تشريفاً لنصابنا، وحراسة لأنسابنا.
ويشتموا فترى الألوان مسفرة .... لا عفو ذلّ ولكن عفو أحلام
إلى قوله: واعتذاره بأن سبه لنا نصرة للأصحاب، وتعرضاًللثواب، عذر غير مخلص عند ذوي الألباب، اليوم ولا غداً عند رب الأرباب؛ لأنهم ـ سلام الله عليهم ـ أولى الخلق بالهدى والصواب، وأعرف الخلائق بعلم الكتاب.
إلى قوله:
لا تسبنني فلست بسِبِّي .... إن سبي من الرجال الكريمُ
ماأبالي أنبّ بالحَزْنِ تيس .... أم لحاني بظهر غيب لئيمُ
إلى قوله (ع): علينا نزل العلم ومنا انتشر، أريه السها ويريني القمر.
إلى قوله (ع): ماظنك ببيت عمره التنزيل، وخدمه جبريل، هجرته الشياطين المردة، وعمرته الأولياء الحفده؟‍! فكم من قاطع ما أمر به الحكيم أن يوصل، ومن ناسٍ هول اليوم الأطول.
إلى قوله (ع): قال بزعمه: أَصِلُ الأول وأقطع الآخر؛ كأنه لم يعلم استحكام عقد الأواصر، كما روينا عن أبينا النبي، الصادق العربي: ((كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة، إلا نسبي وسببي)).
إلى قوله (ع): زعم أنه انتصر لأبي بكر وعمر وعثمان، وعدّ تقديمنا لعلي مجانباً للإيمان، وأكد ذلك بالسب والبهتان؛ فحفظ الصحابة، بتضييع القرابة، ولم يعلم أن حق الأمة على منازلها مرتب على حق أهل البيت المجللين بالكساء، المصطفين على الرجال والنساء؛ فإن تقطّع قلبه أسفاً وحسداً، فما ذنبنا في ذلك؟ أم يحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله؟ فقد آتينا آل إبراهيم /490(1/490)


الكتاب والحكمة، وآتيناهم ملكاً عظيماً.
وكذلك ماقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، من الذم لذامهم، والخبر عن حال باغضهم، في ابتداء خلقه: ((إنه لغير رشدة، أو حملته أمه في غُبَّر حيضة، أو كان من لاخير فيه من الرجال)).
فذلك قول رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وهو عن الله.
إلى قوله (ع): جهلت السورة، فعكّسْتَ الصورة؛ كم بين من يشهد بما ورد فيه الموالف والمخالف، ويجمع على صحة النقل فيه جميع الطوائف، وبين من زحزحته العترة الطاهرة من الولاية قصياً، ولم تجعله للمؤمنين ولياً؟
[نبذة من الشافي في إجماع العترة على أنه لانجاة للخلفاء إلا بموالاة العترة]
اعلم، أن كافة أهل البيت الطاهرين، ذرية خاتم النبيين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يدينون ويعتقدون أنه لانجاة لأبي بكر وعمر وعثمان، إلا بخلوص ولائهم فيهم؛ لأن الله أوجب محبتهم على جميع المكلفين، وهم منهم؛ لأنا روينا عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)).
وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
وفي الحديث فيهم ـ سلام الله عليهم ـ: ((قدموهم ولاتقدموهم، وتعلموا منهم ولاتعلموهم، ولاتخالفوهم فتضلوا، ولاتشتموهم فتكفروا)).
إلى قوله (ع): فقد أخطر بنفسه، وصار كما قيل في المثل: قيل للشقي: هلم إلى السعادة؛ فقال: حسبي ماأنا فيه.
يظن أن سبه لذرية الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ينقصهم، أو يضع منهم، ونقص ذلك عائد عليه، ووباله صائر إليه، فهو كمن طعن نفسه؛ ليقتل ردفه.
ماضرّ تغلب وائلٍ أهجوتها .... أم بلت حيث تناطحَ البحرانِ
إلى قوله (ع): فأما جعله لصاحب بغداد، وليجة دون أهل بيت النبوة، /491(1/491)


ومعدن الرسالة، ومحل الوراثة، فقد أبت ذلك عليه أخبار الصحاح، إن اعتقد أنها صحيحة، في خبر الكساء والبُرد والمباهلة، وغير ذلك من الآثار في تخصيصهم بأنهم عترته، أهل بيته.
إلى قوله (ع): فأما ذريته فلا ينازعنا أحد في ذلك من أهل الدين، وقد كان شغب الحجاج في ذلك ثم سلّم وانقطع، إلا أن تكون بلية صاحب الخارقة أعظم من بليته، وقضيته أقبح من قضيته، ففي قوله تعالى: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ(16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17)}[المرسلات]، مايذهب هَمّ كل مؤمن حزين.
إلى قوله (ع): فأما ائتمامك به، فينبغي لمن كان على مثل حالك، أن يكون إمامه كذلك، يوم ندعوا كل أناس بإمامهم، فأنت في الائتمام، وهو في الإمامة؛ كما قيل في المثل السائر: وافق شن طبقه، وكما قال الشاعر:
*هذا السوار لمثل هذا المعصم*
ولكن مايكون حال الأعمى إذا قاده الأعمى، والضال إذا كان دليله الضال.
إلى قوله (ع): كيف يصحب الخائفُ الخائفَ، ويؤم الضنينُ الضنينَ، ويقيم الحدودَ المحدودُ، وينفذ الأحكام المحكوم عليه؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون، من ضلال هذه الأمة، وجفوتها لأهل بيت نبيها؛ ولكن كيف يستعظم ذلك من أمة قتل ابنُ دعيها ابنَ نبيها، فما ذرفت عيونها، ولاوجفت قلوبها، ولا أوحشها حوبها؟!.
هذا وبرد الإسلام قشيب، وأصاغر الصحابة يستعظمون وخط المشيب؛ ولما قبض رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مرضيّ الفعل، مشكور العمل، قد أنقذ الخلائق من شفا الحفرة، ونجاهم من بحار الهلكة، وأضفى عليهم ستر الإسلام، الحسن الجميل، لم يبق منهم عنق مكلف، إلا وفيه له ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ منَّة الهداية؛ والمنة لله تعالى. /492(1/492)


[نبذة من الشافي في التظلُّم مما كان إلى فاطمة]
كان من أمر فاطمة ـ عليها السلام ـ السلالة المرضية، والنسمة الزكية، والجمانة البحرية، والياقوتة المضيئة، ماكان من النزاع في الإرث، وبعد ذلك في أمر النحلة لفدك وغيره، ماشاع في الناس ذكره، وعظم على بعضهم أمره، حتى قال قائلهم:
وما ضرّهم لو صدقوها بما ادعت؟ .... وماذا عليهم لو أطابوا جنانها؟
وقد علموها بضعة من نبيهم .... فلم طلبوا فيما ادعته بيانها؟
فمُرّضَتْ سراً، ودُفنت ليلاً، وذلك بعد دفع الوصي عن مقامه، واتفاق أكثر الأمة على اهتضامه، فتجرع أهل البيت (ع) الرزية، وصبروا على البلية، علماً بأن لله داراً غير هذه الدار، يجبر فيها مصاب الأولياء، ويضاعف لهم فيها المسارّ؛ وهي دار الدوام ومحل القرار، ويضاعف على الأعداء الخزي والبوار، ويخلدون في أنواع العذاب التي أحدها النار؛ فلسنا ـ والحال هذه ـ نستعظم من صاحب الخارقة ماأظهر من الأذى، ونشر من البذى، وأظهر الجهل بأهل بيت النبوة، وذلك لاينقصهم.
ويُظْهِرُ الجهل بي وأعرفه .... والدرّ درٌّ برغم من جَهِلَه
إلى قوله [في الشافي]:
وهبني قلت هذا الليل صبح .... أيعمى العالمون عن الضياء ِ
إلى قوله (ع): وقد اعتذر الفقيه لما أظهر من الأذية، أنه يطلب بذلك التقرب إلى الله سبحانه، في نصرة أبي بكر وعمر؛ لما أنكرنا تقدمهما على خير البشر، فمن أبى فقد كفر؛ كما روينا ذلك في الأثر.
إلى قوله (ع): كيف يذم قوماً فرضت عليهم الصلاة في الصلاة، ومثلوا بباب حطة وسفينة النجاة.
إلى قوله (ع): في تفسير ابن عباس: ماأنزل اللَّه تعالى في القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا } إلا وعلي أميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد/493(1/493)


ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في غير آية، وما ذكر علياً إلا بخير، ولاتعرض شبهة عند أحد من أهل البصائر، أن كل آية في القرآن تتضمن مدحاً وتعظيماً وتشريفاً للمؤمنين أو للمسلمين جملة، أن أمير المؤمنين درّة تاجها، ونور سراجها، ولا وقع وعد للمسلمين في العقبى، ولانصرة في الدنيا، إلا وهو مقصود عند جميع الأمة، فإن شرَّك معه غيره مدع، فببرهان يتوجده؛ أيستقيم أم لا؟
إلى قوله (ع): وكذلك أمر الله سبحانه نبيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، أن ينوه باسمه، ويدل على فضله، بقوله وفعله، ويبين لأمته أنه القائم بخلافته، والمنصوص على إمامته، وأن الإمامة بعده في ذريته؛ وأكد الأمر فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } [المائدة:67].
ولما علم مافي قلوب أقوام من الضغائن، آمنه من شرهم، بما أوضح من عصمته، بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة:67]
فامتثل أمر ربه، وبين بقوله وفعله، وميزه من أمته.
أما القول فلا ينحصر ـ لو أردنا حصره ـ في هذا الكتاب، فقد بينا ماروته العامة على انحرافها عنه (ع) خاصة، فَرَوينا مالا يمكنه إنكاره في باب الإمامة.
إلى قوله (ع): ولسنا نخاف في الله أحداً ولانخاف معه، وقد نشرنا الدعوة في الآفاق، وأبدينا صفحتنا لأهل الشقاق والنفاق، والمجاهرة بالعداوة في جميع الآفاق، كصاحب بغداد، ومن دونه ممن يعتزي إليه؛ فذلك أكبر دليل على رفع التقية، فكيف بنا في صاحب الخارقة وأجناسه من البرية؟
ولم نقدم علياً من تلقاء أنفسنا، وإنما قدمه الله ورسوله، فقدمناه، وألزمنا سبحانه ونبيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ولاءه فالتزمناه.
هذا حديث الغدير ظهر ظهور الشمس، واشتهر اشتهار الصلوات الخمس، وخبر المنزلة، وحديث حذيفة: ((علي خير البشر))، وحديث عمار وأبي ذر /494(1/494)

100 / 135
ع
En
A+
A-