إخواني ، هذه رتبة شريفة ودرجة منيفة لسنا من أهلها ، ولكن إخواني لنأتي أدون مراتب الزهادة وأخفض درجات العبادة ، نتجمل بالملابس ونترك ما لأباس فيه حذرا مما به البأس وزم, الألسنة عن نزغات فلتاتها ، وتخفص الجوارح من نزوات هفواتها ونتشبه بطرف من طرائق الصالحين.
هذه نصيحتي لكم ولكن لاتحبون الناصحين .
إخواني ، وإن فاتنا مشاهدة أولئك الأخيار ولم ندرك الحظ بملاحظة السادة الأخبار من أئمة هذه الطريقة وعلماء هذه الحقيقة , الذين جعلهم الله للناس سادة ولفضلاء الوقت قادة ، أسقاهم من محبته بالكأس الروية وقصر منهم على طاعته الجارحة والطويه ، فما يحضر لهم فكر إلا في باهر ملكوته ، ولا يعرض لهم خاطر إلا في قاهر جبروته ،جوانحهم في ارتياد مرضاته جانحة وجوارحهم في الإنقياد لطاعته متجانحة ، لايرتضون غير عبادته عملا ولا يرون في خلاف إرادته أملا ، ركبوا الجادة وخلوا بثباتة الطريق ومضوا أمما واتخذوا التوفيق الرفيق , واشوقاه الى بدار سيرهم ، ما أيمن مسراه ، واشوقاه الى سعد سفرهم ما أحمد صباح سراه ، قد قدموا الزاد ليوم المعاد وركبوامن الأعمال الصالحة ركايب سلسة القيادة ,
فقد ادركنا آخر من كان آخرا بالنسبة اليهم فهو أول في التقدمعليهم .
كذا وصف الصأحب قاضي القضاة ، وكذا أصف الكينعي رحمه الله تعالى .
ذلك الفقيه الإمام الألمعي إبراهيم بن أحمد الكينعي أزلف الله مراتبه في دار السلام وجمع بيننا وبينه في منزل الكرامة ، وبعثه كما قال الصنعاني في الدعاء لنفسه توّه الله يوم بعثته بتاج رضوانه ومغفرته .
فتشبهوا إخواني بأحواله واقتدوا به في أفعاله وأقواله .
وهذه القصيدة التي رسم وعلى أخيه حتم .
شجر الكرامة والسعادة أينعي للقاء سيدنا الإمام الكينعي
وبزيني دار النعيم لوافد وافاك بالعمل الزكي المقنع
خطب المليحة فاستجادصداقها بتعبد وتزهد وتورع(1/221)


لاحت له الدنيى تريد خداعه لكنه بغرورها لم يخدع
وتحسنت بزخارف لوصاله فأبا وطلقها طلاق مودع
قالت له مالي أراك موليا عني وقدطابت مراعي ومرتعي
وأنا المعجلّة المزينة التي تهوى العقول لمنظري ولمسمعي
فأجابها أنت المليحة برقعا والشين كل الشين تحت البرقع
أنت التي فتنت عقول عبيدها جهلا ويعرفها الذكي الألمعي
دار متى ما أضحكت في يومها أبكت غدا بعدا لها من مرتع
وقرارة الأحزانوالأوجال والأ فزاع والأو جاع والمتوجع
أين الذين خدعتهم بحلاو ة وطلاو ة ومصانع وتصنع
وجحافل محشودة ومجادل معمورة ومعاقل وتمنع
كانوا ملوكا فيك ثم أصبحوا تحت الثرى في كل قبر بلقع
شربوا بكأس مرّة مادونها من ملجأ أبدا ولا من مدفع
أتغرني دار الفياء بزينة مقطوعة في ظلها المتقطع
هيهات ذاك وقد سمعت صفاتها بكلام مولانا البطين الأنزع
هذا جواب الكينعي وإنه بلسان حال أخي العفاف الأورع
العالم العلم التقي الفاضل المتنفل المتبتل المتطوع
العابد المتزهد المتجرد المتهجد المتسجد المتركع
مازال بين عبادة وزهادة وتلاوة وتحضع وتخشع
كانت إذاقرعت مسامع اذنه بالوعظ ودّبأنها لم تفرغ
إذكان من خوف يموت بجسمه والقلب منه في المحل الأرفع
وإذا ذكرت الله جلّ جلاله أسق انهار خدوده بالأدمع
وكأنما وقفبت به أفكاره فوق الجحيم وفي الجنان الأربع
فيذوب من وجل ويهفو قلبه بالشوق بين تخوف وتطمع
كان الظلام إذا شجا أبصرته كاقوس بين تسجد وتركع
جينا وقام الى الصلاة وساعة وجثا جثوّالسائل المتضرع
ويسره أن يستطيل له الدجا ويسوءه في الفجر قرب المطلع(1/222)


وإذا رأيت رأيت أصفر خاشعا كمقدم للقتل فوق الأنطع
قد مات إلا أن في أعضائه حركات حي القلب واعي المسمع
متبلد في أمر دنياه وفي أخراه يالك من ذكي لوذعي
عبد الصلاة وسيد السادات في فضل وفي كرم ومجد أرفع
وأخو مرقعة أحب إليه من إكليل قيصر في الملوك وتبع
حفظ الحديث من الوصي وقوله رقعت واستحييت من مترفع
وتراه من صوم كأن عظامه قطع الأخلة آذنت بتقطع
وضالع دقت كدقة فكره ... والفضل أجمع بين تلك الأضلع
ياأيها القبر الذن في صعدة ... لأجل مقبور به ومودع
اعلمت أنك روضة وخضرة ... مفتره في زهرها المتقطع
بالمودع الملحود فيك وياله ... من مودع بك ياله من مودع
فيك الزهادة والعبادة كلها ... والعلم والورع الشحيح بأجمع
تالله أنك قد جمعت من التقى ... وعبادة الرحمن ما لم يجمع
كن مضجعا لفتى مضت ليلاته ... مجانفا عن طيبات المضجع
يايوم إبراهيم كل مفجع ... بسواك في التحقيق غير مفجع
من أين مثل أبي السعادة في الورا ... يهدي الى نهج الهداة الأوسع
ان العبادة بعده محزونة ... ... محرابها يبكى بأغزر مدمع
وكذى التلاوة والذين افدتهم ... منهاج فضلك ياله من مهيع
يحي الذى يحيىالهدا بحياته ... اعني رضيع هداك ازكى مضع
ما زال مقطوع الفؤاد مولعا ... رعيا لمقطوع الفؤاد مولع
يبكى عليك بقلبه وبعينه ... جزعا ومن هذا الذي لم يجزع
لكن تجرع من فراقك غصة ... هي عنده سلساله المتجرع
إذا قال اذا عذلوه من برحائه ... ودموعه كاللؤلؤ المتقطع
ليست دموعي هذه بمدامع ... لكنها كلم الخطيب المصقع
كانت فرئد لؤلؤ من وعظه ... في مسمعي فتحدرت من مدمع
قد كان واعظي الخطيب و لم يكن ... في جمعة ابدا ولا في مجمع
لكن بأوقات السعادة كان لي ... فيها محاسن وعظه المتقرع(1/223)


ومن البلية غيبتى عن قبره ... في صعدة عدكان يوم تجمع
خرجوا به في صبح يوم اكسفت ... شمس النهار به لاأمر مفضع
يا ليت اني كنت حضر موته ... فأكون بين مودع ومشيع
وأكون من جملة النعش الذي ... حملته أجنحة الكرام الركع
اصريع آيات الوعيد إذا تلى التالى ورجع منطق المترجع
وطبيب اسقام الذنوب ومرهم ... الأفراح من يعل الفوأد المرجع
من المداوي للقلوب إذا اشتكت ... رين الذنوب وشرب سم منقع
يا نفس إبراهيم انت كريمة ... في داره بدعائه لما دعى
انت المراده عندربك فاسمعي ... بالمطمئنة حين قال لك ارجعي
صلى عليك الله نفسا ازلفت ... بالخلد في غرف القصور الرفعي
تم ذلك .
قال السيد الإمام الهادي بن إبراهيم عليه السلام قال لكل مثن عارفة من جزا ، وعارفتى في هذه البيات على تعالى
ومما كان يستحسنه من القصائد المتضمنة للحكم ، وينقل شيئا منها بخط يده رحمه الله تعالى هذه القصيدة للإمام القاسم بن علي العياني ، قالها وأمر ان تدفن معه ، وتكتب على ضريحه عليه السلام وكذى فعل إبراهيم .

... ... اصبحت يامولاي جارك في الثرى متوسد الجنب اليمين كما ترى ...
... ... مستسلما للأمر مالي حيلة ... منقطع الأسباب منحل العرى
... ... أزعجت من بين الأحبة مقلقا ... مسترهنا بحرائمي مستأثرا
... ... نادا منادي الموت لي فأجبته ... بالرغم منقادا ذليلا احقرا ... ... ... وأذا قني جرعا أذوب لطعمها ... فشربت كأس الموت مرًا مسكرا
... ... وسكنت من بعد التوسع منزلا ... ضاقت جوانبه وحيسا مفقرا
... ... ضيفا لربي طالب لكرامة ... وعلى الكريم لضيفه اسنا القرا ... ... ... وأضافتي ياخالقي وكرامتي ... ... أن تسمح الذنب العظيم وتغفرا
... ... وتجود بالجود العميم تفضلا ... ... فالعفو منك لعبد سوء قصرا(1/224)


... ... إن الكريم إذا تخفر عبده ... ... من ذنبه خوف العقوبة خفرا
ولو أن جاهي كان عندك قاصرا فالفضل والإحسان لما يقصرا ... قد قلت في الذكر الحكيم مقالة ... جذل القوأد لذكرها واستبشرا ... لاتقنطوا من رحمتي وستغفرواقصدت وجهك راجيا مستغفرا وعلمت حقا أن وعدك صادق ... ماكان ذلك من حديث يفترا ... وأن المقصر والمقر بذنبه ... وأن الذي في المنكرات تهورا وأنا الضعيف فلا انتصار بقوة عندي ولا عذر لدي فأعذرا ... ... كلا ولا عمل فيؤنس روعتي ... فبقيت عيا خئفا متحيرا
... ... لا ارتجي الا الاها راحما ... ... برارا وفا قاهرا متكبرا ... ... ... لم يلزم الخلق الوجوب لحاجة ... ... كلا ولا ترك القبيح تضررا
... ... بل كان تدبير الأمر قدرا ... ... جل الحكيم مقدرا ودبرا
... ... فبحق من رفع السماوات العلى ... ... فاستمسكت طوعا بلا عمد يرى
... ... ودحى من الأرضين سبعا مثلها ... ... أرسى عليها الشم شامخة الذرا ... ... وبحق أحمد والوصي وفاطم ... ... وبحق سبطيها شبيرا وشبرا
... ... لتوسعن علي ضيق مضجعي ... ... وتجير ضعفي من نكير ومنكرا
... ... ولتؤمنن مخافتي ياسيدي ... ... يوم النشور إذا وردت المحشرا ... ... ... يوما يشيب الطفل من أهواله ... ... ويشاهد الفزع العظيم الأكبرا
... ... واصلني تحت اللواء لعلني ... ... القى النبي محمدا خير الورا
... ... اروي ظمائي بشربة من حوضه ... ... فهو الذي يسقى هناك الكوثرا ... ... ومن الجحيم وحرها وعذابها ... ... فارحم ضعيفا مذنبا متحقرا ... ... يرجو النجاة له بحسن رجائه ... ... ويأمل الخيرالجزيل الأو فرا
... ... والخير ان اعتقته ورحمته ... ... والصيد كل الصيد في جوف الفرا ... ... ... ثم الصلاة على النبي واله ... ... مالاح برق أو تلالأ جوهرا(1/225)

45 / 50
ع
En
A+
A-