قلت: هذا في كونه قديماً، وأما كونه معدوماً فتأثيره محال ضرورة.
قال: وإن كان محدثاً، احتاج إلى محدث؛ ثم الكلام فيه كالكلام فيها؛ فيتسلسل ذلك إلى مالا يتناهى، أو ينتهي إلى فاعل لايحتاج إلى فاعل، وجب القول به أولاً؛ ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، القائل وقوله الحق المبين: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ(12)ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون].
إلى قوله (ع): وقصدنا بجمع هذا الكتاب التعرض لما روينا عن أمير المؤمنين (ع)، أنه قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن الله جعل لأخي علي فضائل لاتحصى كثرة؛ فمن ذكر فضيلة من فضائله مقراً بها، غفر الله له ماتقدم من ذنبه؛ ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له مابقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر))، ثم قال: ((النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته، والبراءة من أعدائه)).
فالثواب لنا على ذلك بمشيئة الله عظيم، وفيه للملتزم بحبل أهل البيت صراط مستقيم؛ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، وهو رب العرش العظيم.
فابتدأنا بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه، وتفويض أمورنا كلها عليه، بإنشاء هذه الأرجوزة، المسماة بأنوار اليقين، في إمامة أمير المؤمنين، وما درج في خلال مناقبه من إمامة الحسن والحسين، وأبنائهما الطيبين، وبيان ما اشتملت عليه/520(1/520)
أبياتها بما هو كالشرح لها، لتفصيل مجملها، ولفتح مقفلها.
وهذا أوان الابتداء سائلين التوفيق فيه، وفي الانتهاء بمنّه ولطفه:
الحمد للمهيمن الجبّارِ .... مكوّر الليل على النهارِ
ومنشيء الغمام والأمطار .... على جميع النعم الغزار
ثم صلاة الله خصّت أحمدا .... أبا البتول وأخاه السيدا
وفاطماً وابنيهما سمّ العدى .... وآلهم سفن النجاة والهدى
ياسائلي عمن له الإمامهْ .... بعد رسول الله والزعامهْ
ومن أقام بعده مقامه .... ومَنْ له الأمر إلى القيامهْ
خُذْ نفثات عن فؤاد منصدعْ .... يكاد من بث وحزن ينقطعْ
لحادث بعد النبي متسعْ .... شتت شمل المسلمين المجتمعْ
إلى آخر الكتاب، والحمد لله المنعم الوهاب.
[الكلام على الشفاء]
شفاء الأوام للسيد الإمام، الناصر للحق، حافظ العترة، أبي طالب، الأمير الحسين بن الأمير الداعي إلى الله شيبة الحمد بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى (ع).
واعلم، أن الأمير الحسين بدأ بالجزء الثاني من أول كتاب البيع إلى آخر السير، ثم الجزء الأول إلى باب مايصح من النكاح وما يفسد؛ واختار الله له جواره، فتممه ابن ابن أخيه السيد الإمام العلامة صلاح الدين، صلاح بن أمير المؤمنين إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن الأمير بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى (ع) إلى آخر أبواب النفقات.
قال في خطبة تتمته:
فاستخرتُ الله ذا العزّ والطول في تمامه، وتوخيت مشاكلة طريقه (ع) /521(1/521)
في ترتيبه ونظامه، فلم أورد فيه من الأخبار، إلا مارويته بطريق القراءة على العلماء الأخيار.
إلى قوله: إلا حديثاً واحداً رويته بالإجازة، وأنا أذكره في موضعه.
إلى قوله: وتركتُ الإسناد جرياً على طريقه (ع). انتهى.
وفرغ من التتمة يوم الأحد، الثامن والعشرين من شهر رمضان المعظم، سنة إحدى وسبعمائة، وسمعها عليه في شوال منها، السيد الإمام أحمد بن محمد بن الهادي بن تاج الدين (ع).
ثم تممه بكتاب الرضاع السيد العلامة صلاح الدين، صلاح بن الجلال، أعاد الله من بركاتهم أجمعين، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء.
[السند إلى الشفاء وإلى جميع مؤلفات الأمير الحسين مسلسلاً بالعترة]
هذا، وقد ذكر الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم (ع)، والقاضيان الحافظان شيخا الإسلام: أحمد بن سعد الدين، وعبدالله بن علي الغالبي؛ أنهم يروونه بطريق عالية من آل محمد (ع) ليس بين كل واحد منهم، وبين المصنف إلا إمام سابق، أو مقتصد لاحق، وحمدوا الله على ذلك، وعدّوه من أقرب المسالك.
وأقول ـ حمداً لله تعالى، وتحدثاً بنعمته جل وعلا ـ: قد اتصلت بفضل اللَّه تعالى ومنه، طرقي إلى مؤلفه الأمير الناصر للحق، وإلى كثير من أئمة الهدى، بآبائنا نجوم آل محمد ـ صلوات الله عليهم وسلامه ـ، كما مرّ ويأتي في سياق الأسانيد إليه، وإلى غيره.
فالحمد لله على ماأولانا من جزيل نعمه، ووهب لنا من جليل قسمه، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
وستتضح لك روايتنا للتتمتين، وسأقدم السند الذي في جميع مؤلفات الأمير الحسين (ع) على انفراده، والله ولي الإعانة والتوفيق.
فيقول عبدالله المفتقر إليه، مجد الدين بن محمد عفا الله عنهما، وغفر لهما وللمؤمنين: أروي كتاب شفاء الأوام وجميع مؤلفات الأمير الناصر للحق الحسين بن محمد (ع) كالتقرير شرح التحرير، وينابيع النصيحة، وثمرة الأفكار، والإرشاد إلى سوي الاعتقاد، وغير ذلك، سماعاً فيما سمعت منها فيه كالشفاء وينابيع النصيحة، وما تضمنته المؤلفات /522(1/522)
المسموعة، من التقرير وغيره؛ وإجازة عامة في الجميع، عن والدي وشيخي، عالم آل محمد وزاهدهم الولي، محمد بن منصور ـ رضي الله عنهما ـ، عن شيخه والدنا الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحوثي، عن الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير قراءة في الشفاء، وفي غيره، وإجازة عامة، وهو، عن مشائخه الأعلام أحمد بن زيد الكبسي، وأحمد بن يوسف زبارة، ويحيى بن عبدالله الوزير (ع)، ثلاثتهم عن السيد الإمام الحسين بن يوسف زبارة، عن أبيه السيد الإمام يوسف بن الحسين، عن أبيه السيد الإمام الحافظ الحسين بن أحمد، عن السيد الإمام عامر بن عبدالله بن عامر، عن الإمام المؤيد بالله محمد، عن أبيه الإمام القاسم بن محمد (ع).
(ح)، ويرويها، وغيرها الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني، عن شيخه السيد الإمام محمد بن محمد بن عبدالله الكبسي، وهو والسيد الإمام أحمد بن زيد الكبسي يرويانه، وغيره عن شيخهما السيد الإمام، نجم الأعلام، محمد بن عبدالرب، عن عمه السيد الإمام إسماعيل بن محمد، عن أبيه محمد بن زيد، عن أبيه زيد بن الإمام المتوكل على الله، عن أبيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل، عن أبيه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع).
نعم، وأروي جميع ماتقدم ذكره، بجميع الطرق السابقة في الإسناد الجملي، وإسناد المجموع، إلى الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وهو يروي شفاء الأوام، وجميع مؤلفات الأمير الناصر للحق الحسين بن بدر الدين، عن السيد الإمام أمير الدين بن عبدالله الهدوي، قراءة في الشفاء، وإجازة في الجميع؛ وعن السيد الإمام إبراهيم بن المهدي القاسمي الجحافي، وعن السيد الإمام صلاح بن أحمد بن عبدالله الوزير، ثلاثتهم يروون عن الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، عن الإمام المنصور بالله محمد بن علي السراجي، عن الإمام الهادي لدين الله عزالدين بن الحسن، عن الإمام /523(1/523)
المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان، عن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى، عن السيد الإمام الحجة مفزع الأئمة، ومرجع علماء الأمة، المتوفى سنة أربع وثمانمائة محمد بن سليمان والد الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد، عن الإمام الواثق بالله المطهر، عن والده الإمام المهدي لدين الله محمد، عن والده الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى، عن المؤلف، الأمير الناصر للحق أبي طالب، الحسين بن بدر الدين الداعي إلى الله محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى (ع).
(ح) وأرويه أيضاً بالطرق السابقة إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين (ع)، وهو يرويه قراءة عن السيد الإمام بدر آل محمد الهادي بن إبراهيم بن محمد الوزير، وهو والإمام أيضاً يرويانه عن والده السيد الإمام، حافظ الآل الكرام، صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير.
والسيد الإمام صارم الدين يرويه بطرق:
الأولى: بقراءته على والده شيخ العترة، محمد بن عبدالله الوزير، عن والده السيد الإمام عبدالله بن الهادي بن إبراهيم بن علي الوزير، قراءة على السيد الإمام شيخ الآل صلاح بن الجلال اليحيوي صاحب التتمة الصغرى، وبعناية السيد فخر الإسلام عبدالله بن الهادي، ألّفها فقرأ عليه الأصل، والتتمة الكبرى، والصغرى، وهو يرويه قراءة على السيد الإمام شيخ آل محمد، الهادي بن يحيى ـ صاحب الياقوتة ـ بن الحسين، قراءة على الإمام الولي المهدي لدين الله علي بن محمد بن علي، قراءة على إمام الشيعة وشيخ أعلام الشريعة أحمد بن حميد الحارثي، قراءة على الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر بن يحيى، قراءة على السيد الإمام شيخ آل محمد، الأمير الخطير، المؤيد بن أحمد، قراءة على المؤلف، الأمير الخطير /524(1/524)