... وأما اهتمامه ــ رحمه الله تعالى ــ في دفع الضرر عن اخوانه وعن المسلمين بيده ولسانه ودعائه وشفاعته فمما لا ينحصر ولا يتعدد حتى أنه كان ينابذ عليهم بلسانه . رأيته يوماً وقد أخذ بطرف ثوب رجل خاصم بعض خواص اخوانه ، فقال له: تقول هكذا لفلان ؟ أمثلك يقول ذلك ؟ أمثلك يجتري عليه ؟ ـ وهو يغمزه بيده فاستحياء ذلك المخاصم وفرَّ ووليَّ ، وفي الله نحتسب من فارقنا من شقيق . ومنها: أنه ذكر لبعض موَّديه الصَّالحين أنه يحتاج الى شيء من المال ليتخذ به منهلا مباركاً ، فقال له ذلك الموَّد : بأسم الله خذ ماشئت ، فاتخذ ــ رحمه الله تعالى ــ بركة عظيمة، ومنهلاً مباركاً، ومورداً عذباً عظيماً، عليه الزحام على طريق مدينة ذمار ما بين معبر ورصابة وأنفق على هذه البركة من الدراهم الوفا ومن الثياب والحب وغيره شيئاً كثيراً . وكان ــ رحمه الله تعالى ــ في مدة العمارة يطوف عليهم الفينة بعد الفينة ، والمقيم على العمارة رجل فاضل من اخوانه يقال له: الفقيه يوسف بن محمد الطلحامي أعان وباشر واجتهد ، وكان ــ رحمه الله تعالى ــ يدعوله ويثني عليه . مرَّ الأمام الناصر ــ عليه السلام ــ على هذه البركة يوم غزا الى عدن في عساكر كالجراد فنزل ــ عليه السلام ــ من ظهر جواده وقعد على شفيرها، وشرب من ماءها ، وهو يحمد الله تعالى، ودعا لسيدي إبراهيم الكينعي ، فقال له بعض خدمه: من عمر هذه البركة ؟ فقال: إبراهيم الكينعي ــ نفع الله ببركاته ــ ؟ ، وأنا أسمع ذلك وأشاهده ، وكان الباعث والسبب في عمارة أربع برك واسعة في نواحي مدينة صنعاء سأذكرها في مآثره الحسنى ــ انشاء الله تعالى ــ ، وكان يسير في كل عام في الأغلب نواحي ذمار والسفل وبلاد مذحج ، لزيارة اخوانه ويتفقد بني عمر ببركته وقصده ويشفع لأخوانه ويعول أولاد أخوانه يتامى ونساء و غيرهم ، وربما يحمل لهم من صنعاء شيئاً من الكسوة والكوافي والمصأون والمصالح الكثيرة(1/96)


يهديها الى الصَّالحين والصالحاًت ، ويقول: احد في قلبي مسرة عظيمة بهذه المسابح فيؤنسهم ويقرر قلوبهم ، ومن وجده بما يلازم له ما يحتاج إليه من فضل الله تعالى لأنه ــ رحمه الله تعالى ــ ماكان يملك شيئاً قط، ولا يسافر الا بركوة في يده وعصا ومصحف كريم ، لكنه عبد غني مستغني بغني مولاه تبارك وتعالى ، ويذكر غافلهم، ويدفع عنهم الأذيات ، كان ــ رحمه الله تعالى ــ يحب اخوانه ويعظمهم تعظيماً كثيراً ويحب من يحبون ، ويكره من كرهوا، ويدعو لمن أحسن إليهم، ويدعو على من يسىء إليهم ، يقول: شغله الله بنفسه، وكفاكم شره ، فكان كما يقول: أما هلك من يؤذيهم والاهدي الى الخير في الأغلب ، ومن مكارم أخلاقه المبرورة وسجاياه المشكورة: أنه كتب الى بعض مودَّيه من مكة المشرفة كتاباً: مبشرا مذكرا لأخوه بأنه وإن بعد عنهم فقلبه معهم ، نسخته: حسبي ربي وكفى ونعم الوكيل ، وصل يارب على محمد وأله وسلم: ياإلهي: أفقر الفقراء الى الملك الأعلى محبه بلسانه وجنانه المؤمل أن يقبل تراب أخمص نعليه وما ذلك على ربي بعزيز إبراهيم ابن أحمد ، أما بعد: فإني أحمد الله الذي لا إله إلاهو حمداً كثيراً مباركاً فيه .(1/97)


وصلني كتابك فشفاني: وسكن أشتغالي بك ، فليس في قلبي أقدم منك كما يعلم ربي ، وكذا من رحمه الله تزوره آناء الليل وأطراف النهار ، اخونا وحبيبنا سعيد بن منصور الحجي فلقد أوحش عليَّ اليمن بعده، ومضى فراقه، وسرني هذه الوفاه التى حصلت له على الاقبال على الاخرة فاني في حقه من علماًء الباطن وأنتم من علماًء الظاهر ، كان من الأفاضل المقربين، ومن خيرة الأولياء والصالحين، جمع الله بيننا وبينه ، حيث الإفتراق بعده ، تعلم أن أحوالي بحمد الله جميلة غاية ما يكون من أمور الدنيا والأخرة ما أعتقد يحصل لي خير الا ببركة دعائك، ودعاء حي مريم كان خاطرها معي ، فرحم الله مريم وأصلح أمورنا الجميع بمحمد وآله ، وتعلم أن لي في مكة المشرفة أربعة مواضع كلها أشاهد فيها البيت العتيق ، ومن ألطاف الله الجميلة معرفتي بهذا السيد العالم محمد بن على النحيي الحسيني ، ــ حسن الله به حال دنياي وآخرتي ــ ، وكنت في جنب علمه في علم المعاملة كمثل أهل شعوب في جنب عالم ،حاز علم الشريعة وعلم الحقيقة ، وعاده شاب حدث تأتيه الفتوح من البلاد وما عليه الامرقعة للحر والبرد ، وله تصانيف: في علم الشريعة، وعلم الطريقة، وله فضائل جمة ، وقد كتب اليك، ووأخيته لك، وصدَّر لك بسجاده ومسبحة ومحبا ، وهو رجل زادني الله به هدىً ونوراً وبهجة وحبورا ، والفقيه علي بن أبي القاسم الشقيق ناظراً لأموري معيناً لي ، فجزاهم الله علىَّ خيراً ، والشريفة المفضلة والدتك ، والسيد الولي صنوك ، والسيد الحبيب ولدك عبدالله ، وكافة الأصحاب والأحبَّاب ، الله يتحفهم بأشرف السلام وأزكي التحية والإكرام ، وقد كان كتبت العام نيف وعشرين ورقة فيها تفصيل الأصحاب والأحبَّاب من بني قيس الى صعدة , وأهل لصلوات والطوافات والمخصوصون بالدعوات المجأبات ــ ان شاء الله تعالى ــ ، أنت قد أشركتك في جزء من عملي كله إذا قبل ربي ، فأهل الصلوات والطوافات الأمام المهدي علي بن محمد(1/98)


بن علي ، وولده الأمام الناصر صلاح الدين ، والقاضي حسن بن سليمان ، والفقيه حسن بن محمد النحوي ، وولديه محمد ويحى ، وسليمان بن بحيى الصعيتري ، وحاتم بن منصور ، و محمد بن عبد الله الرقيمي ، وعبد الله بن محمد بن يحيى بن حمزة ، و...... يحيى بن محمد العمراني ، وراشد بن نشيب ، وعبد الله بن راشد بن نشيب ، وسعيد بن منصور الحجي ، والفقيه علي بن عبد الله رأبي الخير ، والسيد أحمد بن المهدي ضوك ، والسيد الناصر بن أحمد ، والسيد الهادي بن يحى ، وصنوه المهدي بن يحى ، والسيد الهادي بن علي ، والسيد محمد بن يحى الطبيب ، والفقيه على بن النضير ، والفقيه يحى بن محمد التهامي ، وحسين بن الدرب ، والفقيه قاسم بن عمر ، وأخوه على بن عمر ، والفقيه محمد بن يحى بن حبيب ، وابني سعيد محمد ودأود ، والسيد محمد بن علي صأحبَّ لوشل ، والفقيه سعيد بن علي من ثلا ، والسيد محمد بن سليمان الخمري ، وأخي راشد بن محمد ، ومن أهل صعدة : السيد دأود بن يحيى ، والسيد الهادي بن براهيم ، والقاضي عبد الله بن أحسن ، وأخوه علي بن أحسن ، والقاضي محمد بن حمزة ....... والقاضي محمد بن حمزة ، والشريفة فاطمة بنت الأمام ، وأهل الدعوات أخواننا بلاد مذحج وذمار ومعبر وصنعاء وثلا وظفار وحوث ، هذا الذي حضرني في الأصحاب وقد عملت على المسير إليكم بالجسم والقلب والقلب معلق في مكة ــ عليها السلام ــ والله تعالى يتقبل من الجميع وقد ذكر تلك الاصحاب جملة لوحهين أحدهما لا يعتقدوا غفلتي عنهم ، والثاني ليتذكروني بالدعاء فالموت ات وكأنك بمن قد مات قد نسى وبعد السلام عليكم وعلى كافة الأخوان والدعاء الدعاء وصل يارب على محمد وآله وسلم . تم كتابه(1/99)


ــ رحمه الله تعالى ــ واستخرت الله وذكرت لمعة شافية وسحابة بالبركات هامية في مودته لآل محمد جملة ، وفي الأمامين الأكرَّمين اللذين احيا الله بهما دينه واشمخ أنفه واعلى رسمه وطمس بحميد سعيهما رسوم الحادين ، وقائد الفاسقين ، وسنن المجرمين وعتاة الظالمين المولي الأمام المهدي لدين الله العلى علي بن محمد بن علي الهادي لدين رسول الله ( ص ) وعليهم السلام وولده الأمام ........لدين الله امير ....... وسيد المسلمين رحمه الله الشاملة على البلاد والعباد ونقمة على ............ ......... .... صلاح الأمة وكاشف الغمة محمد بن علي بن محمد توجهما الله بتاج كرامته واحلهما دار الأمن والسلامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وجزاهما عن الإسلام خيراً وعن المسلمين ثوأبا جزيلاً واعاد من بركاتهما على العارف والسامع والمبلغ وصلى الله عليهما وعلى أبائهما بأفضل الصَّلاة والسلام وأزكى التحية والأكرام وفي حلية اخوانه المذكوريه وفضلاء دهر من العلماء والصالحين ، لنفوز بحبهم ، وننتبرك بذكرهم ، ــ انشاء الله تعالى ــ . وأما فضل أهل البيت ــ عليهم السلام ــ جملة ، فقال تبارك وتعالى { ثمَّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم سابق بالخيراًت بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أسارر من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير ، وقالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لايمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب } ، روى الأمام الهادي الى الحق ــ عليه السلام ــ أن هذه الآية نزلت في آل محمد عليهم السلام , وقوله عز وجل: { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله لغفور شكور } قيل: يارسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : ((1/100)

20 / 50
ع
En
A+
A-