إنه ذكر الصالحين تنزل البركة ،> وقال المؤ يد بالله : ذكر الصالحين وكلامهم حياة القلوب كما أن الطعام والشراب حياة النفوس ، دواء مجرب ، وسميت هذا الكتاب المبارك << صلة الاخوان في حلية بركة أهل الزمان>>
وجعلته احدعشر فصلا
الأول ـ في حسبه و نسبه وصفاته الجمة
الثاني ـ في ابتداء درسه وقرائته في العلوم
الثالث ـ في زهده واسبابه وتركه الدنيا مع الغنى
الرابع ـ في غربته ورياضته ومجاهداته لنفسه
الخامس ـ في اوراده الصالحة وعباداته
السادس ـ في مكارم اخلاقه وتحمله لمشاق اخوانه
السابع ـ في اخلاص عبادته عن الدنيا والاخرة تعظيما لجلال الله وكبريائه
الثامن ـ في كراماته الظاهرة والباطنة
التاسع ـ في مجاورته البيت العتيق وما فتح الله له من الا سرار و الكرامات
العاشر ـ في أدعيته وحكمته
الحادي عشر ـ في تراثه ومخلفاته وموضع قبره وحسن الثناء عليه بعد موته في اليقظة والمنام ، ( وكلا نقص عليك من انباء الر سل ما نثبت به فوادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ) ولابد من مقدمة قبل ذلك .
مقدمة
في فضل المؤمنين والعلماء والصالحين عشر آيات مبشرات ،وعشرة أخبار منبهات ، وعشر حكايات مشوقات ، ليكون لطفاً وبداية نستعد بها في الغاية والنهاية .
الآية الاولى ـ قال تبارك وتعالى{ آلَم ذالك الكتاب لاريب فيه هداً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ، والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما انزل من قبلك وبالآخرة هم يقنون أولائك على هدى من ربهم وأؤلئك هم المفلحون } آمنا بما انزلت فاجعلنا من المتقين المهتدين المفلحين
الآية الثانية ـ (ومالنا لانؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ، فاثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين )(1/6)
الآية الثالثة ـ قال الله تبارك وتعالى ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ) أي والله العظيم
الآية الرابعة ـ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لاتخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) نسألك اللهم يارحيم ياكريم السلامة والاستقامة ثم الكرامة ,
الآية الخامسة ـ ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم اياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وممارزقناهم ينفقون اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم
الآية السادسة ـ{ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولايرهق وجوههم قترولاذلة اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ،والذين كسبو ا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم ) اخواني إن الحسنى ثواب الحسنى والزيادة رضاء الله عن عبده ، وقيل الزيادة غرفة من لؤلؤة بيضاء فرسخ في فرسخ لها أربعة الآف مصراع من ذهب قال صلى الله عليه وآله وسلم : لم أركالجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها
الأية السابعة ـ ياأيها الناس قدجاءتكم موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤ منين ، قل بفضل الله وبرحمته فبذالك فليفرحوا هو خيرمما يجمعون .(1/7)
الاية الثامنة { الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب ، الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبا لهم وحسن مئاب } إخواني حي علي خير العمل هلموا رحمكم الله الى الله والى كرمه الجم ، ومنه فضله الذي عم ، في بعض الصحف يقول الله يا عبدي الى متى هذه الغيبة فبطولها تحصل الوحشة بيني وبينك أقبل اليّ أملأ قلبك غناً ويدك رزقاً ولاتباعد عني فأملأ قلبك فقراً وبدنك شغلاً ، أتدرون ماطوبى قيل هنيئاً مريئا ، وقيل شجرة في الجنة أغصانها متدلية على كل بيت منها ، غلظ ساقها للراكب المجد الف سنة ،وهي معنى قوله تعالى :(وظل ممدود وماء مسكوب ) تفجر أنهار الجنة من تحت ساقها .
الأية التاسعة ـ { إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤً ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدو الى صراط الحميد .
الاية العاشرة ـ { إلاعبادالله المخلصين اولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم علىسرر متقابلين يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لافيها غول ولاهم عنها ينزفون وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون .} الى قوله تعالى : { لمثل هذا فليعمل العاملون ، وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون.}
والقرآن المجيد فيه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ، لمن كان له قلب حاضر وفهم وافر ورتله ترتيلا ووقف عندعجائبه{ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا ألو الألباب }
الأخبار العشره(1/8)
مأثورة عن الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلامن الله ورضوانا} صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وأنصاره
الأول ـ من الشهاب قال صلى الله عليه واله وسلم :< يقول الله تعالى ذكره وجلت قدرته : أنا عند ظن عبدي فليظن بي عبدي ما شاء ، وأنا مع عبدي إذا ذكرني ، وجبت محبتي للمتحا بين فيّ والمتجالسين فيّ ،والمتباذلين فيّ ، والمتزاورين فيّ ، لاإله إلا الله حصني فمن دخله أمن من عذابي ، إشتد غضبي على من ظلم من لم يجد ناصراً غيري ، يادنيا مري على أوليائي لاتحلولى لهم فتفتنيهم ، يادنيا أخدمي من خد مني ، وأتعبي من خدمك ،من أهان لي فقد بارزني بالمحاربة ، ما ترددت في شيء أنا فاعله، ماترددت في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مسائته ، ولابد له منه ، ماتقر ب اليّ عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا ولاتعبد لي بمثل أداء ما إفترضت عليه ،ولازال يتحببّ اليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصربه ، ياموسى إنه لن يتصنع المتصنعون لي بمثل الزهد في الدنيا ،ولم يتقرب الي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ، ولم يتعبد الى المتعبدون بمثل البكاء من خيفتي ، هذا دين أرتضيه لنفسي ولن يصلحه ألا السخاء وحسن الخلق ، فأكرموه بهما ما صحبتموه ، إذا وجهت الى عبدي المؤمن مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده فاستقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً ، أو أنشر له ديواناً ، ثم الكبرياء ردائي والعظمة ازاري ، فمن نازعني في واحد منهما القيته في النار >(1/9)
الخبر الثاني ــــ من السيلقية عن أنس بن ما لك قال قيل لرسول الله (ص) من أوليا الله الذين لاخوف عليهم ولاهم بحزنون ؟ قال :< الذين نظروا الى باطن الدنيا حين نظر الناس الى ظاهرها ، واهتموا بآجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها ، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم ، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم فما عرض لهم من ناءلها عارض إلا رفضوه ، ولاخادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه ،خلقت الدنيا بينهم فما يحيونها بل يهدمونها ،فيبنون بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقي لهم ،ونظروا الى أهلها فيها صرعى قد حلت بهم المثلات فما يرون أما ناً دون ما يرجون ،ولاخوفاً دون ما يحذرون .>
تم هذا الحديث ، عليه مسحة من الكلام إلاهي لذي تقوي ويقين { أفمن شرح الله صدره للأسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكرالله }
الخبر الثالث ــ من الشهاب قيل لرسول الله (ص) من المؤمن يارسول الله فقال (ص) :< من عامل النا س فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ،ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممن كملت مروئته ، ووجبت أخوته ، وطهرت عدالتة ،وحرمت غيبته . >
الخبر الرابع ــ عنه (ص) أنه قال:< إذاجاء ملك الموت لقبض روح المؤمن قال له ملكاه أنظرنا حتى نملأ مسامعه من الثنا ء الحسن ، فيقولان له جزاك الله عنا خيرا ،كنت فيما علمنا سريعا في طاعة الله بطيئاً عن معا صية, تحب الخير وأهله ،وتعمل ما استطعت منه فرب كلام قد اسمعتنا ،ورب مجلس كريم قد اجلستنا ، فأبشر بالموعد الصدق بيننا وبينك ، الموقف بين يدي الله بالشهادة لك عنده غدا >(1/10)