قال ذو النون :بينما أنا في بعض سياحاتي إذ أنا بشيخ على وجهه سيما العارفين ، فقلت له :يرحمك الله كيف الطريق الى الله ؟ فقال: لوعرفته لعرفت الطريق إليه ، ثم قال لي: ياهذا دع الخلاف والإختلاف ، قلت : يرحمك الله أليس إختلاف العلماء رحمة ؟ قال نعم الا في تجريد التوحيد ، قلت :وما تجريد اللتوحيد ؟ قال فقدان رؤية ما سواه لوجدانه ، قلت : وهل يكون العارف مسروراً ؟ قال : وهل يكون العارف محزوناً ! فقلت: أليس من عرف الله طال همه ؟ ، قال: بل من عرف الله زال همه ، قلت :وهل تغير الدنيا قلوب العارفين ؟ ، قال :وهل تغير العقبي قلوب العارفين حتى تغيره الدنيا ، قلت: أليس عرف الله صار مستوحشاً ؟ قال: معاذ الله أن يكون العارف مستوحشاً ،ولكن يكون مهاجراً متجرداً ،قلت : وهل يكون العارف متأسفاً على شيء غير الله ؟ قال: وهل يعرف العارف غير الله فيتأسف عليه ؟ قلت : وهل يشتاق العارف الى ربه ؟ قال: هل يكون العارف غايباً عن الله طرفة عين حتى يشتاق اليه ، قلت : ما إسم الله الأعظم ؟ قال : ان تقول الله وأنت تهابه ، قلت : إني كثيراً ما أقول الله ولا تداخلني الهيبة ، قال : لإنك تقول الله من حيث أنت لا من حيث هو ، قلت أعطني ، قال :حسبك من الموعظة علمك بأنه يراك ، فقمت من عنده فقلت : ما تأمرني به؟ قال: إطلاعه عليك في جميع أحوالك لاتنسه. تم ذلك ، وأنشد بعض المحبين:
لولاشهودجماله في ذاتي ما كنت أرضاساعة بحياتي
ماليلة القدر المعظَّم قدرها الاإذاعمرت بها أوقاتي
إن المحب إذاتمكن في الهوى والحب لم يحتج الىميقات
الحكاية الثامنة:(1/21)


عن كعب ألاحبار قال: في صحف إبراهيم الخليل عليه السلام ،يقول الله: ياإبرهيم من قام لي متعبدًا أربعين يوما بلياليها أينعت الحكمة من قلبه حتى ينظرما عندي ببصائرقلبه ،فيكون أنا مؤدبه ،وراعيه ،ورازقه من حيث لا يحتسب ,.
ولله القائل :
طريق الوصل سهل إن تردني وفي معنا ك فاطلبني تجدني
قريب حيث كنت وحيث تغدو وحيث تروح فاطلبني تجدني
وإني منك في قرب وبعد كقاب القوس فاطلبني تجدني
فإن تك قدضمئت اليّ شوقاً فقاطع كل من تهوى وصلني
وإن تك تبتغي مني بديلاً فقاطعني وودعني ودعني
ستذكرني إذا جربت غيري وتحمدكل أمركان مني
الحكاية التاسعة :
رَوَى : في كتاب < موازة الاخوان > للفقيه أبوالقاسم السُقَيْف ــ وهو كتاب نفيس في علم المعاملة ــ قال : قال (ص) : إذا كان يوم القيامة أوقف الله عبده الفقير المؤمن بين يديه وأدناه منه ،وقال له: وعزتي وجلالي ما زويت منك الدنيا لحقارتك عندي ولا لضعفك لديَّ ،ولكن أنظرالى ما أعددت لك من الجنان ،والحور الحسان ،فينظر الى ما أعد الله له ،فلولا أمسك الله روحه لذهب من شدة الفرح ،ولكن دونك هذ ا العا لم فمن أحبك لاجلي ،وكساك لأجلي , وأطعمك لأجلي ، وسقاك لأجلي، فهو لك ،وشفَّعتك فيه ،فينظر الفقير الى وجوه الناس فيأخذبيد هذا وبيدهذا ،وهم لا يعرفونه ،فيدخلهم الجنة بغير حساب ،وهذا معنى قوله ( ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ) وفي بعض التفاسير: ألازواج والقوام المشايع والمبايع والمتابع . والله أعلم وري
عنه (ص) يشفع يوم القيامة ألانبياء، ثم العلما ء، ثم الشهداء ، فإذاً المؤمن لايخلو من أحد ألاثنين الشا فعين .
ولله الإمام الجرجاني حيث قال :
إذاما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع(1/22)


أدر الخوف نومهم فقاموا وأهل ألامن في الدنيا هجوع
هم الشفعاء يوم العرض حقاً نجوم للهدى وهم خضوع
كذى طمرين قال الله هذا يبَّرأَ ليّه الطرف الدموع
وقدختمنا الحكا يات بحكا ية في تاج الايمان ،وموضع الرأس من الاسلام في الصلوة ختامه مسك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
وهي:
الحكاية العاشرة :
قال محمد بن سيرين : لو خيرت بين دخول الجنة وبين صلاة ركعتين لاخترت صلاة ركعتين لأن في دخولي الجنة رضاي وفي الصلاة رضاء ربي ألم تسمعوا الى قوله تعالى ( ولله يسجد من في السموات ومن في الأرض وظلالهم بالغدو والآ صال ) والى قوله (ص) (خلق الله عالمه علىثلاثة أصناف: صنف قيام لايركعون وهي السموات والعرش وبعض الملائكة والجبال والشجر ،وصنف ركوع لا ينتصبون وهم: الملائكة وذوات الاربع من الدواب وغيرها ،وصنف سجود لا يركعون وهم الأرض والبحار وما يمشي على بطنه من الدواب ، فمن صلى ركعتين فكأنما عبدالله تبارك وتعالى بعبادةكل مخلوقاته مع ما ينفردبه من الذكرالتلاوة) .
وعن شيخ الصدق الحسن البصري ، قال: للمصلي ثلاث كرامات: الأولي تتناثر عليه الرحمة والبر على رأسه من عنان السماء الى مفرق رأسه ، الثانية أن الملائكة تحدم من موضع قبره الىعنان السماء ، الثالثة، أن الملائكة لاتزال تنادي لو يعلم العبد من يناجي ما أنفتل من صلاته ,
وروى أن شاباً تقياً لزم المسجد والعزلة فقيل له: لوخالطت في حلق العلماء؟ فقال: لا حاجة لي فيهم إذاأردت أن أناجي ربي قمت الى الصلوة ،وإذا أردت أن يناجيني قرأت كتابه لانه تعالى يخاطبني ،ياعبدي اتقيني ،اعبدني ياعبدي، اذكرني، أقدرني حق قدري .
وقيل أن للصلاة اثني عشر ألف مسئلة قبلها وفيها وبعدها ،ولابد من ذكر صلاة اهل الصدق والوفاء ،إنشاء الله في صفة خلوة سيدي ابراهيم الكينعي ,(1/23)


اخواني إذاهب عليكم نسيم التعارف سحراً ،وآنستم ما قرع سمع الكليم حين سرا،وشممتم من روائح القوم مسكا وعنبراً، ولاحت لكم أعلام خيامهم زهراً ،وفجّر حجر مغنا طيسهم من حجر قلوبكم نهراً،وشاهدتم معنا عند الصباح يحمد القوم السرا ،فانظروا الىما لمحت أعيان عيون البصائر ،وتبلجت ألأفئدة بطمأ نينة عنده ،وتبلجت الضمائر من ألآيات المبشرات ،والاحاديث المنبهات
،والحكايات المشوقات ،فإن ما لت الىالكتاب العزيز فهو الشفاء والحصن الحريز انتهزتم الفرص ولزمتم للنفوس الربص فانها كالطير ‘إإ إ إذا خرج من القفص ، أقبلتم على........... تلاوته بكلكم ،وعكفَّتم عليه دهرَّكم ،ورتلتموه ترَّتيلا ، ووقفتم على كل آية طويلا ،وسمعتموه من الحملة الخاشعين ،وجربتم أنفسكم مع المجتهدين .
سمع عمر .... قارئاً يقرأ ( أفرأيت إن متعنا هم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) فوقعت في قلبه ..... وغشي عليه ،وقال: قدقرأت هذه الآية كذاوكذامرة فلمَّا سمعتها ماكأنَّها قدقرعت سمعي ,.(1/24)


وروي أن أعرابياً دخل البصرة أوالكوفة ـ والله أ علم ـ وهوراكب على راحلته ،فأولَّ من لقيه الأصمعي رحمه الله تعالى ،فقال :انزل أيَّها الأعرابي عن ناقتك لاسمعك شيئا من كلام الله ، فقال الاعرابي : أولله كلام ؟! قال: نعم ،فنزل لنفحة الرحمة التي خص بها فتعوذ الاصمعي وقريء ( إن المتقين في جنات وعيون ) الى قوله تعالى (وفي أنفسكم أفلاتبصرون ،وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فقال الاعرابي : حسبي ،فكسر قوسه ، وقصد له ناقته فنحرها ، فقال للأصمعي: أعني على تفريقها للمساكين ،وذهب فاراً الى الله للسعادة الأ بدية ،فغاب عن الأصمعي مدة ،فرأه فقال: أعدعليّ من كلامالله ما قرأت عليّ ،فقرأت الآية من أولها (وفي السما ء رزقكم وما توعدون ،فوربَّ السماء والأرض أنَّه لحقَّ مثلما أنَّكم تنطقون ) ،فقال الأعرابي من هذا الذي ألجأ الله حتى أقسم من هذا الذي ألجأ الله حتى أقسم ! ؟ فلم يزل يرددها حتى خرجت نفسه ،فجهزَّه الاصمعي وصلي عليه ودفنه ،ورآه في منامه على حال سنية ، فقال له :ماحالك ؟ فقال: رفعني الله على منازل الشهداء لأنَّ الشهداء قتلوا بسيوف الكفار ،وأنا قتيل كلام الجبَّار .(1/25)

5 / 50
ع
En
A+
A-