وإن لاح لنفوسكم من أخبار نبيكم ( ص) قبس هداية فهو الد ليل في البداية والشفيع في النهاية ، أقبلتم على كتب الاخبار النبوية ،وألاخبار المعروفة فمن المختصرات < الأربعين السيلقية > فهي شفاء للقلوب الصدية ،وشرحها <الأنوارالمضية > للأمام المؤيد بالله يحى بن حمزه ، <حديقة الحكم > شرحها الأمام المنصور بالله ، ومن الكتب كتاب < سلوة العارفين > للأمام الجرجاني ،و < البالغ المدرك > وشرحه لأبي طالب ، و<شمس الأخبار > و<تنبيه الزاهدين الراغبين > لمحمد بن عبد الله الرقيمَي رحمه الله تعالىَ ،وغير ها من الكتب البسيطة، لكن هذه من جملة تراث سيدي ابراهيم الكينعي ،في خزانة كتبه ،فهذه سفينة من ركبها نجا والى الخير وصل واهتدى ،وإن جاشت على قلوبكم جنود حكا يات الصالحين ،وهملت دموعكم على معالم أهل التقوى واليقين ،فبها ونعمت ،كفيتم مؤنة الطلب ،وأخذتم خلاصة ذوي البصاير والأدب ، فلم يغترفوا ـ رضي الله عنهم إلامن هذين البحرين الزاخرين بالدرر ،وفلذالمرجان ونفيس الجوهر ،فقد دللتكم على كيميا السعادة وكنوز الحسنى والزيادة ، طالعتم كتاب <جلا الأبصار بحكا يات الصالحين والأخيار > للفقيه العالم نزيل الحرم الشريف أبي القاسم بن محمد السقيف ،وكتاب < روض الرياحين في كرامات الصالحين > حصله ابراهم الكينعي على مشقة صدر له من الشهر من عزعليه ما يطلب هان عليه ما يبذل ،وكتاب < بستان العارفين لحكايات أهل اليقين > للجوزي ،وهذه في جزانته رحمه الله موجودة وحلية شيخكم و دليلكم الى الله بعدكتابه وسنة نبيه، فهي مغناطيس الفوائدوبغيةالرايد لأن المشاهد والعلوم أكثر بغية اشاء الله تعالى ،هذا الكتاب المبارك ،وشمَّرتم على الأطلاق على كتب المعاملات ،فهي أعذية القلوب كما أن الطعام والشراب أغذية النفوس ،وبه قوام الخلقة الأنسانية ،وهي موجودة في خزانة شيخكم رحمه الله < سلوة العارفين > وكتاب < الأنطاكي > و< جواهر قوة القلوب> لأبي(1/26)


طالب المكَّي ،وكتاب < عوارف المعارف> للشهروردي ،و< تذكرة ذوي الألباب > وهي أنفس ما يقصد المبتدي والمنتهي ،وكتاب < التصفية > للحسن الديلمي ،وهي خلاصة الخلاصة الشافيية الكافلة الكافية انشاء الله تعالى ،وكتاب <بداية الهداية > للغزالي ،وفي غير الخزانة < تصفية الأمام يحى بن حمزة >،وكتاب <إحياء علوم الدين > نفيس بسيط جامعا للعلوم كأسمه ، وغير ذلك ، والدليل يرشد الى الطريق . والله الهادي
إن التجار إذا راحوا وقدربحوا أنساهم الربح ما أعناهم السفر
وهاأنا بأسم الله أبتدي، وبه في كل أموري أهتدي
الفصل الأول
( في صفته وحليته )
في حليته علىسبيل الجملة ،ونشأته الطاهرة ،وحسبه الطاهر .
أما صفته وحليته فهي معنى ماقاله بان مدينة علم الله ،وحامل وحي الله ، أسدالله في الأرض ،وحجته على الخلق ، أمير المؤمنين ،وسيد الوصين ،علي ابن أبي طالب كرَّم اله وجهه ،حيث قال لهمَّام رحمه الله تعالى في صنعة المتقين ،وقد جعلتها في مختصري هذا غرة شادخة ،ولمعة باذخة ، لأن كلامه عَليه السلآم عليه مسحة من الكلام الألهي ،وعبقة من الكلام النبوي ،والمدينة لا تدخل إلامن بابها ،لأنه أمام هذه الطريقة ،ومفتاح علوم أهل الحقيقة ،وهذه هي الغرة المباركة .(1/27)


روي جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين عن: أبيه الحسين أن رجلاً من أصحاب أمير المؤمنين عَليه السلآم قام اليه يقال له: همام ،وكان عابداً مجتهداً ، فقال: ياأمير المؤمنين صف لي المتقين كأني أنظر إليهم ، فتثاقل عن جوابه ،وقال له: ياهمَّام إتق الله وأحسن فإن الله مع الذين اتقو والذين هم محسنون ،فقال همَّا م :يا أمير المؤ منين سألتك بالذي أكرمك بما خصَّك به وفضلك بما أتاك، وأعطاك لما وصفتهم لي ، فقامَ عَليه السلآم على راحلته: فحمد الله وأثنى عليه ،وصلى على نبيه (ص) ثم قال: أمَّا بعد فإن الله خلق الخلق وكان غنياً عن طاعتهم ،لاتضره معصية من عصاه ،ولاتنفعه طاعة من أطاعه ،وقسَّم بينهم معايشهم ،ووضعهم من الدنيا مواضعهم ،فالمتقون فيهاهم أهل الفضائل ،منطقهم الصواب ،وملبسهم الاقتصاد ،ومشيهم التواضع ،خضعوا لله بالطاعة فغضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء الذي نزلت في الرخاء ،رضوا عن الله بالقضاء ،لولا الآجال التي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفت عين شوقاً الى الثواب ،وخوفاً من العقاب ،عظم الخالق في أنفسهم، وصغر مادونه في أعينهم ، فهم والجنة كمن قدرآها فهم فيهامتكؤن ،وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون ،قلوبهم محزونة ،وأسرارهم مأمونة ،وحوائجهم خفيفة ،وأنفسهم عفيفة ،<ومؤنتهم > في الأسلام عظيمة ،صبروا أياما ًقصاراً أعقبتهم راحة طويلة ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ،وطلبتهم فاعجزوها ، امَّا الليل فصافون أقدامهم ،تالين لأجزاء القرآن ،يرَّتلونه ترَّتيلاً ،يحزنون به أنفسهم ،ويستثيرون دوآء دآءهم ،فإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا اليها طمعاً وتطلعت أنفسهم اليها شوقاً ،فوطَّنوها نصب أعينهم ، جاثون علىركبهم ،يحمدون جبَّاراً عظيماَ ،وإذا مروا بأية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وابصارهم ،فاقشعَّرت جلودهم ،ووجلت قلوبهم ،وظنوا أن(1/28)


صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول أذانهم ،مفترشين جباههم وأكفهم واطراف اقدامهم ،تجري دموعهم على خدودهم ،يجارون الى الله سبحانه في فكاك رقابهم ، وأما النهار ، فحكماء ، علماء، بررة أتقياء، قدبراهم الخوف بري القداح ،ينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضا ،ومابالقوم من مرض ،يقول: قدخولطوا ،وقدخالط القوم أمر عظيم إذاهم ذكروا عظمة الله، وشدَّة سلطانه ،مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة ، فطاشت له حلومهم ،وذهلت عنهم عقولهم ، فإذا استفاقوامن ذلك ،بادروا الى الله بالأعمال الزاكية لايرضون لله بالقليل ، ولايستكثرون الجزيل ،فهم لأنفسهم متهمون ومن اعما لهم مشفقون ، إن زكي أحدهم خاف
مما يقولون ،وقال: أنا أعلم بنفسي من غيري وربي اعلم بنفسي مني ، اللهم لاتؤخذني بما يقولون ،واجعلني خيراً مما يظنون ،واغفرلي مالا يعلمون ، فمن علامة احدهم أنك ترى له قوة في دين ، وحزما في لين ، أيماناً في يقين ،وحرصاً على علم ،وفهما في فقه ، وكيساً في رفق، وشفقة في يقظة ،وقصداً في الغنى،وخشوعاً في العبادة ،وتجملا في الفاقة ،وصبراً في الشدة ،ورحمة للمجهودن ،واعطافي رفق ،ورفقاً في كسب ،وطلباً في الحلال ،ونشاطاً في الهدى ،وتحرجاً من طمع ،وبراً للعامة ، واعتصاماً عند الشهوة ،لايغرن..... منجهله ،ولايدع المحاسنة ،يعمل الاعما ل الصالحة ،وهو على وجل ،يمسي وهمه الشكر ،ويصبح وشغله الذكر ،ويبيت حذراَ،ويصبح فرحاً .
فلما انتهى الى آخر كلامه عَليه السلآم شهق همَّام شهقة كانت فيها نفسه ، فقال أمير المؤمنين: هكذا العظة البليغة في اهلها .
سبحان المعطي بغير حساب ، ما أشبه الليلة بالبارحة ، ولله الأمام المتوكل احمد بن سليما ن عليه السلام حيث يقول من قصيدته
دعيني أطفيءعبرتي مابدا ليا وأبكي ذنو بي اليوم إن كنت باكيا(1/29)


لعل البكاء يشفي في الوجد بعضه اذا لم يكن لكل من ذلك شافيا
وليس عجيبا إن بكيت ولو دماً وأذهب دمعي من بكاي الاماقيا
فقدمات همام لوعظ امامه وصادف قلباً للمواعظ واعيا
فيا أيَّها المغرور أقصر عن الهوا وأقبل الى التقوى ولاتك لاهيا
ولولا الترجي للشهادة والهدى واضحاً الىالرحمن والدين داعيا
لماسرت إلافي طريق ابن ادهم وكنت لعمرو بن العبيدمواخيا
وكابن خثيم والجنيد اخى التقى فماكان منهم واحد متوانيا
.......... أرضاً لا أرى الناس وكنت لاصناف الوحوش ..........
الى اخرها ،وهي خمسون بيتا على هذه الصفة وحولها من نسوان سبعون بيتا وهما في خزا نته .
( وأما صفته الظاهرة )
جملة..........الى أنوار ها السطعت سألتني أيها الأخ الاخص الحبيب المولع بكل عبد منيب أن أضع مختصرا ً فيما شذ عنك ،وعز اخوانك من صفة الشفيق الحبيب فأجبتك الى ذلك رغبة فيما عند الله لمن أحب أولياءه وموافقة لقصدك الحسن ،وإلحاحك المستحسن في أبياتك التي هيجت بها الحزن وأطارت الوسن وأذرفت دموع المقل على الوجن ، قلت منها :
... ياحبيبي حبيبنا قد تولى ... ... ونبا في العلا وشادوعلَّى
... في نعيم ثم ملك مقيم ... ... نال كل الرضا قولا وفعلى
وفقك الله لرشاد الدارين ،وسداد الخطتين ، وكساك فضل العارفين ،وجما ل المتنسكين ،وكمال المقربين ،وأذاقك حلاوة المنقطعين،(1/30)

6 / 50
ع
En
A+
A-