وكان رحمه الله تعالى يرويها بلسانه .
ووجدت بخطه: من حكمة الصوفي له بقلبه مشاهده والمتصوف صاحب مراقبهوالمتشبه بالصوفي صاحب مجاهده والمتشبه بالمتشبه صاحب زي لاغير .
ولله القائل
كفا شرفا أني مضاف اليكم وأني بكم ادعي وارعى واعرف
اذا بملك الأرض قوم تشرفوا فلي شرف منكم اجل واشرف
واما وقت وفاته وموصع قبرره وحسن الثناء عليه
رحمة الله عليه وسلامه فإني لما علمت برجوعه الى الله تعالى ولقائه لمن يحب لقاه اظلمت الاقطار واسود النهار وتزعزع الفؤاد وانتزع العقل أو كاد استرجعت واستغفرت وحمدت الله تعالى على عظم المصيبه وحلول الرزيه التي رزينا بها وقلت كما قال علي عليه السلام متمثلا بقوله :
الا أيها الموت الذي ليس تاركي ارحني فقد افنيت كل خليلي
اراك بصيرا بالذين أحبهم كأنك تسعى نحوهم بدليلي
كتبت كتأبا الى السيد الإمام جمال المله المحمديه وتاج اكليل العصابه الزيديه وشمس اندية العلوم الربانيه آية الزمان وبركة أهل الأوان جمال الدين الهادي بن إبراهيم بن ععلي بن المرتضى بن مفضل مد الله فضله ونشر بره واعادمن بركاته ، استعلمته من مرضه رحمه الله تعالى ووقت وفاته واخبره بوضعي لهذا الكتاب ويحقق لي حال إبراهيم الكينعي في مرضه وقبله وبعده وما شاهد من كراماته وموضع قبره فوصلني جوابه الكريم المسلي لكل قلب مكلوم اليم ؛(1/216)


ما أو له : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله على كل حال جوال من اسلمته ذنوبه ولكن الى رب كريم وكتاب من أو بقته عيوبه ولكن في سوح غفور رحيم قد ركب قاموس الشهوات فطرح به مركبه ، واستوى على ظهر الغفله فحلق به منكبه صاح في مسمعيه هاتف الزجرة الواجدة فحسبه صدا ولاح في عارضيه نذير اللآخرة الوارده فخضبه صدا لايعرفل في التزود لآخرته فتيلا من نقير ولا يدري في سفر رحلته كيف التدبير صنع من اخى على عقله قناع الغفلة وران على قلبه الاغترار بنفس المهلة الشارب لدنياه شراب الهيم عند هواه ؛ الهادي بن إبراهيم ثقف الله بتوفيقه ما بقناه حاله من العوج وواقف نفسه بلطفه على كنه ما اشتملت عليه من الهوج وهداه بوهاج الزياده وغذاه الى منهاج العبادة اخوه في الله المحب له صدقا انشاء الله تعالى فيشتاق إليه شوق الطافيل الى أو لادها ويحن إليه حنين العطابيل الى افلاذ اكبادها .
علما بان في اجتلا غرة الاخ الحبيب المولع بكل عبد منيب سلالة زين العابدين يحيى بن المهدي بن زيد بن علي بن الحسين جلاء للقلوب وبالنظر إليه انتفاء الكروب ولمّا وصلني كتابه الذي فاقت اصوله وراقت فصوله كان فاتحا للخيرات وصوله.
اهلا به من كتاب طبق مقصد الثواب وطابق مقصد السنة النبوية والكتاب ذكر سيدي ايده الله عنايته البريه المرضيه تاليف مختصر يحتوى حلية الصوره الرضية من هذه البريه فاهتز القلب الى ذلك نشاطا ومد الشوق الى ماهنالك بساطا ، وراقتني تلك الفصول المذكورة والتراجم المسطورة لاشتمالها على نكت من احول شبلي زمانه وأو يس أوانه ، شبيه سميه إبراهيم بن ادهم في العبادة ونظيره في التقوى وازهادة ، ملك عباد الملك الجليل المتشبه بسميه إبراهيم الخليل ، يهتز لوصفه القلم وترتاج الدواه ، وتعطر بمدحه الاندية وتعذب السنة الرواه ، وما ذكر في مقام الاّفا حت نوافجه وصعدت الى الملك الاعلى معارجه .
قلت ايدك الله:(1/217)


اصف لك كراماته وما انتهى إليّ من احواله ، فسبحان الله أنّي لي مقول يصوغ هذه الحلية الشريفة ، أو قلم يحوك هذه البردة اللطيفه الظريفه ، لساني عن بيان فضله كليل ، وبراعتي لاتحسن صياغة هذا الاكليل، لكني اسلس مفاد الطاعة وارتسم لما ذكره حب الاستطاعه 0
اعلم وفقك الله انه :
لما وصل من جوار البيت العتيق وقف فيه ثلاث سنين ووصل الى <حلي > وابتداه المرض فيه ورفيقه وزميله العبد الصالح التقي العابد صبيح مولى ال زيدان وصل الى ناحية جازان شكى أهل الجهات تلك الجدب والعطش فدعالهم ولساير أهل البلدان فحصل ببركته ذلك المطر العظيم الذي عم البلدان كلها , يوم الاربعاء في شهر ربيع الأو ل ؛ هكذا رواه صبيح رحمه الله تعالى.
فلما وصل قريبا من صعدة
قال لصبيح : اني رايت لعشرة من اخواني الجنة وامرت ان ابشرهم .
فقال له صبيح: منهم ؟.
فقال: السيد محمد بن حسن بن باقي ، والسيد قاسم بن أحمد القاسمي ، والقضي محمد بن حمزه والفقيه أحمد بن يحيى الشرفي ، والفقيه محمد بن صالح ، والفقيه أحمد بن موسى بن دارين ، والفقيه علي بن جعفر الروام ، واخوه سليمان بن جعفر ، والفقيه داوود بن سليمان الزعبري ، وانت ياصبيح بن عبدالله .
وما ذكره سيدي من كلامه في مرضه ووقت وفاته فانه لم يحضرني شئ منه مع انه بلغ به الضعف غاياته والسقم نهاياته ، حتى يخيل لنا ان ما بقي عليه شئ من اللحم ابدا .
ولما توفي رحمه الله خرج أهل صعده كافه السادة والعلماء والامراء ، واهل المدينة عن بكرة ابيهم إلا الشاذ.
تاريخ وفاته
وكان ذلك اليوم بكرة نهار الأربعاء ثامن وعشرين من ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وسبع مائه .
وفي يوم موته اكسفت الشمس.
تقدم السيد الإمام داوود بن يحيى بن الحسين ، صلىعليه وهو الذي أوصى حي الإمام المهدي علي بن محمد يتولى الصلاة عليه ، فكان هذا من تمام لطف الله وتوفيقه .(1/218)


ولما نجزت الصلاة عليه ظهر لنا كسوف الشمس في تلك الساعه , فتكلم الناس ان هذا الكسوف لاجل موت إبراهيم الكينعي رحمه الله تعالى ، واكثر الناس من هذا وازدحم الناس عليه يتبركون بجنازته، والسعيد من لمسها .
وصلى الناس صلاة الكسوف وفرغنا وللناس ضجيج وبكاء وانين قد ظهر وعلا .
وكنت الخطيب على قبره رحمه الله تعالى ، فحمدت الله ، وذكرت للناس طرفا من فضله وعبادته وزهده وورعه وتركه للدنيا ، وعزيت المسلمين ، وسألت الله ببركاته ان يعصمنا بالصبر ويجعل معرفتنا له معرفة مباركة علينا ، وهنيت أهل صعدة بقبرانه معهم وسكونه في تربتهم 0.
مكان قبره
واما مكان قبره فهو في البقعة المباركة راس الميدان غربي مدينة صعدة ، قد عمر عليه هذا صبيح مشهد , وهو مشهور مزور مقصود ووقف هذا صبيح بعده اياما , وتوفي ودفن بمشهد الفقيه رحمة الله عليهم واعاد من بركاتهم .
ثم اني انشأت ابياتا رسمت في حجرضريحه وهي :
يازائر القبر فيه بهجة الزمن العابد الصدر نور الشام واليمن
هذا الذي صحب الدنيا بلا شحن فيها وكان بدار الخلد ذاشحن
هذا نضير أو يس في عبادته قد كان والقرن المشهور في قرن
وكان الحسن البصري في ورع وفي علوم هدا تعزا الى الحسن
اذا تضمح محزون بتربته زالت عن القلب منه لوعة الحزن
وأما ذكرك من ألحده
فهو الفقيه الفاضل يعقوب بن هبه القلوه
وهورجل من حملة الكتاب العزيز له تقوى ودين ويقين متين.
اخبرني انه لمّا كشف وجه الفقيه إبراهيم عن الكفن وجد وجهه كأنه قطعة النور والسراج المبتنير شيئا لم يره في ميت قبله رحمة الله عليه واعاد من بركاته .(1/219)


واما مارسمه سيدي ايده الله تعالى من اني انشئ فيه قصيدة اذكر فيها فضله واعزي بها اخوانه واهله , فامرك مطاع ومخالفتك لا تستطاع , فسوف اعمل فيها الفكره واخرجها على اسلوب عجيب وسلك غريب انشاء الله تعالى .
لكني اقدم قبل ذلك كلاما ليكون للقصيدة اماما :
اخواني ، لتحصنوا الدنيا فإنها عن قريب ترفض حاضنه ، ولا تعجبوا بزينتها فإنها عن وشيك تسلب زينتها وتسترد محاسنها ، ومتى راقكم زبرج زخارفها واعذبكم مخارفها فانظروا الى من كانت له اكثر رياقه واسلس ساقه واسحم نوا وازهر ضوا تمضمضوها اياما يسيره، وصحبوها اعواما قصيره ثم فاجأهم ملك الموت بوجه لايرحم صغيرا فيؤخر له أباه ، ولا يعظم كبيرا فيمهله حتى يتزود لعقباه .
هيهات.. مأمور يقبض النفس ولو كثر حولها الضجيج ، ومرسل ينزع الروح ولو عظم من اهلها الشيج , ولو رحم والد الفضيلة أو ولد الشرف محله لاحجم عن قبض روح سيد الثقلين حين حضر به احتضاره ، ثم سبطيه الحسنين ، وهو يمسح ببردة عرق الجبين ، ويراوح في المدّ بين الشمال واليمين .
هيهات .. عبدا أمر فأطاع ، ولم يكن لعمر أحد بقطاع .
إخواني ، اذا كان الموت قادما لابد من قدومه ، وهاجما لاريب في هجومه ، ولذات الدنيا مشوبة بالاّكدار ، والمقصود بنا غير هذه الدار ,فما لنا لانزهد في ملابسها الدنيه ونرغب عن مطاعمها المطليه من المرارة بعين القطران ، ونصاحب فيها الشظف والقسف ، ونباين منها التحف والطرف ، ونعرف أنها لاتدوم لها لذة وأن سبيلنا فيها سبيل من قد مضى.
حذو القذة بالقذة أين المتشبهون بالصدر الأو ل .أين المقتدون بالسلف الأفضل .
إخواني ، إنما السعيد فيها من اتخذ الصوف رياشه والشجر معاشه وبعد عن الضوضاء وخلى الناس وأمرهم في رضا ، واعتصم بالخلوات وأنس بالوحوش في الفلوات ، وكان سراجه القمر وفراشه التراب والمدر .(1/220)

44 / 50
ع
En
A+
A-