للإمام المرشد بالله، أبي الحسين، يحيى بن الموفق بالله.
وأما البرهان في تفسير القرآن، للإمام الناصر، أبي الفتح الديلمي، فقد صحّ بتصحيح الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة، والإمام المؤيد بالله، محمد بن القاسم (ع).
وما ذكرت التصحيح له على هذا الوجه، فلعدم تسلسل السند إليه، في شيء من المسندات الموجودة.
نعم، وسبقت الأسانيد، متصلة، إلى كتاب نهج البلاغة، من كلام أمير المؤمنين، وسيد الوصيين ـ صلوات الله عليه ـ جمع الشريف الرضي.وإلى أعلام الرواية على نهج البلاغة، للشريف علي بن ناصر الدين المرتضى الحسيني.
وإلى مسند الإمام علي الرضا ابن موسى الكاظم.
وإلى أصول الأحكام، للإمام المتوكل على الرحمن، أحمد بن سليمان.
وأما حقائق المعرفة، فقد صحت روايتها، بما تقدم من تصحيح الإمام المؤيد بالله، محمد بن القاسم (ع) وغيره.
نعم، وسبقت الأسانيد، متصلة، إلى جميع مؤلفات الإمام الحجة، عبدالله بن حمزة: الشافي، وصفوة الاختيار، والمجموع المنصوري، والتفسير، والمهذب، وحديقة الحكمة، والجوهرة الشفافة، والنافعة، والناصحة، والكافية، والهادية، والدرة اليتيمة، وعقد الفواطم، والعقد الثمين في الأئمة الهادين، والدعوة العامة، وديوانه، وغير ذلك.
وإلى كتاب اللمع، والدرر، والقمر المنير، للأمير الخطير، علي بن الحسين.
وإلى أنوار اليقين، للإمام الأوحد، المنصور بالله الحسن بن محمد.
وإلى جميع مؤلفات أخيه، الأمير الناصر للحق، الحسين بن محمد بدر الدين (ع): الشفاء، والتقرير، والينابيع، وغيرها.
ولنذكر مؤلفات الشيعة ـ رضي الله عنهم ـ إلى هذا العصر، ثم مؤلفات آل محمد (ع)، ثم نسوق على ذلك إلى النهاية ـ إن شاء الله ـ /5(2/5)


بإعانة الله وتسديده.
فأقول: وسبقت الأسانيد، إلى جميع مؤلفات شيخ الإسلام، إمام الشيعة الأعلام، أبي جعفر، محمد بن منصور المرادي ـ رضوان الله عليه ـ الذي كان أئمة آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ ينزلونه منزلة الأب الكريم، وهو يجلهم إجلال الشريف العظيم؛ وكفى في الدلالة على ذلك قضية اجتماع نجوم العترة، في عصره للبيعة العامة، وهو ما رواه في المصابيح، وتناقله الخلف عن السلف من أهل البيت (ع).
[الاجتماع التاريخي العظيم]
قال ـ أي محمد بن منصور المرادي ـ: كنتُ في منزلي بالكوفة، سنة عشرين ومائتين.
قلت: وأخبر محمد بن منصور، بهذا، سنة تسعين ومائتين؛ فيكون بين الاجتماع وإخباره سبعون سنة؛ وفي المحاورة حال الاجتماع، أنه كان شيخاً كبيراً؛ فقد بارك الله ـ تعالى ـ في عمره؛ ليبلّغ الخلف عن السلف، من آل محمد (ع).
(رجع) كئيباً حزيناً؛ لما فيه آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وما فيه شيعتهم؛ حتى استأذن عليَّ أبو عبدالله، أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي (ع) فاستقبلته، وأدخلته منزلي، ورحّبت به، وسرتني سلامته من البصرة.
ثم ما شعرت بشيء، وأنا في الحديث معه، والتوجع لما فيه أمة محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ حتى استأذن علي أبو محمد، القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الرسي (ع)، فاستقبلته، وأدخلته، ورحبت به، وسررت بسلامته من الحجاز.
وجعلنا نتحدث، ونذكر ما فيه الناس من /6(2/6)


الظلم والتعدي، وما تغلب عليه الجبارون؛ حتى استأذن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن (ع)، فغدوت فاستقبلته، وأدخلته الدار، وهنأت له بسلامته، وقدومه سالماً من الشام؛ لأنه كان بجبل لُكام؛ وأقبل عليه أحمد بن عيسى، والقاسم بن إبراهيم يسألانه عن حاله وأمره.
قال: ورآهم أبو محمد، الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد (ع)، فجاءنا ودقّ الباب، فقمتُ ففتحتُ له، فسلم على القوم ودعا لهم بالسلامة؛ وقال: الحمد لله، الذي جمعنا وإياكم، في دار ولي من أوليائنا.
قال محمد بن منصور: وهؤلاء الذين كانوا يشار إليهم، ويفزع السلطان منهم، وقد امتنعوا من الحضور عندهم، وفي مجالسهم، وأخذ عطاياهم.
قال محمد بن منصور: فورد علي من السرور، مالا أحسن أن أصفه، ودهشت، وأردت أن أخرج فآخذ ما يأكلون.
فقالوا: إلى أين تمضي؟ زرناك وتتركنا وتخرج؟
فقلت: ياسادتي آخذ لكم ما يصلح من المأكول.
فقالوا: وما عندك شيء؟
قلت: بلى، ولكن استزيد.
قالوا: وما عندك؟
قلت: عندي خبز، وملح، ولبن، وتمر سابري.
فقالوا: أقسمنا عليك، لاتزد على هذا شيئاً، وأَغْلِق الباب لنأمن.
فقمتُ وأغلقته، واستوثقت من الباب، وقدمت إليهم طبقاً عليه خبز وملح وخل ولبن وتمر، فاجتمعوا وسموا الله ـ عز وجل ـ وجعلوا يأكلون، من غير حشمة، حتى استوفوا، وشربوا من ماء الفرات الذي كان عندي، وقاموا فتوضؤوا للصلاة، وصلوا الصلاة الأولى، فرادى ووحدانا.
فلما انفتلوا، مدوا أرجلهم، كل واحد على سجادته، يتحدثون، ويغتمون لأمة محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وما هم فيه من الجور والظلم؛ فقمتُ وقعدتُ على عتبة الصَّفَّة؛ ليراني جماعتهم وبكيتُ، وقلت: ياسادة، أنتم الأئمة، وأنتم أولاد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وأولاد علي وفاطمة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ /7(2/7)


وأنتم المشار إليكم؛ وأنتم أهل العقد والحل، وأنتم العلماء والأئمة، من ذرية النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وولد الوصي (ع)، قد اجتمعتم، وجمع الله بينكم، ونحن بلا إمام، ولا لنا جمعة، ولا جماعة، ولا عيد.
قلت: والأظهر أن نفي الجمعة؛ لأنهم لايجيزونها مع الظلمة؛ وأما الجماعة، فلعدم تعيين الأولى بها؛ وبعد البيعة تعين، فائتموا به، والله أعلم.
(رجع) فارحموا كبر سني، واعملوا فيما يقربكم إلى الله ـ عز وجل ـ وبايعوا واحداً منكم، أعلمكم وأقواكم، حتى يكون الرضاء منكم، ترضون به الإمام، لي ولأمثالي وللمسلمين؛ ولانموت ميتة جاهلية، بلا إمام، ويكون لنا إمام نطيعه ونعرفه، ونموت بإمام.
فقالوا: صدقتَ أيها الشيخ، ما أحسن ما قلتَ! وإن لك ملتنا ولحمنا ودمنا، وأنت منا أهل البيت، وما نطقت به فهو الصواب، ونحن نفعله بإذن الله، إن شاء الله.
قال: فقلت: فرِّحوني، ولا تبرحوا، حتى تبرموا، ولا تؤخروه إلى مجلس آخر؛ فإنا لا نأمن من الحوادث.
فبرز أبو محمد، القاسم بن إبراهيم، وأقبل إلى أبي عبدالله، أحمد بن عيسى، وقال: إن شيخنا وولينا قد قال قولاً صادقاً متفقاً؛ وقد اخترتك لأمة محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وأنت العالم القوي، تقوى على هذا الأمر؛ فقد رضيتك، ورضي أصحابنا، فتولّ هذا الأمر، فمدّ يدك أبايعك، على كتاب الله وسنة رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فأنت الرضاء لنا؛ ما تقولون يا أصحابنا؟
قالوا جميعاً: رضى رضى.
فقال أحمد بن عيسى: لا والله، وأنت يا أبا محمد حاضر؛ إذا حضرت، فلا يجب لأحد أن يتقدمك ويختار عليك، وأنت أولى بالبيعة مني.
فقال القاسم: اللهم غَفراً، اللهم غَفراً، أرضاك وأسألك أن تقوم بأمر أمة محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فتحيل علي؟
فقال: لايكون ذلك، وأنت حاضر /8(2/8)


قال: ثم أقبل القاسم على عبدالله بن موسى، فقال: يا أبا محمد، قد سمعت ما جرى، وقد امتنع أبو عبدالله أن يقبل ما أشرتُ به، وأنت لنا رضى، وقد رضيتك لعلمك وزهدك.
فقال: يا أبا محمد، نحن لا نختار عليك أحداً، وقد أصاب أبو عبدالله فيما قال، فأنت الرضى لنا جميعاً.
فقال القاسم: اللهم غَفراً، أحلت علي أنت أيضاً؟ لم تزهدون في النظر لأمة أبيكم محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وللناس عامة؟
ثم أقبل على الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، فقال: فأنت يا أبا محمد، اقبل هذا الأمر، فإنك أهل له، وأنت قوي على النظر فيه، والبلد بلدك، وتعرف من أمر الناس ما لانعرف.
فقال: يا أبا محمد، والله، لا يتقدم بين يديك أحد إلا وهو مخطيء؛ أنت الإمام، وأنت الرضى، وقد رضيناك جميعاً.
فقال القاسم: اللهم غَفراً اللهم غَفراً.
[بيعتهم للإمام نجم آل الرسول]
قال: ثم إن أحمد بن عيسى أقبل على القوم، فقال: إن أبا محمد لنا رضى، وقد رضيتُ به.
قال عبدالله بن موسى والحسن بن يحيى: صدقت أيها الشيخ.
قال محمد بن منصور: وخفت أن يفوتنا وقت صلاة العصر، ولم يبرموا، حتى انتبز أحمدُ بن عيسى القاسمَ بن إبراهيم، وأخذ يده، وقال: قد بايعتك على كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة نبيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وأنت الرضى.
فجعل القاسم يقول: اللهم غَفراً، اللهم غَفراً.
ثم بايعه عبدالله بن موسى، والحسن بن يحيى، ورضوا به، وقالوا لي: بايع.
فقمتُ وبايعتُ القاسم بن إبراهيم، على كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة نبيه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -.
ثم قال لي القاسم: قم يا أبا عبدالله، وأذن، وقل فيه: حي على خير العمل؛ فإنه هكذا، نزل به جبريل (ع) على جدنا محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
فقمتُ، وأذّنتُ، وركعتُ، وأقمتُ؛ فتقدم القاسم (ع) فصلى بنا جماعة، صلاة العصر، وباتوا عندي تلك الليلة، وصلى بنا المغرب والعشاء جماعة. /9(2/9)

112 / 135
ع
En
A+
A-