة يحيى بن زيد.
قال ابن بلال ما لفظه: كان الشريف، أبو العباس الحسني - رضي الله عنه - ابتدأ هذا الكتاب، فذكر جملة أسامي الأئمة، في أول ما يريد ذكر خروجهم.
إلى قوله: وأتيت بأسمائهم على حسب ما رتب...إلخ.
قلت: ورواياته في شرح الأحكام والمصابيح، من طريقة شيخه، السيد الإمام، أبي العباس (ع) إلا اليسير.
ولم يذكروا وفاته ـ رضوان الله عليه ـ.
قال القاضي العلامة الحواري، أحمد بن سعد الدين المسوري ـ رضي الله عنه ـ: وقد خرج الشيخ علي بن بلال ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه هذا، جميع ما رواه الهادي (ع) من الأخبار المتصلة المبسوطة، المستوفاة المتعددة، وأتى في ذلك بما يبهر الناظر، ويقطع المناظر، ويزيد في أنوار ذوي البصائر؛ فرحمه الله وجزاه خيراً آمين، والحمد لله رب العالمين. انتهى.
[مجموع علي خليل]
نعم، وسبقت الأسانيد، إلى مجموع الشيخ العلامة، علي خليل ـ رضي الله عنه ـ كذلك في السند الجامع؛ وسبقت ترجمته في السند الجملي.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: قال في الكنز: والمجموع من محاسن فقه الزيدية، وفيه فقه حسن، وتعليل صحيح؛ وهو من الكتب التي قدم بها القاضي جعفر؛ وذهبت منه قطعة، فصنفها القاضي جعفر، وهي معروفة. انتهى.
[شرح القاضي زيد]
وإلى شرح القاضي العلامة الحافظ، زيد بن الحسن ـ رضي الله عنه ـ في ذلك السند الجامع، وسبقت ترجمته كذلك.
وإلى مؤلفات الحاكم الجشمي، بطريق في سند نهج البلاغة، ونتمم الكلام عليه هنا /11(2/11)
[الحاكم الجشمي وكتبه وسندها]
قال في الطبقات: المحسن بن محمد بن كرامة البيهقي، الإمام الحاكم، أبو سعد، الجشمي، وجشم (بالجيم، وشين معجمة) قبيلة من خراسان، وبيهق: أكبر قرى خراسان، كان حنفياً ـ قلت: يعني في الفروع، وكان معتزلياً في الأصول، قال ـ: وانتقل إلى مذهب الزيدية.
ثم عدّ مشائخه؛..إلى قوله: وروى عن السيد أبي طالب، يحيى بن الحسين الحسني، بالإجازة من غير واسطة.
ثم عدّ تلامذته؛..إلى قوله: قال القاضي: هو الشيخ الإمام، أستاذ العلامة الزمخشري.
إلى قوله: كان إماماً عالماً مصنفاً، صادعاً بالحق؛ له جملة كتب، منها: كتاب الإمامة على مذهب الزيدية، وكتاب العيون، وشرحه.
قلت: ألّفه حال اعتزاله، وجعل فيه أئمة آل محمد (ع) أئمة للمعتزلة، أولهم الوصي، وآخرهم الإمامان: المؤيد بالله وأبو طالب؛ وهو كتاب عظيم النفع في بابه، أخذ منه الإمام الحجة، المنصور بالله، في الشافي، كثيراً، في ذكر الأئمة (ع) وتعداد الفرق.
قال: وتنزيه الأنبياء والأئمة، وتنبيه الغافلين في فضائل الطالبيين، والتأثير والمؤثر، والانتصار لسادات المهاجرين والأنصار، وتحكيم العقول في الأصول /12(2/12)
؛ وله التفسير المبسوط بالفارسية، والتفسير الموجز بالفارسية، والرسالة الغراء، وترغيب المهتدي وتذكرة المنتهي، وكتاب العقل، والشروط، والمحاضرة، والأسماء والصفات، ونصيحة العامة، والحقائق والوثائق، والمنتخب في كتب الزيدية، والسفينة المشهورة، وتفسير القرآن، المسمى بالتهذيب، قدر تسعة أجزاء كبار.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: اعتمده أئمة الزيدية المتأخرون.
قلت: قيل: إن الكشاف مأخوذ منه بزيادة تعقيد.
قال: إلى غير ذلك، إلى نيف وأربعين مصنفاً؛ وله رسالة، تسمى رسالة الشيخ أبي مرة إلى إخوانه المجبرة؛ وكانت السبب في قتله؛ تاريخ وفاته قد سبق، وعمره إحدى وستون.
قلت: وله كتاب جلاء الأبصار، في تأويل الأخبار؛ وقد رسمتُ الطرق إلى مؤلفاته، في صدر النسخة المنسوخة، حال إملائه على جماعة من طلبة العلم الكرام ـ نفع الله بهم ـ في رجب، عام سبعين وثلاثمائة وألف.
نعم، يروي المفتقر إلى الله، مجد الدين بن محمد المؤيدي ـ عفا الله عنهما ـ جميع مؤلفات الحاكم المحسن بن محمد، سماعاً فيما سمعت منها، وإجازة عامة في جميعها، عن والدي العلامة الولي، محمد بن منصور المؤيدي ـ رضي الله عنهما ـ بالأسانيد السابقة، في سند المجموع، وسند الشافي - وهي ثلاث طرق - إلى الإمام الحجة عبدالله بن حمزة، عن العلامة عمر بن جميل النهدي، عن شيخه السيد الإمام يحيى بن إسماعيل، عن عمه السيد الإمام الحسن بن علي الجويني، عن المؤلف الحاكم الشهيد، ـ رضي الله عنهم ـ.
وأروي جميع مؤلفاته ـ أيضاً ـ بالأسانيد السابقة، إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، عن السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، /13(2/13)
عن السيد الإمام عالم العترة أبي العطايا عبدالله بن يحيى بن المهدي الزيدي، عن الفقيه العلامة يوسف بن أحمد، عن الفقيه العلامة حسن بن محمد النحوي، عن الفقيه العلامة يحيى بن حسن البحيبح، عن الفقيه العلامة محمد بن سليمان بن أبي الرجال، عن القاضي العلامة عبدالله بن علي الأكوع، عن أبيه الشيخ العلامة بهاء الدين علي بن أحمد الأكوع ـ رضي الله عنهم ـ، وهو يرويها من طرق:
الأولى: عن الإمام الحجة عبدالله بن حمزة بسنده السابق.
الثانية: عن القاضي شمس الدين، جعفر بن أحمد بن عبد السلام، عن السيد الإمام عُلَي بن عيسى بن حمزة الحسني، عن الشيخ جار الله محمود الزمخشري، عن أحمد بن محمد الخوارزمي.
قلت: في الطبقات في ترجمة الحاكم: وتلامذته كثير، منهم أحمد بن محمد بن إسحاق الخوارزمي، ومن العجب اتفاق شيخ ابن كرامة، وتلميذه في اسمه، واسم أبيه، وجده، انتهى المراد.
(رجع) عن المؤلف الحاكم ـ رضي الله عنه ـ.
الثالثة: عن القاضي جعفر بن أحمد، عن أبي جعفر الديلمي.
قلت: قال السيد الإمام: أبو جعفر الديلمي، يروي كتاب التهذيب للحاكم، عن ولده مناولة للجزء الثاني، وإجازة لسائر الأجزاء، وهو يرويه عن والده المصنف المحسن بن كَرَامة الجشمي؛ ذكره المنصور بالله في مسنده. انتهى.
قلت: وهذه الترجمة من الفصل الأول، في الجزء الثالث من الطبقات، ولم يترجم فيها إلا لمن كان من علماء الزيدية، إلا في الفصل الثاني، لطائفة يسيرة، ممن روى عنهم أحد أئمتنا أو شيعتهم ـ رضي الله عنهم ـ فمن ذكرت بعد هذا أنه /14(2/14)