الكرامة التاسعة ـ ماوجدته بخط يده المباركة بعد وصوله كتبه وأثاثه من مكة بعد موته ــ رحمه الله تعالى ــ ما لفظه: ، أنت أنت وصل يارب على محمد وآله ، لما كان في يوم الجمعة من النصف الأخير من شهر صفر سنة احدى وتسعين وسبعمائة ، وأنا أدعو لأخ من أخواني وإذا بقائل يقول: قد أنجاه الله من النار ، ورضي عليه ، وكرر عليَّ الكلام مراراً ، ماأدري كم هي ، وقال لي : وقع لا تنسا ، وأضف الأمر اليك ، وأكتبه في قرطاس نقي ، وبشره بهذا ، وهو سعيد بن منصور الحجي رحمه الله رحمة الأبرار ، وأن مجار من النار كل هذا في اليقظة لا في المنام ، تم ما كتبه بيده المباركة ، وقد تقدم ثلاث كرأمات في فضل الأمام الناصر صلاح ابن علي ــ عليه السلام ــ بخطه بعد موته ، فقف عليها ــ انشاء الله تعالى ــ
الكرامة العاشرة ـ ما وجدته بخط يده الكريمة بعد موته ــ رحمه الله تعالى ــ ، حسبي ربي ، وصل يارب على محمد وأله أخبرني بعض الإخوان: أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد صلاة العشاء ليلة الخميس ليلة خمس عشرة من شهر المحرم سنة احدى وتسعين وسبع مائة ، قال الرسول (ص): هذا إبراهيم ما طلبتاه الى مكة الا ليجاور بغير التكليف انشاء الله ، وكان صبح هذه الليلة بعد صلاة الفجر وحصل في قلبي من المحبة الوقوف في مكة شيء لا يعلمه الا الله الذي أحدثه بعدما كانت نفسي قد نفرت من مكة والوحشة ممن فيها وصأحبَّ هذا الرؤيا قد حصل لي منه رؤيا جأت علىمارأى كأنها وحي ، تم ما كتبه بيده ــ رحمه الله ــ .(1/171)
الكرامة الحادية عشر ـ تفجر ينأبيع الحكمة من قلبه على لسانه كما قال (ص): ( من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت الحكمة من قلبه على لسانه ) ، ولقد كان ينثر من كلام الحكمة اللدَّني ما يبهر العقول ويذهب اللب . حكى لي ــ رحمه الله تعالى ــ في أبتداء أمره: أنه كان كلام الحكمة يمر على قلبه ويشغله حتى يكتبه في الحجارة وفي التراب وفي غشاء مصحفه حكمة لدنَّية لا مسموعة ، وسأذكر طرفا منها في فضله ــ انشاء الله تعالى ــ ، ومن أبيات الشعر الحكمية من قلبه ، وسمعه في الليل من غيره .
الكرامة الثانية عشر ـ ما جاءني في كتاب من مكة المشرفة من السيد الأمام الجامع لخصال الكمال خير الخلق وخلاصة أهل الشرف محمد بن علي النجيبي الحسيني البخاري ــ أعاد الله من بركاته ــ ، وهو الذي حكى لي سيدي إبراهيم بن أحمد ــ رحمه الله تعالى ــ في كتاب منه أن قال: من جملة ألطاف الله تعالى لي في مكة المشرفة أن جمع بيني وبين السيد محمد ، وعرفني به فانتفعت كثيراً في أموري كلها حتى أني في جنب ما يعرف مني في علم المعاملة في جنبه كمثل أهل شعوب في جنب عالم حمع علم الشريعة وعلم الحقيقة ، سيرته كسيرة فضلاء الطريقة لباسه في مكة سدارا من صوف لحره وبرده ، وما يدخر من الدنيا قليلا ولا كثيراً الا يفرقه في وقته ، وله كرأمات وتنويرات أذكرها لك عند الأتفاق ــ انشاء الله تعالى ــ وتأتيه الفتوحات من كل فج فلا يدخر منها شيئاً ، وهو عالم في كل فن أقرب الى الحداثة ما يعد في لحيته شيبة فيما أعرف فجزاه ربي عني خيراً ، هذه صفة السيد في كتاب إبراهيم الكينعي ــ رحمه الله ــ .(1/172)
وأمَّا كتاب السيد الذي كتبه الي فهو بسيط حسن موقفاً يدل على غزارة علمه منه ، أن قال: من الأخ الفقير المعترف بالتقصير محمد بن علي الحسيني النجيبي البخاري الى سيد شريف يحيى بن المهدى الحسينى الهمك الله ذكره ، وأوزعك شكره ، ورضاك بقدره ، واعلم يا سيدي: أنه ورد في الأخبار: ( يموت المرء على ما عاش عليه ويحشر على [ما] مات عليه ) . نسأل الله التوفيق والموت على الإسلام لنا ولأحبابنا وحسن الخاتمة ، ومنه: الحمدلله الذي أشرق نوره في قلوب أوليائه ، فاستنارت به سماوات أرواحهم وأرض نفوسهم واشباحهم ، الله نور السماوات والأرض ومن فيهن ، السنتهم بذكره لهجة ، وقلوبهم بنوره بهجة ، إن نطقوا فعنه ، وإن استمعوا فمنه ، فكم من منشور لوأ ولاية يخفق عليهم وراية خلافة قد خرج إليهم ادخلهم إليه مدخل صدق بالغناء عما سواه ، وأظهر هم للخليقة مخرج صدق تأمين بنوره وسناه فهم برازخ الأنوار ، ومعادن الأسرار ، وصلهم لما قطعهم ، وجمعهم لما فرقهم ، وغيبهم عنهم ، فلو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لوسعهم .(1/173)
... ومنه أن قال: العلماء ورثة الأنبياء أي: العلم بالله لان العلم بالله يورث الخشية لقوله تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء } ، ولم تزل سلسلة الصلاح تمتد من وقت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم الى وقتنا هذا ، ولن تزال الى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين ، فالله تعالى يحقق نسبتنا من هذه الطائفة ، وأن يتوفانا على محبتهم وأن يزيدنا منهم ودَّاً ، ولايجعلنا ممن نقض له عهداً بمنه ولطفه ، ومن لطف الله بنا وعوارفه علينا أن جمعنا وعرفنا بشيخ زمان ، قطب المكان ، سعد المودين ، وأهل الدين ، سيد مهتدين ، شيخ ، الفاضل ، العالم ، العامل ، الكامل ، بتكميل الله إبراهيم بن أحمد الكينعي اليمني فخر بمن ويد الزمن كفل الله هدايته بمنه وجوده ، ورقاه في غايات شرفه بحق محمد وآله أجمعين ، أعرف سيدي شريف أخي يحيى أكرَّمه الله بالأسرار الربانية والمعارف الآلهية ، أن سيدي شيخ إبراهيم حجة من آيات الله فضله ، عظمه ، كرَّمه عند الله جسيم ، زواره ملائكة الله ، ومؤنسه كرام الحضرة الآلهية ، يشاهد ذلك عينا في المكة والبيت العتيق وطريق العمرة ولقد حضر علي ما شهدت ولولا ذلك لأخبرتك بعجيب غريب قريب مجيب ولعل الله الكريم المنان يجمع البين ، ويدني الديار ، ونفوز بلذة الأخوة الصالحة في الله .
... ومنه في آخر كتابه: تخالف الناس في الصوفي واختلفوا ، وكلهم قال قولا غير معروف ، ولست أمنح هذا الأسم غير فتى صافا فصوفي حتى سمي الصوفي ، وقال قلبي الصوفي: مركب من أربعة حروف الصاد والوأو والفاء والياء ، والصاد صبره وصدقه وصفاه ، والوأو وجده ووده ووفاه ، والفاؤ فقده وفقره وفناه ، والياؤ إذا تكمل فيه ذلك تعلق قلبه بمولاه ، وقال قلبي :
... ... حبيب ليس يعدله حبيب ... وما لسواه في قلبي نصيب
... حبيب غاب عن بصري وشخصي ... ولكن عن فوادي ما يغيب(1/174)
... تم ماذكرت من كتاب السيد المذكور ، وهو بسيط وكتاب آخر ابسط منه وفيه مايدل على اتصاله بطاعة المولي وإنفصاله عن الدنيا الدنية ، وغزارة علمه وتغطمط فهمة وحلمه ، ــ أعاد الله من بركاته ومن بركات من نحبه فيه وله ــ .
... الكرامة الثالثة عشر ـ ما رواه لي الفقيه النقي التقي الطاهر الناشي على طاعة الله وعبادته وخوفه وخشيته أحمد بن عمرو البخاري الصنعاني ــ وفقه الله تعالى ــ : انه رأى بعد موت إبراهيم الكينعي في منامة الجنة وقصورها وأنهارها ، ومنازل الأنبياء والصالحين ومنزلة عالية ، قيل له: هذه منزلة إبراهيم بن أدهم ــ رحمه الله تعالى ــ ، ثمَّ رأى قصورا عالية وأنهارا جارية ، ورأى فيها شيخه إبراهيم بن أحمد الكينعي ، وهي أعلى من منزلة إبراهيم بن أدهم ، فقال: سبحان الله منزلة الكينعي فوق منزلة إبراهيم بن أدهم ، فقال له قائل: لولا أن منازل الأنبياء لا يحلها أحد من الآدمين سواهم لكان بها إبراهيم الكينعي ،
ورأى حي الفقيه العامل الزاهد الكامل المقري علي بن أحمد البصير في منزلة في الجنة حسنة ، فقال: بما نال علي البصير هذه المنزلة الحسنة ؟ فقيل له: أنه كان ينسل من فراش أهله فيتلو القرآن ويصلي في الليل .
ورأى هذا أحمد: أن الفقيه الصالح الفاضل حسن بن يوسف الشوي في الجنة ، في قصور وحور ، ومنزلة عالية ، فقال : وبما نال هذه المنزلة ؟ قيل: لأن يعلم القرآن لله ولا يأخذ على تعليمه أحرا . حكيت هذا في المنام للفقيه الأمام علي بن عبد الله بن أبي الخير ــ رحمه الله تعالى ــ ، فقال : هذا عندي أن منزلة إبراهيم الكينعى أبلغ من منازل من تقدمه من ألأولياء والصالحين ، قلت : ومن إبراهيم بن أدهم ؟ قال : ومنه لأنه صبر صبراً لم يصبره أحد من المتقدمين على مجاهدة نفسه ورياضتها ، وبنا أمره على العلم والخشية .(1/175)