ونعمَّك بخشية المتها لكين،وإخلاص الموقنين ،واخبات المرافقين ،ونصب لك علم الاستعداد لبعد السفر وشقة المعاد ،فعلى الخبير بها وقعت وبأين نجدتها أنخت لأختصاصه به الخاص الذي سار في وده بالاخلاص ،فهاك ما يقر الناظر ويبلج الخاطر ،في شيخي وسيدي في الدين ،وفي علوم أهل التقوى واليقين ، دليلي الى الله بعد كتابه الكريم، ونبيه ،ولطفه العميم، شيخ الصدق،وتربية الفضائل ،المنير بجلال الكمال ولطف الشمايل ملاذ العلماء والاعلام قدوة أهل الدين والإسلام ،الكوكب الزاهر الساري ،الموَّلع بعبادة الخالق الباري ،صارم الدين الصافي، فرندة علم الهداية الخافق ،قمطر العلوم المتزايد ، أويس أوانه ، وابن أدهم زمانه ، وجنيد أقرانه ،وبصري خلانه ،وبسطامي أخدانه ،نظير عمروابن العبيد في زهده وعلبمه ،وسفيان في حكمه وحلمه ،وابن دينار في وعظه وخوفة؛ قمراندية الذكر وشمسها ،ومغناطيس خلوتها وأنيسها ، العلم الفهيم ، الكينعي ابراهيم .
( في نسخة شمائل ) : ... ... صفةلم تزدنا فيك معرفة ... وانما لذة ذكرنا ها
ولساني عن بيان فضله كليل ،وبراعتي لاتحسن صياغة هذا ألاكليل ،ومن رام ذلك كان كمن نحل عين الشمس إشراقاً ،وورق الحمام الوانا ،واطواقاً ، ما إن ذكر في مجلس إلافاحت نوافجه، وصعدت الى الملأ الأعلى معارجه ،نشر الله عليه خافقان بنود إكرامه ،وعقد له رايات اقطاع جنانه ورضوانه،والبسه تاج الكرامة من عنده ،وأحله بالجاه في أهل وده ،وحشره في زمرة نبيئه واخوانه من النبيين والمرسلين ، والشهداء والصالحين ، وحسن اؤلئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما .(1/31)


نعم هورجل شمَّر تشمير اللبيب ،الحازم ،وعزف نفسه عن الدنيات ،واستعمل عقله الذي هو حجة الله عليه ، وتبصر بعقله ما يصير اليه ،استصبح بكتاب الله ،وستنار بسنة محمدبن عبدالله (َص) وخاض في لججها مدة من الزمان فاستخرج منها اللؤ لؤ والمرجان ،فاعتدلت فطرته ،وصفيت طبيعته ، وسمت همته ،نظر بعينه الصحيحة لنفسه ،ومهد لغده ورمسه ،وتزود لبعد سفره من الأعما ل الصالحة , والتجارة الرابحة ، ( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ) ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقنا هم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ،ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ) ، ما يفوز به عند الله لينال كرامة الله التى أرادها ،وجمع شؤون الاستعداد ،واستكثر من العدة والزاد ،فاسلمه ذلك الى مباشرة اليقين بربه ، كما قال (ص) :< أعبد الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك >(1/32)


فاستلان ما استحسنه المترفون ، واستأنس بما استوحش منه الجاهلون ،صحب الدنيا أيام حياته نضيفاً ، عفيفا ،خفيفا ، قد أيقن بالخلق جاد بالعطية ،بذل نفسه ، وجاهد عدوه دله الله فاستدل ،ولطف به فالتطف ،وخاطبه ففهم ،وعلَّمه فعلم ، استهان بالعاجلة فاثر العاقبة ،ومهدلطول المنقلب ،الىعيشةراضية في جنة عالية قطوفها دانية ،كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الايام الخالية ،انشاء الله تعالى ، ترك فضول النظر فوفق للخشوع وترك فضول الكلام فوفق للحكمة، ترك فضول الطعام فوفق لحلاوة الفكر والذكر والعبادة ،ترك تخيلات الظنون فوفق للبهاء والهيبة ،ترك عيوب الناس فوفق لأصلاح عيوبه ،لزم الخلوة والفكرة فوفق للعلم بالله النافع ،لزم القناعة فأعطي مفاتيح كنوز المنافع ،أهمل الاشتغال بما تمسك به أكبر الرجال فنال الفضل والتفضل والافضال فبلغ انشاء الله غايات الأماني ، وقصار الأمال ،كما قال تعالى ( يسبح له فيها بالغدو والآ صال رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلوة وإيتاء الزكاة يخافون يوماًتتقلب فيه القلوب والأبصار ) بشره في وجهه، وحزنه في قلبه ، اوسع شيئ صدرا ،وأقل شيء كبرا ، وأذل شي نفسا ،طويل الهم ،كثير البكاء والغم ،كثير الصمت الاعن ذكر الله ،ذوسكينة ووقار ،واذكار وأفكار ،مسرور بفقره محسن الظن بربه ،لين العريكة ،ضحكه تبسم ،واستفهامه تعلم ،ومراجعته تفهم ،وقاَّف عند الشبهات ، محيَّار عند الخطرات ، مراقب في اللمحات ،مؤثر على نفسه بما يأتيه من الشهوات ، كثير علمه، عظيم حلمه ،وثيق عزمه ، اذاصمم على أمر فيه لله رضا لم يلوه عنه ،من الدنيا إن سئل ووجد اعطا وإلا توجع وشفع ودعا ، يحب في الله بفقه وعلم ،ويقطع في الله بحزم وعزم ،مذكر للغافل ، مقرب للجاهل، بلطف العبارة ،ناصر للدين ،محام عن المسلمين ،باذل نفسه في جهاد الملحدين مع أئمة الحق المبين ،معترف بحق أهل البيت عَليهم السلآم الصغير(1/33)


منهم الكبير ،مقدم لهم في الصلوات وغيرها من القربات ،معتقد أنما نال الخير إلاببركتهم وبفضل علمهم ، أبُ لليتامى والمساكين كافل لأخوانه المودين بنفسي من ساهم الملائكة والانبياء في أفعالهم انشاء الله تعالى ،
وقال لسان حاله في محرابه ابتهاله : الهي قد أعطيت من العبادة أقربها ،ومن الطاعة أحبها ،ومن المعرفة لك أدومها ،وسقيتني بكأس المحبة عندما سمعتك تقول ( يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) وكشفت عن قلبي أغطية جهل معرفتك ، فلك الحمد والحمد من نعمك ،فلك الحمد فها أنا ذا بين يديك أناجيك في أركان الحق بين وياض العرفان ، أسألك الامن والإيمان ،وتمام الود والإحسان ،يارحمن يارحمن يارحمن:
ولله القائل :
... فلي قلب أراك به ... إذا ما العين لم تركا
... وإني فيك ذو أمل ... يرقي قلبي الفلكا
... ولي شوق اليك غداً ... عليه القلب مشتبكا
تحمل في الهوىشجنا متى سكن الهوى احتركا ...
ولوصبت مدامعه غدت من مائها بركا
لقد شغف الفؤاد بمن أراه بمهجتي ملكا
كسيحون محبته غدا قلبي به سمكا ...
ومالي عنده من بدل ومن لسمائه سمكا(1/34)


اخي ألهمك الله وإيانا رضوانه هذه مجة من لجة ،وقطرة من مطرة، من حلية من اجتمعت قلوبنا من سببه في حياته وبعد وفاته ،وميل أخيك الى الأختصار خشية الملل وكلول قلب الكسلان ،ولمع البارق يدلك على الغيث الدافق أنشاء الله ،وقد افيض على أخيك بجمع هذا المختصر المبارك من بركته وبركة من ذكر بسببه ،ومن يذكرانشاء الله تعالى ، بركتان ، أحدهما استودعها الله تبارك وتعالى من سلب ما هدى وحبا وحفظ ما خوَّل وأعطا ، والبركة الثانية سري على حزنه العظيم ،والكمد عليه ورحمه الله الجَسيم ،وعلمت يقيناً أن الآ خرة خير له من الأولى، كما قال تعالى لنبيه وحبيبه محمد صلّى اللّه عَلَيْهِ وآلَه وسلّم ( وللآخرة خير لك من الأولى ) ، وكقوله (ص) (من أحب لقاء الله أحب الله لقائه > ،ولقوله تعالى ( وما عند الله خير للابرار ) ، وننشر أوراده الزكية ،وأعما له الصالحة الباقية الرضية ،ولقدجاء ذكره لذكر الصالحين والعلماء الراشدين كحجر المغناطيس تجذب الحديد ،والله أسأله التوفيق والمزيد ،ولالوم لنا إن بلغنا عليه من الحزن غاياته ،ومن الجزَع والعياذ بالله نهاياته ، لأنا فقدنا الوالد الشفيق المؤثر بالخطير والدقيق والحدب علينا الى سوآء الطريق ،والمروح على قلوبنا بمراوح نسيم التحقيق ،والجاذب لنا من الهوة في عذاب الحريق ، والمطهر لأخلاقنا من الرذايل المذمومة ، والسجايا الملومة ،كا فاه الله عنا وغفر له ولنا ، ولله در القائل :
... ... ما نالت النفس على بغية ... الذَّمن ودصديق أمين
... ... من فاته ود أخ صادق ... ... فذلك المغبون حق اليقين
في الله نحتسبه ،وندخر ليوم القيامة ثوابه ، في الخبر عن سيد البشر (ص) قال: (مصايب الدنيا خمس ،موت ألاخ في الله ،وفوت الحج ، وموت العلماء والصالحين ، ونسيان القرآن ،وفوت التكبيرة الأولى من الأمام ) . والصبر أي أخي بنا أجدر .(1/35)

7 / 50
ع
En
A+
A-